سلسلة منهاج المسلم - (174)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم؛ ذلكم الكتاب الجامع للشريعة الإسلامية بكاملها؛ عقائد، وآداب، وأخلاق، وعبادات، وأحكام، وها نحن مع الأحكام، وقد انتهت دراستنا للأحكام مع أحكام الطلاق، فهيا بنا نصغي مستمعين ونحفظ ما نسمع ونعمل.

[ ثالثاً: الطلاق البائن ] الطلاق البائن يقابله الطلاق الرجعي، فما هو الطلاق البائن؟ [ وهو الذي لا يملك المطلق معه حق الرجعة ] لامرأته التي طلقها، إذا كان الطلاق بائناً فالمطلق -وهو الرجل- لا يملك معه حق الرجعة أبداً [ فبمجرد وقوعه يصبح المطلق كخاطب من سائر الخطاب ] ما هو بزوج [ وإن شاءت المطلقة قبلته بمهر وعقد ] جديد [ وإن شاءت رفضته ].

[ ويقع الطلاق بائناً في خمس صور، وهي: ]

الأولى: أن يطلقها طلاقاً رجعياً ثم يتركها فلا يراجعها حتى تنقضي عدتها

[ الصورة الأولى: أن يطلقها طلاقاً رجعياً، ثم يتركها فلا يراجعها حتى تنقضي عدتها فتبين عنه بمجرد انقضاء عدتها ] إذا حاضت ثلاث حيضات، أو مر عليها ثلاثة أشهر انتهت العدة، فإذا طلقها ولم يراجعها حتى انتهت العدة، ومن ثم بان الطلاق فلا ترجع له إن شاءت إذا أراد أن ينكحها أو يتزوجها.

الثانية: أن يطلقها على مال تدفعه مخالعة له

[ الصورة الثانية: أن يطلقها على مال تدفعه مخالعة له ] فإذا أخذ هذا المال بانت منه والطلاق بائن، ولا ترجع أبداً إلا بعقد جديد إذا أرادت ووافقت، إن طلقها مقابل مال تعطيه المرأة هذا هو الخلع، والطلاق البائن لا يستطيع إرجاعها أبداً إلا بعقد جديد ونكاح جديد.

الثالثة: أن يطلقها الحكمان عندما يريان أن الطلاق أصلح من الإبقاء على الزواج

[ الصورة الثالثة: أو يطلقها الحكمان عندما يريان أن الطلاق أصلح من الإبقاء على الزواج ] تتنازع المرأة وزوجها فينقل الحكم إلى حكمين عدلين ينظرا في القضية ويحكما، هذان الحكمان العدلان إذا حكما بالطلاق فهو طلاق بائن لا رجعة فيه أبداً.

الرابعة: أن يطلقها قبل الدخول بها

[ الصورة الرابعة: أن يطلقها قبل الدخول بها ] عقد وأولم لكن ما بنى بها أو جامعها أو خلا بها [ إذ المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها ] من عقد على امرأة وطلقها لا تعتد، الاعتداد من أجل معرفة أن يكون في بطنها جنين أم لا،فإذا ما جامعها لا عدة عليها [ فتبين إذاً لمجرد وقوع الطلاق عليها ] إذا طلق الرجل المرأة التي عقد عليها ولم يبن بها ولم يدخل عليها فلا عدة عليها وبانت منه بينونة كاملاً لا تحل له إلا بعقد جديد.

الخامسة: أن يبت طلاقها بأن يطلقها ثلاثاً في كلمة واحدة..

وأخيراً [ الصورة الخامسة: أن يبت طلاقها ] بتاً، كيف يبته؟ [ بأن يطلقها ثلاثاً في كلمة واحدة ] أنت طالق بالثلاث [ أو متفرقات في المجلس ] أنت طالق.. أنت طالق.. أنت طالق..[ أو يطلقها ] الطلقة [ ثالثة بعد اثنتين قبلها، فتبين منه بينونة كبرى، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ] يطلقها أو يموت عليها.

هذه المسألة فيها خلاف، هذا قول الجمهور، خلاف الجمهور يقول: الطلاق بكلمة: طالق.. طالق.. طالق.. طلقة واحدة، أنت طالق بالثلاث طلقة واحدة، وسيأتي بيان ذلك.

[ الصورة الأولى: أن يطلقها طلاقاً رجعياً، ثم يتركها فلا يراجعها حتى تنقضي عدتها فتبين عنه بمجرد انقضاء عدتها ] إذا حاضت ثلاث حيضات، أو مر عليها ثلاثة أشهر انتهت العدة، فإذا طلقها ولم يراجعها حتى انتهت العدة، ومن ثم بان الطلاق فلا ترجع له إن شاءت إذا أراد أن ينكحها أو يتزوجها.

[ الصورة الثانية: أن يطلقها على مال تدفعه مخالعة له ] فإذا أخذ هذا المال بانت منه والطلاق بائن، ولا ترجع أبداً إلا بعقد جديد إذا أرادت ووافقت، إن طلقها مقابل مال تعطيه المرأة هذا هو الخلع، والطلاق البائن لا يستطيع إرجاعها أبداً إلا بعقد جديد ونكاح جديد.

[ الصورة الثالثة: أو يطلقها الحكمان عندما يريان أن الطلاق أصلح من الإبقاء على الزواج ] تتنازع المرأة وزوجها فينقل الحكم إلى حكمين عدلين ينظرا في القضية ويحكما، هذان الحكمان العدلان إذا حكما بالطلاق فهو طلاق بائن لا رجعة فيه أبداً.

[ الصورة الرابعة: أن يطلقها قبل الدخول بها ] عقد وأولم لكن ما بنى بها أو جامعها أو خلا بها [ إذ المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها ] من عقد على امرأة وطلقها لا تعتد، الاعتداد من أجل معرفة أن يكون في بطنها جنين أم لا،فإذا ما جامعها لا عدة عليها [ فتبين إذاً لمجرد وقوع الطلاق عليها ] إذا طلق الرجل المرأة التي عقد عليها ولم يبن بها ولم يدخل عليها فلا عدة عليها وبانت منه بينونة كاملاً لا تحل له إلا بعقد جديد.

وأخيراً [ الصورة الخامسة: أن يبت طلاقها ] بتاً، كيف يبته؟ [ بأن يطلقها ثلاثاً في كلمة واحدة ] أنت طالق بالثلاث [ أو متفرقات في المجلس ] أنت طالق.. أنت طالق.. أنت طالق..[ أو يطلقها ] الطلقة [ ثالثة بعد اثنتين قبلها، فتبين منه بينونة كبرى، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ] يطلقها أو يموت عليها.

هذه المسألة فيها خلاف، هذا قول الجمهور، خلاف الجمهور يقول: الطلاق بكلمة: طالق.. طالق.. طالق.. طلقة واحدة، أنت طالق بالثلاث طلقة واحدة، وسيأتي بيان ذلك.

[ رابعاً: الطلاق الرجعي: وهو ما يملك معه الزوج حق مراجعة مطلقته ] ولهذا يسمى طلاقاً رجعياً؛ لأن الزوج يملك أن يراجعها، فله الحق في مراجعتها [ ولو بدون رضاها ] إذا طلق الرجل امرأته طلاقاً رجعياً ليراجعها إن شاء ولا يحتاج إلى إذنها ولا رضاها، يشهد اثنين ويراجعها [ لقوله تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا [البقرة:228] ] وأزواجهن أحق بردهن في ذلك الطلاق الرجعي إن أرادوا إصلاحاً، أما يراجعها ليعذبها مرة ثانية لا يجوز، حرام عليه.

يجوز لمن طلق امرأته طلاقاً رجعياً ما هو بائناً أن يراجعها ويشهد اثنتين ولو لم ترض هي بالمراجعة لا قيمة لرضاها، وذلك لقول ربنا تعالى في كتابه العزيز: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا أما يرجعها من أجل يزيد ينكل بها ويعذبها ما يجوز، حرام عليه، فهي مؤمنة [ ولقوله صلى الله عليه وسلم لـابن عمر ] عبد الله بن عمر رضي الله عنهما [ بعد أن طلق زوجته: ( راجعها... ) ] قال له: راجعها، طلقها ابن عمر وقال له: ( طلقت، قال: راجعها )؛ لأنه طلقها طلاقاً غير شرعي.

[ والطلاق الرجعي ما كان دون الثلاث ] أي: الطلقات الثلاثة، في الطلقة الأولى أو الثانية أما الثالثة فلا، فهو طلاق ليس رجعياً، فقد بانت منه [ في المدخول بها ] أما غير المدخول بها فطلقة واحدة بانت قبل الدخول [ وبدون عوض ] أما إذا طلقها مقابل مال تعطيه إياه لا رجعة له فيه أبداً فهو طلاق بائن [ والمطلقة طلاقاً رجعياً حكمها كحكم الزوجة في النفقة والسكنى ] ينفق عليها ويسكنها على حسابه[ وغيرهما ] مما تتطلب ذلك، المطلقة طلاقاً رجعياً حكمها كحكم الزوجة حتى تنتهي عدتها، فهي مطلقة مدة العدة فقط، إما ثلاثة أشهر وإما ثلاث حيض [ حتى تنقضي عدتها، فإذا انقضت عدتها بانت من زوجها، وإن أراد الزوج مراجعتها ] قبل أن تبين [ يكفيه أن يقول لها: لقد راجعتك، ويسن ] يستحب [ أن يشهد على مراجعتها شاهدي عدل ] فإن انقضت عدتها بانت من زوجها، وإن أراد الزوج مراجعتها قبل نهاية العدة يكفيه أن يقول: لقد راجعتك، ويسن أن يشهد اثنين على مراجعتها، فيقول: إني راجعت زوجتي، وهذا الإشهاد على جهة الاستحباب والسنية ليس على جهة الوجوب، فلو لم يشهد فالمراجعة صحيحة.

[ خامساً: الطلاق الصريح: هو ما لا يحتاج المطلق معه إلى نية الطلاق ] ما يحتاج إلى النية أبداً [ بل يكفي فيه لفظ الطلاق الصريح؛ وذلك كأن يقول: أنت طالق أو مطلقة أو طلقتك أو نحو ذلك ] هذا لا يحتاج إلى نية أبداً، فليس هو كناية، إذا قال رجل لامرأته: أنت طالق أو أنت مطلقة طلقت.




استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
سلسلة منهاج المسلم - (51) 4154 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (95) 4081 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (63) 3866 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (139) 3861 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (66) 3833 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (158) 3822 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (84) 3745 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (144) 3644 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (71) 3631 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (101) 3606 استماع