فتاوى نور على الدرب [261]


الحلقة مفرغة

السؤال: لي ولد في الثانية والعشرين من عمره، يقاطعني منذ عشرين سنة تقريباً، وأنا والدته وقلبي دائماً يدعو له بالتوفيق والهداية، ولم أعمل له أي عمل يجعله يقاطعني هذه المدة الطويلة، عدا أنه حصل طلاق بيني وبين والده، وحتى الآن لم يلن قلبه، أو يأتي إلي ليعتذر، فضيلة الشيخ! هل يجب علي أن أدعو له أم لا، لأن قلبي لا يتحمل أن أدعو عليه، وما حكم عمله هذا بارك الله فيكم؟

الجواب: هذا الولد الذي انفصل عنك مع أبيه منذ عشرين سنة، وكان لا يهتم بك ولا يزورك ولا يصلك، قد أتى أمراً عظيماً من المنكر، وذلك لأنه أخل بالبر الذي أمر الله به في قوله: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [النساء:36]، وقوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23]، وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14]، فعلى هذا الولد أن يتوب إلى الله عز وجل من هذه القطيعة ومن هذا العقوق، وأن يرجع إلى رشده، ويقوم بواجب الإحسان وواجب البر، وإلا فإنه على خطر عظيم والعياذ بالله، أما بالنسبة لك أنت فأنت مشكورة على ما تقومين به من الدعاء له، وأنت على خير، وأنت بهذا العمل تكونين قد وصلت الرحم، وقد التزم الله عز وجل للرحم أن يصل من وصلها، وأن يقطع من قطعها، فأنت استمري في الدعاء له، ولعل الله سبحانه وتعالى أن يهديه بدعائك له، أما نصيحتي لهذا الرجل أو لهذا الابن بأن يقلع عن عقوقه وقطيعته، وأن يتجه إلى البر والإحسان إليك، والشكر لك على ما قدمت له، وإذا تاب تاب الله عليه.

السؤال: عندما نمر على القبور نسلم على أهلها ونقرأ الفاتحة، فهل هذا العمل صحيح؟

الجواب: إذا زار الإنسان المقبرة فإنما يزورها للدعاء لهم والاعتبار بحالهم، يزور المقبرة للدعاء لأهل القبور والاعتبار بحالهم، وتذكر الآخرة، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بزيارة القبور بعد أن نهى عنها، فقال صلى الله عليه وسلم: ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تذكر الآخرة )، وشرع لأمته إذا زاروا القبور أن يدعوا لأهل القبور، فيقولوا: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم، وأما قراءة الفاتحة عند زيارة القبور فإنه لا أصل لها، فهي ليست بسنة، ولا ينبغي للإنسان أن يقرأ الفاتحة في هذه الحال، وإنما يفعل ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، وعلمه أمته من السلام المقرون بالدعاء، وقد تلوناه قبل قليل.

السؤال: ما معنى الحديث الشريف: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له

الجواب: معروف أن الإنسان إذا مات فإنه ينقطع عمله، لأنه مات والعمل إنما يكون في الحياة، إلا من هذه الأمور الثلاثة؛ لأنه هو السبب فيها، الصدقة الجارية: وهي الخير المستمر، مثل: أن يوقف الرجل بستانه على الفقراء، أو يوقف عقاره على الفقراء، فإن الفقراء ما داموا ينتفعون بهذا العطاء، أو ينتفعون بثمرة هذا البستان، فإنه يكتب له، وهو أجر حاصل بعد موته، لكن هو السبب في إيجاده، والثاني: العلم الذي ينتفع به، بأن يعلم الناس ويدلهم على الخير وعلى فعل المعروف، فإذا علم الناس وانتفعوا بعلمه بعد موته فإن له أجرهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء، لأن الدال على الخير كفاعل الخير، وهذا دليل على بركة العلم، وفائدته في الدنيا والآخرة، وأما الثالث: وهو الولد الصالح الذي يدعو له بعد موته، لأن الولد من كسب الإنسان، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث: ( أو ولد صالح يدعو له )، لأن غير الصالح لا يهتم بنفسه، فلا يهتم بأبيه أو أمه، وفيه إشارة إلى أنه من المهم جداً أن يربي الإنسان أولاده تربية صالحة، حتى ينفعوه في حياته وبعد مماته، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: ( أو ولد صالح يدعو له )، إشارة إلى أن الدعاء للأب أو لغيره من الأقارب أفضل من أن يقوم الإنسان بعبادة يتعبد لله بها، ويجعل ثوابها لهم، لأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يقل: أو ولد صالح يصلي له، أو يصوم له، أو يتصدق له، مع أن سياق الحديث في العمل، (انقطع عمله إلا من ثلاث)، فلو كان عمل الإنسان لأبيه بعد موته مما يندب إليه لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، فإذاً يكون دعاء الإنسان لوالديه أفضل من أن يسبح أو يقرأ أو يصلي أو يتصدق ويجعل ثواب ذلك لهم، والإنسان محتاج إلى العمل الصالح، فليجعل العمل الصالح لنفسه، وليدعُ لوالديه بما يحب، ولا يعني قوله صلى الله عليه وسلم: ( أو ولد صالح يدعو له)، أنه لو دعا له غير ولده لم ينتفع به، بل دعاء أخيك المسلم نافع لك، ولو كان ليس قريباً لك، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10]، فوصف الله هؤلاء الأخيار بأنهم يدعون لأنفسهم ولإخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان، وهذا يشمل إخوانهم الأحياء والأموات، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاَ إلا شفعهم الله فيه )، حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت ينتفع بدعاء المصلين عليه، فيكون قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: ( أو ولد صالح يدعو له )، مبنياً على أن الولد الصالح الذي هو بضعة منه كأنه هو نفسه، ولهذا قال: (انقطع عمله إلا من ثلاث)، فجعل دعاء الولد لأبيه من عمل الأب، وقد استدل بعض الناس بهذا الحديث على أنه لا يجوز إهداء القرب للأموات، قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( انقطع عمله إلا من ثلاث )، ولكن في هذا الاستدلال نظر، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( انقطع عمله )، ولم يقل: انقطع العمل له، فلو أن أحداً من الناس غير الأب أو الابن أهدى ثواب قربة إلى أحد من المسلمين فإن ذلك ينفعه، لو أنك حججت عن شخص ليس من آبائك وأمهاتك نفعه ذلك، وكذلك لو اعتمرت عنه، أو تصدقت عنه فإنه ينفعه على القول الراجح.

السؤال: ما هي الكتب النافعة التي ترشدونني لقراءتها؟

الجواب: أنفع كتاب نرشدك إلى قراءته هو كتاب الله عز وجل، بأن تقرأه وتتدبره وتطالع تفاسير أهل العلم الموثوقين، حتى يتبين لك القرآن معنىً كما حفظته لفظاً، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، يتعلمون القرآن والعلم والعمل جميعاً رضي الله عنهم، ثم بعد ذلك ما صح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والكتب المصنفة من الأحاديث الصحيحة كثيرة كصحيحي البخاري و مسلم ، وما نقل منهما، ثم ما كتبه أهل العلم الموثوق بهم، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه ابن القيم ، فإن كتبهما نافعة جداً لطالب العلم، وكم انتفعنا وغيرنا بها انتفاعاً كثيراً، لأنها مبنية على الدليل الأثري والنظري، فتفيد الإنسان فائدة كبيرة، وإذا كنت في بلد فشاور أهل العلم الموثوق بهم عما يرون من الكتب التي ينصحونك بقراءتها، لكن هذا ما نراه والله أعلم.

السؤال: ما هي كفارة القتل العمد، والقتل غير العمد؟

الجواب: أما القتل العمد فليس فيه كفارة، لأنه أعظم من أن يبرأ الإنسان منه بالكفارة، وليس فيه إلا قول الله عز وجل: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]، والكفارة إنما هي في القتل الخطأ، لقول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا [النساء:92]، إلى أن قال سبحانه: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:92]، فكفارة القتل الخطأ أن يصوم القاتل شهرين متتابعين لا يفطر بينهما إلا لعذر شرعي، فإن أفطر ولو يوماً واحداً بغير عذر شرعي وجب عليه إعادة الشهرين، لأن الله تعالى اشترط فيهما التتابع، فإن لم يستطع الصيام فلا شيء عليه، لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وقوله: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، ومن القواعد المقررة عند أهل العلم أنه لا واجب مع العجز، وإنما قلنا: إنه إذا كان عاجزاً عن الصوم فلا شيء عليه، لأن الله تعالى لم يذكر هذه المرتبة في كفارة القتل، وإنما ذكر مرتبتين فقط، هما: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، بخلاف الظهار فإن الله تعالى ذكر فيه ثلاث مراتب: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، وإنني بهذه المناسبة أحذر إخواننا الذين يقودون السيارات من التهور في القيادة وعدم المبالاة، فتجده يخالف ما يعرفه من أنظمة المرور، ولا يراعي في ذلك، ولا يهتم، تجده يكون مسرعاً إذا ساق داخل البلد، ويقف بدون إشارة الوقوف، وينحرف يميناً أو يساراً بدون إشارة إلى أنه سينحرف، مما يوجب الخطر عليه وعلى غيره، وليعلم أن الكفارة لا تسقط إذا عفا أولياء المقتول عن الدية، كما يظنه بعض العامة، وذلك لأن الكفارة حق لله، والدية حق للآدمي، فإذا أسقط الآدمي حقه، فإنه لا يملك إسقاط حق الله تبارك وتعالى، فتبقى الكفارة عليه، والكفارة تتعدد بتعدد المقتولين، فلو جنا على شخصين فماتا لزمه أن يصوم أربعة أشهر، كل شهرين متتابعين، وإن جنا على ثلاثة لزمه أن يصوم ستة أشهر متتابعات.

السؤال: هل المسيحي يعد في عداد الكفرة، علماً بأنه من أهل الكتاب، ومن هم أهل الكتاب؟

الجواب: أهل الكتاب هم اليهود والنصارى، الذين تسموا بالمسيحيين، هؤلاء هم أهل الكتاب، وإنما سموا أهل كتاب لأن الله تعالى أنزل كتباً على رسله، فأنزل على موسى عليه الصلاة والسلام التوراة التي يدين بها اليهود، وأنزل على عيسى عليه الصلاة والسلام الإنجيل الذي يدين به النصارى، والذين يسمون أنفسهم الآن بالمسيحيين، ودين اليهود منسوخ بدين النصارى، أي: أنه يجب على اليهود أن يتبعوا النصارى في دينهم حين كان دين النصارى قائماً، ودين النصارى وغيره من الأديان نسخ بدين الإسلام الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم، فكان دين الإسلام ناسخاً لجميع الأديان، فلا دين مقبول عند الله إلا الإسلام، قال الله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران:19]، وهذه الصيغة تقتضي الحصر، وأنه لا دين عند الله سوى الإسلام، وقال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85]، وهذا دليل على أن جميع الأديان غير الإسلام غير مقبولة عند الله، وأن أصحابها في الآخرة خاسرون، لا حظ لهم فيها في الآخرة، وهذا لا يكون إلا للكافرين، وعلى هذا فإن النصارى واليهود كلهم ليسوا على دين مقبول عند الله، وإذا كانوا ليسوا على دين مقبول عند الله كانوا كفاراً، ويزول كفرهم بالإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم واتباعه، وهم إذا آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فإن هذا هو مقتضى ما تدل عليه كتبهم، كما قال الله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف:156-158]، فدلت هاتان الآيتان على أن النبي صلى الله عليه وسلم معروف في التوراة والإنجيل، وإنه يجب عليهم الإيمان به واتباعه، وقد قال عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام لقومه: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ [الصف:6]، فبشارة عيسى عليه الصلاة والسلام بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم تدل على أنه يجب على أتباعه أن يتبعوه، ولو لم يكن الأمر كذلك ما كان لبشارته به فائدة، بل إن الإنسان لا يبشر إلا بما يعود إليه بالخير، فكل من كفر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى وغيرهم فإنه كافر بالله، لأن الله تعالى أمر جميع العباد أن يؤمنوا به وبرسوله النبي الأمي، وبين أن هذا هو سبيل الفلاح والهدى والرشاد، وأن ما سوى ذلك فإنه ضلال، نسأل الله العافية والهداية.

السؤال: إذا ولد مولود ذكر صغير لمدة شهر ثم مات، هل يغسل ويصلى عليه؟

الجواب: هذا السؤال الذي ذكره السائل لا يمكن، لأنه يقول: إذا ولد مولود ذكر لمدة شهر، فهذا السؤال لا يمكن، إذا كان يريد بقوله: لمدة شهر.

مداخلة: بقي يعني شهر.

الشيخ: إذا كان يريد بقوله: (لمدة شهر) أي: لمدة شهر من الحمل به، لأن مدة شهر من الحمل به لا يتبين بها كونه ذكراً أو أنثى، لأن الذكورة والأنوثة لا تتبين إلا حين يكون الجنين مضغة، ولا يكون مضغة إلا بعد مضي ثمانين يوماً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه، الذي قال فيه ابن مسعود : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه ملك، ويأمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي هو أو سعيد )، وأما إن كان السائل يريد بقوله: صغير بعد شهر، أي: بعد شهر من ولادته، فهذا صحيح، فنقول في الجواب عليه: إنه إذا مات الطفل بعد خروجه لمدة شهر، فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين إذا كان أبواه أو أحداهما مسلماً، بل إنه إذا خرج من بطن أمه بعد مضي أربعة أشهر فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين إذا كان أبواه أو أحدهما مسلماً، حتى وإن لم يتم له تسعة أشهر في بطن أمه، لأنه بعد تمام أربعة أشهر يكون إنساناً، حيث إن الملك ينفخ فيه الروح، ولهذا قال أهل العلم: السقط إذا بلغ أربعة أشهر يغسل ويكفن ويصلى عليه.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3913 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3693 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3647 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3501 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3478 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3438 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3419 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3341 استماع