شرح عمدة الفقه - كتاب البيع [11]


الحلقة مفرغة

بيع دين السلم على من هو عليه

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن أسلف في شيء لم يصرفه إلى غيره ولم يجز بيعه قبل قبضه].

بيع دين السلم ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: بيع دين السلم على من هو عليه.

والقسم الثاني: بيع دين السلم على غير من هو عليه.

القسم الأول: بيع دين السلم على من هو عليه، أعطيت زيداً من الناس مثلاً ألف ريال على أن يعطيك بعد شهر أو شهرين مائة قلم أو مائة كتاب أو مائة ثوب صفته كذا وكذا، الآن أنت تريد من زيد مائة ثوب، أعطيته ألف ريال على أن يعطيك مائة ثوب، لما حل الأجل أتيته وطلبت منه الثياب، قال: ما عندي ثياب، لكن أعطيك بدل الثياب شعيراً، أو أعطيك بُرْا، أو أعطيك بدل الثياب أقلاماً ونحو ذلك، فقبلت ذلك، وأخذت بدل الثياب أقلاماً، فهنا حصل البيع؛ لأن البيع مبادلة مال بمال، هنا الآن حصل البيع، أنت تريد منه أثواباً وأخذت بدل الأثواب أقلاماً، الأثواب مال، والأقلام مال، فهذا الآن بيع مال بمال، هذا بيع، فأنت الآن بعت الدين على من هو عليه، الدين على زيد، وبعت الأثواب هذه على زيد, وأعطاك الثمن أقلاماً، فنقول: بيع دين السلم على من هو عليه صحيح بشرطين:

الشرط الأول: أن يكون بسعر يومه.

والشرط الثاني: التقابض، إذا كان العوضان يجري بينهما ربا النسيئة.

فنقول: شرطان: الشرط الأول: أن يكون بسعر يومه، أنت تريد منه مائة ثوب، هذه الأثواب كم تساوي من الأقلام؟ فقالوا: مائة ثوب تساوي من الأقلام كذا وكذا تساوي مثلاً مائة قلم أو مائتي قلم نقول: أعطه مائتي قلم بسعر يومه.

الشرط الثاني: التقابض إذا كان العوضان يجري بينهما ربا النسيئة، هنا الآن الأقلام والثياب هل يجري بينهما ربا النسيئة أو لا يجري؟ ما يجري، يصح أن تبادل الأقلام والثياب وإن لم يحصل القبض، ما يشترط القبض، لكن لو كنت تريد منه بُرَّاً، قال: ما عندي بر سأعطيك تمراً، قلتَ: أعطني تمراً، هل يشترط القبض هنا أو لا يشترط القبض؟

نقول: هنا يشترط القبض؛ لأن العوضين البر والتمر عندما تبادل بعضهما البعض لابد أن يكون يداً بيد قبل التفرق.

فتلخص لنا: بيع دين السلم على من هو عليه يشترط فيه شرطان:

الشرط الأول: أن يكون بسعر يومه، والشرط الثاني: التقابض إذا كان العوضان يجري بينهما ربا النسيئة.

صورة أخرى أعطيته ألف ريال على أن يعطيك صاحب المصنع مثلاً مائة قلم، لما حلّ الأجل المصنع ما أنتج أقلاماً، قال: سأعطيك بدلاً من ذلك تمراً أو شعيراً أو سأعطيك دراهمك، نقول: هذا جائز بالشرطين السابقين.

هذا القسم الأول، وهو بيع دين السلم على من هو عليه.

بيع دين السلم على غير من هو عليه

القسم الثاني: بيع دين السلم على غير من هو عليه، أعطيت زيداً ألف ريال على أن يعطيك مائة صاع من البُر بعد ستة أشهر، أعطيته ألف ريال على أن يعطيك مائة صاع من البُر بعد ستة أشهر، أنت تريد من زيد مائة صاع من البُر، جاء صالح إليك وقال: أنت تريد من زيد مائة صاع من البُر بعد ستة أشهر، بِعني لي هذه المائة، تريد منه الآن مائة صاع من البر، كم ثمنها؟ وأعطيك ثمنها، الآن بعت دين السلم عند زيد على صالح، بعت الدين دين السلم على غير من هو عليه، ما بعته على زيد كما في الصورة الأولى، وإنما بعته على صالح، فهنا بعت دين السلم على غير من هو عليه، فنقول: هذا موضع خلاف، والصواب أنه يصح بشروط:

الشرط الأول: أن يكون بسعر يومه، أنت تريد من زيد الآن مائة صاع من البُر, جاء صالح قال: بعها عليّ بخمسمائة ريال، مائة صاع من البر بكم تساوي؟ خمسمائة .. ستمائة .. إلى آخره بسعر يومه, هذا الشرط الأول.

الشرط الثاني: أن يكون المشتري قادراً على تحصيل الدين ممن هو عليه، يعني صالح إذا حل الأجل يقدر على أن يأخذ هذا الدين الذي اشتراه من زيد، يعني من المسلم إليه الذي هو زيد، بحيث إذا حل الأجل يذهب صالح ويأخذ حقه بلا مماطلة أو ممانعة.

الشرط الثالث: ألا يكون العوضان مما يجري بينهما ربا النسيئة، فإذا كان العوضان يجري بينهما ربا النسيئة ما يصح؛ لأن القبض هنا متعذر، فمثلاً إذا كنت تريد من زيد مائة صاع من البر وجاء صالح قال: بعها علي, بم تشتريها؟ قال: سأعطيك تمراً، نقول: لا يجوز؛ لأن التمر والبر لابد أن يكونا يداً بيد، وهنا ما فيه يداً بيد، ما فيه تقابض الآن، تقبض التمر، لكن البر متى يقبض؟ سيقبض بعد فترة، نقول: هذا لا يصح.

أو مثلاً تريد منه شعيراً وبعته البر لا يصح، أو تريد منه لحماً وبعت اللحم بشحم شيء موزون، نقول: لا يصح؛ لأن العوضين يتفقان في علة ربا النسيئة، لابد من التقابض، والتقابض هنا متعذر، نقول: هذا لا يصح.

لكن إذا كان العوضان لا يشترط بينهما التقابض، فنقول: بأن هذا جائز ولا بأس به، مثلاً تريد منه أثواباً بعته بشعير، تريد منه أثواباً بعته بحديد، تريد منه سيارات بعته بثلاجات ونحو ذلك، هذا جائز ولا بأس به، لكن إذا كان العوضان يشترط بينهما التقابض، نقول: لا يصح، بر بشعير، أو تمر بملح أو بشعير ونحو ذلك كما تقدم لنا في باب الربا.

الحوالة في دين السلم

قال المؤلف رحمه الله: [ولا الحوالة به].

أنت تريد مثلاً من زيد مائة صاع من البر، أعطيته ألف ريال على أن يعطيك مائة صاع من البر، أو يعطيك مائة صاع من الشعير، أتيت إليه أعطني البر الذي أريده منك، قال: ما عندي الآن شيء، لكن أحيلك على بكر أنا أريد منه براً، اذهب وخذه منه، يصح أو لا يصح؟ يقول المؤلف رحمه الله: لا تصح الحوالة به يقول.

يستدلون بحديث أبي داود : (من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره)، وهذا الحديث كما سبق لنا حديث ضعيف، وعلى هذا الصواب أن المسلم لو جاء للمسلم إليه وقال: أعطني حقي من البر أو من الشعير أو نحو ذلك، وقال: أحيلك على فلان خذ منه حقك من البر أو من الشعير، أنا أريد منه كذا وكذا، نقول: بأن هذا جائز ولا بأس به؛ لأن الأصل في المعاملات الحِلْ، ولا دليل على المنع.

حكم الإقالة في السلم

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وتجوز الإقالة فيه وفي بعضه؛ لأنها فسخ].

أنت أسلمت زيداً مائة ألف ريال على أن يعطيك مائة صاع من البر، ولما تم السلم جاء قال: أقلني، أقلني في النصف، خذ خمسمائة ريال واطرح نصف البر، يكون خمسمائة بمائتين وخمسين، يصح ذلك أو لا يصح؟

يقول المؤلف رحمه الله: يصح، قال: إن هذا جائز ولا بأس به، هذا في بعضه.

(أو في كله) قال: أنت أعطيتني ألف ريال على أن تأخذ مني كذا وكذا من الثياب أو من الأقلام أو من الآلات، أقلني، خذ دراهمك، فأقاله، يجوز ذلك ولا بأس به.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن أسلف في شيء لم يصرفه إلى غيره ولم يجز بيعه قبل قبضه].

بيع دين السلم ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: بيع دين السلم على من هو عليه.

والقسم الثاني: بيع دين السلم على غير من هو عليه.

القسم الأول: بيع دين السلم على من هو عليه، أعطيت زيداً من الناس مثلاً ألف ريال على أن يعطيك بعد شهر أو شهرين مائة قلم أو مائة كتاب أو مائة ثوب صفته كذا وكذا، الآن أنت تريد من زيد مائة ثوب، أعطيته ألف ريال على أن يعطيك مائة ثوب، لما حل الأجل أتيته وطلبت منه الثياب، قال: ما عندي ثياب، لكن أعطيك بدل الثياب شعيراً، أو أعطيك بُرْا، أو أعطيك بدل الثياب أقلاماً ونحو ذلك، فقبلت ذلك، وأخذت بدل الثياب أقلاماً، فهنا حصل البيع؛ لأن البيع مبادلة مال بمال، هنا الآن حصل البيع، أنت تريد منه أثواباً وأخذت بدل الأثواب أقلاماً، الأثواب مال، والأقلام مال، فهذا الآن بيع مال بمال، هذا بيع، فأنت الآن بعت الدين على من هو عليه، الدين على زيد، وبعت الأثواب هذه على زيد, وأعطاك الثمن أقلاماً، فنقول: بيع دين السلم على من هو عليه صحيح بشرطين:

الشرط الأول: أن يكون بسعر يومه.

والشرط الثاني: التقابض، إذا كان العوضان يجري بينهما ربا النسيئة.

فنقول: شرطان: الشرط الأول: أن يكون بسعر يومه، أنت تريد منه مائة ثوب، هذه الأثواب كم تساوي من الأقلام؟ فقالوا: مائة ثوب تساوي من الأقلام كذا وكذا تساوي مثلاً مائة قلم أو مائتي قلم نقول: أعطه مائتي قلم بسعر يومه.

الشرط الثاني: التقابض إذا كان العوضان يجري بينهما ربا النسيئة، هنا الآن الأقلام والثياب هل يجري بينهما ربا النسيئة أو لا يجري؟ ما يجري، يصح أن تبادل الأقلام والثياب وإن لم يحصل القبض، ما يشترط القبض، لكن لو كنت تريد منه بُرَّاً، قال: ما عندي بر سأعطيك تمراً، قلتَ: أعطني تمراً، هل يشترط القبض هنا أو لا يشترط القبض؟

نقول: هنا يشترط القبض؛ لأن العوضين البر والتمر عندما تبادل بعضهما البعض لابد أن يكون يداً بيد قبل التفرق.

فتلخص لنا: بيع دين السلم على من هو عليه يشترط فيه شرطان:

الشرط الأول: أن يكون بسعر يومه، والشرط الثاني: التقابض إذا كان العوضان يجري بينهما ربا النسيئة.

صورة أخرى أعطيته ألف ريال على أن يعطيك صاحب المصنع مثلاً مائة قلم، لما حلّ الأجل المصنع ما أنتج أقلاماً، قال: سأعطيك بدلاً من ذلك تمراً أو شعيراً أو سأعطيك دراهمك، نقول: هذا جائز بالشرطين السابقين.

هذا القسم الأول، وهو بيع دين السلم على من هو عليه.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [22] 2516 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الزكاة [1] 2461 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الطهارة [4] 2442 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [12] 2421 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [2] 2395 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [14] 2352 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الطهارة [2] 2348 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب النكاح [1] 2310 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [23] 2304 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الزكاة [6] 2301 استماع