خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/35"> الشيخ محمد صالح المنجد . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/35?sub=16019"> خطب عامة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
إن أكرمكم عند الله أتقاكم
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
a= 6000394>يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران:102].
a= 6000493>يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً[النساء:1].
a= 6003602>يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].
أحمد الله إليكم -أيها الإخوة- الذي وفقنا وإياكم لحضور مجالس الذكر والانتفاع بمائدة القرآن، فإن مثل هذه الحلق من الأشياء التي يرضى الله عز وجل عن أصحابها، ويحفها بملائكته جل وعلا، ويسطرها لهم في صحائف حسناتهم إن شاء الله تعالى، لما في هذه الحلق من زيادة العلم والدين وزيادة الإيمان في قلوب المؤمنين: لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ [الفتح:4].
وقد تكلمنا- أيها الإخوة- في المرة الماضية عن بعض آفات اللسان أثناء تفسير سورة الحجرات، وكانت هناك أسئلة كثيرة، ولذلك سنقتصر الكلام في هذا الدرس على قوله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13] ثم نجيب بعد ذلك على الأسئلة.
ونسأل الله عز وجل ألا نتجاوز إن شاء الله الساعة الثامنة حتى لا نطيل على الإخوة، ومن أراد من الإخوة أن يذهب فله ذلك، فلا يشعر بالإحراج والأمر متسع إن شاء الله، وبإمكانه أن يسمع المحاضرة بعد ذلك.
الفائدة الأولى: المطابقة في تمثيل المغتاب بآكل الميتة
وهذا المثل الذي ضربه الله سبحانه وتعالى فيه مطابقة من حيث التمثيل فهو تمثيل بديع جداً، فكما أن الإنسان عندما يموت لا يحس بمن ينهش لحمه لغياب روحه عن جسده، فكذلك الشخص الذي يُغتابُ ويُنهشُ عرضُه غير موجود، ولا يستطيع الدفاع عن نفسه، لأنه غائب كما أن الميت لا يستطيع الدفاع عن نفسه، لأن روحه قد فارقت جسده.
وكما أن الميت يعجز عن رد آكله، فكذلك الذي يغتاب يعجز عن رد من يغتابه.
والذين يأكلون لحوم البشر يتفكهون ويتلذذون بأكلها حسب مزاجهم الفاسد، كذلك أصحاب المزاج الفاسد من البشر الذين يغتابون الناس أيضاً يتلذذون ويتفكهون بنهش أعراض البشر.
الفائدة الثانية: تحريم الغيبة
فهذه الأمثال- أيها الأحبة- لا يعقلها إلا العالمون، والله أمرنا أن نتدبر الأمثلة، فقال تعالى: وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [إبراهيم:25] لعلهم يتفكرون، لأولي الألباب وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت:43].
تجد العجب العجاب في كتابة الذين يكتبون عن الأمثال مما فتح الله عليهم مثل ابن القيم رحمه الله تعالى عندما يفسر آيات فيها أمثال.
ذكرنا -أيها الإخوة- في التعليق على قول الله جل وعلا: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً [الحجرات:12] أن هذا مثل، وقلنا: إنه مثل ضربه الله جل وعلا للذي يغتاب الناس وينهش أعراضهم، مثله ربنا بالذي يأكل لحم إنسان ميت.
وهذا المثل الذي ضربه الله سبحانه وتعالى فيه مطابقة من حيث التمثيل فهو تمثيل بديع جداً، فكما أن الإنسان عندما يموت لا يحس بمن ينهش لحمه لغياب روحه عن جسده، فكذلك الشخص الذي يُغتابُ ويُنهشُ عرضُه غير موجود، ولا يستطيع الدفاع عن نفسه، لأنه غائب كما أن الميت لا يستطيع الدفاع عن نفسه، لأن روحه قد فارقت جسده.
وكما أن الميت يعجز عن رد آكله، فكذلك الذي يغتاب يعجز عن رد من يغتابه.
والذين يأكلون لحوم البشر يتفكهون ويتلذذون بأكلها حسب مزاجهم الفاسد، كذلك أصحاب المزاج الفاسد من البشر الذين يغتابون الناس أيضاً يتلذذون ويتفكهون بنهش أعراض البشر.
أيضاً يؤخذ منه فائدة تحريم الغيبة، لأن أكل لحم الموتى حرام، بل هو كبيرة من الكبائر، ولاحظ أن المثل يشمل أشياء كثيرة جداً، ليست البلاغة هي الموجودة فيه فقط، وإنما -أيضاً- الحكم، لأن المشبه يأخذ حكم المشبه به، فالمشبه به هنا أكل لحم الموتى، وأكل لحم الموتى حرام، وهو كبيرة من الكبائر، ولذلك أيضاً الغيبة حرام، وقال بعض العلماء: إنها كبيرة من الكبائر، لأن الله مثلها وشبهها بأكل لحم الميت وهو من الكبائر، والفائدة الأخرى أيضاً: تشنيع هذه الصورة في نفوس المؤمنين، فمن فوائد هذا التشبيه أن نفس الإنسان المسلم تكره سماع الغيبة وتكره الاغتياب، لأنها تسمع هذا التمثيل البشع: يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ [الحجرات:12].
فهذه الأمثال- أيها الأحبة- لا يعقلها إلا العالمون، والله أمرنا أن نتدبر الأمثلة، فقال تعالى: وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [إبراهيم:25] لعلهم يتفكرون، لأولي الألباب وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت:43].
تجد العجب العجاب في كتابة الذين يكتبون عن الأمثال مما فتح الله عليهم مثل ابن القيم رحمه الله تعالى عندما يفسر آيات فيها أمثال.
وفي قول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا [الحجرات:12].
ثلاثة أشياء متوالية، فيها تصحيح عجيب لسلوك الإنسان، كيف ذلك؟
يقول أحد أهل العلم في التفسير: تأمل كيف أن الله عز وجل حرم الظن السيئ بالمؤمنين، فالظن الجزاف الذي لا يعتمد على شيء حرمه الله جل وعلا، ثم لما حرم هذا الظن، حرم سلوك السبيل الذي يؤكد هذا الظن، وهو: التجسس، لأن الإنسان عندما يتجسس، فإنما يحاول أن يؤكد ظناً عنده؛ فحرم الله سوء الظن، وحرم السبيل لتأكيد هذا الظن، وهو التجسس، وحرم الغيبة التي هي التكلم بما تأكد له من التجسس.
حرم الله ثلاثة أشياء متوالية: حرم الله سوء الظن -غير الظن الذي هو على قرار- ثم حرم سلوك السبيل لتأكيده وهو التجسس، ثم حرم التكلم عنا المسلم بما فيه حتى لو علمه وتيقن به، وذلك بتحريم الغيبة، وهذا كله لحماية أفراد المجتمع المسلم من جميع الآفات والشرور.
ثم قال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13] الذكر والأنثى هما- كما نعلم- آدم وحواء، وهذه الآية تفسرها آية في مطلع سورة النساء وهي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً [النساء:1].
(نفس واحدة) هي: آدم، ( خلق منها زوجها) من هذه النفس التي هي آدم خلق حواء، (وبث منهما) من هذا الرجل والمرأة (رجالاً كثيراً ونساء).
والناس من جهة الذكر والأنثى أنواع كما أنهم من جهة اللون أنواع، ففيهم الأبيض والأسود والأسمر والحنطي إلى غيره، كذلك من جهة الشكل الخارجي، فهناك الطويل والقصير والسمين والنحيل، فكذلك من جهة الذكر والأنثى الناس أربعة أصناف: فمنهم من خلقه الله عز وجل من ذكر وأنثى، وذلك مثل عامة البشر تقريباً، ومنهم من خلقه الله بلا ذكر ولا أنثى، وهو آدم عليه السلام، ومنهم: من خلقه الله تعالى من أنثى بلا ذكر وهو عيسى عليه السلام خلقه الله من أنثى بلا ذكر، ومنهم من خلقه الله من ذكر بلا أنثى كحواء، فقد خلقها الله من ذكر بلا أنثى.
وهناك كلام مهم للعلامة الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان عند تعليقه على قول الله عز وجل: مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى [الحجرات:13] فإنه وضح الفوارق بين الذكر والأنثى، ووضح ما ينبني عليها من الأحكام الشرعية التي جعلت الطلاق والقوامة بيد الرجل، والحمل ورعاية الأبناء الصغار عند المرأة، فليراجع فإنه كلام جميل.
معنى الشعب والقبيلة
أولاً: الشعب، وأصغر منه القبيلة، وأصغر من القبيلة العمارة، وأصغر من العمارة البطن، وأصغر من البطن الفخذ، وأصغر من الفخذ الفصيلة، وبعضهم قال: وأصغر من الفصيلة العشيرة.
فمثلاً: إذا جئنا إلى نسب الرسول صلى الله عليه وسلم، فإننا نجد أن خزيمة شعب خرجت منه كنانة، وهي قبيلة من قبائلهم، وخرجت من كنانة قريش وهي عمارة من عمائر كنانة، وخرج من قريش بنو قصي وهم بطن من بطون قريش، وخرج من هذا البطن فخذ وهم بنو عبد مناف، وخرج من هذا الفخذ بنو هاشم، وهم فصيلة الرسول صلى الله عليه وسلم.
نبذة عن الشعوبية
أصحاب هذا الاتجاه يسمون بالشعوبيين وهم طائفة ضالة، ومن كره العرب بلا استثناء، فقد كفر، لأن منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن كرههم بلا استثناء يكفر، لأن معنى ذلك أنه كره الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد رد عليها بعض علماء الأندلس وغيرهم من علماء المسلمين.
الحكمة من تعدد الشعوب والقبائل
يقول الله عز وجل: لِتَعَارَفُوا [الحجرات:13] فالتعارف هو الحكمة التي من أجلها جعلنا شعوباً وقبائل: لِتَعَارَفُوا [الحجرات:13].
ومعنى لِتَعَارَفُوا : لكي ينتسب كل إنسان لأبيه، فيعرف أن فلاناً هو فلان بن فلان بن فلان من القبيلة الفلانية، أو العائلة الفلانية، ولذلك حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من انتساب الإنسان لغير أبيه، أو انتساب المولى لغير مواليه تحذيراً شديداً، فقال في الحديث الصحيح الذي يرويه أبو داود عن أنس رضي الله عنه وأرضاه: (من ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة) الذي يدعي أنه ابن فلان، ويسمي أباً له غير أبيه، وينتسب إليه، فهذا يقول فيه صلى الله عليه وسلم: (فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة).
ثمرات التعارف بين الشعوب والقبائل
أولاً: صلة الأرحام حتى يكون الناس بينهم قرابات ويتزوج بعضهم من بعض: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً [الفرقان:54] جعل بينهم زواجاً ومصاهرةً وأنساباً، فالرجل يخرج منه ابنه، فهذا نسب، والرجل عندما يتزوج يصبح بينه وبين أهل زوجته مصاهرة، فهذه من الفوائد، فعندما يتعلم الإنسان الأنساب، يستطيع أن يعرف أرحامه، فيصلهم، ولذلك أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتعلم الأنساب في الحديث الصحيح بقوله: (تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأةٌ في الأثر) حديث صحيح.
الآن لما صارت القضية فيها نسب وشعوب وقبائل، صار تعلم النسب واجباً، أوجب بعض أهل العلم تعلم النسب، لماذا؟
حتى يصل الإنسان رحمه، ويعرف من أبوه، ومن عمه، ومن جده، من هم أقارب الجد؛ والفروع والحواشي والأصول.
الأصول هم: الأب والجد .. وإن علا، والفروع هم: الابن وابن الابن وإن نزل، والحواشي: العم والعمة والخال والخالة وأولادهم، فيتعلم الإنسان الأصول والفروع والحواشي حتى يصل رحمه، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، والذي يصل رحمه يكون محبوباً في العائلة بخلاف الإنسان الذي لا يصل رحمه، وهذا من النقاط المهمة التي يقع بسببها تقصير كثير من الدعاة إلى الله عز وجل.
قد يقول الإنسان: أنا مشغول، ويترك أقاربه وأرحامه ولا يصلهم، ولا يعرف أخبارهم مع أنهم بقليل من الصلة قد يتأثرون به ما لا يتأثرون من غيره نتيجةً للقرابة الموجودة بينهم وبينه، يذهب ليدعو فلاناً البعيد مع أنه لا يعرف عنه شيئاً، ويترك أقاربه، والله قد قال لنبيه: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء:214] ويترك أقاربه مع أنهم بقليل من الجهد قد يتأثرون منه، ولا يتأثرون من غيره، لأن بينه وبينهم صلة وقرابة ومساهمة وعلاقة، فلا بد من استغلال هذه العلاقة في الدعوة إلى الله عز وجل والتأثير على هؤلاء الأقارب.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (مثراة في المال) ففيها قولان لأهل العلم:
أحدهما: أن الله عز وجل ببركة صلة الرحم يبارك لك في مالك ويثريه لك وينميه ويبقيه ويكثره.
القول الثاني: أن الإنسان إذا وصل رحمه، فإنهم قد يوصون إليه ببعض مالهم عند الموت للصلة الحسنة بينهم وبينه، وهم من غير الأقارب الذين حدد الله لهم نصيبهم في الإرث لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث).
فقد يوصي الإنسان لقريبه البعيد، لأن بينه وبينه علاقة حميدة في صلة، أو شيء من ذلك، فقد تعود عليه المنفعة، لكن الإنسان عموماً إذا وصل رحمه، فلا يكن قصده المال، وإنما رضا الله عز وجل، والقيام بحقوق هؤلاء الأقربين.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم (منسأة في الأثر) فمعناه يزيد عمره زيادة مكتوبة في اللوح المحفوظ ومقدرة عند الله عز وجل.
توضيح المسألة: الإنسان إذا لم يصل رحمه، فقد يعيش أربعين سنة، فإذا وصل رحمه، عاش ستين سنة، ويكون مقدراً عند الله أن فلاناً إذا لم يصل رحمه فسيكون عمره كذا، فلو وصل رحمه -وكونه سيصل أو لا يصل مكتوب عند الله عز وجل- فسيزاد له في عمره، ولو لم يصل رحمه فسيبقى عمره كذا عند الله عز وجل، فصلة الرحم منسأة في الأثر، أي تطيل العمر.
شُعُوباً وَقَبَائِلَ [الحجرات:13] الشَّعبُ هو: الحي العظيم من الناس، الجماعة الكثيرة من الناس تسمى شعباً؛ مثل مضر وربيعة، فهما شعبان من شُعُوب العرب، والقبائل دون الشعوب في الاتساع والكثرة، مثل بني بكر من ربيعة وتميم من مضر، تميم قبيلة من شعب مضر، وبنو بكر قبيلة من شعب ربيعة، وأهل اللغة يصنفون هذه الأسماء من حيث القلة والكثرة ومسمياتها كالتالي، يقولون:
أولاً: الشعب، وأصغر منه القبيلة، وأصغر من القبيلة العمارة، وأصغر من العمارة البطن، وأصغر من البطن الفخذ، وأصغر من الفخذ الفصيلة، وبعضهم قال: وأصغر من الفصيلة العشيرة.
فمثلاً: إذا جئنا إلى نسب الرسول صلى الله عليه وسلم، فإننا نجد أن خزيمة شعب خرجت منه كنانة، وهي قبيلة من قبائلهم، وخرجت من كنانة قريش وهي عمارة من عمائر كنانة، وخرج من قريش بنو قصي وهم بطن من بطون قريش، وخرج من هذا البطن فخذ وهم بنو عبد مناف، وخرج من هذا الفخذ بنو هاشم، وهم فصيلة الرسول صلى الله عليه وسلم.
هناك كلمة مشتقة من هذه الكلمة ترد أحياناً في كتب المؤرخين المسلمين وهي كلمة" الشعوبية "، الشعوبية -أيها الإخوة- مذهب من المذاهب الضالة التي دفع أصحابها ضغائنهم الموجودة في قلوبهم ونفوسهم على الإسلام وأهله إلى كراهية العرب وبغضهم والتنقص منهم، وذكر معايبهم ومثالبهم، وقد ألف بعض الشعوبيين مصنفات في هذا، ومن بينهم أبو عبيدة الخارجي-وليس هو أبا عبيدة بن الجراح الصحابي المعروف- صنف كتاباً في مثالب العرب ونقائصهم، وكذلك ألف ابن غرسية رسالة فصيحة في تفضيل العجم على العرب.
أصحاب هذا الاتجاه يسمون بالشعوبيين وهم طائفة ضالة، ومن كره العرب بلا استثناء، فقد كفر، لأن منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن كرههم بلا استثناء يكفر، لأن معنى ذلك أنه كره الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد رد عليها بعض علماء الأندلس وغيرهم من علماء المسلمين.