أرشيف المقالات

حديث: يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
حديث: (يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبشٌ أملح)


عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبشٌ أملح، فيوقف بين الجنة والنار، فيقال: يا أهل الجنة، هل تعرفون هذا؟ فيشرئبُّون وينظرون، ويقولون: نعم، هذا الموت، قال: ويقال: يا أهل النار، هل تعرفون هذا؟ قال: فيشرئبُّون وينظرون، ويقولون: نعم، هذا الموت، قال: فيؤمر به فيذبح، قال: ثم يقال: يا أهل الجنة، خلود فلا موت، ويا أهل النار، خلود فلا موت، قال: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [مريم: 39]))، وأشار بيده إلى الدنيا؛ رواه مسلم[1].

يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: لما كان أهل الجنة لا يبأسون، كتب الله لهم الخلود، ومنع الموت عنهم، فذبحه بين أيديهم، في مشهد مَهُول يحضره كل الناس، أصحاب الجنة وأصحاب النار، وبعد ذبح الموت ماذا يحدث للفريقين؟ يحدثنا عن ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم، كما في حديث آخر يرويه ابن عمر - رضي الله عنهما - فيقول صلى الله عليه وسلم: ((فيزداد أهل الجنة فرحًا إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزنًا إلى حزنهم))؛ رواه البخاري[2].

الفائدة الثانية: جنَّة الله تعالى فيها السعادة الكاملة، والأُنس التام الذي لا ينغِّصه شيء أبدًا، فكما أراحهم الله من همِّ الموت، فذبحه بين أيديهم، فما عادوا يفكرون فيه - فقد أراحهم أيضًا من هم الأوساخ والقاذورات، وهمِّ إخراجها والتنظف منها؛ ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن أهل الجنة: ((لا يبولون ولا يتغوَّطون ولا يمتخطون، ولا يتفلون، (آنيتهم و) أمشاطهم (من) الذهب (والفضة)، ورشحهم المسك))؛ رواه مسلم[3]، وفي حديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: قالوا: فما بال الطعام؟ قال: ((جشاء ورشحٌ كرشح المسك، يُلهَمون التسبيحَ والتحميد كما تُلهَمون النفَس))؛ رواه مسلم[4].

الفائدة الثالثة: الله تعالى هو القادر على كل شيء، وقد أخبر الصادقُ المصدوق صلى الله عليه وسلم أن الموت يصوَّر بصورة كبش أملح (وهو الأبيض، أو الذي يخالط بياضَه بعضُ السواد)[5]، فيعرفه الناس كلهم، أهل الجنة وأهل النار، كما أخبر أنه يذبح أمامهم، وكل هذا حقٌّ على حقيقته، نثبته كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، وآمَن به سلف الأمة رضي الله عنهم، دون تأويل، أو تحريف للأخبار عن ظاهرها.



[1] رواه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء 4/ 2188 (2849).


[2] رواه البخاري في كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار 5/ 2397 (6182).


[3] رواه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر وصفاتهم وأزواجهم 4/ 2178 (2834)، والزيادة بين القوسين من بعض رواياته في الموضع نفسه، والرشح: العرق.



[4] رواه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب في صفات الجنة وأهلها وتسبيحهم فيها بكرة وعشيًّا 4/ 2180 (2835).


[5] ينظر: مشارق الأنوار للقاضي عياض 1/ 379، والنهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 4/ 354.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢