خطب ومحاضرات
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع - باب اللقطة
الحلقة مفرغة
عندنا اليوم باب اللقطة، حيث شرحنا في الدرس الماضي باب الجعالة، وذكرنا تعريف الجعالة وهي: أن يجعل الإنسان عطاءً أو مالاً مقابل عمل يقوم به أحد، وذكرنا أن جمهور العلماء أجازوا الجعالة، وأدلتها من الكتاب والسنة، وخلاف الأحناف في ذلك، والجعالة أمرها يسير.
عندنا اليوم باب جديد وهو باب اللقطة، وسوف أعرض لبعض مباحثه باختصار، ثم ننتقل إلى فك لفظ أو عبارة المصنف.
فاللقطة -أولاً- من حيث اللفظ: بضم اللام وفتح القاف (اللُقَطة).
هكذا ذكره جمهور أهل اللغة وحذاقهم والنحويون، وبعضهم يقولها بسكون القاف اللقْطة، وهذا نقل عن الليث وهو ضعيف، بل إن بعضهم عده من لحن العوام.
ومعنى اللقطة هو: ما يلتقطه الإنسان من الأرض من مال أو غيره، وقد جاء هذا اللفظ في القرآن الكريم في أكثر من موضع؛ لأنه قد يطلق على التقاط المال أو الحيوان أو غيره، أو حتى التقاط الإنسان، كما قال الله سبحانه وتعالى عن موسى : فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا [القصص:8] وجاءت هذه الكلمة أيضاً في نبي آخر وهو يوسف عليه السلام، في قوله سبحانه: وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ [يوسف:10] فهذا معنى الالتقاط.
هل بين اللقطة والضالة فرق؟
أحياناً تسمى لقطة وأحياناً تسمى ضالة، فبعضهم كـأبي عبيد رحمه الله فرقوا بين اللقطة وبين الضالة فقالوا: الضالة هي: ما ضلت بنفسها، مثل البعير والشاة، وأما اللقطة فهي: ما ضلت من صاحبها كالمال.
وقد أنكر أبو جعفر الطحاوي وغيره على أبي عبيد هذا التفريق، وقالوا: إن اللقطة والضالة بمعنىً واحد، وقد جاء في قصة عائشة رضي الله عنها في غزوة بني المصطلق: ( إن أمكم ضلت قلادتها ) يعني: ضاعت.
حكم الالتقاط، الإنسان إذا وجد شيئاً يلتقطه؟
العلماء في الجملة أجمعوا على جواز الالتقاط، لكن اختلفوا فيما هو الأفضل للإنسان: هل يأخذ اللقطة أو ألا يأخذها؟
فالإمام أحمد رحمه الله نقل عنه أنه كان يقول: ترك اللقطة -ترك أخذها- أفضل.
و للشافعي في ذلك قولان، أحد القولين عنه: أنه يرى أن أخذ اللقطة أفضل.
والقول الثاني: أنه يرى وجوب أخذ اللقطة خصوصاً إذا خشي ضياعها، يعني الشافعي تردد بين الوجوب وبين الاستحباب.
وكذلك أبو حنيفة عنه في المسألة روايتان: أن الترك أفضل، والأخذ أفضل.
و مالك رحمه الله عنده تفصيل.
وفي المسألة طبعاً أدلة:
منها: حديث خالد بن زيد رضي الله عنه ( أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن اللقطة؟ قال: اعرف عفاصها ووكاءها، وعرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فاستنفقها. فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضالة الإبل؟ فقال: دعها، مع حذاءها وسقاءها ترد المال وترعى الشجر حتى يلقاها ربها. فسأله عن ضالة الغنم؟ فقال: هي لك أو لأخيك أو للذئب ) .
وقد ورد أن أبي بن كعب وعلي بن أبي طالب وسلمان بن ربيعة وغيرهم من الصحابة وجد بعضهم صرة فيها دراهم وغير ذلك وأخذوها ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهذا دليل لمن قال بمشروعية الأخذ.
والذي يظهر من الأقوال في موضوع الأخذ والترك وأيها أفضل أن نقول:
إن الأمر يختلف بحسب المصلحة، فمدار اللقطة على المصلحة، فقد يرى الإنسان من المصلحة ألا يأخذ اللقطة، مثلما إذا كان غريباً في البلد ولا يستطيع أن يعرفها، وقد يشق الأمر عليه، فحينئذ الأولى له أن يتركها.
وقد يكون الأمر على العكس أن الإنسان الأفضل له أن يأخذها، مثلما إذا كان عنده أمانة، ويطمئن إلى نفسه أنه سوف يحفظها ويعرفها حتى يوصلها إلى صاحبها.
وقد يحرم عليه أخذها، مثلما إذا كان يعرف أنه إنسان ضعيف وتغلبه نفسه، وأنه إن أخذها استدخلها وأكلها، فهذا يحرم عليه أخذها.
وقد يجب عليه أخذها مثلما إذا عرف أن هذه حارة الحرامية وأنه إن تركها أخذت، فيأخذها هو حتى يحفظها لإخوانه المسلمين، من باب التعاون على البر والتقوى كما أمر الله تعالى به.
إذاً: المسألة تدور على المصلحة في أفضلية الأخذ وأفضلية الترك.
طيب أخذ اللقطة، ما حكم تعريف اللقطة بعد ذلك؟
نقول: إن غير واحد من أهل العلم كصاحب الإفصاح الذي هو ابن هبيرة وابن عبد البر في التمهيد والقرطبي وغيرهم ذكروا إجماع العلماء في الجملة على مشروعية التعريف، أنه يشرع له إذا أخذ اللقطة أن يعرفها إذا كانت ذات قيمة.
وبعض الشافعية يقولون: إنه إن أخذها بقصد أن يتملكها وجب عليه التعريف، وإن أخذها بقصد حفظها حتى يأتي صاحبها لم يجب عليه التعريف، وهذا قول عند الشافعية، والأقوى حتى عند الشافعية خلافه كما رجحه النووي وغيره؛ لأنه ماذا يدري صاحب اللقطة أنها موجودة عنده.
ولذلك نقول: إن أكثر أهل العلم يرون وجوب تعريف اللقطة.
والتعريف هنا كل شيء بحسبه، وكل بلد بحسب العرف الذي هو فيه، فيعرفها عند أبواب المساجد، ويعرفها في المجامع، ويعرفها في الأسواق، ويعرفها في الأماكن التي يرد إليها أصحابها بحسب اللقطة أيضاً، إن كانت مثلاً جهاز كمبيوتر، أو كانت سيارة، أو كانت مالاً، أو كانت حيواناً؛ كل شيء يختلف بحسبه، وأين يمكن أن يكون الإعلان عنه والإخبار به.
لكن لا تعرف اللقطة داخل المسجد؛ للحديث الذي رواه مسلم وسبق معنا: ( إذا سمعتم رجلاً ينشد ضالة في المسجد فقولوا له: لا ردها الله عليك ) وفي لفظ: ( لا وجدت، إنما بنيت هذه المساجد لما بنيت له ) إنما لو أعلن عنها خارج المسجد كالإعلان عند باب المسجد، أو وقف عند باب المسجد والناس يخرجون، فهذا كما أشار إليه ابن قدامة وغيره من الأماكن التي تعرف فيها اللقطة كما ذكرنا.
اللقطة الكبيرة واليسيرة
أما إن كانت شيئاً يسيراً أقل من ذلك، فهل يعرف أو لا يعرف؟ هل يعرف حولاً كاملاً مثلما ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( عرفها سنة ) أو أقل من ذلك؟
الجمهور يرون أن التعريف إن كانت كبيرة عرفها سنة، وإن كانت دون ذلك لا تعرف.
أما أبو حنيفة فكأن اللقطة عنده على ثلاث درجات: كبيرة تعرف سنة، وهناك لقطة أقل من ذلك تعرف بحسبها، قد تعرف أسبوعاً أو عشرة أيام أو عشرين يوماً ثم تكون له، وإذا كانت شيئاً تافهاً فإنه لا يعرف مطلقاً.
وهذا سوف يأتي له مزيد إيضاح إن شاء الله تعالى، إنما نذكر هنا أن الأحناف استقلوا بذكر أن هناك تعريفاً أقل من سنة، وعندهم في ذلك نصوص ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ( أنه وجد ديناراً أو عشرة دراهم، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرفه سبعة أيام )، واستدلوا بهذا الحديث وما شابهه مع أنه لا يثبت من ذلك شيء واضح.
هناك أيضاً -ما دمنا نتكلم عن الكثرة والقلة- أن اللقطة ليست واحدة، هناك لقطة حقيرة أو تافهة، هذه لا إشكال فيها، وقد أجمع العلماء كما ذكره ابن قدامة وغيره على أن الإنسان يأخذها بلا تردد، مثلاً في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو في الطريق بتمرة فقال: ( لولا أني أخشى أن تكون من تمر الصدقة لأخذتها ) فهذا شيء تافه خصوصاً من المأكولات والأشياء التي تتلف إذا تركت، فلا خلاف بين أهل العلم أن مثل هذه الأشياء اليسيرة أن الإنسان يأخذها ويأكلها، أو يطعمها ولده، أو ينتفع بها من هذه الأشياء اليسيرة الحقيرة التي إذا تركت تلفت.
هذا لا إشكال فيه إطلاقاً كما ذكرت الإجماع على ذلك، وهناك اللقطة التي هي فوق ذلك مما يجب تعريفه.
لقطة الإبل
ولذلك نقول: الجمهور وهو الراجح على أن ضالة الإبل لا يأخذها الإنسان، يتركها خصوصاً الإبل التي في الصحراء؛ لأنها جرت عادة العرب والبادية على أنهم قد يطلقون هذه الإبل، وقد تجلس فترة طويلة وهي من غير راع، إلا إذا خشي عليها من التلف أو من العدوان.
لقطة الغنم
قال الإمام مالك : نعم. يأخذها لنفسه؛ لأن الذئب سوف يأخذها لنفسه، والنبي صلى الله عليه وسلم ساواك بالذئب، فأنت تأخذها وتفعل بها كما يفعل الذئب، يعني: تذبحها وتأكلها.
والجمهور خالفوا الإمام مالك في هذا وقالوا: يأخذها لكن للتعريف.
والقسم الثالث هي: مثل ضالة المال ونحوه، فإن الإنسان أيضاً يأخذها ويعرفها.
اللقطة قد تكون كبيرة وقد تكون شيئاً يسيراً، إن كانت كبيرة فتعريفها على ما ذكرناه.
أما إن كانت شيئاً يسيراً أقل من ذلك، فهل يعرف أو لا يعرف؟ هل يعرف حولاً كاملاً مثلما ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( عرفها سنة ) أو أقل من ذلك؟
الجمهور يرون أن التعريف إن كانت كبيرة عرفها سنة، وإن كانت دون ذلك لا تعرف.
أما أبو حنيفة فكأن اللقطة عنده على ثلاث درجات: كبيرة تعرف سنة، وهناك لقطة أقل من ذلك تعرف بحسبها، قد تعرف أسبوعاً أو عشرة أيام أو عشرين يوماً ثم تكون له، وإذا كانت شيئاً تافهاً فإنه لا يعرف مطلقاً.
وهذا سوف يأتي له مزيد إيضاح إن شاء الله تعالى، إنما نذكر هنا أن الأحناف استقلوا بذكر أن هناك تعريفاً أقل من سنة، وعندهم في ذلك نصوص ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ( أنه وجد ديناراً أو عشرة دراهم، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرفه سبعة أيام )، واستدلوا بهذا الحديث وما شابهه مع أنه لا يثبت من ذلك شيء واضح.
هناك أيضاً -ما دمنا نتكلم عن الكثرة والقلة- أن اللقطة ليست واحدة، هناك لقطة حقيرة أو تافهة، هذه لا إشكال فيها، وقد أجمع العلماء كما ذكره ابن قدامة وغيره على أن الإنسان يأخذها بلا تردد، مثلاً في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو في الطريق بتمرة فقال: ( لولا أني أخشى أن تكون من تمر الصدقة لأخذتها ) فهذا شيء تافه خصوصاً من المأكولات والأشياء التي تتلف إذا تركت، فلا خلاف بين أهل العلم أن مثل هذه الأشياء اليسيرة أن الإنسان يأخذها ويأكلها، أو يطعمها ولده، أو ينتفع بها من هذه الأشياء اليسيرة الحقيرة التي إذا تركت تلفت.
هذا لا إشكال فيه إطلاقاً كما ذكرت الإجماع على ذلك، وهناك اللقطة التي هي فوق ذلك مما يجب تعريفه.
فيما يتعلق بأنواع اللقطة قلنا: إن هذه اللقطة منها أولاً: الإبل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما لك ولها، دعها ) فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن ضالة الإبل لا تلتقط.
ولذلك نقول: الجمهور وهو الراجح على أن ضالة الإبل لا يأخذها الإنسان، يتركها خصوصاً الإبل التي في الصحراء؛ لأنها جرت عادة العرب والبادية على أنهم قد يطلقون هذه الإبل، وقد تجلس فترة طويلة وهي من غير راع، إلا إذا خشي عليها من التلف أو من العدوان.
والنوع الثاني هي: الغنم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: ( لك أو لأخيك أو للذئب ) وهذه إشارة إلى أن الإنسان يأخذها، لكن هل يأخذها لنفسه -يملكها-؟
قال الإمام مالك : نعم. يأخذها لنفسه؛ لأن الذئب سوف يأخذها لنفسه، والنبي صلى الله عليه وسلم ساواك بالذئب، فأنت تأخذها وتفعل بها كما يفعل الذئب، يعني: تذبحها وتأكلها.
والجمهور خالفوا الإمام مالك في هذا وقالوا: يأخذها لكن للتعريف.
والقسم الثالث هي: مثل ضالة المال ونحوه، فإن الإنسان أيضاً يأخذها ويعرفها.
إذا الإنسان أخذ هذه الضالة وجلست عنده سنة وعرفها، ثم لم يأت أحد وانتفع الإنسان بها، فبعد ذلك جاء صاحبها فهل يردها له أم تكون قد ذهبت عليه؟ الصحيح وهو قول الجمهور أنه يردها له، وهذا جاء في نفس الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ( فإن جاء صاحبها يوماً من الدهر فأدها إليه ) يوماً من الدهر يعني: ولو بعد السنة، فتكون قد سجلتها، إذا انتفعت بها سجلت معلومات عنها بحيث إذا جاء وقال لك: إنه ضاع علي مبلغ مقداره كذا وعبارته كذا وعلامته كذا، فترده إليه ولو بعد حين.
وخالف في ذلك الظاهرية وجماعة قالوا: إذا انتفع بها لا يردها؛ لأنه قد تملكها وضاعت على الأول، واستثنوا من ذلك إذا كانت عيناً قائمة -موجودة-، مثلاً ضيع كمبيوتر، وهو موجود الآن هذا جهازي، ما تقول: خلاص راحت السنة وقد تملكت الجهاز! ترده إليه حتى عند المخالفين، هذا لا إشكال فيه إذا كانت العين قائمة وموجودة، لكن إذا كان الإنسان قد استنفقها -يعني: أكلها- فلا ترد عند الظاهرية، وترد عند جمهور أهل العلم.
وإذا كانت الضالة أو اللقطة شيئاً يفوت أو يفسد أو يتعب الإنسان في الإنفاق عليه، فله بمجرد ما يلتقطه أن يضع علاماته وأن يأكله أو يبيعه أو يتصرف فيه ويجعل ذلك لصاحبه؛ لئلا يشق عليه مسألة الحفظ ومسألة الإنفاق عليه وما أشبه ذلك.
ضالة الإبل ذكرنا كلام جمهور العلماء فيها، وكذلك ضالة الغنم.
لقطة الحرم بمكة، هل هي مثل غيرها أو لها حكم خاص؟
جمهور العلماء وهو مذهب أبي حنيفة ومالك ورواية عند الشافعي وأحمد : أن ضالة الحرم وغيره سواء، حكمها واحد مثلما ذكرنا.
وذهب الإمام أحمد في رواية وهي المشهورة عند الحنابلة والشافعي أيضاً في رواية إلى أن لقطة الحرم لها حكم خاص، واستدلوا بالحديث المشهور الذي رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ولا تلتقط لقطته -يعني الحرم أو مكة - إلا لمنشد أو معرف ) والمنشد هو الذي يأخذها لا ليتملكها ولكن ليعرفها، وبناءً على ذلك قال هؤلاء: إن لقطة الحرم تختلف عن غيرها لهذا الحديث.
وقد تأملت المسألة فوجدت أن الحديث ليس نصاً، وإن كان بعض الشراح قالوا: إنه نص في الباب، فوجدت أن الحديث حقيقة ليس نصاً؛ لأن النبي عليه السلام لما قال: ( ولا تلتقط لقطته إلا لمعرف أو منشد ) يعني الحرم، ما قال: إن هذا حكم خاص، وإنما أشار إلى أن الإنسان الذي يريد أن يأخذ هذه اللقطة ويتملكها كما جرت عليه عادة العرب، ولا يزال إلى اليوم تجد الحرم يكثر فيها النشالون واللصوص وغيرهم ويتأولون ويختلط الناس، ولهذا تسمى أحياناً لقطة الحاج، نهى عن لقطة الحاج.
فنقول: إن المقصود ( إلا لمنشد ) يعني: يعرفها على وفق ما جاءت به السنة، يعرفها سنة، ولا يلزم من ذلك أن يعرفها إلى الأبد.
وبكل حال وإن كان في المسألة خلاف، إلا أنه ينبغي أن يراعى في لقطة الحرم وغير الحرم قضية المصلحة، فإن من اليقين أن الشرع جاء بما فيه تحقيق المصالح، والمصلحة لها تأثير كبير حتى في الحكم الشرعي، فحتى لقطة الحرم كما أشار إليه كثير من الفقهاء يبدو أنه من القديم والآن أكثر الناس يأخذون الذي في الجيوب فكيف باللقطة المرمية على الأرض؟ فكون الإنسان يأخذها ويحفظها ويبلغ الجهات المختصة، فإن ذلك أولى وأفضل من أن يتركها للصوص وغيرهم.
مما يبحث في موضوع اللقطة: مسألة اللقيط.
والمقصود به: الطفل الذي يوجد مرمياً في الطريق بسبب فقر مثلاً أو ظروف عائلية أو انفصال أو أي سبب آخر قد يترتب عليه أن يتخلى الأهل عن الطفل ويتخلصون منه، فلا يكون له عائل أو كافل، ولا شك أن هذه أولاً:
ما يتعلق بإسلامه إذا وجد في أرض إسلامية فهو مسلم.
وأيضاً هو حر حتى في زمن العبودية، عندما كان هناك أرقاء كان يعتبر حراً ما دام أنه لم يتبين عليه رق.
وإذا ادعاه أحد وكان ممن يمكن أن يكون أباه فإنه يقبل، فله أن يستلحقه وينسبه إليه.
وكما قلت: إنه محكوم بإسلامه ما دام موجوداً في بلاد المسلمين.
وأما النفقة عليه فهي من بيت المال، فإن كان عند أسرة أو عائلة بديلة عن عائلته فكانوا إذا أنفقوا عليهم فهذا خير، وهو ربما أولى بالرعاية والفضل والأجر من اليتيم الذي يعرف أبوه وتعرف أمه، وإذا لم ينفق عليه بيت المال أو ضاق وجب على عائلته أو من كفله، وجب عليه شرعاً أن ينفق عليه حتى يغنيه الله سبحانه وتعالى من فضله، وإذا وجد معه شيء أو مال فهو له.
أما ميراثه فقيل: إنه يرثه الذي وجده ورباه وكفله، وهذا الذي نقل عن الإمام أحمد واختاره تقي الدين بن تيمية رحمه الله، وقيل: إن ماله يعود إلى بيت المال.
وله الولاية على نفسه وعلى غيره إذا كان بالغاً عاقلاً رشيداً، فله أن يبيع ويشتري، ويتصدق، ويعقد ويتعامل بجميع المعاملات التي يتعامل بها الآخرون.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الحج والعمرة - باب الفدية | 3986 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع – باب الخيار -2 | 3925 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الزكاة - زكاة السائمة | 3854 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الزكاة - باب زكاة العروض | 3845 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الطهارة - باب المسح على الخفين | 3672 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الحج والعمرة - باب محظورات الإحرام -1 | 3624 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الصلاة - باب صلاة المريض | 3615 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع – مراجعة ومسائل متفرقة في كتاب البيوع | 3552 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الحج والعمرة - باب صفة الحج | 3516 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الصلاة - باب أركان الصلاة وواجباتها | 3444 استماع |