خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/122"> الشيخ عبد الرحيم الطحان . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/122?sub=8330"> شرح مقدمة الترمذي
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [53]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين، وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
كنا ذكرنا في المبحث السابق ثلاث روايات متعلقة بتحريم وطء المرأة في دبرها ونذكر هنا بقية تلك الروايات:
الرواية الرابعة: عن ابن عمر رضي الله عنهم أجمعين، روى الإمام الدارمي في السنن، في الجزء الأول صفحة ستين ومائتين، والطبري في تفسيره، والطحاوي في شرح معاني الآثار، والأثر رواه الإمام النسائي في السنن الكبرى، والدارقطني في سننه، ورواه الإمام ابن حزم في المحلى، وإسناد الأثر صحيح ثابت عنه ثبوت الشمس في رابعة النهار، عن سعيد بن يسار أبي الحباب قال: قلت لـابن عمر : ما تقول في الجواري حين أحمض لهن؟
يريد أن يقول من باب التفكه، وتحميض الإنسان يريد أن يتلذذ وذلك بأن يغير أشكال المعاشرة، فليس هذا وطء من أجل إخراج ذرية تعبد الله جل وعلا، فهل يجوز أن نحمض لهن؟ فقال سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين: ويحك وما التحميض، أي: ماذا تقصد؟ فذكرت له الدبر، وأن يباشرها الإنسان في ذلك المكان، فقال: أفٍ أف، وهل يفعل ذلك مؤمن؟!
قال ابن كثير في تفسيره في الجزء (1/264): هذا إسناد صحيح ونص صريح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بتحريم ذلك، فكل ما ورد عنه مما يحتمل الجواز ويحتمل التحريم فهو مردود إلى هذا الحكم؛ لأنه ورد عنه روايات موهمة بأنه يجوز وطء المرأة في دبرها، وقلنا: إن معناه أي: من وراءها بحيث يقع الإيلاج في القبل، وعليه يأتيها من الوراء، ويقع الوطء في القبل لا بد من هذا، وهذه الروايات الموهمة لا بد من فهمها على حسب النصوص المحكمة، وهذا حال الراسخين في العلم.
هذه الرواية الموهمة ينبغي أن تردها إلى روايةٍ محكمة، كقول نبينا عليه الصلاة والسلام لـعمر : ( أقبل وأدبر لكن -وهذا تنبيه- اتق الحيضة والدبر ) وعليه لك أن تجامعها من أي جهةٍ، أو من جميع الجهات، وفي جميع الأوقات، بشرط أن يكون في قبلها.
الرواية الخامسة: عن أبي هريرة رضي الله عنه، رواها عبد الرزاق في مصنفه وابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد في المسند، والنسائي في السنن الكبرى، والبيهقي في السنن الكبرى، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إتيان الرجال والنساء في أدبارهن كفر، وتقدم معنا مثل هذه الألفاظ، وقلنا: إنها تحمل على المستحل أو أن معناها: كفر دون كفر، كفر النعمة لا المنعم، التي تقود إلى الكفر إلى آخر التأويلات التي مرت معنا، فلا يشكلن ذلك عليكم.
الرواية السادسة، والسابعة، والثامنة، والتاسعة، أربع روايات مع بعضها مجموعة: رواها الدارمي في السنن في الجزء (1/261) عن أربعة من التابعين: طاوس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعطاء رضي الله عنهم أجمعين: أنهم كانوا ينكرون إتيان النساء في أدبارهن ويقولون: هو الكفر، وقال مجاهد كما في مسند عبد بن حميد ، كما في الدر الجزء (1/265): من أتى امرأته في دبرها فهو من المرأة مثله من الرجل، الحكم كما لو وطء الرجل في دبره، هذه تسع روايات.
العاشرة: عن مالك ، قال الحافظ في الفتح في الجزء (8/190): روى الخطيب في كتابه: الرواة عن مالك ، عن إسرائيل بن روح قال: سألت مالكاً عن وطء المرأة في دبرها، فقال: ما أنتم قوم عرب؟! وفي بعض الروايات ضبط أثره: ما أنتم إلا قوماً عرب، أي أنتم قوم عرب كيف يخفى عليكم فهم الآية، كيف تسألون عن هذا الحكم والآية صريحة في النهي عن وطء المرأة في دبرها؟!
ثم قال: هل يكون الحرث إلا في موضع الزرع؟ قال القرطبي في تفسيره في الجزء (3/95): أنكر مالك ذلك، أي: وطء المرأة في دبرها واستعظمه وكذب من نسب إليه ذلك، ونحن نسأل من يقول هذا عن مالك ؟ هل يقوله مالكي من أتباع مالك ؟ لأن أهل مكة أدرى بشعابها، ودائماً قول الإمام يؤخذ من أصحابه ومن أتباع مذهبه.
وهذا القرطبي يقوله: أنكر مالك ذلك واستعظمه وكذب من نسب إليه ذلك، قال القرطبي : فما نسب إلى مالك وأصحابه من هذا - يعني: أنهم يجيزون وطء النساء في أدبارهن - باطل وهم مبرءون من ذلك.
وهذا القول عن القرطبي نقله الشنقيطي في الأضواء في الجزء (1/125) وارتضاه وأقره، وهو مالكي أيضاً رضي الله عنهم أجمعين، وقال ابن كثير في تفسيره في الجزء (1/265): هذا هو الثابت عن مالك ، وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد ، يعني: قول المسلمين أجمعين، فهؤلاء هم علماء الأمة وفقهاؤها وهو قول أصاحبهم قاطبةً، وهو المروي عن سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة ، يعني: ابن عبد الرحمن ، وعكرمة ، وطاوس وهو المروي عن عطاء ، وسعيد بن جبير ، وعروة بن الزبير ، ومجاهد بن جبر ، والحسن وغيرهم من السلف، وأنهم أنكروا ذلك أشد الإنكار، ومنهم من يطلق على من فعله الكفر.
وعلى هذا درجت كتب المالكية: ففي مختصر خليل الذي يعول عليه المالكية في فقههم وفي أمورهم، يقول: وحل تمتع بغير دبرٍ، هذا في مختصر خليل ، وفي شرحه للدردير وحاشية الدسوقي عليه في الجزء (2/192) وهكذا في مواهب الجليل الجزء (3/407) قال هؤلاء: المشهور ما ذكره المصنف صاحب مختصر خليل .
عدم صحة نسبة كتاب السر إلى الإمام مالك وما نقل فيه من جواز وطء دبر المرأة
قال المالكية كما في شرح الدردير ، وحاشية الدسوقي ، ومواهب الجليل، قالوا: أما كتاب السر فمنكر، قال ابن فرحون من المالكية: وقفت عليه، وفيه من الغض من الصحابة، وتنقصيهم، والقدح في دينهم، ومن الحط على العلماء والقذف فيهم، ونسبتهم إلى قلة الدين، قال: وورع مالك ينافي ما اشتمل عليه كتاب السر، وكتاب السر جزء في ثلاثين ورقة.
والحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير في الجزء (3/208) يقول: وقفت عليه وطالعته، وتسميته بكتاب السر يشعر أنه كذب لكن كتب في السر، وأنه يتعلق بسمو الخلفاء والأمراء، ونحن نقول: هل كان مالك من أتباع الخلفاء والأمراء؟! حتى ينقل ما يجري في قصورهم وأحوالهم، وماذا يفعلون مع جواريهم حتى يذكر هذه الأخبار؟
وقيل: سمي بذلك لأنه جمع أحوالاً لا يطلع عليها إلا الخواص الذين يتصلون بما يجري في تلك القصور فيعلمون ما يقع.
قال القرطبي في تفسيره في الجزء (3/93): حذاق أصحاب مالك ومشايخهم ينكرون ذلك الكتاب، ومالك أجل من أن يكون له كتاب السر، وهكذا تتابع أئمتنا إلى إنكار ذلك الكتاب، وإنكار نسبته إلى مالك وعدم صحته، منهم ابن كثير في تفسيره، والشوكاني في فتح القدير، وأبو حيان في البحر المحيط، والبغوي في معالم التنزيل ومعه الخازن في لباب التأويل، انظروا الجزء (1/219).
وهكذا ابن جزي وهو من أئمة المالكية في كتابه: التسهيل في الجزء (1/80)، وفي كتابه: القوانين الفقهية صفحة (141)، وقال ابن جزي : قد افترى من نسب جواز ذلك إلى مالك ، وقد تبرأ هو من ذلك وقال: إنما الحرث موضع الزرع.
إذاً: لا تصح نسبة هذا القول إلى أحد من أئمتنا رضوان الله عليهم أجمعين، ممن يقتدى به ويعول عليه، وآفة العلم التقليد، ونسب هذا القول إلى مالك في كثيرٍ من الكتب، ولعل غر جاهل يفتح تلك الكتب، فيقف على ذلك القول فيقول: قال بهذا إمام جليل، وإجماعهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة، فيرخص لنفسه إن لم يرخص لغيره في هذه الفعلة الملعونة المنكرة، التي من فعلها لعنه ربنا الكريم سبحانه وتعالى.
فلا بد من الوعي.
ذكر من نسب إلى الإمام مالك القول بجواز الوطء في الدبر
ونسبه إليه الرازي في تفسيره في الجزء (6/71)، بل نسب إليه هذا القول ابن قدامة في المغني، وكما قلت: هذا كله كذب لم يقله مالك رضي الله عنه وأرضاه ولا علم به.
ذكر من نفى عن الإمام مالك القول بجواز الوطء في الدبر
ولا يجوز أن يحمل مالك ولا أصحابه وزر هذا القول ولا القول به، ثم قال: وقد توسع بعض المجان من أهل الزندقة والإلحاد في الأمر، فنقلوا الأمر من أدبار النساء إلى أدبار الرجال، وعنونوا عليه باب في المذهب المالكي، فقالوا: كما يجوز وطء المرأة في دبرها يجوز وطء الرجل في دبره أيضاً، ولم يوجد دليل على التحريم، والذي حرم علينا الزنا وهو بين الذكر والأنثى.
قال ابن القيم: وذلك كفر وزندقة بالإجماع.
فالمالكية كما قلت ينكرون ذلك، وكتبهم تصرح بالتحريم، فهذا أبو بكر بن العربي يذكر في كتابه أحكام الكهان في الجزء (1/174) قال: سألت شيخنا الإمام القاضي الصوفي عن وطء المرأة في دبرها، فقال: لا يجوز، ثم احتج فقال: إذا حرم وطء المرأة في قبلها وقت الحيض من أجل الأذى العارض، فلأن يحرم وطئها في دبرها من أجل الأذى الملازم أولى، هنا حيض وهو دم طارئ وهناك قذر وهو أذى ملازم، حرم عليك وطئها عند مجيء الدم الذي هو دون الغائط بكثير لأجل الأذى العارض: قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222] فكيف يباح لك أن تباشرها في محل النجس والأذى؟ هذه الدلالة الأولى.
والدلالة الثانية كما تقدم معنا، قوله: حَرْثٌ [البقرة:223] فلا يجوز أن تأتيها إلا حيث يوجد الزرع حيث تخرج الذرية التي تعبد رب البرية، ولذلك الذي يطأ في الأدبار قال أئمتنا: هذا استبذار في السباخ، يضع بذره في مكانٍ لا ينبت شيئاً، كالذي يزرع في الأرض السبخة، فلا يمكن أن يخرج له زرعاً، استبذار في السباخ، واستفراخ حيث لا أفراخ، فلا ذرية تخرج ولا أولاد، وحيث يوجد الاستزراع، فثم يحل الانتفاع.
على التسليم بأنه ثبت ذلك عن بعض أئمة المسلمين -ولم يثبت- فإن الزلل والخطأ من العلماء كما تقدم معنا لا يجوز أن يعول عليه إذا ثبت الأمر عن نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه، وقد حذرنا من اتباع زلل العالم، وتقدم معنا كلام سليمان التيمي ، رواه الخلال في كتابه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، صفحة (159) ورواه ابن عبد البر في كتاب: جامع بيان العلم وفضله في الجزء (2/ 91)، وهو في الحلية في الجزء (3/ 32)، وفي السير في الجزء (6/ 198)، وفي تذكرة الحفاظ في الجزء (1/ 151).
يقول سليمان التيمي : من تبع زلل العلماء ضل، ومن أخذ برخصة كل عالم اجتمع فيه الشر كله، هب أنه وجد عالم أو إمام ترخص لبعض الناس في هذه المسألة، فأنت ينبغي أن تحذره لا أن تعول عليه، وتقدم معنا كلام إبراهيم بن أدهم وأثره في كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للخلال صفحة (160) قال: من حمل شاذ العلماء حمل شراً كثيراً، وتقدم معنا كلام الأوزاعي كما في السير في الجزء (7/ 125) قال: من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام.
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/ 228-231) حول ما يتعلق بالرخص: من أخذ برخص العلماء تزندق أو كاد.
إذاً: هذا القول لو قدر أنه ثبت عن أحد فلا يجوز أن نعول عليه، فالحجة في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وفيما عليه الجم الغفير، والجمع الكثير من أئمتنا رضوان الله عليهم أجمعين، على أنه لم يثبت هذا القول عن إمام يقتدى به، والعلم عند الله جل وعلا.
قال الشافعي في رسالته في صفحة (330): إذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الشيء، فهو اللازم لجميع من عرفه، لا يقويه ولا يوهنه شيء غيره، أي لا يقويه أخذ الناس به، ولا يوهنه ترك الناس له.
قال: بل الفرض الذي على الناس اتباعه، ولم يجعل الله جل وعلا لأحدٍ من الخلق -مع النبي صلى الله عليه وسلم- أمراً يخالف أمره، وقال في صفحة (219) من كتابه الرسالة: وإما أن يخالف حديثاً ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم فأرجو ألا يؤخذ ذلك علينا، والمعنى: أن لكل أحد أن يتتبع كتبنا ويرى أننا خالفنا حديثاً ثابتاً عن النبي عليه الصلاة والسلام، وأرجو ألا يؤخذ ذلك علينا وليس ذلك لأحد، وليس لأحد من العلماء أن يخالف حديثاً لخاتم الأنبياء على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه.
ولكن قد يجهل الرجل السنة فيأتي بالخطأ، فهذا ليس من باب المعارضة للسنة؛ لأنه لم يتعمد مخالفتها، بل غفل عنها أو نسيها أو أخطأ في تأويلها، أما أن يأتي إلى حديث وهو ثابت عنده، ودلالته واضحة ظاهرة، ثم يتعمد بعد ذلك مخالفته، فهذا ليس من المسلمين، هذا فيه كفر لعين.
يقول الشافعي: هذا لا يمكن أن يؤخذ علينا ولا على أحد من علماء الإسلام، لكن قد يجهل المرء السنة، أو قد يغفل، أو قد يخطئ في الفهم أو قد..، فالسنة إذا ثبتت كما قلت: فلا، وتقدم معنا: أن الأحاديث في ذلك متواترة، نص على تواترها الطحاوي ، وإذا كانت متواترة فلا كلام لأحدٍ في هذه المسألة، فحجيتها قطعية وتفيد العلم الضروري، ومنكر ذلك كافر، فلا بد من وعي هذا.
وقد كان أحمد كثيراً ما ينشد كما في جامع بيان العلم وفضله في الجزء (3/35):
دين النبي محمد أخبار نعم المطية للفتى الآثار
لا ترغبن عن الحديث وأهله فالرأي ليل والحديث نهار
وهذا كما قال الحارث المحاسبي : شرع الله لعقولنا كالشمس في أعيننا، (فالرأي ليل والحديث نهار)، فمنزلة عقلك مع وحي ربك كمنزلة عينيك مع النهار، إذا طلع النهار رأيت، وإذا أظلم الليل ذهب الإبصار.
آخر المباحث معنا -في هذا الأمر الثالث في تحريم وطء المرأة في دبرها، ويجب أن نصون فروجنا عن ذلك-: أضرار ذلك الفعل الأثيم، الذي لم يبح عن لسان نبيٍ من النبيين على نبينا وعليهم جميعاً صلوات الله وسلامه، ولم يقل بحله أحد من أئمة المسلمين، كما قرر ذلك ابن القيم في كتابه: زاد المعاد في هدي خير العباد على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه، في الجزء (4/257-264) في ثمان صفحات يبحث فيه تحريم هذا الفعل وأضراره.
وأما القول بالجواز المنسوب إلى الإمام مالك في كتاب السر، ففيه أنه سئل عن ذلك فقال: إنه أحل من الماء البارد، وفي روايةٍ قال: اغتسلت الآن منه، أعاذ الله مالكاً من هذه التفاهة وهذا الجهل.
قال المالكية كما في شرح الدردير ، وحاشية الدسوقي ، ومواهب الجليل، قالوا: أما كتاب السر فمنكر، قال ابن فرحون من المالكية: وقفت عليه، وفيه من الغض من الصحابة، وتنقصيهم، والقدح في دينهم، ومن الحط على العلماء والقذف فيهم، ونسبتهم إلى قلة الدين، قال: وورع مالك ينافي ما اشتمل عليه كتاب السر، وكتاب السر جزء في ثلاثين ورقة.
والحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير في الجزء (3/208) يقول: وقفت عليه وطالعته، وتسميته بكتاب السر يشعر أنه كذب لكن كتب في السر، وأنه يتعلق بسمو الخلفاء والأمراء، ونحن نقول: هل كان مالك من أتباع الخلفاء والأمراء؟! حتى ينقل ما يجري في قصورهم وأحوالهم، وماذا يفعلون مع جواريهم حتى يذكر هذه الأخبار؟
وقيل: سمي بذلك لأنه جمع أحوالاً لا يطلع عليها إلا الخواص الذين يتصلون بما يجري في تلك القصور فيعلمون ما يقع.
قال القرطبي في تفسيره في الجزء (3/93): حذاق أصحاب مالك ومشايخهم ينكرون ذلك الكتاب، ومالك أجل من أن يكون له كتاب السر، وهكذا تتابع أئمتنا إلى إنكار ذلك الكتاب، وإنكار نسبته إلى مالك وعدم صحته، منهم ابن كثير في تفسيره، والشوكاني في فتح القدير، وأبو حيان في البحر المحيط، والبغوي في معالم التنزيل ومعه الخازن في لباب التأويل، انظروا الجزء (1/219).
وهكذا ابن جزي وهو من أئمة المالكية في كتابه: التسهيل في الجزء (1/80)، وفي كتابه: القوانين الفقهية صفحة (141)، وقال ابن جزي : قد افترى من نسب جواز ذلك إلى مالك ، وقد تبرأ هو من ذلك وقال: إنما الحرث موضع الزرع.
إذاً: لا تصح نسبة هذا القول إلى أحد من أئمتنا رضوان الله عليهم أجمعين، ممن يقتدى به ويعول عليه، وآفة العلم التقليد، ونسب هذا القول إلى مالك في كثيرٍ من الكتب، ولعل غر جاهل يفتح تلك الكتب، فيقف على ذلك القول فيقول: قال بهذا إمام جليل، وإجماعهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة، فيرخص لنفسه إن لم يرخص لغيره في هذه الفعلة الملعونة المنكرة، التي من فعلها لعنه ربنا الكريم سبحانه وتعالى.
فلا بد من الوعي.
وهذا القول نسبه إلى مالك ، ابن جرير في كتابه: اختلاف الفقهاء صفحة (124)، وأنا أعجب من ابن جرير كيف تساهل ونسب هذا القول إلى مالك في هذا الكتاب: أنه يجيز وطء المرأة في دبرها، وهو يتبرأ من ذلك، وأتباع مالك يردون هذا القول وينفونه، ونسب هذا القول إليه الوزير ابن هبيرة في كتابه: الإفصاح، في الجزء (2/ 129).
ونسبه إليه الرازي في تفسيره في الجزء (6/71)، بل نسب إليه هذا القول ابن قدامة في المغني، وكما قلت: هذا كله كذب لم يقله مالك رضي الله عنه وأرضاه ولا علم به.
قال ابن القيم في إغاثة اللهفان في الجزء (2/144): هذا كذب على مالك وعلى أصحابه، فكتبهم مصرحة بتحريم ذلك، ثم قال: أجاز مالك وأصحابه ما أجازه الأئمة الآخرون من وطء المرأة من دبرها في قبلها فاشتبه ذلك على السامع، وما آفة الأخبار إلا رواتها..
ولا يجوز أن يحمل مالك ولا أصحابه وزر هذا القول ولا القول به، ثم قال: وقد توسع بعض المجان من أهل الزندقة والإلحاد في الأمر، فنقلوا الأمر من أدبار النساء إلى أدبار الرجال، وعنونوا عليه باب في المذهب المالكي، فقالوا: كما يجوز وطء المرأة في دبرها يجوز وطء الرجل في دبره أيضاً، ولم يوجد دليل على التحريم، والذي حرم علينا الزنا وهو بين الذكر والأنثى.
قال ابن القيم: وذلك كفر وزندقة بالإجماع.
فالمالكية كما قلت ينكرون ذلك، وكتبهم تصرح بالتحريم، فهذا أبو بكر بن العربي يذكر في كتابه أحكام الكهان في الجزء (1/174) قال: سألت شيخنا الإمام القاضي الصوفي عن وطء المرأة في دبرها، فقال: لا يجوز، ثم احتج فقال: إذا حرم وطء المرأة في قبلها وقت الحيض من أجل الأذى العارض، فلأن يحرم وطئها في دبرها من أجل الأذى الملازم أولى، هنا حيض وهو دم طارئ وهناك قذر وهو أذى ملازم، حرم عليك وطئها عند مجيء الدم الذي هو دون الغائط بكثير لأجل الأذى العارض: قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222] فكيف يباح لك أن تباشرها في محل النجس والأذى؟ هذه الدلالة الأولى.
والدلالة الثانية كما تقدم معنا، قوله: حَرْثٌ [البقرة:223] فلا يجوز أن تأتيها إلا حيث يوجد الزرع حيث تخرج الذرية التي تعبد رب البرية، ولذلك الذي يطأ في الأدبار قال أئمتنا: هذا استبذار في السباخ، يضع بذره في مكانٍ لا ينبت شيئاً، كالذي يزرع في الأرض السبخة، فلا يمكن أن يخرج له زرعاً، استبذار في السباخ، واستفراخ حيث لا أفراخ، فلا ذرية تخرج ولا أولاد، وحيث يوجد الاستزراع، فثم يحل الانتفاع.
على التسليم بأنه ثبت ذلك عن بعض أئمة المسلمين -ولم يثبت- فإن الزلل والخطأ من العلماء كما تقدم معنا لا يجوز أن يعول عليه إذا ثبت الأمر عن نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه، وقد حذرنا من اتباع زلل العالم، وتقدم معنا كلام سليمان التيمي ، رواه الخلال في كتابه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، صفحة (159) ورواه ابن عبد البر في كتاب: جامع بيان العلم وفضله في الجزء (2/ 91)، وهو في الحلية في الجزء (3/ 32)، وفي السير في الجزء (6/ 198)، وفي تذكرة الحفاظ في الجزء (1/ 151).
يقول سليمان التيمي : من تبع زلل العلماء ضل، ومن أخذ برخصة كل عالم اجتمع فيه الشر كله، هب أنه وجد عالم أو إمام ترخص لبعض الناس في هذه المسألة، فأنت ينبغي أن تحذره لا أن تعول عليه، وتقدم معنا كلام إبراهيم بن أدهم وأثره في كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للخلال صفحة (160) قال: من حمل شاذ العلماء حمل شراً كثيراً، وتقدم معنا كلام الأوزاعي كما في السير في الجزء (7/ 125) قال: من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام.
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/ 228-231) حول ما يتعلق بالرخص: من أخذ برخص العلماء تزندق أو كاد.
إذاً: هذا القول لو قدر أنه ثبت عن أحد فلا يجوز أن نعول عليه، فالحجة في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وفيما عليه الجم الغفير، والجمع الكثير من أئمتنا رضوان الله عليهم أجمعين، على أنه لم يثبت هذا القول عن إمام يقتدى به، والعلم عند الله جل وعلا.
قال الشافعي في رسالته في صفحة (330): إذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الشيء، فهو اللازم لجميع من عرفه، لا يقويه ولا يوهنه شيء غيره، أي لا يقويه أخذ الناس به، ولا يوهنه ترك الناس له.
قال: بل الفرض الذي على الناس اتباعه، ولم يجعل الله جل وعلا لأحدٍ من الخلق -مع النبي صلى الله عليه وسلم- أمراً يخالف أمره، وقال في صفحة (219) من كتابه الرسالة: وإما أن يخالف حديثاً ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم فأرجو ألا يؤخذ ذلك علينا، والمعنى: أن لكل أحد أن يتتبع كتبنا ويرى أننا خالفنا حديثاً ثابتاً عن النبي عليه الصلاة والسلام، وأرجو ألا يؤخذ ذلك علينا وليس ذلك لأحد، وليس لأحد من العلماء أن يخالف حديثاً لخاتم الأنبياء على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه.
ولكن قد يجهل الرجل السنة فيأتي بالخطأ، فهذا ليس من باب المعارضة للسنة؛ لأنه لم يتعمد مخالفتها، بل غفل عنها أو نسيها أو أخطأ في تأويلها، أما أن يأتي إلى حديث وهو ثابت عنده، ودلالته واضحة ظاهرة، ثم يتعمد بعد ذلك مخالفته، فهذا ليس من المسلمين، هذا فيه كفر لعين.
يقول الشافعي: هذا لا يمكن أن يؤخذ علينا ولا على أحد من علماء الإسلام، لكن قد يجهل المرء السنة، أو قد يغفل، أو قد يخطئ في الفهم أو قد..، فالسنة إذا ثبتت كما قلت: فلا، وتقدم معنا: أن الأحاديث في ذلك متواترة، نص على تواترها الطحاوي ، وإذا كانت متواترة فلا كلام لأحدٍ في هذه المسألة، فحجيتها قطعية وتفيد العلم الضروري، ومنكر ذلك كافر، فلا بد من وعي هذا.
وقد كان أحمد كثيراً ما ينشد كما في جامع بيان العلم وفضله في الجزء (3/35):
دين النبي محمد أخبار نعم المطية للفتى الآثار
لا ترغبن عن الحديث وأهله فالرأي ليل والحديث نهار
وهذا كما قال الحارث المحاسبي : شرع الله لعقولنا كالشمس في أعيننا، (فالرأي ليل والحديث نهار)، فمنزلة عقلك مع وحي ربك كمنزلة عينيك مع النهار، إذا طلع النهار رأيت، وإذا أظلم الليل ذهب الإبصار.
آخر المباحث معنا -في هذا الأمر الثالث في تحريم وطء المرأة في دبرها، ويجب أن نصون فروجنا عن ذلك-: أضرار ذلك الفعل الأثيم، الذي لم يبح عن لسان نبيٍ من النبيين على نبينا وعليهم جميعاً صلوات الله وسلامه، ولم يقل بحله أحد من أئمة المسلمين، كما قرر ذلك ابن القيم في كتابه: زاد المعاد في هدي خير العباد على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه، في الجزء (4/257-264) في ثمان صفحات يبحث فيه تحريم هذا الفعل وأضراره.
ومن الأضرار التي تترتب على ذلك الوطء المستهجن المذموم المحرم:
الأول: وطء أدبار النساء ذريعة إلى وطء أدبار الرجال، وذلك طريق لتعطيل النسل، وتقدم معنا هذا وما وقع فيه قوم لوط، عليهم وعلى أمثالهم غضب الله جل وعلا، وطئوا أدبار النساء أربعين سنة ثم انتقلوا إلى أدبار الرجال، فهذا ذريعة إلى هذا، ومن تمكنت منه شهوته، ومسخت فطرته لن يقنع بعد ذلك بدبر زوجته إنما سيبحث عن أدبار الرجال، وهذا واقع الآن في أمةٍ منحطة.
أخبرني مرةً بعض الناس، أن بعض الناس إذا ذهب إلى بعض البلاد، تراه يجري هنا وهناك؛ ليبحث عن: عيل، على تعبيره، يعني: يريد ولداً غلاماً يفعل فيه الفاحشة، حتى النساء ما عاد يريدهن لا من أقبالهن ولا من أدبارهن.
إذاً: هو ذريعة للانتقال من أدبار النساء إلى أدبار الغلمان، وفي ذلك تعطيل لنسل الإنسان.
الثاني: شرع الله جل وعلا الجماع الحلال لقضاء الوطر ولتحصل اللذة للأنثى وللذكر، ولا تحصل اللذة للصنفين إلا إذا وطئ الرجل زوجته في قبلها، أما إذا وطئها في دبرها فما تحصلت على اللذة، ولا تمتعت بما أباح الله لها، وهو يتضرر لأن الله جعل في الفرج خاصية اجتذاب الماء الذي يطبخ في الخصيتين وهو المني، فإذا اجتمع هذا الماء جلب وسحب ويحصل بعد ذلك للرجل بعد قذفه الماء شيء من الإرهاق والتعب، وتفتر بعد ذلك شهوته ولا يتطلع إليها إلا بعد أن تعود الشهوة بعد فترة، فقد تعود إليه بعد نصف ساعة، أو بعد ساعة، بحسب قوته ونشاطه.
فإذا وطئ في المحل المكروه فإنه يبقى شيء من الماء لا يخرج، لعدم الانتصاب فيؤذيه وينغص عليه متعته، والمرأة أيضاً تتأذى، فلا هو حصل وطره، ولا هي حصلت وطرها، وأكثر المشاكل التي تجري بين الأزواج إذا قلت: تسعون بالمائة ولا أبالغ إن قلت أكثر، سببها عدم حصول المتعة الكاملة لكل منهما، فتأخذ أشكالاً مختلفة في الخصومة والنفرة، وإلا لو أن المرأة استراحت مع زوجها في المباشرة وهو استراح، ولفض كل واحد منهما فرجه عما يجري لتلبية الآخر.. لحصلت المتعة وكانا في بهجةً وقرة عين، لكن هو في ضنك وهي في ضنك.
سألني مرةً بعض الناس في قضية وقعت لما كنت في الأزهر: امرأة تزوجت من زوجها، وجلست عنده ما يزيد على السنة، وما استبضعها ولا باشرها في قبلها، إنما في المحل المكروه وهو الدبر، تقول: ويأخذ شيئاً من الحبوب التي تقوي العملية الجنسية، ويريد أن يطيل معها هذه المعاشرة الردية، وهي تقول له: يا عبد الله! ما نريد الفضيحة، لا أمام أهلي، ولا أمام المحاكم، ولا أمام الناس، أنك تفعل كذا، ثم بعد ذلك في أحد الأيام خرجت إلى بيت أهلها تشتكيه، فتوسط الناس وجاءوا على حسب الأعراف الجاهلية يرمون حاجاتهم من أجل إعادتها، فاستشارني هو، قبل أن يأتوا، قال: ما رأيك؟ قلت: ما المسألة؟ قال: كذا، فقلت: أعوذ بالله يا رجل! هذا شيطان، هذا ليس من فصيلة الإنسان، لا يجوز أن يرى حذاء ابنتك… إلخ، فلما جاءوا إليه قال: يا عباد الله! المسألة ليست متعلقة بي أنا ليس عندي مانع، الآن يمكن لي مهما كان أن أضغط على ابنتي حتى تذهب معكم، لكن الآن تأتيكم ابنتي وتقول ما يجري لها.
وقال: فعلاً أحضرتها إلى المجلس بعدما كلمتهم، قالت: هذا الرجل أكثر من سنة وهو يفعل بي كذا، وأنا ما زلت على حالتي، فاحتاروا وبعد ذلك وافقوا على أن تطلق بسلام.. انتهى.
ورجل آخر كما قلت لكم في الأسبوع الماضي، يقول لها: ما دام أنك قد أنجبتي العيال يكفي، ذاك المكان نغلقه، وما بقي إلا الوطء في الدبر، وهي ترفض وإذا امتنعت يضربها، أما تتقون الله، ما الذي يجري في بلاد المسلمين؟! ما الذي يجري في بيوت المسلمين، امرأة تريد أن تحصن نفسها، أو أن تعف نفسها، أو أن تتمتع بما أحل الله لها، فتأبى إلا أن تباشرها في المحل المكروه وتؤذيها، بعد ذلك حتماً سيترتب على ذلك مشاكل لا نهاية لها.
إذاً: الجماع.. شرع ليحصل كل من الأنثى والذكر على الوطر، ولا يحصل هذا إلا في الوطء في القبل.
الآفة الثالثة: الدبر لم يتهيأ للوطء وما خلق له، فالذي يطأ فيه معتد ظالم، وإذا مكنت المرأة من أن توطأ فيه فهي ظالمة معتدية، والظلم وضع الشيء في غير موضعه، والعدوان مجاوزة الحد الذي شرعه الرحمن، وفي ذلك تلف للإنسان في العاجل والآجل.
الآفة الرابعة: الوطء في الدبر يستدعي من الواطئ حركات تحول اللذة إلى غصة في ذلك المحل؛ لأن الله جل وعلا عندما هيأ الإنسان في مباشرة أهله في أول ليلة عندما تفض البكارة، قد يجد شيئاً كما يقال من الشدة، لكنها بعد ذلك تنتهي؛ لأنه شرعه ربنا جل وعلا لتحصيل اللذة فلا حركات ولا إجهاد، أما الوطء في الدبر فلا، ثم لا، الأمر ليس كذلك؛ لأن فيه إيذاء فأنت قد تؤذي زوجتك، وهذا لا بد من أن يحصل، ويخرج الدم عندما تباشر المرأة في دبرها.
الآفة الخامسة: يترتب على وطء المرأة في دبرها هم، وغم، ونفرة بين الفاعل والمفعول به، ولا شك، وقلت لكم: أكثر المشاكل من عدم تحصيل اللذة التي أحلها الله، فقد يتلذذ بذلك فيبحث عن ما يشبهه من الرجال وهي أيضاً لا تتلذذ وقد تبحث عن طريق الحرام، فهو هم وغم ونفرة بعد ذلك بين الزوجين.
الآفة السادسة: المعاشرة التي شرعها الله بين الزوجين لا يراد منها لذة الجماع فقط؛ لأنه مع لذة الجماع حلاوات كثيرة كحلاوة التقبيل، وحلاوة الضم، وحلاوة اللمس، فالحلاوات بين الزوجين التي أحلها رب الكونين، فيها راحة للنفس، ومتعة، ولهما عليها أجر، هذه كلها ستنعدم عند وطء المرأة في دبرها، إذاً: صارت كأنها متاع، تريد أن تتمتع به، لكن ليس لها كما يقال: لا شعور، ولا عواطف، ولا أحاسيس.
وإذا جئت بعد ذلك من ذلك المكان، فستفقد حلاوة المعاشرة؛ وسيرد عليها وارد غريب، فأنت تستقبل النجوى بوجهك، وتجامع ذلك المكان، وهي في وارد غريب يقع عليها، فلا هي تلذذت، ولا أنت تلذذت، وبهذا الوطء ذهبت حلاوة المعاشرة.
الآفة السابعة: فعل ذلك الأمر يزيل الحياء، والحياء حياة القلوب، فإذا مات القلب -نعوذ بالله- ينتكس الإنسان.
الآفة الثامنة: تترتب على السابعة، إذا فقد الإنسان الحياء والخشية وأظلم قلبه ومات يعتري وجهه ظلمة وقترة، ويكسبه وقاحةً بعد ذلك ودعارة وغلظة وسوء أدب.
الآفة التاسعة: يحيل الطباع الكريمة إلى طباع ذميمة كريهة.
الآفة العاشرة: يترتب عليه زوال النعم وحلول النقم لعصيان الله جل وعلا.
هذه كلها بلايا ورزايا يحصلها الإنسان عندما يطأ المرأة في دبرها.