فتاوى نور على الدرب [720]


الحلقة مفرغة

السؤال: ما هي الصيغة الصحيحة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟

الجواب: الصيغة الصحيحة للصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما علمه أمته، حيث قالوا: ( يا رسول الله! علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آله محمدٍ كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد )، هذه الصيغة الواردة، ووردت صيغات أخرى من صلى عليه بها فهو على خير؛ لأن هذا مما تنوعت فيه السنة، وأما ما يوجد في بعض الكتب من صلوات مبنية على أسجاع وعلى أوصاف، وقد تكون أوصافاً لا تصح إلا على رب العالمين، فاحذر منها، فر منها فرارك من الأسد، ولا يغرنك ما فيها من السجع الذي قد يبكي العين ويرقق القلب، وعليك بالأصيل والأصول، ودع عنك هذا الذي ألف على غير هدىً وسلطان.

السؤال: رجلٌ جاء إلى المسجد في صلاة العصر فوجد الصف قد اكتمل، فصلى وراء الصف، فنصحناه بأنه كان يجب عليه أن يدخل في الصف، ولكننا بصراحة لسنا متأكدين، فما هو الصحيح في ذلك؟ وماذا يجب على من صلى وراء الصف منفرداً مع الدليل؟

الجواب: من صلى خلف الصف منفرداً لأن الصف مكتمل فلا شيء عليه، وصلاته صحيحة، وهو مأجور؛ لقول الله تبارك وتعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، أما إذا كان الصف غير مكتمل فعليه إعادة الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( لا صلاة لمنفردٍ خلف الصف )، ولأنه رأى رجلاً يصلي خلف الصف منفرداً فأمره أن يعيد الصلاة، هذا الذي قررناه هو القول الراجح، أن صلاة المنفرد خلف الصف صحيحةٌ إذا كان الصف الذي أمامه مكتمل، وأما من قال: إنه يتقدم فيصلي مع الإمام فقوله ضعيف؛ لأننا إذا قلنا بهذا: أولاً: خالفنا السنة في انفراد الإمام في موقفه، وثانياً: قد يؤدي هذا إلى تخلل الصفوف، ولنفرض أن خلف الإمام خمسة صفوف، وهذا لم يجد فيها مكاناً، نقول: تخطى هذه الصفوف كلها حتى تأتي إلى الإمام، فيه إيذاءٌ للناس، ( وقد رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجلاً يتخطى الناس، فقال: اجلس فقد آذيت ).

ثالثاً: إذا قلنا بهذا، وجاء آخر بعد أن تقدم هذا للإمام، قلنا: تقدم للإمام، صاروا كم؟ ثلاثة، وهذا غلط، ثم يجيء رابع ونقول: تقدم، صاروا أربعة، ثم ربما يكون صفاً تاماً مع الإمام، وعلى كل حال فلا دليل على أنه يذهب إلى أن يقف مع الإمام، والقول بهذا قولٌ ضعيف.

فإن قال إنسان: يجذب واحداً، قلنا: هذا أضعف؛ لأنه إذا جذب واحداً أساء إليه بتأخيره من المكان الفاضل إلى المفضول، وشوش عليه صلاته، وفتح فرجةً في الصف، وأوجد ضغينةً في قلب هذا الرجل المجذوب، فما قلناه: من أنه يصلي منفرداً خلف الصف لعدم وجود مكان، هو الذي تجتمع فيه الأدلة.

السؤال: الإطالة في السجدة الأخيرة عن باقي أركان الصلاة للدعاء فيها والاستغفار، هل في الصلاة خلل في حالة الإطالة في السجدة الأخيرة؟

الجواب: الإطالة في السجدة الأخيرة ليست من السنة؛ لأن السنة أن تكون أفعال الصلاة متقاربة، الركوع والرفع منه والسجود والجلوس بين السجدتين، كما قال ذلك البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: ( رمقت الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت قيامه فركوعه فسجوده فجلسته ما بين التسليم والانصراف قريباً من السواء )، هذا هو الأفضل، ولكن هناك محلٌ للدعاء غير السجود وهو التشهد، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما علم عبد الله بن مسعود التشهد قال: ( ثم ليتخير من الدعاء ما شاء )، فليجعل الدعاء قل أو كثر بعد التشهد الأخير قبل أن يسلم.

السؤال: خرجنا في رحلةٍ من القصيم إلى حائل، وسكنا في شقة بجوارها مسجد عند صلاة الفجر صلى البعض في الشقة بحجة أنهم في سفر، وأنهم جماعة، والبعض في المسجد المجاور للشقة، فأيهما أصح؟

الجواب: الأصح الذي يصلي في المسجد، بل يجب أن يصلوا في المسجد، ما دام المسجد مجاوراً لهم ولا مشقة عليهم فيه، فالواجب أن يصلوا في المسجد، وأما ما يتوهمه بعض الناس من أن المسافر لا يصلي في المسجد؛ لأنه يقصر فهذا غلط، فإن صلاة الجماعة واجبةٌ على المسافر والمقيم، وعلى هذا فيجب على المسافر أن يذهب إلى المسجد ويصلي مع المسلمين، اللهم إلا أن يكون المسجد بعيداً يشق عليه الوصول إليه، فحينئذٍ يصلي جماعة مع أصحابه.

السؤال: هذا السائل يستفسر عن آياتٍ مباركات في سورة البقرة في قوله تعالى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ [البقرة:199-202]؟

الجواب: قال الله تبارك وتعالى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ [البقرة:199]، يعني: إن كان أهل مكة لا يقفون بعرفة في الحج، ويقفون في مزدلفة، يقولون: نحن أهل الحرم لا يمكن أن نقف إلا بالحرم، فيقفون في مزدلفة، فقال الله تعالى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ [البقرة:199]، أي: من المكان الذي أفاض الناس منه وهو عرفة، ولهذا قال جابر رضي الله عنه وهو يصف حج النبي صلى الله عليه وسلم: أجاز رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا تشك قريشٌ إلا أنه واقفٌ عند المشعر الحرام كما كانت قريشٌ تفعل في الجاهلية. ولكنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم تجاوزها ونزل بنمرة، ثم لما زالت الشمس ذهب إلى عرفة ووقف هناك، فأمر الله تعالى الناس جميعاً ومنهم قريش أن يفيضوا من حيث أفاض الناس، وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ [البقرة:199]، يعني: اسألوا الله المغفرة، والمغفرة هي: ستر الذنب والعفو عنه، إن الله غفورٌ رحيم [البقرة:199].

فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا [البقرة:200]؛ وذلك لأن الإنسان إذا فرغ من العبادة ربما يلحقه كسل أو ملل فيغفل عن ذكر الله، فأمر الله تعالى أن يذكر الإنسان ربه إذا قضى نسكه، وهذا كقوله تعالى في سورة الجمعة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الجمعة:9-10]، فأمر بذكره؛ لأن الإنسان إذا خرج من الصلاة ثم سعى في التجارة، فإنه مظنة الغفلة، فلهذا قال: وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الأنفال:45].

ثم قسم الله تعالى الناس إلى قسمين؛ منهم من يقول: ربنا آتنا في الدنيا وليس له همٌ في الآخرة ومنهم من يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيبٌ مما كسبوا والله سريع الحساب.

السؤال: هل الأفضل للإمام يوم الجمعة أن يبكر للمسجد مثل بقية المبكرين من المأمومين، أم أن الأفضل البقاء في البيت أو خارج المسجد حتى إذا دخل صعد المنبر؟ ما هو الأفضل والسنة في ذلك؟

الجواب: الأفضل والسنة في ذلك أن يبقى الإمام في بيته أو في أي مكان، وأن لا يحضر إلى المسجد إلا عند حضور وقت الصلاة، هذا هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا ينبغي العدول عن هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمجرد استحسان الإنسان للشيء، فالإمام الذي يبقى ولا يأتي إلى المسجد إلا إذا جاء وقت الصلاة، أفضل من الذي يتقدم ويحضر مبكراً.

السؤال: ما حكم ختم خطبة الجمعة دائماً بالآية الكريمة: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ [النحل:90]، إلى آخر الآية الكريمة؟

الجواب: الأفضل أن لا يديم ذلك؛ لأنه إذا أدام ذلك ظن الناس أن هذا من السنة، وليس هذا من السنة، وقد قيل: إن أول من ختم الخطبة بهذه الآية عمر بن عبد العزيز رحمه الله.

السؤال: ما حكم من وجد في مكان حذائه حذاءً غير الحذاء الذي هو له، هل يأخذه ويلبسه أم يتركه؟

الجواب: يتركه ولا يجوز له أخذه؛ لأنه من الجائز أن يكون نعله قد أخذه غير صاحب هذا النعل، فيكون هذا قد أخذ ما ليس له، نعم قال بعض العلماء: إذا كان النعلان متشابهين -أعني: نعله والنعل الذي بقي- فهنا لا حرج أن يأخذه؛ لأن ظاهر الحال أن صاحب النعل قد غلط فأخذ نعله -أي: نعل هذا الذي ضاعت نعله- يظنه نعل نفسه، وهذا القول له وجه لا شك، ولكن الورع أن لا يفعل أن يعتبرها لقطة، فإن شاء أخذه وعرفه، وإن شاء تركه.

السؤال: ما حكم تأخير صلاة الفجر حتى تطلع الشمس دائماً، وفي بعض الأوقات عمداً؟

الجواب: ذلك محرم، حتى إن بعض أهل العلم يقول: من ترك صلاةً مفروضة عمداً حتى خرج وقتها فهو كافر والعياذ بالله، وإذا أخرها عمداً حتى خرج وقتها لم تقبل منه ولو صلى ألف مرة؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )، أي: مردودٌ عليه، فعلى المرء أن يتقي الله عز وجل في نفسه، وأن لا يضيع الصلاة فيدخل في قوله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا [مريم:59-60].

السؤال: عندنا جماعة يقولون: بأن الله في كل مكان بذاته، ونقول لهم: ليس الأمر كذلك، إن الله في السماء، ونقول لهم: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، ولم يقتنعوا بقولنا، ومصرون على ما هم عليه، السؤال: هل هم كفار؟ وهل يلحق بهم من اتبعهم وهم على جهل، أم ماذا يقال عنهم؟ وأنا قرأت في بعض الكتب بأن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: أنا لو قلت بمقالتكم كنت كافراً، وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال، فما القول الصحيح في هؤلاء مأجورين؟

الجواب: القول الصحيح في هذا ما قاله شيخ الإسلام رحمه الله، إذا كانوا جهالاً فإنهم لا يكفرون، وأما إذا كانوا عالمين بأن الله في السماء، ولكنهم استكبروا وأبوا إلا أن يقولوا: إنه في الأرض فهم كفار، ولا يخفى أنه يلزم على هذا القول لوازم باطلة جداً جداً؛ لأنك إذا قلت: إن الله في كل مكان، لزم من هذا أن يكون في المراحيض والعياذ بالله، والحشوش والمواضئ والأماكن القذرة، ومن يصف ربه بهذا؟! لا يمكن لمؤمن أن يصف ربه بهذا أبداً، وأما ما يوجد من بعض الناس في هذه المسألة، الواجب أن يجادل بالتي هي أحسن، كما قال الله عز وجل: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125].


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3913 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3693 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3647 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3501 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3478 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3438 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3419 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3342 استماع