سلسلة منهاج المسلم - (130)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة، ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية بكاملها عقيدة، وآداباً، وأخلاقاً، وعبادات، ومعاملات، وأحكاماً.

هذا الكتاب ألف من أجل جمع كلمة المسلمين، فهو لا يفرق بين مذهب وآخر، ويعلم المسلمين بدين ربهم، الذي مصدره كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فالمسلمون أمرهم واحد، وأمتهم واحدة، ومذهبهم واحد، لا تفريق بينهم أبداً، وكل من عمل على التفريق فهو آثم.

قال المؤلف غفر الله له ولكم، ورحمه وإياكم وسائر المؤمنين: [ الباب الخامس: في المعاملات. الفصل الأول في الجهاد: وفيه إحدى عشرة مادة: المادة الأولى: في حكم الجهاد، وبيان أنواعه، والحكمة فيه.

أولاً: حكم الجهاد: حكم الجهاد الخاص الذي هو قتال الكفار والمحاربين فرض كفاية] أي: فرض كفائي [إذا قام به البعض سقط عن البعض الآخر] ولا يطالب بذلك [وذلك لقوله تعالى: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً [التوبة:122] ] أي: جميعاً [ فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة:122] ] هذا الخروج مع النبي صلى الله عليه وسلم، ما أذن لهم أن يخرجوا كلهم، جماعة تبقى في المدينة، وأخرى تخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم، وتتعلم معه [غير أنه يتعين على من عينه الإمام] فقال له: اخرج للجهاد [فيصبح فرض عين في حقه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( وإذا استنفرتم فانفروا ) ] أي: إذا استدعاكم الإمام اخرجوا [وكذا إذا داهم العدو بلداً] قرية من قرى المسلمين [فإنه يتعين على أهلها حتى النساء منهم مدافعته وقتاله] فيقاتلون هذا العدو، وهو فرض عين في حقهم.

إذاً: الجهاد فرض كفاية، إذا أردنا أن نقاتل الكافرين والمشركين والمحاربين، فلا تخرج الأمة كلها لقتالهم، بل الجيش فقط يقاتل.

ويكون فرض عين؛ فيتعين على من عينه الإمام، فإذا قال الحاكم: الشبيبة في الثامنة عشرة من أعمارهم يخرجون، فيخرجون كلهم، وإذا عين جماعة فقال: بنو فلان يخرجون. فيجب عليهم أن يخرجوا.

ويتعين أيضاً إذا العدو داهم قرية من القرى، فعلى أهل القرية أن يقاوموا أهل العدو بنسائهم ورجالهم، حتى تأتي الجيوش الإسلامية. هذا هو حكم الجهاد: فرض كفاية، وفرض عين، فيكون فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ويكون فرض عين إذا عين الإمام الحاكم فلاناً وفلاناً، أو الجماعة الفلانية تعين عليهم.

[ أنواع الجهاد]

أولاً: جهاد الكفار والمحاربين

[أولاً: جهاد الكفار والمحاربين، ويكون باليد، والمال، واللسان، والقلب] يكون الجهاد باليد بأنواع القتال، ويكون بالمال نشتري به سلاحاً، أو عدة [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( جاهدوا المشركين بأموالكم، وأنفسكم، وألسنتكم ) ] وبقلبك بأن تكره الكافر وتبغضه، وتريد أن تقاتله.

ثانياً: جهاد الفساق

[ثانياً: جهاد الفساق] وهم الذين يخرجون عن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم [ويكون باليد واللسان والقلب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان ) ] فالفساق من المؤمنين نجاهدهم بأن نبطل المنكر الذي يأتونه بأيدينا أو بألسنتنا أو بقلوبنا إن عجزنا، فلا نسمح في القرية لفساق يظهرون فسقهم وفجورهم، فلا بد وأن ندعوهم إلى الحق، ونعود بهم إلى الإسلام، في حدود طاقتنا، فالمسئولون يجاهدون الفساق باليد؛ لأن عندهم السلطة، والعلماء بألسنتهم.. بعلمهم، وعامة الناس بقلوبهم، فالمهم ألا نقر الفسق بيننا.

ثالثاً: جهاد الشيطان

[ثالثاً: جهاد الشيطان؛ ويكون بدفع ما يأتي به من الشبهات] التي يلقيها في النفس [وترك ما يزينه] ويحسنه [من الشهوات؛ وذلك لقوله تعالى: وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [لقمان:33] ] ألا وهو إبليس عليه لعائن الله [وقوله سبحانه: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا [فاطر:6] ] فجهاد الشيطان هو بألا نستجيب لدعوته، ولا نسمع لوسواسه، ولا نقبل ما يزينه أبداً، بل نلعنه، ونبعد عن معصية الله، ولا نغشاها أو نرتكبها، فالعدو لا تجلس معه، ولا تقبل كلامه، ولا تسمع منه.

رابعاً: جهاد النفس

[رابعاً: جهاد النفس] وهو أصعبها [ويكون بحملها] وهي كارهة [على أن تتعلم أمور الدين] كالغسل، والوضوء، والتيمم، والصلاة، والصيام، والحج وغيرها من أمور الدين [وتعمل بها، وتعلمها] الآخرين، فهذه ثلاث خطوات: الأولى: أن نتعلم أمور الدين. الثانية: أن نعمل بها. الثالثة: أن نعلمها غيرنا. فجهاد النفس عام لكل مؤمن ومؤمنة [وبصرفها عن هواها ومقاومة رعوناتها] أي: وبصرف النفس عن هواها وما تميل إليه من الرعونات والمفاسد، فيحملها على أن تبتعد عن الشهوات والأطماع والرعونات؛ لتسلم وتفعل [وجهاد النفس من أعظم أنواع الجهاد حتى قيل فيه: (الجهاد الأكبر ) ] أي: رجعتم من الجهاد الأصغر وهو جهاد الكفار إلى الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس، والعياذ بالله، فهذا الحديث ضعيف، ونصه كما يأتي: ( قدم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة فقال: قدمتم خير مقدم، قدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، ألا وهو جهاد النفس ).

فلا شك أن جهاد النفس أكبر؛ لأنه معك الليل والنهار لا يفارقك، فهو جهاد دائم، أما جهاد الكفار فقد يكون مرة في السنة أو السنتين.

[أولاً: جهاد الكفار والمحاربين، ويكون باليد، والمال، واللسان، والقلب] يكون الجهاد باليد بأنواع القتال، ويكون بالمال نشتري به سلاحاً، أو عدة [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( جاهدوا المشركين بأموالكم، وأنفسكم، وألسنتكم ) ] وبقلبك بأن تكره الكافر وتبغضه، وتريد أن تقاتله.

[ثانياً: جهاد الفساق] وهم الذين يخرجون عن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم [ويكون باليد واللسان والقلب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان ) ] فالفساق من المؤمنين نجاهدهم بأن نبطل المنكر الذي يأتونه بأيدينا أو بألسنتنا أو بقلوبنا إن عجزنا، فلا نسمح في القرية لفساق يظهرون فسقهم وفجورهم، فلا بد وأن ندعوهم إلى الحق، ونعود بهم إلى الإسلام، في حدود طاقتنا، فالمسئولون يجاهدون الفساق باليد؛ لأن عندهم السلطة، والعلماء بألسنتهم.. بعلمهم، وعامة الناس بقلوبهم، فالمهم ألا نقر الفسق بيننا.