خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/35"> الشيخ محمد صالح المنجد . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/35?sub=16019"> خطب عامة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
الأذكار الشرعية بين الاهتمام والإهمال
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن من عوامل تقوية الإيمان وتقوية الصلة بالله عز وجل ذكر الله تعالى، وما حصل الضعف والوهن في علاقتنا بالله تعالى إلا من وراء نسيان أسباب كثيرة، منها: إهمال الأذكار الشرعية التي شرعها الله لنا في كتابه، وعلمنا إياها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ولأجل ذلك صارت الأذكار مجهولة منسية مهملة عند الكثيرين من المسلمين، ولأجل هذا صار درسنا هذه الليلة للتذكير بهذا الموضوع الذي نحتاج إليه جميعاً بلا استثناء.
وقد أمرنا الله عز وجل في كتابه بالإكثار من ذكره فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً [الأحزاب:41-42] وأخبر أن ذكره أكبر من كل شيء، فقال عز وجل: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ [العنكبوت:45]، وأخبر بأنه سبب لطمأنة القلوب: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28] وامتدح الله أقواماً من المؤمنين لأنهم يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران:191] وهكذا كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه، وقال عليه الصلاة والسلام: (ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأرضاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: ذكر الله) فجعله مفضلاً في وجه العموم على الإنفاق وعلى الجهاد، يعني: أن جنس الذكر أفضل من جنس الإنفاق ومن جنس الجهاد، وهو وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن كثرت عليه شعائر الإسلام: (لما شكا الرجل حاله قال: يا رسول الله! إن شعائر الإسلام قد كثرت عليَّ فأخبرني بأمر أتشبث به، قال: لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله).
ذكر المنفرد وذكر المجالس
ومجالس أهل الذكر محفوفة بالملائكة، مغشاة بالرحمة، منـزل عليها السكينة، مذكور أهلها عند الله، وهو سبب نجاة يونس عليه السلام، فلولا أنه كان من المسبحين -قبل الحوت وفي بطن الحوت- فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الصافات:143-144].
أثر الذكر في الوقاية من الشيطان
وهذا الذكر حصن حصين إذا دخله العبد نجا من الشياطين إنسهم وجنهم، ولذلك لما جمع يحيى بن زكريا بني إسرائيل كان مما قال لهم: وآمركم بذكر الله كثيراً، ومثل ذلك كمثل رجل طلب العدو سراعاً في أثره، فأتى حصناً حصيناً، فأحرز نفسه فيه، (وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى) حديث صحيح.
وقال عليه الصلاة والسلام: (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت، أو مثل الحي والميت) وفي رواية لـمسلم : (مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت)، (ما من ساعة تمر بابن آدم لا يذكر الله فيها إلا حسر عليها يوم القيامة) حديث صحيح، وليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت عليهم في الدنيا لم يذكروا الله تعالى فيها.
وهو أرجى عمل ينجي العبد من عذاب الله: (ما عمل آدمي عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله) أنجى عمل ينجي الإنسان من عذاب الله، وأرجى عمل ينجي الإنسان من عذاب الله ذكر الله عز وجل.
وقال عليه الصلاة والسلام لرجل من الصحابة: (ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن غفر الله لك وإن كنت مغفوراً لك؟ قل: لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحكيم الكريم، لا إله إلا الله سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين) حديث صحيح.
والذكر من علامات الإخلاص، فإن الرجل الذي ذكر الله خالياً ففاضت عيناه كان في ظل الرحمن يوم القيامة.
ومجالس أهل الذكر محفوفة بالملائكة، مغشاة بالرحمة، منـزل عليها السكينة، مذكور أهلها عند الله، وهو سبب نجاة يونس عليه السلام، فلولا أنه كان من المسبحين -قبل الحوت وفي بطن الحوت- فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الصافات:143-144].
وهو سبب لفك عقد الشيطان ونجاة المسلم منها، فمثلاً: عند القيام لصلاة الفجر إذا ذكر الله انحلت عقدة، فإذا توضأ انحلت الثانية، فإذا صلى انحلت الثالثة.
وهذا الذكر حصن حصين إذا دخله العبد نجا من الشياطين إنسهم وجنهم، ولذلك لما جمع يحيى بن زكريا بني إسرائيل كان مما قال لهم: وآمركم بذكر الله كثيراً، ومثل ذلك كمثل رجل طلب العدو سراعاً في أثره، فأتى حصناً حصيناً، فأحرز نفسه فيه، (وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى) حديث صحيح.
وقال عليه الصلاة والسلام: (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت، أو مثل الحي والميت) وفي رواية لـمسلم : (مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت)، (ما من ساعة تمر بابن آدم لا يذكر الله فيها إلا حسر عليها يوم القيامة) حديث صحيح، وليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت عليهم في الدنيا لم يذكروا الله تعالى فيها.
وهو أرجى عمل ينجي العبد من عذاب الله: (ما عمل آدمي عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله) أنجى عمل ينجي الإنسان من عذاب الله، وأرجى عمل ينجي الإنسان من عذاب الله ذكر الله عز وجل.
وقال عليه الصلاة والسلام لرجل من الصحابة: (ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن غفر الله لك وإن كنت مغفوراً لك؟ قل: لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحكيم الكريم، لا إله إلا الله سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين) حديث صحيح.
فإذا جلسنا نتأمل الآن أيها الإخوة في الأسباب الباعثة للناس على إهمال ذكر الله عز وجل وعلى إهمال الأذكار الشرعية، فالأذكار الشرعية مهملة منسية عند كثير من المسلمين، لماذا؟ ما هو السبب؟ كيف نعالج الأمر؟ كيف نتدارك أنفسنا؟
من الأسباب أيها الإخوة: عدم معرفة فوائد هذا الذكر، ونستطيع أن نتوصل إلى حمل أنفسنا على ذكر الله بالأذكار العامة أو بالأذكار الخاصة، الأذكار العامة مثل: (لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله)، (لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنز الجنة) أذكار عامة، هناك أذكار خاصة عند النوم، وعند الوضوء، وفي السفر، وفي الصباح والمساء، وأذكار خاصة بمناسبات معينة، فكلا الأمرين صار فيهما غفلة، ينبغي أن نعرف أولاً فوائد الذكر، حتى نشعر بأهمية هذا الموضوع، فنستطيع أن نرتقي بأنفسنا منازل للأخذ بزمام هذه الأذكار، فلو لم يكن الذكر مهماً ما شدد عليه في القرآن والسنة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً [الأحزاب:41] وأمر بالذكر في أصعب المواقف عند المعركة، إذا احتدمت الحرب: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً [الأنفال:45].
وصدأ القلب الذي نحس به في كثير من الأحيان، هذه السحابة التي نحس بها تظلل قلوبنا في كثير من الأوقات، لا يقشعها إلا ذكر الله عز وجل بأنواعه، فالغفلة والذنب لا يزيلها إلا ذكر الله عز وجل، وهذا الران الأسود الذي يعلو القلوب لا يمكن أن يزال إلا بذكر الله عز وجل، وهناك أناس من الغافلين طبع الله على قلوبهم، قال الله في التحذير منهم: وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً [الكهف:28] كيف تفارط أمره؟ لما أعرض عن أمر الله عز وجل: وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا [الكهف:28] هناك أيها الإخوة في المكاتب والمدارس والمستشفيات والقاعات المختلفة، والأروقة والدهاليز أناس كثيرون لا يذكرون الله، من الأغنياء، والرؤساء، والوجهاء، والكبراء أناس لا يذكرون الله، وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا [الكهف:28] عاقبهم الله على إعراضهم عن شريعته بأن حرمهم من ألذ شيء للروح والقلب وهو ذكر الله عز وجل: وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا [الكهف:28] فأية عقوبة أسوأ من هذه العقوبة؟!
ذكر ابن القيم لفوائد الذكر
فمنها: أنه يطرد الشيطان.
ومنها: أنه يرضي الرحمن.
ومنها: أنه يزيل الهم والغم عن القلب.
ومنها: أنه يفرح القلب ويجعله مسرورا.
ومنها: أنه ينور الوجه.
ومنها: أنه من الأسباب الجالبة للرزق.
ومنها: أنه يورث القلب محبة الله عز وجل، ومن أحب شيئاً أكثر من ذكره.
ومنها: أنه يجعل العبد منيباً إلى ربه، رجاعاً إليه، فيكون الله ملاذه وملجأه سبحانه وتعالى.
ومنها: أن الله يفتح للذاكر أبواب العلوم والمعارف، فيفقه في أنواع من العلم لا يفقهها بدون ذكر الله عز وجل، ولذلك كان الناس من الصالحين والعلماء يستعينون على فهم المسائل بذكر الله، والابتهال إليه، والتضرع عنده، والتذلل على أعتابه عز وجل، طالبين منه أن يفتح عليهم: يا معلم إبراهيم علمني، ويا مفهم سليمان فهمني.
بل إن الله أمر القضاة، أمر الناس الذين يفصلون في المسائل، أمر رسوله صلى الله عليه وسلم إذا فصل في المسألة أن يقول: وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ * وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً [النساء:104-105] لذلك قال أهل العلم: يشرع للقاضي إذا فصل في مسألة أن يقول بعد حكمه فيها: أستغفر الله.
فائدة الذكر في تقوية القلب
وذكر الله عز وجل يورث أن يذكرك الله: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة:152]، (من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه).
فائدة الذكر في علاقة العبد بربه
وكذلك فإن مجالس الذكر مجالس الملائكة، ويأمن العبد من الحسرة يوم القيامة كما قدمنا بذكره لله في جميع الساعات، ومع أن الذكر باللسان حركته خفيفة لا يأخذ جهداً إلا أنه عند الله ثقيل جداً: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) كم تأخذ منك جهداً لتقولها؟ كم تأخذ منك وقتاً لتقولها؟ لكنها أثقل عند الله من الجبال الرواسي.
وكذلك فإن غراس الجنة ذكر الله، وقد جاء في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لقيت ليلة أسري بي إبراهيم الخليل عليه السلام، فقال: يا محمد! أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) رواه الترمذي وهو حديث صحيح. ولذلك: (من قال: سبحان الله وبحمده، غرست له نخلة في الجنة) كما ورد في الحديث الصحيح.
وكذلك فإن قسوة القلب كما قدمنا يذيبها ذكر الله كما جاء رجل إلى أحد السلف، فشكا إليه قسوة قلبه، فقال: أذبها بذكر الله. أذب هذه القسوة بذكر الله. وما استجلبت نعمٌ للعبد بمثل ما تستجلب بذكر الله، الأسباب الجالبة للنعم كثيرة، ومن أعظمها ذكر الله: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إبراهيم:7] ورأس الشكر هو ذكر الله عز وجل.
وكذلك فإن ذكر الله يجعل للعبد الذاكر صلوات عليه من ربه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب:41-43] فأتى بهذه: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ [الأحزاب:43] بعد أي شيء؟ بعد الأمر بالذكر.
وكذلك فإن الله يباهي بالذاكرين الملائكة، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد قال: (خرج
نيابة الذكر عن بعض التطوعات
وذكر الله يسهل الصعب وييسر العسير، ويخفف المشاق، وما ذكر عبد ربه في شدة إلا زالت، ولا مشقة إلا خفت، ولا كربة إلا فرجت، وهو الجالب للفرج بعد الشدة، واليسر بعد العسر، وبعد الغم والهم.
فائدة الذكر في تقوية البدن
ومن الأدلة على أن الذكر يقوي الجسد: أن فاطمة وعلياً شكيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضعف، فاطمة عليها شغل كثير في البيت، طلبت خادماً فعلمهما صلى الله عليه وسلم أن يسبحا ويهللا ويكبرا قبل النوم ثلاثاً وثلاثين يغنيهم عن الخادم. فاستدل منه بعض أهل العلم على أن ذكر الله للمرأة التي تعمل في البيت تستفيد من هذا إذا كثر عليها الأولاد، ونظافة البيت والطبخ والغسيل، ونحو ذلك، فإن من أهم ما تستعين به على هذا؛ هذا التسبيح والتكبير والتهليل قبل النوم.
ولا أعظم من فوائد الذكر من أن يصدق الرب عبده حين يذكره، يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إذا قال العبد: لا إله إلا الله والله أكبر، يقول الله تبارك وتعالى: صدق عبدي لا إله إلا أنا وأنا أكبر، وإذا قال: لا إله إلا الله وحده، قال: صدق عبدي لا إله إلا أنا وحدي، وإذا قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قال: صدق عبدي لا إله إلا أنا لا شريك لي، وإذا قال: لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، قال: صدق عبدي لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد، وإذا قال: لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال: صدق عبدي لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي) هؤلاء أيها الإخوة من رزقهن عند موته لم تمسه النار.
وكذلك فإن ذكر الله يبعد عن مشابهة المنافقين، فإن من صفاتهم أنهم لا يذكرون الله إلا قليلا.
شهادة الأرض للذاكر
ونختم هذه الفوائد المختصرة: أنه لو لم يكن في ذكر الله من الفائدة إلا أن يشغل اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة والقول بلا علم إلى غير ذلك من آفات اللسان لكان كافياً، أليس كذلك؟ عندما ينشغل الإنسان بذكر الله لا يشتغل بالمصائب والمعايب.
فوائد الأذكار في الوقاية من الأمراض
ومثلاً: ذكر الله يحمي من صرع الجن، وعامة من يتلبس بهم الجان فيصرعهم، وتأتيهم نوبات الصرع من الذين كانوا غافلين عن ذكر الله، ويبعد تأثير السحر، وكثير من الناس في هذا الزمان انتشرت فيهم قضية الإضرار بالسحر، والتضرر به ويقولون: ماذا نفعل؟ ويلجئون إلى العرافين، والكهان والمشعوذين والدجالين ويقولون: ماذا نفعل؟ نقول: أين أنتم من ذكر الله؟ لو ذكرتم ربكم لذهبت عنكم هذه الآفات ولما حصلت بكم أصلاً.
ومن الفوائد أيضاً البدنية أو الدنيوية: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! ما لقيت من عقربٍ لدغتني البارحة -لدغة عقرب شديدة- قال عليه الصلاة والسلام معلماً: أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم تضرك) انظر.. ما تضرك لدغة العقرب مع أنها طبياً مميتة قاتلة، لكن لو قلت حين أمسيت: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم تضرك) وقال عليه الصلاة والسلام: (من قال حين يمسي ثلاث مرات: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضره حمة تلك الليلة) الحمة: كل ما يلدغ ويؤذي من العقارب والحيات ونحوها، قال سهيل أحد السلف: فكان أهلها تعلموها -علمناها لأهلنا هذا الذكر- فكانوا يقولونها كل ليلة، فلدغت جارية منهم -بنت صغيرة- فلم تجد لها وجعاً .. حديث صحيح.
وانظر كيف تقرب الأذكار بين المسلمين فإن لها فوائد اجتماعية، فمثلاً: السلام ورد السلام، وما يقوله المسلم عند العطاس والرد على ذلك ورد العاطس بعده، وقول الرجل لأخيه: إني أحبك في الله، ورد أخيه عليه: أحبك الله الذي أحببتني فيه. هذه الأشياء أيها الإخوة تقرب بين المسلمين، هذه من فوائد الأذكار.
الأذكار فيها تفاعل الحواس مع الأحداث
فإذاً: هذه الأذكار عبارة عن مشاركة.. عبارة عن تفاعل حواس المسلم مع ما يحدث يومياً من الأشياء، وهي ليست عبارة عن نصوص تقال فقط، وإنما بعض الأذكار عبارة عن ردة فعل من المسلم لما يراه أو يسمعه أو يحسه، فهذه نقطة مهمة جداً في الأذكار، إن الأذكار ليست نصوصاً تقال وتسمع فقط، أشياء روتينية، لا، وإنما بعض الأذكار عبارة عن تفاعل إحساس المسلم مع الأشياء التي تحدث حوله، فإذا رأى أو سمع أو أحس قال أذكاراً معينة، مالها وقت محدد، إذا حدث ذكر، وهذا يعني أن الأذكار توقظ في نفس المسلم الحس بذكر الله في الأحداث المختلفة، وتأمل أيضاً أن بعض الأذكار تقال في مواضع عجيبة، تدل فعلاً على أن شرعية الأذكار هذه شرعت لأجل إيقاظ حس المسلم، أول شيء يقوله الإنسان إذا قام من النوم، الموتة الصغرى أول شيء: (الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور) تقال الأذكار في مواضع بعض الناس يستغرب، مثلاً الذكر عند الجماع جماع الزوجة، وعند اشتداد شهوة الإنسان، يطالب بأن يقول: (بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا) هذا موضع غريب يلفت الأنظار أن يكون في ذلك الموضع ذكر الله.
عند دخول الخلاء موضع غريب لكن يقول عند دخول الخلاء: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) فأنت إذا تأملت أيضاً المواضع التي تحصل فيها الأذكار فإنك تحس بأنها في أوقات مختلفة أحياناً لكونها في وقت معين وأحياناً لا يكون لها وقت معين، وفي أحوال مختلفة من الحزن والفرح والشهوة والغم والضعف والقوة والموت -الموتة الصغرى- والبعث منه ونحو ذلك. هذه قضية واحدة: معرفة فوائد الأذكار تحمس المسلم وتدفعه للذكر.
وفي الذكر فوائد كثيرة، عدها ابن القيم رحمه الله تعالى وغيره:
فمنها: أنه يطرد الشيطان.
ومنها: أنه يرضي الرحمن.
ومنها: أنه يزيل الهم والغم عن القلب.
ومنها: أنه يفرح القلب ويجعله مسرورا.
ومنها: أنه ينور الوجه.
ومنها: أنه من الأسباب الجالبة للرزق.
ومنها: أنه يورث القلب محبة الله عز وجل، ومن أحب شيئاً أكثر من ذكره.
ومنها: أنه يجعل العبد منيباً إلى ربه، رجاعاً إليه، فيكون الله ملاذه وملجأه سبحانه وتعالى.
ومنها: أن الله يفتح للذاكر أبواب العلوم والمعارف، فيفقه في أنواع من العلم لا يفقهها بدون ذكر الله عز وجل، ولذلك كان الناس من الصالحين والعلماء يستعينون على فهم المسائل بذكر الله، والابتهال إليه، والتضرع عنده، والتذلل على أعتابه عز وجل، طالبين منه أن يفتح عليهم: يا معلم إبراهيم علمني، ويا مفهم سليمان فهمني.
بل إن الله أمر القضاة، أمر الناس الذين يفصلون في المسائل، أمر رسوله صلى الله عليه وسلم إذا فصل في المسألة أن يقول: وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ * وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً [النساء:104-105] لذلك قال أهل العلم: يشرع للقاضي إذا فصل في مسألة أن يقول بعد حكمه فيها: أستغفر الله.
ومن فوائده أيضاً: أنه يقوي القلب ويجرئه في مواجهة أعتى المواقف. ولذلك ثبت عن الصحابة رضوان الله عليهم في قتال فارس والروم مع أنهم أعظم أجساماً وأقوى أسلحة وأكثر عدداً وعدة كيف صبر الصحابة أمامهم، ومع الكفار الفيلة، ومعهم أنواع من المنجنيقات وآلات الحرب لم يكن العرب يعرفونها أو يعرفون مثل عظمها؟ كيف ثبتوا أمامهم؟ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً [الأنفال:45] فغلبوهم بإذن الله.
وذكر الله عز وجل يورث أن يذكرك الله: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة:152]، (من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه).