خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [82]
الحلقة مفرغة
السؤال: أرجو أن تفيدوني في أمرٍ يتعلق بي، فأنا شابٌ في مقتبل العمر وفقني الله لإكمال نصف ديني حيث صممت على الزواج، وندمت على فوات ما مضى من عمري دون زواج، وهأنذا أستعد له، وبعد أن خطبت الزوجة الصالحة إن شاء الله وذلك طبعاً بموافقة أبوي كنت على نقاشٍ حادٍ مع والدتي الحبيبة، وقد تعرضنا في حديثنا عن الحجاب، فقلت لها: يا أماه! إنني أعتزم أن أحجب زوجتي عن إخوتي فثارت أمي وغضبت مني، وقالت: لم تفعل ذلك؟ لم تفعل ذلك؟ فأنت تعلم أن إخوتك طيبين ويعرفون الرذيلة وأخلاقهم عالية، فإن الحجاب يجعلهم ويجعلنا جميعاً في حرج، وإذا اجتمعنا في مكانٍ ما لا نستطيع الذهاب والقيام برحلات أو نزهات مع بعضنا البعض، فهي تقصد من ذلك أن الحجاب يضايق الجميع فنحن عائلة واحدة، ويجب أن تكون العائلة مع بعضها، حاولت جاهداً أن أقنعها، وأن ذلك لا يجوز فلم أستطع، يرجو التوجيه له ولوالدته وفقكم الله.
وفي نهاية السؤال الحقيقة لفتة يقول: إن زوجتي تتحجب حجاباً إسلامياً بما معناه يعني: أن الوالدة تطلب منه أن تتحجب زوجته تحجباً إسلامياً، ومعناه: أن تواجه إخوانه كاشفة وجهها وكفيها فقط يعني: دون سائر الجسم؟
الجواب: نشكر الأخ على هذا الأدب الرفيع والخلق الفاضل ألا وهو التأدب بالآداب الإسلامية التي شرعها الله تبارك وتعالى لعباده فيما يتعلق بالنساء، ونقول له: ما ذهبت إليه هو الصواب من أنه يجب على زوجتك أن تحتجب عن إخوتك، وإن كانوا على مستوى رفيع من النزاهة والعفة، فإن ذلك لا يضرهم شيئاً إذا احتجبت عنهم، لأنها قائمةٌ بأمر الله، ومن كمال عفتهم ودينهم أن يوافقوها على ما تريد، وألا يجزعوا مما صنعت.
ونصيحتنا لأمك: أن تصبر على هذا الحكم الشرعي، وأن تعلم أن العاقبة للمتقين، لا بالنسبة لها ولا بالنسبة لك، ولا بالنسبة لزوجتك ولا لإخوانك، فإذا التزمت العائلة بشريعة الله تعالى في هذا الباب وغيره، فإن ذلك خيرٌ لها وأسعد لها في دينها ودنياها.
وبالنسبة للحجاب الإسلامي الذي أشرت إليه في آخر خطابك: فالحجاب الإسلامي يشمل حجب الوجه والكفين أيضاً عن غير المحارم، ولكن نظراً لأن المرأة في البيت محتاجةٌ إلى إبداء كفيها لأشغالها، فإنه لا بأس أن تبرز كفيها في بيتها ولو كان عندها إخوة الزوج، لأن ذلك لا يثير الشهوة غالباً، ولا يسلم التحرز منه من المشقة المنافية للشرع.
أما بالنسبة للوجه: فإنه لا يضرها إذا احتجبت ولا يشق عليها ذلك لا سيما إذا اعتادت، فإن الذين يعتادون هذا لا يعبئون به ولا يرونه ضيقاً ولا حرجاً ولا سوء ظنٍ بمن يحتجبون عنه، ولهذا نقول: قم بالواجب عليك بالنسبة لزوجتك، وسيجعل الله لك العاقبة، فإن من يتق الله تعالى يجعل له من أمره يسراً.
السؤال: أنا سائق مصري محتار في تصرف زوجة كفيلي، حيث أنها تأخذ حاجات من المنزل وتأمرني أنا السائق أن أنزل بها إلى السوق، ثم تدخل بعض الدكاكين، ثم تدخل إلى المكاتب الداخلية وتتصل بالتلفونات ساعة ونصف أو أكثر، أو تستخدم تلفون الشارع ويقول: إنها تهدده بالطرد وبإلصاق التهم به، فهل يخبر زوجها بذلك لأنه لا يرضى هذا التصرف منها وهو رجلٌ مسلم؟
الجواب: حقيقة الأمر: أن هذا التصرف الذي أشرت إليه إذا كان حقاً فإنه تصرفٌ سيئ ولا يرضاه أحدٌ من المسلمين، ونحن نشكرك على هذه الغيرة على صاحبك الذي أنت عنده، بل وعلى هذه الغيرة على زوجته أيضاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً. قالوا: يا رسول الله! هذا المظلوم، فكيف نصر الظالم؟ فقال: أن تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه) .
فأنت ناصح لكفيلك ولزوجته أيضاً، وعليك في هذه الحال إذا لم يفد معها النصح أن تخبر زوجها بذلك لتخرج من المسئولية، وأنت إذا أخبرته بذلك فلن يضيرك شيئ إن شاء الله، لأن الله تكفل بأن من اتقى الله تعالى جعل له مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب.
السؤال: أعاني من مرضٍ نفسي شديد وهو نوعٌ من الوسواس الخبيث، ومن أمثلة ذلك: إذا كان مثلاً أمامي شخصٌ ما، وأنا أذكر الله فإن الشيطان يصرف قلبي إلى ذلك الشخص كأني أعنيه بالذكر، أو إذا قلت: أشهد أن محمداً رسول الله، فإن قلبي ينصرف بسبب الشيطان إلى شخصٍ آخر مثلاً اسمه محمد، وأنا في قلق ونكدٍ من العيش بسبب هذا المرض الخبيث، وهو نتيجة التمادي الوسواس عندي، وهل أكفر بذلك وهل أعيد الحج؟
الجواب: نحن نبشر الأخ بأن ما ذكره من هذا الوسواس هو صريح الإيمان، وهو علامةٌ على أن إيمانه جيدٌ وخالص؛ لأن الشيطان إنما يحاول هدم القائم، وأما المنهدم فلا يتعرض له، فهذا دليلٌ على أن عند الأخ من الإيمان القوي ما يحاول الشيطان أن يهدمه، وأن يسلخه منه، فنقول له: هذه وساوس لا تعبأ بها ولا تلتفت إليها ولا يهمنك أمرها، وإذا أحسست بها فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، فـ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ [النحل:99-100].
فأنت يا أخي! الزم ما أنت عليه من الإيمان ولا تلتفت إلى هذه الوساوس، وحدث نفسك بأنك لا تستطيع أبداً أن تقف أمام هذا الرجل، وتقول له: أنت محمدٌ رسول الله، فإذا كنت لا تستطيع ذلك فمعنى هذا أن ما حدثتك به نفسك ليس بشيء، وما هو إلا مجرد وسواسٌ لا تلتفت إليه.
وهكذا ما تجده بالنسبة لأفعال الله تبارك وتعالى أو لصفاته فإن ذلك من الشيطان، فاستعذ بالله منه ولا تلتفت إليه، وسيزول عنك إن شاء الله.
السؤال: أنا رجلٌ وقعت في مشكلة، وهي: أنني كنت أقبل فتاة وهي متزوجة وذلك في أيام رمضان وأقبلها وأنا صائم؛ لأنني قد تعودت على الصوم وأنا صغير جداً، عند ذلك عرضت مشكلتي على أحد المطاوعة فألزمني صيام ثلاثة أيام فقط، وفعلت وأنا يساورني الشك في هذا الإفتاء أرجو الجواب؟
الجواب: إنك بتقبيلك هذه المرأة وهي متزوجة فعلت جنايتين:
الجناية الأولى: التقبيل المحرم؛ لأن الإنسان لا يجوز له أن يقبل امرأة أجنبية منه.
والجناية الثانية: انتهاك فراش زوجها، فإن هذا من الجناية عليه، فعليك أن تتوب إلى الله تعالى، وأن تستغفره مما وقع، وأن تعلم بأن الحسنات يذهبن السيئات.
ولكن الصوم الذي كنت متلبساً به حين التقبيل لا يفسد ما لم يحصل منك إنزال، فإذا لم يحصل منك إنزال فصومك صحيح، والذي أفتاك بصوم ثلاثة أيام لا وجه لفتواه، فهي فتوى غير مبنية على أصلٍ شرعي، فلا عبرة بها وأنت لا يلحقك الشك بعد هذا تابع الحسنات وأكثر من الاستغفار والتوبة إلى الله، ونرجو الله أن يتوب عليك.
السؤال: رجل كان رقيقاً وأعتقه سيده، تزوج وأنجب أطفالاً، هل الأولاد في حكم الأرقاء أم هم أحرار لوجه الله تعالى؟
الجواب: الأولاد أحرار، واعلم أن الأولاد في الحرية والرق يتبعون الأم، فإذا تزوج الرقيق بحرة فإن أولاده أحرار؛ لأنهم يتبعون الأم، ولو قدر أن حراً تزوج بأمة وهو ممن يجوز له تزوج الإماء فولدت منه فإن أولادها أرقاء لمالكها ما لم يشترط الزوج أنهم أحرار.
السؤال: أهدي أجمل تحيتي واحترامي إلى برنامجكم الموقر، والذي أفادنا المسلمين كافة من إفتاء المعلومات الدينية والاجتماعية، وعلى هذا الأساس أرسلت رسالتي هذه وفيها بعض الأسئلة أرجو عرضها على أصحاب الفضيلة والعلماء لديكم، وأرجو الإجابة منهم مع الشكر.
أنا شخص قد أنعم الله علي بالهداية، وسلكت الطريق الصحيح للإسلام، وطبقت جميع الشروط من صلاةٍ وصوم... إلخ، والتزمت أكثر من اللازم، حيث التجأت إلى أحد الشيوخ الصوفية وأصبحت تلميذاً من تلاميذه، حيث أمرني بالحضور لحلقة الذكر يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع، وأن أصلي وأسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم ألف مرة يومياً وتسابيح أخرى، فأرجو إرشادي عن طريقة الصوفية هل هي صحيحة في الشريعة الإسلامية وتعاليمها، أم غير صحيحة؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: اعلم أن الطرق صوفيةً كانت أم غير صوفية يجب أن تُعرض على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فما كان موافقاً لهما فهو حق، وما كان مخالفاً فهو باطل، والغالب في الطرق الصوفية أنها طرقٌ مبتدعة، وربما يصل بعضها إلى الكفر وبعضها دون ذلك، ومن هذا الابتداع ما ذكرت عن شيخك أنه كان يأمرك بأن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كل يومٍ ألف صلاة، وبتسابيح أخرى، فهذه التسابيح الأخرى التي ذكرت لا ندري ما هي حتى نحكم عليها بأنها حقٌ أم باطل.
وأما الأمر بأن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كل يومٍ ألف صلاة، فهذا بلا شك بدعة لا أصل له في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
والذي أنصحك به: أن تتطلب عالماً من علماء السنة المعروفين باتباع السلف الصالح، وتأخذ دينك منه وتدع الطرق التي تشير إليها من صوفيةٍ أو غيرها.
السؤال: هل يجوز الدعاء للشخص الفاسق الذي لا يؤدي واجبات الدين الإسلامي؟
الجواب: الدعاء للشخص الفاسق بأن يهديه الله عز وجل ويصلح أمره هذا أمرٌ مشروعٌ مطلوب، وأما الدعاء له دعاءً قد يكون معيناً له على فسقه وتماديه في الباطل فهذا لا يجوز، وأما الدعاء له بعد موته بالمغفرة والرحمة فهذا جائزٌ بل مشروعٌ لعل الله تعالى أن يستجيب الدعاء، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما من مسلمٍ يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه).
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3648 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3498 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3479 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3344 استماع |
فتاوى نور على الدرب [451] | 3323 استماع |