فتاوى نور على الدرب [701]


الحلقة مفرغة

السؤال: ما حكم ابتداء القنوت بالحمد لله؟ وهل هذا وارد؟

الجواب: لا بأس أن يبتدئ القنوت بالحمد والثناء على الله عز وجل، والصلاة والسلام على نبيه، وإن ابتدأه بقوله: اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك، فحسن، وإن ابتدأه بقوله: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، فلا بأس، والأمر في هذا واسع، والمهم أن الإنسان يقنت، ولكن هل القنوت سنة كلما أوتر، أو أحياناً، أو في وقتٍ مخصوص؟ في هذا خلاف بين أهل العلم، والراجح عندي أنه لا يقنت إلا أحياناً، والأصل عدم القنوت؛ لأن الواصفين لصلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ووتره في الليل لا يذكرون أنه كان يقنت، وإن كان ورد بذلك شيء فهو على وجهٍ ضعيف، فالأصل في الوتر عدم القنوت، وإن قنت فلا بأس، واستحب بعض العلماء المداومة عليه في شهر رمضان في التراويح، وقال: بأن الناس مجتمعون، والدعوة حريةٌ بالإجابة مع الاجتماع عليها.

السؤال: طلاق الغضبان هل يصح هذا الطلاق أم هو باطل؟

الجواب: هذا لا يمكن أن نجيب عليه هكذا عموماً، وإنما يجب أن ينظر إلى كل قضيةٍ بعينها، فإذا جاءنا إنسان يستفتي عن هذا في أمرٍ واقع، استفصلنا منه استفصالاً تحريرياً حتى يتسنى لنا أن نفتي فيه.

مداخلة: وبالنسبة لطلاق الحامل، هل يصح هذا الطلاق؟

الشيخ: طلاق الحامل جائز وواقع، حتى إنه يجوز ولو كان الإنسان قد جامعها قبل أن يغتسل من الجنابة؛ لقول الله تبارك وتعالى، في سورة الطلاق: ياأيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1].. إلى أن قال: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4]، يعني الصغار، يعني أن عدتهن ثلاثة أشهر، ثم قال: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4]، وبهذه المناسبة أود أن أقول: إن الحامل هي أم المعتدات، بمعنى أن عدتها تنتهي بوضع حملها، سواءٌ فورقت بطلاق أو بفسخ، أو بتبين فساد النكاح، أو بموت، أي مفارقة تقع وفيها عدة والمفارقة حامل، فعدتها بوضع الحمل، طالت المدة أو قصرت، وعلى هذا فلو مات إنسان وزوجته حامل، ثم أخذها الطلق ووضعت قبل أن يغسل الميت، انتهت عدتها، وحلت للأزواج، ولو طلقت ووضعت إثر قول زوجها لها: أنت طالق، انتهت عدتها، ولو بعد قوله: أنت طالق بدقيقة، انتهت عدتها، ولو طلقت وبقي الحمل في بطنها سنةً أو سنتين أو ثلاثاً أو أربعاً، بقيت في عدتها؛ لعموم قول الله تبارك وتعالى: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4]، وفي الصحيحين أن ضباعة الأسلمية وضعت بعد موت زوجها بليالٍ، فأذن لها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تتزوج.

مداخلة: وبالنسبة لطلاق الحائض؟

الشيخ: المذاهب الأربعة وجمهور الأمة على أن طلاقها يقع ويحسب، فإذا كان آخر طلقة بانت من زوجها حتى تنكح زوجاً غيره، وذهب بعض أهل العلم إلى أن طلاق الحائض لا يقع، وهذه أيضاً لا نفتي بها إلا في قضيةٍ وقعت من شخصٍ معين جاء يستفتي فإننا نستفصل منه، ونفتيه بحسب ما يظهر لنا.

السؤال: أسأل عن عقوق الوالدين هو من الكبائر، فأنا لا أقصر في طلبات والدي، ولا طلبات زوجتي، وزوجتي مطيعة لي في كل متطلباتي ومتطلبات بيتي وأطفالي، فحصل يومٌ من الأيام خلافٌ على الهاتف بين والدتي ووالدة زوجتي، فتقول لي والدتي: طلق زوجتك بسبب والدتها فعلت كذا وكذا، فالسؤال: ما حكم ذلك؟ وما ذنب زوجتي؟ وهل لي أن أطيع والدتي في ذلك؟

الجواب: لا شك أن بر الوالدين واجب وأن عقوقهما محرم، بل من كبائر الذنوب، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس وقال: ألا وقول الزور، ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قالوا: ليته سكت )، ولكن أحياناً يقع من بعض الأمهات غيرة إذا رأت من ولدها محبةً لزوجته، فتكره الزوجة وتحاول أن يفارقها زوجها، وتسعى بالإفساد بينها وبين ولدها، وربما تصرح فتقول: إما أنا وإما زوجتك، في هذه الحال لا يلزم الزوج إذا أمرته أمه أن يطلق زوجته، لا يلزمه أن يطلقها، بل له أن يقول: يا أمي! هذه زوجتي لا أستطيع أن أطلقها، وأن يداري أمه وأن يلاطفها، وأما أن نقول: فارق زوجتك لطلب أمك فلا.

فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر عبد الله بن عمر -حين أمره عمر أن يطلق زوجته- أن يطيع عمر وأن يطلقها؟

فالجواب: بلى، لكن عمر رضي الله عنه لم يأمر ابنه أن يطلق زوجته إلا لسببٍ شرعي، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر أن يطلق الزوجة، وقد أورد هذا على الإمام أحمد رحمه الله فسأله رجل يقول: إن أبي أمرني أن أطلق زوجتي أفأطلقها؟ قال: لا تطلقها. قال: أليس النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمر أن يطلق زوجته لما أمره عمر ؟ قال: وهل أبوك عمر ؟ ففرق، فإذا كان الحامل لأمر الأم ابنها أن يطلق زوجته هو الغيرة فلا يطعها، ولا يعد عاقاً، أما إذا كان الحامل لذلك سبباً شرعياً فهنا يطلق الزوجة، لا لأن أمه أمرته، ولكن لأن أمه بينت له ما فيها من سببٍ شرعي يقتضي طلاقها، وفي هذه الحال للزوج أن يتحرى، هل أمه متأكدة أو غير متأكدة؟ لأن الأم يمكن أن تسمع شيئاً، ومن شدة شفقتها على الابن تظن أن هذا الشيء يوجب أن الابن يطلق الزوجة، وليس كذلك، فهنا يتأكد وينظر ما هو السبب.

السؤال: هل الأفضل في التراويح أن أكمل القرآن في رمضان وأنا إمام لأحد المساجد؟

الجواب: العلماء رحمهم الله يقولون: إن الأفضل أن يقرأ القرآن كله بالجماعة حتى يدركوا سماعه كله، ولكن هذا استحسان من بعض العلماء، فإن تيسر فهو خير، وإلا فليس بواجب، وكثيرٌ من الناس يحبون أن يختموا القرآن من أجل دعاء الختمة التي تكون في الصلاة، مع أن الختمة التي تكون في الصلاة عند انتهاء القرآن محل خلافٍ بين العلماء، منهم من استحبها، ومنهم من لم يستحبها.

ومن الشيء الذي ينكر أن بعض الأئمة يقرأ القرآن كله، لكن يوزعه، يقرأ به في الفرائض، يعني: يقرأ من قراءته في التراويح في الفرائض، فيكون هنا لا أسمع الجماعة ولا ختم بهم القرآن، وهو تصرفٌ ليس عليه دليل، فالأولى أن يقرأ بما تيسر، وأن لا تحمله قراءته على أن يسرع إسراعاً يجعل القرآن هذىً، فيبقى القرآن ليس له طعم ولا لذة، ويكون ليس هم الإمام إلا أن يخلص ما كان مقرراً قراءته.

السؤال: من فاتته سنة الظهر القبلية، وبعد الصلاة صلى ست ركعات، ونواها أنها سنة الظهر القبلية والبعدية دون تحديدٍ لجهله، هل عليه شيء؟

الجواب: أرجو أن يحصل له أجر إن شاء الله، لكن الذي ينبغي أن يبدأ أولاً بالراتبة التي بعد الصلاة، وهي ركعتان، ثم يأتي بأربع الركعات التي قبل الصلاة على ركعتين ركعتين.

السؤال: يقول: ألاحظ بعض الجماعة يصلي النافلة في مكانٍ غير الفريضة، هل في هذا سنة؟

الجواب: نعم، هذا له أصل من السنة، وهو حديث معاوية رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن توصل صلاة بصلاة حتى يخرج أو يتكلم.

السؤال: هل يجوز للإمام في صلاة الظهر أن يسجد إذا مر بآية سجدة؟

الجواب: الفقهاء رحمهم الله يقولون: إن هذا يكره؛ لأنه يوجب التشويش على المصلين، ولأنه يسجد سجدةً بقراءةٍ لم يسمعها المأمومون، فيقال: إنه يكره للإمام في صلاة السر أن يقرأ آيةً فيها سجدة، وإذا قرأها يكره أن يسجد، ولكن إذا قدر أنه قرأ، فإنه ينبغي إذا مر بآية السجدة أن يجهر بها بعض الشيء، حتى يعرف الناس أنه سجد للتلاوة، والجهر في بعض الآيات في قراءة السر جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يسمع الصحابة القراءة في صلاة السر أحياناً.

السؤال: يقول: أعمل عند شخصٍ بمرتبٍ شهري، ومع أنني أقوم بواجبي بشكلٍ كامل، يقوم هذا الشخص بتأخير المرتب المستحق أكثر مما هو متعارفٌ عليه.. ثلاثة شهور، أربعة شهور، ويتذرع بأنه ليس لديه ما يدفع، مع العلم بأني سمعت من بعض العمالة عنده بأنه لا يعطي من هو مستحق في ذمته بشكلٍ كامل، فهل يجوز أن آخذ أجري من دون علمه من باب الحيطة؟

الجواب: لا يحل لإنسان إذا ظلمه أحد ولم يوفه حقه أن يأخذ من ماله بغير علمه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك )، وأخذه بلا علمه خيانة إلا في النفقة فقط، فإن للذي له النفقة إذا لم يقم بها من تجب عليه أن يأخذ من ماله بغير علمه، وذلك لأن هند بنت عتبة سألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقالت: إن أبا سفيان رجلٌ شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي، أفآخذ من ماله بغير علمه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف ).

السؤال: ما الواجب عليّ تجاه الجار الذي يتخلف عن صلاة الفجر دائماً؟

الجواب: الواجب عليكم أن تنصحوه؛ لأنه جاركم، وله حقٌ عليكم، ولكن انصحوه لا على سبيل التوبيخ والزجر، بل على سبيل الحكمة، مثل أن تدعوه إلى البيت وتؤنسوه، أو تذهبوا إلى بيته وتؤنسوه، ثم تتحدثون حديثاً رقيقاً رفيقاً، وتدعوه إلى أن يصلي مع الجماعة، وتبينوا له الفضل في صلاة الجماعة، وتحذروه من التخلف عنها، وتبينوا له الوعيد.

السؤال: ما هو حكم السدل في الصلاة؟

الجواب: السدل؛ لا أدري ماذا يريد: هل يريد إرسال اليدين عند القيام أو يريد السدل سدل الرداء؟ فلنجب عليهما جميعاً، أما بالنسبة لسدل الرداء فإنه مكروه، لا سيما إذا لم يكن تحت الرداء فنيلة أو نحوها، وأما السدل الذي هو إرسال اليدين، فهو خلاف السنة؛ فالسنة أن الإنسان إذا قام يصلي عليه أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، سواءٌ كان قبل الركوع أو بعد الركوع، هكذا جاء في صحيح البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: ( كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل -يعني: إذا صلى- يده اليمنى على ذراعه اليسرى، يعني في الصلاة ).