شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع - باب الشركة -2


الحلقة مفرغة

عندنا اليوم ما يتعلق بالفقه -كما ذكرنا- موضوع الشركات، وهو موضوع كما قلت لكم: إنه موضوع مهم.

ذكرنا سابقاً مقدمة عن الشركات، ذكرنا تعريف الشركة، وذكرنا أقسام الشركات.

إلى كم قسم تنقسم الشركات؟

إما أن تكون شركة عقود أو تكون شركة أملاك، هذه أشياء بسيطة جداً، شركة الأملاك أنه -مثلاً- أنا وأنت، أهدي لنا هذا الشيء، أهديت لنا سيارة، نحن فيها شركاء لي نصفها ولك نصفها، هذه شركات أملاك، أن السيارة صارت شركة بغير اختيارنا.

ومثل ذلك أيضاً: الأبناء إذا مات والدهم ورثوا ما وراءه شراكة في تركة المتوفى، هذه تسمى شركة أملاك.

القسم الثاني: هي شركة العقود، يعني: الشركة التي نعملها نحن باختيارنا، مثلاً أنا وشخصان آخران نقوم بإنشاء شركة ونتفق على تسميتها وعلى برنامجها ونظامها وطبيعة عملها ونشاطها، فهذه شركة عملناها باختيارنا وتسمى شركة عقود.

شركة العقود هذه.. الفقهاء المتقدمون يقسمونها إلى أربعة أقسام، وهي التي ذكرها المصنف، ولا أرى بأساً أن نمر على كلام المصنف ثم ننتقل بعد ذلك، وإن شاء الله الوقت يتسع للحديث عن الشركات المعاصرة.

فطبعاً الفقهاء المتقدمون يكادون أن يحصروا الكلام في الشركات في الأقسام الأربعة التي ذكرها المصنف.

ونحن ذكرنا سابقاً من كلام العلماء كلام صديق حسن خان والشوكاني أن هذه الشركات المنصوصة في كتب الفقه لم ترد في الكتاب والسنة، وليس عليها إجماع قطعي، وإنما هي تقسيم بحسب الإمكان والاحتمال العقلي الذي كان موجوداً عندهم، ولذلك لا نرى حرجاً في أن يغير الناس أنماط الشركات وطرائقها، المهم هو ألا تخالف الشركات مقتضى الشرع.

شركة العنان

المصنف رحمه الله يقول: [وهي على أربعة أضرب:

القسم الأول: شركة العنان: وهي أن يشتركا بماليهما وبدنيهما]، يعني: مني (50%) ومنك (50%) وكلانا نعمل في هذه الشركة.

إذاً: نحن شركاء بأموالنا وشركاء بعملنا، وممكن أن يكون واحد أكثر من الآخر بالعمل؛ ولذلك سميت شركة عنان؛ لأن الاثنين كأنهما فرسا رهان، يعني: يمشيان جنباً إلى جنب، متساويان فيما يدفعانه من المال وفيما يقدمانه من العمل والجهد، فهذه شركة العنان، وهذه الشركة من حيث الأصل جائزة بالإجماع كما ذكره ابن المنذر وغيره من أهل العلم.

ولكن بعض الفقهاء يمنعون من شرطين في هذه الشركة:

الشرط الأول: قالوا: لابد أن يكون رأس المال نقداً، إما دراهم أو دنانير أو عملة، وليس المقصود دراهم أو دنانير فقط، يعني: دولارات أو ريالات أو ما شابه، بمعنى أنه لا يجوز أن يكون رأس المال عروض تجارة، والذي نرجحه نحن أن المطلوب في الشركة هو العدل، فإذا كانت عروض تجارة منضبطة معلومة لا يقع فيها غرر ولا لبس فهي إذن جائزة، ولا دليل، لا من القرآن، ولا من السنة، ولا من الإجماع على منع أن تكون الشركة شركة العنان بعروض تجارة.

الشرط الثاني الذي يشرطونه: قالوا: إنه لابد أن يكون الربح معلوماً مشاعاً بينهما، يعني: مثلاً إما أن يكون الربح بقدر المال، لي (50%) ولك (50%)، أو يكون بنسبة متفق عليها بينهم.

فلا يجوز لأحد أن يشترط قدراً من الربح يتميز به عن الآخر، مثلاً: نحن في الشركة فأقول: أنا لي من الربح خمسين ألف ريال، هذه تعزل، ثم نقتسم الربح فيما بيننا.

هذه زيادة ربما لا يربح أصلاً إلا خمسين ألف، فيكون في ذلك إجحاف بحق الآخر، لكن لو أن إنساناً عمل عملاً إضافياً بالشركة أكثر من الآخر، فما الحل في هذه الحالة؟

لا، إما أن تزاد له النسبة، نقول: لك مثلاً: (60%) ولي (40%) هذا حل.

الحل الثاني: أن يعطى راتباً. يقال له: لك راتب شهري كموظف، هذا الراتب ليس داخلاً في أصل الشركة ولا له علاقة بالربح ولا بالخسارة.

هذه هي الشركة الأولى، أن يشتركا بماليهما وبدنيهما، وهي شركة العنان. وقلنا: ينتبه فيها إلى شرطين عند الفقهاء، الأول أن يكون رأس المال نقداً. وهذا قلنا: غير لازم.

الشرط الثاني: أن لا يكون لأحدهما نصيب معلوم محدد من الربح بكل حال؛ لأنه قد لا يأتي إلا هذا النصيب وحده.

شركة الوجوه

الثانية: [شركة الوجوه: وهي أن يشتركا فيما يشتريان بجاهيهما]، وهذه الشركة تكون في الغالب من الناس الذين لهم وجاهة، والتجار يقرضونهم ويبيعون عليهم بالتقسيط، فهم يشترون بجاههم ويبيعون، وهم شراكة في هذا اللون، فكأن شركة الوجوه ميزتها أنها تعتمد على الوجاهة وعلى البيع والشراء بالتقسيط، هذا الضرب الثاني.

شركة المضاربة

الضرب الثالث: هي [المضاربة، وهي أن يدفع أحدهما إلى الآخر مالاً يتجر فيه، ويشتركان في ربحه].

والمضاربة معروفة، وبعضهم يسميها القراض، وهي جائزة باتفاق العلماء وموجودة من عهد الجاهلية وفي عهد الصحابة، بل فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وغيره، وذكرنا لها نماذج كثيرة في الجلسة الماضية، وهي غالب متاجرات الناس، يعني: مني المال ومنك الجهد، فإذا لم تربح الشركة ضاع مالي وضاع جهدك، وإذا ربحت فيقسم الربح بحسب ما اتفق عليه، وقد يكون للمضارب نسبة من الربح ويكون له أيضاً راتب، هذا لا بأس به.

شركة الأبدان

الضرب الرابع: [شركة الأبدان، وهي أن يشتركا فيما يكسبان بأبدانهما من المباح، إما بصناعة أو احتشاش أو اصطياد أو نحوه].

يعني: يتفقون على أن الذي يتم تحصيله يكون بينهم بالسوية، والدليل على جوازها وهو يوضح ما معنى شركة الأبدان، حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهو في أبي داود، وقد احتج به الإمام أحمد، وإن كان الحديث ضعيفاً؛ لأنه من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، والصواب: أنه لم يدرك أباه، فهو منقطع، ولكن هو مشهور عند العلماء، أن ابن مسعود يقول: (اشتركت أنا وسعد وعمار يوم بدر، فلم أجئ أنا وعمار بشيء وجاء سعد بأسيرين)، فهذا يدل على معنى، والأصل فيها الجواز، حتى لو لم يرد فيها دليل.

شركة الأبدان، يعني: نشترك مثلاً في حطب أو حشيش أو صناعة أو عمل أو خياطة أو ما أشبه ذلك بالسوية.

المصنف رحمه الله يقول: [وهي على أربعة أضرب:

القسم الأول: شركة العنان: وهي أن يشتركا بماليهما وبدنيهما]، يعني: مني (50%) ومنك (50%) وكلانا نعمل في هذه الشركة.

إذاً: نحن شركاء بأموالنا وشركاء بعملنا، وممكن أن يكون واحد أكثر من الآخر بالعمل؛ ولذلك سميت شركة عنان؛ لأن الاثنين كأنهما فرسا رهان، يعني: يمشيان جنباً إلى جنب، متساويان فيما يدفعانه من المال وفيما يقدمانه من العمل والجهد، فهذه شركة العنان، وهذه الشركة من حيث الأصل جائزة بالإجماع كما ذكره ابن المنذر وغيره من أهل العلم.

ولكن بعض الفقهاء يمنعون من شرطين في هذه الشركة:

الشرط الأول: قالوا: لابد أن يكون رأس المال نقداً، إما دراهم أو دنانير أو عملة، وليس المقصود دراهم أو دنانير فقط، يعني: دولارات أو ريالات أو ما شابه، بمعنى أنه لا يجوز أن يكون رأس المال عروض تجارة، والذي نرجحه نحن أن المطلوب في الشركة هو العدل، فإذا كانت عروض تجارة منضبطة معلومة لا يقع فيها غرر ولا لبس فهي إذن جائزة، ولا دليل، لا من القرآن، ولا من السنة، ولا من الإجماع على منع أن تكون الشركة شركة العنان بعروض تجارة.

الشرط الثاني الذي يشرطونه: قالوا: إنه لابد أن يكون الربح معلوماً مشاعاً بينهما، يعني: مثلاً إما أن يكون الربح بقدر المال، لي (50%) ولك (50%)، أو يكون بنسبة متفق عليها بينهم.

فلا يجوز لأحد أن يشترط قدراً من الربح يتميز به عن الآخر، مثلاً: نحن في الشركة فأقول: أنا لي من الربح خمسين ألف ريال، هذه تعزل، ثم نقتسم الربح فيما بيننا.

هذه زيادة ربما لا يربح أصلاً إلا خمسين ألف، فيكون في ذلك إجحاف بحق الآخر، لكن لو أن إنساناً عمل عملاً إضافياً بالشركة أكثر من الآخر، فما الحل في هذه الحالة؟

لا، إما أن تزاد له النسبة، نقول: لك مثلاً: (60%) ولي (40%) هذا حل.

الحل الثاني: أن يعطى راتباً. يقال له: لك راتب شهري كموظف، هذا الراتب ليس داخلاً في أصل الشركة ولا له علاقة بالربح ولا بالخسارة.

هذه هي الشركة الأولى، أن يشتركا بماليهما وبدنيهما، وهي شركة العنان. وقلنا: ينتبه فيها إلى شرطين عند الفقهاء، الأول أن يكون رأس المال نقداً. وهذا قلنا: غير لازم.

الشرط الثاني: أن لا يكون لأحدهما نصيب معلوم محدد من الربح بكل حال؛ لأنه قد لا يأتي إلا هذا النصيب وحده.

الثانية: [شركة الوجوه: وهي أن يشتركا فيما يشتريان بجاهيهما]، وهذه الشركة تكون في الغالب من الناس الذين لهم وجاهة، والتجار يقرضونهم ويبيعون عليهم بالتقسيط، فهم يشترون بجاههم ويبيعون، وهم شراكة في هذا اللون، فكأن شركة الوجوه ميزتها أنها تعتمد على الوجاهة وعلى البيع والشراء بالتقسيط، هذا الضرب الثاني.


استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الحج والعمرة - باب الفدية 3987 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع – باب الخيار -2 3926 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الزكاة - زكاة السائمة 3854 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الزكاة - باب زكاة العروض 3846 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الطهارة - باب المسح على الخفين 3672 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الحج والعمرة - باب محظورات الإحرام -1 3625 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الصلاة - باب صلاة المريض 3615 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع – مراجعة ومسائل متفرقة في كتاب البيوع 3552 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الحج والعمرة - باب صفة الحج 3516 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الصلاة - باب أركان الصلاة وواجباتها 3444 استماع