عنوان الفتوى : سبب كون عمرو بن لحي في النار مع أنه من أهل الفترة
السؤال
راجعت الفتوى رقم: 264472 قبل كتابة هذه الاستشارة، لكن بالنسبة للأشخاص الذين عاشوا في الجاهلية -فترة ما قبل الإسلام- كنموذج: (عمرو بن لحي) والذي بين لنا الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- مصيره يوم الحشر كما في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه -أمعاءه- في النار، فكان أول من سيب السوائب.
فلماذا سيدخل النار ؟ فلم يكن في وقته إسلام، وربما لو كان لما أدخل الأصنام لمكة، وأمر الناس بعبادتها. أي هو معذور لجهله، وقد بينتم في فتاوى سابقة أن من لم يسمع بالإسلام لا يعتبر كافرا، بل يختبره الله -عز وجل- يوم القيامة.
فما التفسير الصحيح للأمر؟ فهذا سؤال مهم يشغل بالي في آخر فترة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل لك أخي السائل أن تشغل بالك بما ستسأل عنه يوم القيامة، ولن يسألك الله عن وجهة نظرك في عمرو بن لحي لِمَ لم يُعذر؟ وإذا كنت توقن بأن الله تعالى لا يظلم أحدا، فهذا يكفيك في معرفة أن عمرو بن لحي لم يدخل النار إلا وهو يستحقها، ثم إن دخوله إلى النار معقول بينته الأحاديث، ففي الحديث: أول من غير دين إبراهيم عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبو خزاعة. رواه الطبراني وهو في صحيح الجامع برقم: 2580، وفي رواية ابن حبان: وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ عَهْدَ إِبْرَاهِيمَ.
ومن المعلوم أن دين إبراهيم وعهده هو الإسلام، فدين الإسلام كان موجودا، وهو الذي غيره، فكيف يقال إنه لم يكن في وقته إسلام، ولربما لو كان لأسلم؟!!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح":
فَإِن الْعَرَب من ولد إِسْمَاعِيل وَغَيره الَّذين كَانُوا جيران الْبَيْت الْعَتِيق الَّذِي بناه إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل كَانُوا حنفَاء على مِلَّة إِبْرَاهِيم إِلَى أَن غير دينه بعض وُلَاة خُزَاعَة وَهُوَ عَمْرو بن لحي، وَهُوَ أول من غير دين إِبْرَاهِيم بالشرك، وَتَحْرِيم مَا لم يحرمه الله، وَلِهَذَا قَالَ النَّبِي -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم-: رَأَيْت عَمْرو بن لحي يجر قصبه أَي أمعاءه فِي النَّار وَهُوَ أول من بَحر الْبحيرَة، وسيب السوائب، وَغير دين إِبْرَاهِيم. اهـــ.
ثم إن أهل الفترة ليسوا على مرتبة واحدة، بل هم أقسام، ومنهم من يُدخل الجنة، ومنهم من يدخل النار.
قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة: يُمْتَحَنُونَ فِي الْآخِرَةِ، وَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَسُولًا، وَإِلَى كُلِّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ: فَمَنْ أَطَاعَ الرَّسُولَ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَاهُ دَخَلَ النَّارَ، وَعَلَى هَذَا، فَيَكُونُ بَعْضُهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَبَعْضُهُمْ فِي النَّارِ، وَهَذَا قَوْلُ جَمِيعِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ .. اهــ
وبهذا يتبين أن من أهل الفترة من سيدخل النار؛ لأنه سيعصي يوم القيامة، وانظر الفتوى: 264472. في أقسام أهل الفترة.
والله أعلم.