فتاتي ومشكلات المدرسة
مدة
قراءة المادة :
10 دقائق
.
المدرسة بالنسبة للمراهقة هي المنفذ الأكبر للعلاقات والمشاعر الفياضة التي تملأ كيانها، فهي تعيش فيها ربما أكثر مما تعيشه مع أهلها في البيت، وعلاقاتها فيها أكبر من علاقاتها في العائلة أو الجيران ومن ثم وجب على الآباء والأمهات مراعاة تلك المرحلة ومعرفة مشكلاتها وسلبياتها ليحسنوا التعامل معها لتصير المدرسة منبعًا للاستقرار بالنسبة للفتاة المراهقة بدلًا من أن تكون مصدرًا للإزعاج والقلق المستمر.والحقيقة أن المشكلات التي تواجه المراهقات في الدراسة متعددة ومتشعبة، ولكننا نجمل بعضها في هذه المقالة ونعود إليها في مقالات أخرى بإذن الله.
1- عدم وجود أصدقاء:
على الرغم من أن المدرسة من أفضل الأماكن التي من الممكن أن تكون فيها الفتاة المراهقة صداقات جديدة إلا أنه في بعض الأوقات لا تستطيع الفتاة المراهقة تكوين صداقات والعيش مع الأصدقاء داخل المدرسة؛ فتشعر الفتاة بوحدة مميتة خلال ساعات المدرسة والدراسة، ويصل الأمر أن تصاب الفتاة بحالة من الاكتئاب وعدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة.
ولذلك يجب على الفتاة المراهقة أن تواجه مشكلة عدم وجود أصدقاء لها في المدرسة، وذلك من خلال تكوين صداقات جديدة عن طريق الاندماج في أنشطة المدرسة والابتسامة المشرقة التي تقابل بها زميلاتها في المدرسة، وكذلك تقديم المساعدة والعون لمن يحتاجها في المدرسة؛ وبذلك تستطيع الفتاة المراهقة أن تملك العديد من الأصدقاء في المدرسة، وتود لو أن تقضي اليوم بأكمله في المدرسة مع أصدقائها.
ووظيفة الأم هنا متابعة الفتاة بصفة دورية وسؤالها عن صديقاتها بلا إلحاح أو تطفل وإنما بصفة الصديقة الكبرى والحرص عليها مع التنبيه على الفتاة ألا تكثر من سرد المشكلات مع صديقاتها؛ حتى لا تقع في دائرة من الاكتئاب كما جاء في أحدث الدراسات النفسية.
فقد تبين أن ارتباط المراهقة بعلاقة مع صديقة، يدور الحديث المتكرر فيها عن المشاكل الشخصية واستحضار تفاصيلها سيُؤدي في الغالب إلى نشوء حالة من الاكتئاب أو القلق ، مقارنة مع المراهقة التي ليس لديها علاقة صداقة مع فتاة أخرى من هذا النوع، لأن سلوك الحديث والنقاش بين الفتيات بهذه الصفة التأملية والمتكررة المشتركة سيتسبب في إطالة أمد الشعور بالمعاناة من تلك المشاكل والأحاسيس الناجمة عنها.
وهو ما يعني أن ثمرة الحديث بين الصديقات هؤلاء ليس هو تخفيف الأحزان ونسيانها بل إثارة الشعور بها بشكل متواصل طوال الوقت .
2- عدم التفوق الدراسي:
النجاح من أهم الأشياء التي تسعى لها الفتاة في مرحلة المراهقة؛ ولذلك إذا كانت الفتاة المراهقة غير قادرة على النجاح والتفوق في الدراسة والمدرسة فإنها تكون بصدد مواجهة مشكلة كبرى من الممكن أن تدمر حياة الفتاة المراهقة بأسرها، فشعور الفتاة أنها فاشلة في المدرسة والدراسة وغير قادرة على تحقيق النجاح المطلوب يجعلها تشعر أنها مختلفة عن أقرانها وأنهم ينفرون منها إلى جانب شعور الفتاة الداخلي بأنها لم تستطع إثبات ذاتها وبالتالي تهتز ثقة الفتاة المراهقة في نفسها ويصبح ذهابها إلى المدرسة أقرب لذهابها إلى الجحيم الحقيقي.
ولذلك يجب على الفتاة المراهقة أن تتخطى هذه المشكلة التي لا تعتبر جسيمة كما تتصور الفتاة، فالفشل هو أول طريق النجاح والأمر أبسط من ذلك بكثير لا يستدعي سوى المزيد من الاستذكار وبذل مجهود أكبر في المذاكرة وكذلك طلب المساعدة من الأهل أو المدرسين والقليل من التنظيم وترتيب الوقت والأولويات وسوف تصبح الفتاة المراهقة من أمهر وأنجح الطلاب في المدرسة.
مع الأخذ في الاعتبار عدم الإغراق في المثالية، فالواقعية في التفكير وإدراك الطبيعة البشـرية، والهدوء في الدراسة والمراجعة، كل ذلك يسهم إلى حد كبير في الاقتراب من الواقعية، والبعد عن المثالية المجنحة في الخيال.
فالخطأ طبيعة بشرية لا تنتقص من قدر الإنسان، (كل ابن آدم خطاء)، تلك حقيقة، فالكل يخطئ، والتجارب الإنسانية تعلمنا أنه (من الخطأ يتعلم الرجال)؛ فهذا أديسون أجرى حوالي 300 محاولة فاشلة قبل اختراع المصباح الكهربائي، والسؤال هنا كيف يكون الخطأ إبداعًا؟
لكي تحتفظي بشعورك بالاتزان؛ فيجب أن تعطي نفسك قدرًا من الراحة، وأن تدركي أن عدم الكمال هو الواقع، فالتركيز على الأشياء الصحيحة يزيد من متعة الحياة، ويجعلك أقل حدة ويهون عليك الأمور، ويساعدك على الشعور بالراحة النفسية.
أما التركيز على الأخطاء؛ فإنه يجعلكِ تهتمين بأتفه الأمور، ويجعلك تشعرين بعدم الكفاءة وربما العجز.
والتركيز السلبي يولد الطاقة السلبية، ويذكركِ بالمشاكل والمعوقات والعقبات، ويجعلك تشعرين بالضيق، ويؤدي بك إلى انتقاد الآخرين؛ فتصبحين شديدة الحساسية لكل ما هو حولك، واعلمي أن الذين لا يخطئون أبدًا هم الذين لا يتعلمون، وأن الخوف من أي محاولة جديدة طريق حتمي للفشل.
3- مشاكل مع المدرسين:
تأتي الفتاة ببعض الأفعال والتصرفات الغريبة في مرحلة المراهقة وتكون هذه التصرفات تحت بند رغبة الفتاة المراهقة في إثبات ذاتها وتحقيق شخصيتها المستقلة.
المشكلة تبدأ عندما ترتكب الفتاة المراهقة هذه الأفعال بداخل المدرسة فيكون رد الفعل عنيف من المدرسين ومن إدارة المدرسة فتبدأ الفتاة المراهقة بممارسة العند ويتطور الأمر إلى نوع من المشاكل بين الفتاة المراهقة وبين المدرسين وإدراة المدرسة هذا النوع من المشاكل التي يتدخل فيها أهل الفتاة ويبدأ يتسلل إلى الفتاة المراهقة شعور أنها منبوذة من الأهل ومن المدرسة.
وهنا ولحل هذه المشكلة وتجنب تلك المشاكل الغير مرغوب فيها على الإطلاق؛ يجب على الفتاة المراهقة أن تكون أكثر حكمة وتعقل وأن تدرس تصرفاتها جيدًا قبل الإتيان بها وأن لا تجعل العند والرغبة في إثبات الذات يسيطروا عليها ويفقدوها حكمة عقلها، وكذلك على المدرسة دور هام في احتواء الفتاة المراهقة ومعرفة أسباب ارتكابها هذه الأفعال قبل أن تتطور المشاكل بين الفتاة وبين المردسين وإدراة المدرسة.
4- ضعف التركيز
التركيز هو نشاط من الأنشطة التي يقوم بها العقل البشـري وهو واحد من أهم القواعد للاستذكار والدراسة، وقد اجتهدنا في وضع بعض القواعد التي تعينكِ أخيتي على التركيز المرتفع:
1- تركيز الانتباه؛ وذلك يتطلب:
أ- تنظيم الوقت بتخصيص وقت مناسب للدراسة، بألا يكون في وقت الراحة أو النوم مثلًا.
ب- إعداد مادة للمذاكرة (مادة حل، فهم، حفظ).
2- تقوية الرغبة في الاستذكار: وذلك بتذكير النفس بجمال وروعة الهدف الذي حددتيه لنفسك، وثواب ابتغاء وجه الله بهذه المذاكرة، وتذكر لذة النجاح والتفوق إذا أتقنت مذاكرتك.
3- فهم ما يتم قراءته.
4- الابتعاد عن المؤثرات المعطلة للمذاكرة.
5- الجلوس بطريقة صحيحة.
6- الاهتمام بالإضاءة الجيدة.
7- البدء بالدعاء وطلب العون من الله تعالى بالتوفيق.
مشكلات ترتبط بالتركيز:
هناك الكثير من الدارسين يعانون من هذه المشكلات؛ ومنها على سبيل المثال: (السـرحان، عدم الرغبة في المذاكرة، النسيان)، وكلها ترتبط بالقدرة على التركيز، وسنحاول أن نعرض بعض الحلول للتغلب على هذه المشكلات.
1- السرحان:
والحل هو أن تبدئي المذاكرة بالصعب، واختاري المواد الشائقة عند بداية المذاكرة، ولا تضعي في مكان المذاكرة ما يشغل نظرك أو يصرفه عن الكتاب.
2- عدم الرغبة في المذاكرة:
والحل هو: تذكري هدفك من المذاكرة؛ لماذا أتفوق؟ ولمن أتفوق؟
3- النسيان:
والحل هو: لا تذاكري وأنت مرهقة، نظمي مواد المذاكرة، كرري الحفظ ثم المراجعة، وأكثري من الكتابة، ابتعدي عن الذنوب والمعاصي، ولا ننسى هنا موقف الإمام الشافعي عندما شكا إلى شيخه وكيع سوء حفظه:
شكوت إلى وكيع سـوء حفظي *** فأرشـدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نــور *** ونور الله لا يُهـدى لعاصـي
إن العلم نور وإن المعاصي تذهب نور العقل فننسى، والشيطان دائمًا يُنسـي ابن آدم، وكلما استولت عليه الشهوات تسلط الشيطان فأنساه ذكر الله .
تعلمي التركيز:
يخبرنا ريتشارد كارلسون في كتابه (لا تهتم بصغائر الأمور) عن طريقة فعالة لتعلم التركيز فيقول: "إن أسهل طريقة لتعلم التركيز هو أن توجه اهتمامك إلى اللحظة الحالية بقدر ما تستطيع، فلا تفكر في الماضي أو في المستقبل، فإنك إذا فكرت في الكم الهائل من الأمور التي يتعين عليك القيام بها فإنك لن تنجز شيئًا، ولكن تعلم أن تركز على شيء واحد، وهو الشيء الذي تقوم به فعلًا، وبعد الانتهاء منه ستنتقل بالتفكير والتركيز على شيء آخر موجهًا إليه اهتمامك الكامل غير المشتت.
إن التركيز يجلب معه الشعور بالراحة والطمأنينة، عندما تستطيع الاحتفاظ باتزانك، حتى لو كنت وسط الاضطرابات والأحداث التي تمر بها في حياتك".
المدرسة هي بيت العلم والتربية وصناعة الأجيال ولذلك لا تدعي مشاكل المدرسة تفوت عليك عزيزتي الفتاة المراهقة فرصة التعلم وقضاء أفضل الأوقات مع أصدقائك فهذه الأيام لا يمكن تعويضها بعد ذلك فاستمتعي بها عزيزتي المراهقة قدر استطاعتك حتى لا تندمي على ضياعها بعد ذلك.
المصادر:
- المراهقون، د.
عبد العزيز النغيمشي.
- المراهقون المزعجون، د.
مصطفى أبو سعد.
- المراهق..
كيف نفهمه وكيف نوجهه، د.
عبد الكريم بكار.
- موقع مشكلات وحلول.
- موقع نادي حواء.
أم عبد الرحمن محمد يوسف