الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة [2،1]


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] .. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1] .. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

إخواني في الله، أهل هذا البلد الآمن: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فإني والله مسرورٌ ومنشرح الصدر لهذا اللقاء، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل مجلسنا هذا مجلساً يرضاه سبحانه وتعالى، وأن يجعل فيه خيراً كثيراً للسامع والمتكلم.

أيها الإخوة: كان في الذهن أكثر من موضوعٍ لإلقائه في هذه الليلة، ورأيت الآن وأنا في مجلسي هذا أن أبدأ معكم بالموضوع المتفق عليه أصلاً وهو: (الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة)؛ لأني أخشى لو أنني بدأت بالموضوع الآخر ألا ننتهي منه، وأن يطول الكلام عليكم جداً، ولعلكم تسمعونه في مناسبة أخرى إن شاء الله، وعلى العموم فهذا الموضوع أو الموضوع الآخر مذكورة تفاصيلهما في كتب أهل العلم، ولكن حسبنا في هذه الجلسة أن نتذاكر ونتواصى معاً ونحقق قول الله عز وجل في الذين استثناهم من الخسران: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:3] وهذه الآية تبين لنا أن هناك أشياء في الإسلام لا يمكن أن تؤدى بشكلٍ فردي، ولا بد من عباداتٍ جماعية يقوم بها المسلمون، ومنها التواصي على الحق والصبر، ومن التواصي بالحق -أيها الإخوة- التواصي بالمحافظة على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أرسله الله سبحانه وتعالى ليبين لنا ما أنزل إلينا من ربنا، فكانت سنته صلى الله عليه وسلم شارحة للكتاب العزيز، مفصلة لمجمله، مخصصة لعمومه في بعض الأحكام، ولذلك كان لا بد لحفظ الكتاب من حفظ السنة، والذي نراه -أيها الإخوة- في هذا العصر أن تفريطاً عظيماً حصل من المسلمين بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هذا التفريط: التساهل في رواية الأحاديث التي تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد يكون عليه السلام منا براء، ولا يمكن أن يقول عليه الصلاة والسلام مثل بعض الكلام الذي ينسبه بعض الجهلة إليه صلى الله عليه وسلم.

وقد يكون في أذهان البعض أن هذا الموضوع من البديهيات، ولكن -أيها الإخوة- المتأمل في أضرار هذه المسألة وهي انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بين الناس لَيُدْرِكُ بجلاء أن المسألة خطيرة، ولعلنا نخلص من عرض هذه المحاضرة إلى شيءٍ من هذه الخطورة التي نريد أن نبينها، حتى يعي المسلم من أين يؤتى، وحتى يعي المسلم ما هو مصدر الأمراض المنتشرة في المجتمع، فإنه أحياناً يكون خارجياً، من أعداء الإسلام في الخارج، وأحياناً يكون من الداخل، وبعض المسلمين يوحون إلى آخرين بأن السبب في تقهقر المسلمين وانهزامهم مؤامرات خارجية، وقد تتخذ هذه النقطة شماعة تعلق عليها الأخطاء الداخلية التي ترتكب في المجتمع الإسلامي.

بادئ ذي بدءٍ -أيها الإخوة- لا بد لنا أن نذكر هذا الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنتم تعلمون أن حديث: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) حديثٌ متواتر، رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحواً من سبعين صحابياً وربما مائة صحابي، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن الذي أصله في الصحيحين : (من قال عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار) وقد ترجم عليه ابن حبان رحمه الله: فصل ذكر إيجاب دخول النار لمن نسب الشيء إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو غير عالمٍ بصحته.

وروى الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه : (من حدث عني بحديثٍ يرى أنه كذب فهو أحد الكاذِبِيْن -أو الكاذِبَيْن-).

لقد كانت حركة الوضع في الحديث من المؤامرات الباطنية التي يقصد منها تشويه الإسلام، والتي يقصد منها إشاعة الفتنة وإبعاد المسلمين عن الصحيح من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان من هؤلاء زنادقة يضعون الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم كـعبد الكريم بن أبي العوجاء وغيره، الذي كان يقول لما قدم ليضرب عنقه: والله لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديثٍ أحرم فيها الحلال وأحلل فيها الحرام.

وكان من هؤلاء أصحاب أهواءٍ كما قال ذلك الشيخ الخارجي: كنا إذا اشتهينا أمراً أو هوينا أمراً صيَّرنا له حديثاً.

وممن اشترك في وضع الحديث أناسٌ يضعونه صناعة وتسوقاً جراءة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إن أحدهم ليسهر عامة ليلة، في وضع حديث.

ومنهم من كان ينسب إلى الزهد والتدين، ولكنه جاهل على الأقل في هذه النقطة، فكان يضع الأحاديث يظن ذلك احتساباً عند الله كـنوح الجامع ، وسمي بالجامع لأنه كان يجمع التفسير والفقه والمغازي وعلوماً كثيرة إلا شيئاً واحداً وهو التورع من الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يكن عنده، وعندما يجهل المسلم المنطلق الصحيح وتقع له شبهة، ولكنه غير معذورٍ فيها مثل هذا الرجل، لأن الأمر قد بين له ونوقش ولكنه مع ذلك أصر وقال: رأيت الناس يشتغلون بـمغازي ابن إسحاق ، وفقه أبي حنيفة فأردت إرجاعهم إلى القرآن، فقعد يضع الحديث في فضائل السور سورة سورة.

ومنهم أناسٌ كانوا يضعون الأحاديث في تمجيد رؤساء مذاهبهم كما وضعت الكرامية هذا الحديث: (يجيء في آخر الزمان رجلٌ يقال له: محمد بن كرام يحيي السنة والجماعة، هجرته من خراسان إلى بيت المقدس كهجرته من مكة إلى المدينة) حديثٌ مكذوب يريدون به رفع شأن هذا المبتدع حتى يتلقف الناس منه العلم، ويزينونه في أعين الناظرين والسامعين، ويُخدع به عباد الله المسلمون.

ومنهم أناسٌ كان فيهم حقدٌ على الإسلام وعلى هذا القرآن الذي نزل بلغة العرب، يريدون نسف اللغة العربية، ويريدون إعلاء شأنهم حقداً على هذا الدين، منهم بعض الفرس الذين وضعوا مثل هذا الحديث: (إن كلام الله حول العرش بالفارسية، وإن الله إذا أوحى أمراً فيه لينٌ أوحاه بالفارسية، وإذا أوحى أمراً فيه شدة أوحاه بالعربية) ما هو المقصود؟! ماذا يوحي هذا الحديث؟! ماذا يلقي في أنفس السامعين؟ إنه يلقي كراهية اللغة العربية ومحبة اللغة الفارسية. وهل سكت الجهلة المقابلون لهم من العرب؟ كلا. فإنهم وضعوا أحاديث أيضاً في فضل اللغة العربية وأن كلام أهل الجنة عربي، وفي المقابل وضعوا أحاديث في ذم بلاد خراسان مدينة مدينة. فلا يجوز أن ترد البدعة ببدعة ولا يجوز أن نرد على الخطأ بخطأ آخر! إن الرد على البدعة والخطأ -أيها الإخوة!- يكون بتبيان الصواب أولاً، ثم بنقد الخطأ والبدعة ثانياً.

وبعض الوعاظ يظنون أن السبيل إلى تحميس الناس لأمرٍ معين هو أن يضع حديثاً في فضل هذا الأمر، فيأتي واعظ جاهل يرى الناس قد قصروا في زكاة الفطر مثلاً فيضع لهم هذا الحديث: (شهر رمضان معلقٌ بين السماء والأرض لا يرفع إلى الله إلا بزكاة الفطر) لماذا؟! قال: لأن الناس لا يخرجون زكاة الفطر، نريد أن نحمس الناس على إخراج زكاة الفطر.

وبعضهم من الفرق الباطنية الذين كان همهم تمجيد بعض الأشخاص كشخص علي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى يوصلوه إلى مرتبة الألوهية، انظروا مثلاً إلى هذا الحديث: (ستكون فتنة فإن أدركها أحد منكم فعليه بخصلتين: كتاب الله وعلي بن أبي طالب ) علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين، مناقبه مشتهرة متكاثرة لا يماري فيها إنسان مسلم يعرف الله عز وجل، ويعرف حق صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن أن تصل المسألة أن يجاء برجل ولو كان صحابياً فيُعتبر هو المرجع بعد كتاب الله.

إذاً: -أيها الإخوة!- المسألة مخططٌ لها، مذاهب قامت في التاريخ يريد كل أصحاب مذهبٍ منهم أن يؤصلوا لمذهبهم بأحاديث يروجونها بين المسلمين، يؤصلون للمذهب ويقعدون له بأحاديث موضوعة ومكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم.

وضعوا حديثاً عن علي : (غسلت النبي صلى الله عليه وسلم فشربت ماء محاجر عينيه فورثت علم الأولين والآخرين) ولم يكتفوا بذلك بل وضعوا حديث: (النظر إلى علي عبادة)، ونحن نعرف أن النظر إلى المصحف عبادة، هل وقف الأمر عند هذا الحد؟ كلا. لتعزيز المذهب وتأصيله أيضاً لا بد من الاختلاق في مجال التفسير فلذلك جاءوا بحديث: (اسمي في القرآن وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [الشمس:1]، واسم علي وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا [الشمس:2]، واسم الحسن والحسين وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا [الشمس:3]، واسم بني أمية وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا [الشمس:4])، ولما وصل الحقد بهؤلاء الباطنية على صحابيٍ جليل مثل معاوية رضي الله عنه، فقد وضعوا الحديث السابق وأحاديث أخرى مثل حديث: (لكل أمة فرعون وفرعون هذه الأمة معاوية) عندما يسمع الناس -أيها الإخوة!- هذه الأحاديث ماذا يُحدث في قلوبهم على معاوية رضي الله عنه؟ ما هو الأثر السيء لهذا الحديث في قلوب الناس على صحابة أجلاء كرام من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم؟

ولكن المتعصبة للطرف الآخر هل ستتوب؟ كلا. فقد وضعوا أحاديث منها: (أخذ القلم من علي ودفعه إلى معاوية) علي لا يصلح فـمعاوية هو الكاتب الأمين؟! صحيح أنهم أقل شراً من أولئك ولكن المشكلة أن الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم صار أمراً سهلاً لا يُتورعُ عنه، ولا يخاف الإنسان ربه من الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم فيختلقون آلاف الأحاديث الموضوعة المكذوبة في شتى المجالات.

ولما حقد هؤلاء الباطنية على أبي بكر وعمر ؛ قام بعض الناس يضع الأحاديث في فضل أبي بكر وعمر ومنها حديث لـعثمان : (لما أسري بي إلى السماء فصرت في السماء الرابعة سقط في حجري تفاحة فأخذتها بيدي فانفلقت فخرج منها حوراء تقهقه فقلت لها: تكلمي لمن أنت؟ قالت: للمقتول شهيداً عثمان) وأما الأحاديث الموضوعة في فضل أبي بكر وعمر فهي كثيرة ولكنها ليست أكثر من الأحاديث الموضوعة في فضل الرجال الذين يريد الباطنية أن يمجدوهم، ومن هذه الأحاديث مثلاً: (من شتم الصديق فإنه زنديق، ومن شتم عمر فمأواه سقر، ومن شتم عثمان فخصمه الرحمن، ومن شتم علياً فخصمه النبي صلى الله عليه وسلم) فهذه الطائفة أرادت أن تقرب بين وجهات النظر المختلفة فقالوا: نضع أحاديث في فضل الأربعة حتى تجتمع الأمة عليهم، والأحاديث في فضل الأربعة موجودة، فلماذا الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

وقد يحمل التعصب المذهبي الذميم بعض الناس على اختلاق الأحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنه مثلاً الحديث المشهور المعروف: (سراج أمتي أبو حنيفة النعمان) .. (يكون في أمتي رجلٌ كنيته أبو حنيفة النعمان هو سراج أمتي، ويكون رجلٌ في أمتي اسمه محمد بن إدريس هو أضر على أمتي من إبليس) يقصدون الشافعي رحمه الله تعالى الذي هو مجدد من المجددين في الأمة في أصول الفقه، فهل سكت الطرف الآخر؟ كلا. بل اختلقوا حديث: (عالم قريش يملأ الأرض علماً) يقصدون الشافعي ، وتظهر الأشياء المتبادلة في الأخذ والرد، ولكن المشكلة أنها في مجال الأحاديث والسنة النبوية عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقد يحمل إرضاءٌ لخليفة أو سلطان من السلاطين رجلاً أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرضي ذلك الأمير مثلما وقع لـغياث بن إبراهيم لما كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمة: (لا سبق إلا في نصل أو خفٍ أو حافر) فأضاف هذا الرجل: (.. أو جناح) لكي يرضي المهدي الذي كان يلعب بالحمام، ولكن المهدي رحمه الله كان مشهوراً بتعقب الزنادقة ، فلما سمع رجلاً يكذب من أجل إرضائه رجع إلى نفسه فذبح الحمام، فلما تولى غياث بن إبراهيم قال: أشهد أن قفاك قفا كذاب.

وقد يكون دافع الانتقام من أشخاصٍ معينين أو هيئاتٍ معينة سبباً لوضع الأحاديث فمثلاً يحنق أحدهم على قاضٍ من القضاة لم يعجبه حكمه فيطلق الحكم على القضاة فيطرده طرداً فيأتي بحديثٍ مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليذم هذه الطائفة طائفة القضاة مثلاً كحديث: (عرج حجرٌ إلى الله فقال: إلهي وسيدي! عبدتك كذا وكذا سنة ثم جعلتني في حش كنيس -مرحاض، الحجر يشتكي- فقال -يعني الله عز وجل، وتعالى الله أن يقول ذلك-: أما ترضى أني عزلت بك عن مجالس القضاة) أي أن المرحاض أحسن من مجالس القضاة.

وقد يحنق أحدهم على الشرطة فيضع الأحاديث في ذلك، فمنها مثلاً: (دخلت الجنة فرأيت فيها ذئباً فقلت: أذئبٌ في الجنة؟! فقال إني أكلت ابن شرطي) فلأنه أكل ابن شرطي دخل الجنة.

فالمدهش -أيها الإخوة!- أنه قد يكون أحياناً السبب تافهاً، ولكن المقابل لهذا الأمر كذب على الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقد يكون السبب في وضع الحديث لمصلحة شخصية في الكذاب، فمنها أن أعمى من العميان وضع حديث: (من قاد أعمى أربعين خطوة دخل الجنة) ليشجع الناس أن يقودوه.

وقد حنق أحدهم مرة من المرات على معلم ولده لأنه ضرب الولد، فجاء الولد إلى أبيه يبكي، فقال: ما بك؟ قال: ضربني المعلم، قال: أما والله لأخزينه، كيف سيخزيه؟ وضع حديثاً: (معلمو صبيانكم شراركم، أقلهم رحمة لليتيم وأغلظهم على المساكين).

وقد يقع بين بعض الجهلة ممن يدعون العلم خلافاتٍ في مسائل من العلم، فماذا يفعلون؟ يختلقون أحاديث لترجيح قولٍ من الأقوال، اختلف بعضهم مرة هل سمع الحسن من أبي هريرة أم لم يسمع، فلما طال النقاش جاءهم رجل وقال: أنا عندي فصل المسألة، ما هو؟ قال: عن فلان: عن فلان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (سمع الحسن من أبي هريرة).

لما اختلفوا هل فتحت مكة عنوة أم صلحاً؟ ويبني على ذلك مسائل في الشريعة، جاء واحد وقال: قال رسول الله: (فتحت مكة صلحاً).

فإذاً: الأسباب في وضع الحديث كثيرة، والذي يقرأ ويطلع يجد أن الأمر يتعدد باختلاف نزعات ورغبات الذين وضعوا الحديث، وبعضهم أمكر من بعض، وبعضهم أخبث من بعض، ولكن هذا الكلام قد يجعل بعض الناس يقولون: إذا كانت المسألة بهذه الكيفية فمعنى ذلك أننا سنفقد الثقة بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما دامت الأحاديث الموضوعة بهذه الكثرة إذاً: ما يدرينا أن أي حديثٍ نقرأه هو حديث غير مكذوب؟ ولذلك بعض الناس عندهم شك فعلاً في السنة النبوية، أحد الناس يقول: هذه السنة (خمسون وخمسون)، خمسون في المائة، والله لا ندري؟!! لا تدري؟! تأتيك أحاديث فتقول: والله ما أدري!! وقد يكون الحديث في البخاري أو في مسلم ، وقد يكون الحديث ثابتاً صحيحاً بين العلماء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، إذاً: -أيها الإخوة!- هل هذا الوضع وهذا الكذب يؤدي بنا إلى التشكك في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم؟!! كلا. لا يمكن أن يكون ذلك لأن الله قال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9] كيف يحفظ القرآن إذا لم تحفظ السنة؟ إذا كان الله قد أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم وحياً ليبين للأمة الكتاب الذي أنزل إليهم من ربهم فكيف يكون حفظ للكتاب بغير حفظٍ للسنة؟! ولذلك استدل بعض العلماء بهذه الآية إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9] على حفظ الله لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

ولذلك -أيها الإخوة!- قيض الله لهذه الأمة علماء أفذاذاً نقحوا هذه الأحاديث، وبينوا ما هو الصحيح من الضعيف، ما تركوا حديثاً إلا وتكلموا فيه، وبينوا نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليسوا محدودين في عصرٍ أو مصرٍ بل هم يتكررون على مر العصور والدهور، ولا يخلي الله منهم عصراً غير أن هذا الضرب من العلماء نادر:

وقد كانوا إذا عدوا قليلاً     فقد صاروا أعز من القليل

كان العالم عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله يقول: "لأن أعرف علة حديثٍ هو عندي أحب إلي من أن أكتب حديثاً ليس عندي"، ما الفائدة من الجمع فقط؟ لا بد أن أعرف هل الذي جمعت يحتج به أم لا؟ هل هو صحيح فيعمل به، أم هو ضعيف فيحذر الناس منه.

قال سفيان الثوري رحمه الله: "الملائكة حراس السماء وأصحاب الحديث حراس الأرض" وقال يزيد بن زريع : "لكل دينٍ فرسان وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد" ولذلك مرة من المرات -كما ذكر الحافظ الذهبي في الميزان- أتى هارون الرشيد رحمه الله بزنديق ليقتله، فقال الزنديق: أين أنت من ألف حديثٍ وضعتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ -يعني: ماذا تستفيد من قتلي وقد وضعت ألف حديث وقد سرت بين الناس؟- فقال له هارون رحمه الله: وأين أنت من أبي إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك ينخلانها حرفاً حرفاً، يبينانها للناس.

فإذاً: وجد هؤلاء العلماء، ووجد هؤلاء المهتمون بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد مر أحمد بن حنبل رحمه الله على نفرٍ من أصحاب الحديث وهم يعرضون كتاباً لهم فقال: ما أحسب هؤلاء إلا ممن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين حتى تقوم الساعة) قال ابن حبان رحمه الله: ومن أحق بهذا التأويل من قومٍ فارقوا الأهل والأوطان، وقنعوا بالكسر والأطمار في طلب السنن والآثار، يجولون البراري والقفار، ولا يبالون بالبؤس والإقتار، متبعين لآثار السلف الماضين، وسالكين طريق الصالحين. بأي شيء؟ برد الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذب الزور عنه، ولذلك كان للعلماء جهودٌ جبارة في كشف الكذب، وتعيين الأحاديث المكذوبة، وتبيين الضعيف للناس والمكذوب حتى يحذروا منه، ولذلك ألفوا مصنفاتٍ خاصة في تبيان الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وفي تبيان الأحاديث المشتهرة على الألسنة، وقعدوا القواعد في روايات أهل البدع، وشددوا في قبول الحديث، ودعوا الناس إلى تلقي الصحيح، والحث على التثبت في الرواية، وألفوا الكتب في أسماء الضعفاء والوضَّاعين، وبينوا الأحاديث المسروقة والمركبة وأحاديث القصاصين، وكانت لهم مواقف من الكذابين: بفضحهم، وترك السلام عليهم، ووعظهم، والتشهير بهم، وتمزيق كتبهم بين أعينهم، والاستعداء عليهم من أهل الخير، ووصفهم بألقابٍ تناسبهم، فكان أحد العلماء يقول: فلان كذاب أكذب من حماري، وقال: فلان مَدْلٌ في جلد خنزير، وقال: فلان أكذب من فرعون ..إلخ.

ولكن قد يتساءل البعض: ما هي الأسباب في كثرة انتشار هذه الأحاديث؟

فنقول: منها قلة علماء الحديث في هذا العصر، وهذا لا شك فيه، والسبب الثاني: انتشار وسائل النشر والتوزيع التي تطبع الكتب وتغرق الأسواق بآلافٍ من الكتب التي فيها الشيء الكثير من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وقلما تجد واعظاً أو محاوراً أو خطيباً إلا ويسوق في ثنايا كلامه أحاديث موضوعة أو ضعيفة إلا من رحم الله من طلبة العلم الذين يتحرون فيما ينسبونه إلى رسولهم صلى الله عليه وسلم، وبعض الناس -أيها الإخوة!- تعجبهم الأحاديث الضعيفة والموضوعة لأسباب فمنها مثلاً: أنها تلمس عواطفهم، مثال: (من زار قبر والديه كل جمعة فقرأ عندهما يس غفر له بعدد كل آية أو حرف) الناس يحبون آباءهم ويحبون أمهاتهم، ويريد الواحد منهم أن يفعل شيئاً لأمه وأبيه، فيذهب عندما يسمع هذا الحديث ويطبق ليس إلا من باب العاطفة، وبعض الأحاديث الموضوعة تستدر الشفقة، إذا سمعت هذا الحديث: (إذا بكى اليتيم وقعت دموعه في كف الرحمن يقول: من أبكى هذا اليتيم الذي واريت والديه تحت الثرى، من أسكته فله الجنة) هذا الحديث المكذوب الموضوع في رحمة اليتيم قد يؤثر في عواطف الناس، فيندفعون بعواطفهم لتقبل هذه الأحاديث، وتلقفها والعمل بها، لأنه شيء عاطفي، شيء يؤثر في النفس، ولكن ما درى أولئك المساكين أن هذا كلام مكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث مؤثرة تجيش عواطف النفس وتؤثر في القلب، فلماذا لا يعملون بها؟

عدم تقبلهم للأحاديث الصحيحة بعد سماعهم للأحاديث الضعيفة

من الآثار السيئة كذلك لهذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة: أن في كثيرٍ منها أجوراً خيالية! من فعل كذا فله ألف حسنة وألف قصر في الجنة، وفي كل قصر ألف خيمة، وفي كل خيمة ألف حورية، وعلى كل حورية ألف حلة من ذهب!! وفي المقابل أحاديث العذاب: من فعل كذا وكذا وكذا وضع في تنورٍ من نار فيه ألف فرن، في كل فرن ألف أفعى، في كل أفعى ألف لسان، في كل لسان ألف نوعٍ من أنواع السم يقرصه صباحاً ويلدغه مساءً وهكذا! مع استمرار الكلام في هذه الأشياء وطرق مثل هذه الأحاديث الخيالية يتعود الناس على المبالغة مما يعكس أثراً سيئاً وهو أنهم لا يتقبلون أحاديث صحيحة كحديث -على سبيل المثال-: (ويلٌ لمن فعل كذا) لأن كلمة ويل صارت بالنسبة للأحاديث التي فيها ألف ألف كذا وكذا شيئاً قليلاً، فصاروا لا يتأثرون، فلابد أن تأتي بحديث فيه ألف ألف كذا، وعشرة آلاف كذا، ومائة ألف كذا حتى يتأثر، وهذه من إحدى السلبيات لانتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة.

إيقاع المسلم في الشرك الصريح

من الآثار السيئة لهذه الأحاديث:

إيقاع المسلم في الشرك الصريح، والكفر المخرج عن الملة، والردة عن الدين، والعياذ بالله مثل حديث: (من اعتقد أحدكم بحجرٍ لَنفَعه) لو اعتقدت أن هذا حجر يضر وينفع لنفعك، لا يوجد حجر ينفع! إن في هذا إرجاعاً للمسلمين إلى الجاهلية الأولى، إلى عبادة الأحجار، والأوثان، وفيه صرف للناس عن التوسل المشروع إلى التوسل غير المشروع.

فبدلاً من أن يقول الواحد مثلاً: يا ألله! إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام! ويسأل الله، يأتيه هذا الحديث، مثلاً: (توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم) ونأتي نقول: نسألك بحق الأنبياء، نسألك بجاه محمد، نسألك بكذا وكذا، وقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم توسلاتٍ مشروعة، ولكن هذه الأحاديث لا تدع الناس يكملون التوسل المشروع بل تصرفهم إلى الشيء غير المشروع، بل إنها قد توقع الناس في الكفر، فمن جهة ترك الصلاة -مثلاً- حديث: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له، أو لم يزدد من الله إلا بعداً) بعض الناس يقع في الفواحش؛ قد يشرب الخمر، قد يزني قد يسرق، قد يرتشي، فعندما يسمع هذا الحديث: ( من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له ) يقول في نفسه أنا لم أستطع أن أتخلص من الزنا إذاً: ليس لي صلاة، فلماذا أصلي؟! أعرف رجلاً قال لي بلسانه وكان رجلاً ضالاً ثم مَنَّ الله عليه فاهتدى: كنت وأنا ضال في البداية أصلي، مع أني أسافر وأفجر وأفسق لكني كنت أصلي، ثم سمعت هذا الحديث: ( من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له ) فقال: قلت في نفسي: إذاً لماذا أصلي إذا كان ليس لي صلاة وأنا مصمم على المعصية مصرٌّ عليها، إذاً: ليس لي حاجة لأن أصلي، وكلما أردت أن أصلي برز أمام عيني هذا الحديث فتركت الصلاة! لماذا ترك الصلاة؟ لهذا الحديث الموضوع المكذوب المنكر.

مثلاً: إيقاع الناس في قضايا تنافي التوحيد مثل: التشاؤم بالأزمان والتطير بها: (لا تسافر والقمر في العقرب) إذا صار القمر في برج العقرب فلا تسافروا فهذا السفر سيء، ولا تسافروا لأن نتائجه سيئة.

علي بن أبي طالب لما ذهب لقتال الخوارج، عرض له أحد المنجمين فقال: يا أمير المؤمنين! لا تسافر فإن القمر في العقرب، قال: [بل أسافر ثقة بالله وتوكلاً على الله وتكذيباً لك] وسافر فظفر على الخوارج وانتصر عليهم.

أو حديث: (من بشرني بخروج صفر بشرته بالجنة) لأنهم يتشاءمون بشهر صفر، فهي أحاديث مكذوبة توقع الناس، وأحياناً هذه الأحاديث المكذوبة تكون في أمورٍ تنافي الإيمان وتنافي مفهومه الصحيح، بل إنها تركب في أنفسهم مفاهيم للإيمان غير صحيحة، مثل: مفهوم المرجئة للإيمان، كالحديث المكذوب: (من قال الإيمان يزيد وينقص فقد خرج من أمر الله) .. (ومن قال أنا مؤمن إن شاء الله فليس له في الإيمان نصيب) كما لا ينفع مع الشرك شيء فكذلك لا يضر مع الإيمان شيء، فالناس يعتقدون أن الإيمان في القلب، وأن العمل غير مهم، لماذا؟ لهذه الأحاديث.

ولذلك مرة قلت لرجل: يا أخي! اتقِ الله قم صل الصلاة، لماذا لا تصلي؟ فأشار إلى قلبه، وكان هذا هو الجواب، لأنه يعتقد أنه يكفي أن يكون الإيمان في القلب ولا داعي للعمل! وقد تؤدي هذه الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة أيضاً إلى إنكار أشياء من العقيدة مثل حديث: (لا مهدي إلا عيسى) فماذا تكون النتيجة؟ إنكار أمر من أمور العقيدة وهو: المهدي الذي أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام، من أنه سيخرج في آخر الزمان عندما تمتلئ الأرض جوراً وظلماً.

الغلو بالأنبياء ورفعهم فوق المقام الذي أنزلهم الله عز وجل مثل حديث في تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم ورفعه فوق منزلته التي أنزله الله فيها كحديث: (لولاك ما خلقت الأفلاك) لولاك يا محمد! ما خلقت الأفلاك، حديث مكذوب، وهو يعني أن الله لم يوجد السماوات والأرض ويخلق الناس لعبادته، لولا محمد صلى الله عليه وسلم ما خلقهم، وهذا ينافي القرآن وظاهر القرآن، أو حديث (كنت نبياً وآدم بين الماء والطين) وهكذا.

حديث إحياء أبويه، بعض الناس من محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم عندما يعرف حقيقة تاريخية من أن أبوي الرسول صلى الله عليه وسلم ماتا على الكفر لا يعجبه، يقول: كيف .. أبو الرسول صلى الله عليه وسلم وأمه على الكفر؟! غير معقول! مستحيل! لا يمكن! إذاً ما هو الحل؟ هذا الحديث: (أحياء أبوي عرض عليهما الإسلام) فماتا بعد ذلك على الإسلام، وغير صحيح هذا، لماذا؟ نوح عليه السلام على ماذا كان ولده؟ وإبراهيم عليه السلام على ماذا كان أبوه؟ هل نفعه شيئاً؟ يؤتى بـآزر يوم القيامة فيلقى في النار، فيرى إبراهيم عليه السلام أباه كذيخٍ ملتطخ مسخ ضبعاً، ثم يؤخذ بقوائمه فيلقى في النار، وهو أبو الخليل خليل الله إبراهيم، لأن هذا الدين -أيها الإخوة!- لا يحابي أحداً، لا ينفع إلا الإيمان والعمل الصالح.

التشنيع على أهل الحديث

وكذلك من الآثار السيئة لهذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة: التشنيع على أهل الحديث، فاختلق بعض الزنادقة أحاديث ليشوهوا سمعة أهل الحديث، مثل حديث: (إن الله لما أراد أن يخلق نفسه خلق الخيل فأجراها فعرقت فخلق نفسه من هذا العرق) تعالى الله عما يقولون عنه علواً كبيراً، هو الأول فليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء، وهو الظاهر فليس فوقه شيء، ومثل الأحاديث التي يروونها من أن الله ينزل يوم عرفة إلى الموكب فيصافح الناس المشاة والركبان .. سبحان الله العظيم! لماذا وضعوها؟! وبعضهم يعرف أن العامة لن تتقبل هذا الكلام لكن ليقولوا: انظر إلى أهل الحديث ماذا يروون!!

نسبة ما لا يليق إلى الأنبياء والتشنيع عليهم منتشرة ومبثوثة الآن في كتب السير، أو بعض التفاسير: أن داود عليه السلام أعجب بزوجة أحد جنوده فأراد أن يتزوجها، فلكي يتخلص منه أرسل به في ميدان من ميادين القتال ليموت ويتزوج المرأة، هل يمكن أن نبياً من الأنبياء يعمل هذا العمل؟ ماذا يعتقد الناس عن داود عندما يسمعون بهذا الحديث، ولكي يفتحوا باب العمل بالأحاديث الضعيفة في الفضائل على مصراعيه وضعوا مثل هذا الحديث (من بلَغه عن الله فضلٌ فأخذ بذلك الفضل الذي بلغه؛ أعطاه الله ما بلغه وإن كان الذي حدثه كاذباً) سبحان الله! يعني: لو جاء أحد يقول حديثاً ضعيفاً أو موضوعاً في فضائل الأعمال وأنت أخذت به فلك الفضل حتى لو كان ذلك كذباً، هذا معنى الحديث.

تعليم الناس ما لم يثبت

أيضاً من هذه الآثار السيئة: تعليم الناس أشياء لا تثبت؛ مثلاً في حفظ القرآن الكريم: أكثر الناس يتفلت منهم القرآن ويحتاجون إلى مراجعته دائماً، ومع ذلك فهو يتفلت، فيريد الناس وسيلة سهلة لحبهم السهل، يقول: المراجعة شيء صعب، كل يوم مراجعة! ما هو الحل؟ يأتيك الجواب، والله -يا أخي!- يوجد حديث يجعلك لا تنسى القرآن، ما هو هذا الحديث؟ يقول: يا أخي! يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءت ليلة الجمعة فصل أربع ركعات واقرأ في الأولى الفاتحة ويس، وفي الثانية الفاتحة والدخان، وفي الثالثة الفاتحة والسجدة، وفي الرابعة الفاتحة وتبارك، فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله وقل كذا وكذا لا تنسى ما حفظته) فالناس يريدون هذه الأشياء، يريدون شيئاً سهلاً يوفر عليهم تعب المراجعة، فيقوم المسكين فيعمل بهذا الحديث، مثلاً حديث مسح العينين بباطن الأنملة من السبابتين عند قول المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، تجد بعض الناس يفعل هذا، ومع ذلك يفعلونها، فهل ثبت هذا الكلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إذاً كيف نعمله؟! كيف نستبيح لأنفسنا أن نعمل أشياء في العبادات لم تثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أن ندعو بما لم يثبت مع الأدعية الواردة والأذكار، إذا قامت الصلاة قالوا: أقامها الله وأدامها، إذا قال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] قالوا: استعنا بالله، إذا توضأ، قالوا: زمزم، إذا صلى ثلاثاً، قالوا: تقبل الله، وإذا قالوا: حرماً، قال: جمعاً، أين وردت هذه؟ وأين هي موجودة؟ ويواظب الناس عليها! ولو جئت الآن تقول: لا. فيقول: كيف؟ أنا أدعو له أن يصلي في الحرم وأن يتوضأ بماء زمزم ما فيها؟! فيها أنك الآن تبتدع في الدين، وأنك تقول أن الدين غير كامل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما عمل الأفضل، وجئنا الآن واكتشفنا الأفضل فنحن نعمل به!! وهذا كثير، يقول: الفاتحة على روح فلان! فتقول له: يا أخي! الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح يقول: (إذا مات واحد ...) فيقاطعك: الفاتحة على روح فلان؟! إذاً: لماذا نأتي بأشياء من جيوبنا ثم نطبقها في الواقع؟ أدعية على مدى الأيام؛ دعاء يوم السبت، ودعاء يوم الأحد، ودعاء يوم الإثنين، ودعاء يوم الثلاثاء، ودعاء يوم الأربعاء، ودعاء يوم الخميس، ودعاء يوم الجمعة، والصلوات؛ صلاة يوم السبت، وصلاة يوم الأحد! ومن الكتب المشهورة في هذا كتاب: الدعاء المستجاب الذي يقول عنه الشيخ/ عبد العزيز حفظه الله: مؤلفه حاطب ليل، يأتي من كل مكان يجمع ما هب ودب، والكتاب منتشر، والمشكلة أن الاسم ملفت للنظر: الدعاء المستجاب ، كل واحد يريد أن يكون دعاؤه مستجاباً، إذاً: اقتن هذا الكتاب وطبق ما فيه!!!

بعض الناس يوزعون أيام الأسبوع لمهمات معينة بناءً على أحاديث ضعيفة أيضاً، يأتي مثلاً فيقول: يوم السبت يوم مكرٍ ومكيدة، ويوم الأحد يوم بناءٍ وعرس، ويوم الإثنين يوم سفرٍ وتجارة، ويوم الثلاثاء يوم دم، ويوم الأربعاء يوم نحسٍ مستمر، ويوم الخميس يوم دخول على السلطان وقضاء الحوائج، ويوم الجمعة يوم خطبة ونكاح، انتهت القضية! أي توزيع وأي شيء هذا ..؟! تجارة ليوم كذا، ونكاح ليوم كذا، توزعت الأعمال وأصبحت جدولاً! لماذا؟ من أين أتى هذا الكلام؟ إنه من حديث موضوع عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

الأحاديث في فضل الأزمان والأماكن، ومن فعل كذا في رجب حصل له كذا وكذا، وصيام يوم سبعة وعشرين من رجب، وقيام ليلة خمس عشرة من شعبان، ولا بد أن يصام عند العامة ولا يمكن تركه! من أين جاء هذا؟! لا يوجد شيء صحيح، ولا يوجد مستند شرعي لهذا الكلام.

حتى شم الورود ما سلم من الأحاديث الموضوعة المكذوبة: (من شم الورد الأحمر ولم يصل علي فقد جفاني) .. (من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الأحمر) الآن -بالمناسبة- عند بعض الناس إذا أتيت بالبخور ودرت به على المجلس قال: اللهم صل على النبي ! فصارت هذه الآن ذكراً محدداً بوقت معين وهو عند البخور! اخترعنا الآن ذكراً محدداً عند شيء معين، عندما يأتي البخور يقول: اللهم صل على محمد، وقد يكون هذا من هذا.

اختراع أصول في الجزاء والحساب ما أنزل الله بها من سلطان، ولا يمكن أن الله يحاسب الناس بناءً عليها: (إن الله تعالى لا يعذب حسان الوجوه) أي أنه: إذا وجد شخص خلقته جميلة فهذا نجاة له من العذاب! (عليكم بالوجوه الملاح فإن الله يستحي أن يعذب وجهاً مليحاً بالنار) قال الشيخ القارئ : فلعنة الله على واضعه الخبيث، فهل هذا المقياس من الممكن أن الشريعة تأتي به؟ شخص ينجو من النار لأن وجهه جميل ولو كان أكفر الناس وأبعدهم عن الشريعة وعن العبادة؟!

ومن المعايير الأخرى أيضاً في الحساب: (آليت على نفسي ألا يدخل أحدٌ اسمه محمد أو أحمد النار) فقط لأن اسمه محمد أو أحمد!! لا يدخل النار! أممكن هذا الكلام؟! ألم يوجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين أخطر شخصيتين: عبد الله بن أبي بن سلول وعبد الله بن سبأ ، من أخطر الشخصيات في التاريخ الإسلامي وكل واحد اسمه عبد الله، ليست القضية قضية أسماء، لأن من المنافقين من الذين ينتسبون للإسلام ويتكلمون بألسنتنا من اسمه عبد الله وعبد الرحمن ومحمد وأحمد، ولكنهم يمكن أن يكونوا أشد خطراً على الإسلام من جورج وجوزيف .. إلى آخره، نعم يوجد هذا.

في الإمامة أحكام فقهية: (يؤم القوم أفقههم بكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا بالسنة سواء فأحسنهم وجهاً) يعني: إذا تساووا نقدم أحسنهم وجهاً، وماذا بعد إلا أن نحول المسجد إلى مسابقة جمال ووجوه، ثم انتخاب ثم ننتخب، واللجنة، والأصوات حتى نخرج أجملهم ثم يصلي بالناس، قبح الله ذلك فعلاً، وهذا موجود وإن لم تكونوا قد سمعتم به فهناك أناسٌ يعملون به، ويتفقهون على هذه الأشياء المبثوثة في المذاهب من الأحاديث الباطلة.

إدخال أمورٍ في الإيمان ليست منه: (حب الوطن من الإيمان) ليس حب الوطن من الإيمان، قد يكون الوطن كافراً، قد يكون الإنسان في بلد كافر، فهل إذا أحب وطنه الذي نشأ فيه ولو كان بلداً كافراً صار هذا من الإيمان؟! هذا غير صحيح.

تأصيل أصول مخالفة للشريعة

أحياناً تأتي الأحاديث الضعيفة والموضوعة بتأصيل أصولٍ مخالفة للشريعة مثل حديث: (اختلاف أمتي رحمة) هذا الحديث من آثاره السيئة: أنه يقضي على كل محاولة للوصول إلى الحق، لأنه مثلاً إذا وقع خلافٌ علمي بين واحد وآخر هذا يرى شيئاً وذلك يرى شيئاً آخر، فإن المفروض في هذه الحالة المباحثة والمناقشة العلمية المؤدبة على طريقة السلف حتى نصل إلى الحق، لكن عندما يأتي حديث: (اختلاف أمتي رحمة) إذاً: ليطمئن كل إنسان فكل الناس بخير، كل الآراء الفقهية الحمد لله صحيحة، أنت على صواب وهو على صواب رحمة من الأصل!.. قد تكون بعض الآراء ضعيفة متهافتة باطلة لا يمكن أن تكون صحيحة، وكيف يكون الاختلاف رحمة والله عز وجل ذم الاختلاف في القرآن الكريم، فقال: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82].

كذلك من هذه الأصول الباطلة: وضع أصولٍ في قبول الروايات غير الأصول الشرعية المعتمدة كحديث: (أصدق الحديث ما عطس عنده) إذاً: لو جاء حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولما ذكر هذا الحديث عطس رجل من الحاضرين فهذا دليل على صحة الحديث .. عجيب! سبحان الله! كيف يكون دليلاً على صحة الحديث، ولو عطس مائة رجل عند حديث مكذوب لا يمكن أن نجزم بنسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكذلك أحاديث تطبع وتنشر وتوزع بين الناس، وتنتشر انتشار النار في الهشيم، الآن هل منكم أحد لم يسمع بالحديث الذي فيه أن تارك الصلاة يعاقب بكذا عقوبة، خمسة في الدنيا، وخمسة في القبر، وخمسة في الآخرة؟ فقد انتشرت بين الناس مع أن هناك أحاديث في الحث على الصلاة، والتحذير من ترك الصلاة صحيحة، فلماذا نلجأ إلى هذا وننشره بين الناس؟

وكذلك هذه أوراق دعاء الخضر وإلياس، وأن زينب رضي الله عنها قالت هذا الكلام، وأن امرأة عميت فقرأت هذا الكلام فرأت زينب في الليل، فقالت لها زينب : اقرئي هذا الذكر أو هذا الدعاء فستشفي، فاستيقظت فقرأت فشفيت، وأن الدعاء الفلاني ويلٌ لمن لم يقرأه ولم يوزعه، وأن فلاناً قرأه فغني من ثاني يوم، وفلان سافر فربح، وفلان لم يعمل به فخسر التجارة وقتل بعد كذا يوم .. ومن قبيل هذا الكلام، والمشكلة أن بعض الضعفاء لما يأتي مكتوب فيه مثلاً: وزع ثلاث عشرة نسخة، وإن من لم يوزع هذه النسخ فإنه يحصل له كذا وكذا من المصائب، والناس تصدق فتصور وتوزع، وامرأة من المسكينات أتى لي واحد بورق مكتوب بخط اليد، وهو نفس هذا الكلام المنسوب إلى زينب ، فهذه المسكينة لم تجد آلة تصوير فنسختها بيدها ثلاث عشرة مرة نسخاً باليد ثم وزعتها! لماذا؟ خوفاً من أن يحصل لها شيء؛ لأن فيه تخويفاً وترعيباً (وإذا ما فعلت سيحدث لك كذا وكذا) وطبعاً الذي ليس عنده ثقة بالله عز وجل ولا معرفة حقيقية بطبيعة هذا الدين سيكتب ويوزع.

إفساد الأخلاق

التشجيع على أمورٍ من المفاسد، حتى في الأخلاق الأحاديث الضعيفة والموضوعة لها آثار سيئة: (من عشق وكتم فمات مات شهيداً) يشجع الناس على العشق، والعشق باختصار هو: أن تحب إنساناً مع الله أو أكثر من الله عز وجل، شرك بالمحبة بحيث يسيطر ذكر المعشوق على العاشق فيلهيه عن الصلاة وعن ذكر الله عز وجل، وعن كل شيء حتى عن الأكل والشرب، ولكن الحديث يقول: (من عشق وكتم فمات مات شهيداً) المشكلة أيضاً (مات شهيداً) فوضعت هذه الشهادة -المرتبة العظمى- لمن يعشق، إذاً العشق حسن، وهذه الأغاني التي فيها العشق ممتازة.

انظروا إلى هذا الحديث المكذوب لكي تتبينوا معي -أيها الإخوة!- كيف أن هذه الأحاديث الضعيفة المكذوبة لها آثار سيئة في نسف الأخلاق والفضيلة، وإحلال الرذيلة في نفوس البشر الذين يستمعون إليها ويطبقونها.

في روض الأذكار : (أن امرأة خرجت تسمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم فرآها شابٌ فقال: إلى أين؟ قالت: أسمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتحبينه؟ قالت: نعم. قال: فبحقه ارفعي نقابك حتى أنظر إلى وجهك، ففعلت ثم أخبرت زوجها بذلك فأوقد تنوراً ثم قال: بحقه عليك -يعني الرسول صلى الله عليه وسلم- ادخلي التنور فألقت نفسها في التنور -كل هذا (بحقه عليه)- وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال للزوج: ارجع واكشف عنها فكشف عنها التنور -فرناً محمى- فرآها سالمة وقد جللها العرق!) أي: لم يصبها شيء! ما هي النتيجة؟ شاب أجنبي رأى أجنبية في الطريق قال: تحبين رسول الله؟ قالت: نعم. قال: بحقه عليك اكشفي النقاب حتى أنظر إلى وجهك، أتكشف النقاب وينظر إلى وجهها؟!!

ومن الآثار السيئة أيضاً في الأخلاق: أن بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة لها آثار سيئة في عدم تغيير الخلق السيء وتبديله، كل إنسان فيه أخلاق سيئة وطبائع غير جيدة، والحل أن يجاهد نفسه حتى يبدل الخلق السيء بخلق طيب، لكن عندما يأتي حديث: (الحدة تعتري خيار أمتي) .. (الحدة تعتري حملة القرآن لعزة القرآن في أجوافهم) لو أن إنساناً حاد الطبع يغضب بسرعة وينفعل فإنه عندما يسمع هذا الحديث: (الحدة تعتري خيار أمتي) .. (وحملة القرآن لعزة القرآن في أجوافهم) ماذا يعمل الحديث هذا وما هو مفعوله في النفس؟ إنه على الأقل يجعلك حادَّاً.

تغيير سنة النبي صلى الله عليه وسلم

إن تغيير سنة النبي صلى الله عليه وسلم أثر من آثار الأحاديث الضعيفة والموضوعة مثل حديث: (كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها) لحية الرسول صلى الله عليه وسلم كانت أوفر ما يكون، وأجمل ما يكون، وأمر عليه الصلاة والسلام بإعفاء اللحى، ولكن يأتيك هذا الحديث: (كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها) فيأتي إنسان يقصقص، لماذا تقصقص يا أخي؟ الرسول أمر بإعفاء اللحية! قال: لا. عندي دليل، ما هو؟ قال: (كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها) لا يمكن يا أخي! أن الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بإعفاء اللحية ثم بعد ذلك هو نفسه عليه الصلاة والسلام يخالف أمره فيذهب يقصقص منها، هذا لا يمكن!

قال أحدهم: الناس تستطيع أن تتلمس اتجاهات بعضهم في التفكير ومشاربهم المختلفة في قضية واحدة مثل هذه القضية، الرسول لم يكن يحلق لحيته لأنه لم يكن عنده موس، أي أنه لو كان عنده موس لحلق، وأجابه أحد الحاضرين، قال: يا أخي! الرسول كان عنده سيف طويل ولو أراد أن يحلق لفعل، ما هذا الكلام! والموس كانت موجودة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، لحديث: (حتى تستحد المغيبة) التي غاب عنها زوجها، وأيضاً أصرح من هذا صلح الحديبية: (فدعا بالحلاق فحلق رأس الرسول صلى الله عليه وسلم بالموسة).

وحديث خبيب بن عدي لما دب إليه ولد وهو مأسورٌ بـمكة وبيده موسة، كان يستحد بها رضي الله عنه وهو مأسور في صدر الإسلام.

وكذلك الحديث الآخر الباطل: (من سعادة المؤمن خفة لحيته) فخفيف اللحية يصير منبسطاً، وأما كثيف اللحية فيغتم، مشكلة .. لست بسعيد بل شقي! لماذا؟ لأن عندي لحية كثيفة! انظروا إلى هذه الآثار السيئة.

وكذلك من الآثار السيئة في فضائل تمشيط اللحية أو التمشيط عموماً: (عليكم بالمشط فإنه يذهب الفقر، ومن سرح لحيته حتى يصبح كان له أماناً حتى يمسي) التمشيط هذا شيء طيب؛ لكن ليس الذي يدفعنا إلى هذا التمشيط الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وإنما نمشط ونهذب وننظف لحث الشرع على أن يبدو الإنسان بالمظهر الحسن المسلم، ولذلك كانت سنن الفطرة.

مثلاً: العصا والاتكاء عليها وضعت لها فضائل (العصا علامة المؤمن وسنة الأنبياء، ومن خرج في سفر ومعه عصاً من لوز -يجب أن تكون من لوز فلو كانت ليست من لوز فلا تنفع- مر -ولابد أن يكون مراً- أمنه الله من كل سبعٍ ضار، ولصٍ عاصٍ، وكل ذات صلَّة حتى يرجع إلى أهله ومنزلة، وكان معه سبعة وسبعون من المعقبات) إلى آخر هذا الكلام الفارغ.

إلغاء قواعد في أصول الفقه

من آثار الأحاديث الضعيفة والموضوعة: إلغاء قواعد في أصول الفقه، نحن نعلم أن القرآن والسنة والإجماع من مصادر الأحكام الشرعية، وكذلك إذا كان القياس صحيحاً فيؤخذ منه الحكم الشرعي فيأتي هذا الحديث مثلاً: (من عمل بالمقاييس فقد هلك وأهلك) ما هي النتيجة؟ إلغاء هذا البند من أصول الفقه، وعدم الاستفادة من القياس إطلاقاً.

التفرقة بين المسلمين

ومن الآثار السيئة: التفرقة بين المسلمين، وذم بعض الأجناس أو الألوان، ومخالفة قول الله عز وجل: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13] كحديث: (دعوني من السودان إنما الأسود لبطنه وفرجه) يقول: الأسود فقط همه البطن والفرج، سبحان الله! ألم يكن من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم بلال بن رباح ؟ أو ما كان عطاء رضي الله عنه من كبار علماء مكة وكان يخضع له الملوك والخلفاء ويأتونه ويستفتونه؟ إذاً: هذه الأحاديث التي تفرق شمل الأمة، وتفضل أجناساً على أجناس، وعرقاً على عرق إنما هي من مفرزات الجاهلية فصيغت بهذه الأحاديث الموضوعة.

تحريم ما أحل الله وتشويه سمعة الصحابة

وكذلك تحريم ما أحل الله، مثل أحاديث تحريم لحم البعير مثلاً، ومنها تشويه سمعة صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكثير من الناس الآن يعرفون الحديث الذي فيه أن الصحابي ثعلبة بن حاطب طلب المال وكسب المال وخرج عن المدينة وفوت صلاة الجمعة والجماعة، وأنه بعد ذلك أراد أن يتوب فلم يقبل منه عليه الصلاة والسلام الزكاة، وأن أبا بكر لم يقبل منه الزكاة ولا عمر ، وعندما تراجع الحديث تجد أن سنده ضعيف وأن ثعلبة بن حاطب رضي الله عنه بريءٌ من هذا الكلام، وأنه صحابي جليل كانت له مواقف محمودة، وقد يكون الأمر أخطر من ذلك عندما يُدخَل في قضية الصحابة بعض الأشياء المتعلقة بهم مثل بيعة أبي بكر رضي الله عنه يدخل فيها أهل الأهواء، فمثلاً يأتي حديث موضوع: (أن رجلاً قال لـعلي بن أبي طالب : أتعلم من بايع أبا بكر الصديق ، فيقول: من هو؟ فيقول: بايعه شيخٌ متوكئٌ على عصا فيقول علي : نعم ذاك إبليس فقد أخبرني صلى الله عليه وسلم أن أول من بايع أبا بكر رجلٍ متوكئٌ على عصاً، شيخ من مكان كذا، وأن هذا إبليس متنكر يكون أول من يبايع أبا بكر رضي الله عنه) فهذا من تشويه سمعة الصحابة رضوان الله عليهم.

إعانة المستهترين على الاجتراء على الله بالمعاصي، والابتداع في العبادة، ومخالفة السنة

وكذلك من آثارها السيئة أيضاً: إعانة المستهترين على الاجتراء على الله بالمعاصي مثل حديث: (إنما حر جهنم على أمتي كحر الحمَّام) فإذا كان حر جنهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم مثل حر الحمام فما الذي يمنع الناس أن يرتكبوا المعاصي، إذا كانت النهاية هي عبارة عن حمام ساخن؟

فإذاً: هل بعد هذا القبح وبعد هذه الآثار السيئة من شناعة، وآثارٍ تدفع الناس إلى الوقوع في المعاصي والجرأة على الله عز وجل؟!

الابتداع في العبادة وقد ذكرنا طائفة من الأحاديث، فمثلاً الحديث الضعيف: (ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا) ولذلك تجد بعض الناس مواظباً على القنوت في صلاة الفجر، لماذا يا أخي؟ فيها أحاديث، هل بحثت في هذه الأحاديث فعرفت صحتها؟ أبحثت في سندها؟ ومن الذي صححها من العلماء؟ هل تعرف الرأي الآخر في الموضوع؟ هل تعرف أن الصحابي لما سأله ولده عن القنوت وهو طارق بن شهاب قال له: [أي بني إنه محدث]؟، وهل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا نزلت نازلة بالمسلمين كما قنت لما قتل القراء في بئر معونة فظل يدعو على من قتلهم شهراً، فإذا نزلت النازلة قنتوا وإذا لم يكن هناك نوازل لم يقنتوا، فلا يشرع للإمام أن يقنت.

وكذلك إضافات في العبادات مثل: إضافة مسح الرقبة في الوضوء، ألم تروا أناساً يمسحون رقابهم عند الوضوء؟ فهذه الزيادة في الوضوء من أين أتت؟ أصلها من هذا الحديث الموضوع: (من توضأ ومسح عنقه لم يغل بالأغلال يوم القيامة) انتهى الأمر! كل واحد لا يريد أن يغل بالأغلال يوم القيامة فما عليه إلا أن يمسح، مع أن المسح غير وارد، ولم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه مسح رقبته.

مساواة المسلمين بأهل الذمة مثل حديث: (لهم ما لنا وعليهم ما علينا) وهذا غير صحيح، أنها أحاديث تنافي أحكاماً شرعية.

تحريم مس الرجل المرأة الأجنبية، بعض الناس يقول: أنا لا أصافحها مباشرة بل أصافحها من وراء حائل، أي أني أدخل يدي في عمامتي ثم أصافح، أو أمسك طرف العباءة وأصافح، هذا غير صحيح ولا يجوز .. لا مباشرة ولا من وراء حائل، ويفعلونه لهذا الحديث الضعيف: (كان يصافح النساء وعلى يده ثوب) وهو لم يثبت، بل إن الذي ثبت أنه عليه الصلاة والسلام ما مست يده يد امرأة أجنبية قط.

وحديث: (من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد صلاته) ونحن نعلم أن كثرة الحركة في الصلاة مذمومة، لكن أحياناً توجد أسباب معينة يجوز معها الحركة في الصلاة بيَّنها أهل العلم، وأنا أذكر الآن مثالاً فيه فائدة فقهية: الذي لا يقرأ الفاتحة في الركعة ماذا يفعل؟ لو أن واحداً بدلاً من أن يقرأ الفاتحة قرأ التحيات ثم تذكر، ماذا يفعل؟ عليه أن يعيد تلك الركعة إذا كان داخل الصلاة، آخر ما انتبه إلا بعد ما جلس للتشهد ويظن أنه في الركعة الرابعة وهو قرأ نفس الشيء، يحدث أحياناً أليس كذلك؟ بلى. يحدث أن بعض الناس قد يقرأ بدل الفاتحة التحيات، لو أن إماماً في صلاة سرية يؤم الناس قرأ في الركعة الرابعة بدل الفاتحة التحيات، وهو في التشهد الأخير تذكر أنه قرأ التحيات ما المفروض أن يعمله هذا الإمام؟ الواجب أن يزيد ركعة، فإذا ركع بدل هذه فالناس يستغربون ما هي هذه الركعة؟ زائدة! خامسة! هل يجوز أن يقوموا أصلاً؟ لا يجوز أن يقوم في تصورهم، لو قام الإمام إلى ركعة خامسة فلا يجوز للناس أن يقوموا بل يجلسوا ويسبحوا، وإذا أصر يجلسون وينتظرونه حتى يجلس ويسلم فيسلمون معه أو يفارقونه، لكن هذا الإمام ما أخطأ ولا نسي في القيام للخامسة بل قام عامداً لأنه لا بد أن يأتي بركعة فماذا يفعل الإمام لكي ينبه الناس هل يقول إني أنا يا جماعة ما قمت إلى الخامسة نسياناً ولا ذهولاً، وإنما قمت عامداً، وأنا أرجو أن تقوموا معي!! ماذا يفعل؟ يؤشر بيده لمن خلفه: أن قوموا، أنا أؤكد أن هناك سبباً في هذه الخامسة، لست ناسياً. فإذاً: هذه الحركة صارت لها حاجة في الصلاة، فلما يأتي هذا: (من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد صلاته) ماذا يكون الموقف؟

أحياناً تكون لهذه الأحاديث آثار سيئة في التفسير، فتأتي الأحاديث الضعيفة في تفاسير خاطئة للآيات، لو أنه مثلاً قرأ هذه الآية: ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ [يوسف:52] قال: لما قالها عليه السلام قال له جبريل: يا يوسف! اذكر همك فقال: وما أبرئ نفسي، يعني: هذه مقولة امرأة العزيز.

مشروعية الرقص والتواجد عند الذكر، ويخترعون لذلك أحاديث كحديث: (ليس بكريمٍ من لم يتواجد عند ذكر الحبيب) إذا ذُكر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم من سمعه يرقص ويتواجد فليس بكريم.

وكذلك اعتقادات خاطئة مثل (من طنت أذنه فليقل: ذكر الله بخير من ذكرني) هذا منتشر بين الناس، لو طنت أذن واحد يقول: أكيد الآن أن واحداً في مشارق الأرض أو مغاربها يذكرني ويأتي بسيرتي؛ ولذلك الآن طنت أذني فيقول: ( ذكر الله بخير من ذكرني ) ليس بصحيح هذا الحديث، وهذا اعتقاد خاطئ، فطنين أذنك -يا أخي- قد يكون لسبب في الدماغ فجعل الأذن تطن.

هذه الخرافات أحياناً لو اطلع عليها بعض الناس الذين يريدون الدخول في الإسلام -والله!- قد تكون عائقاً في دخولهم الإسلام مثل حديث: (هل تدرون ما يقول الأسد في زئيره، قالوا: الله ورسوله أعلم؟ قال: يقول: اللهم لا تسلطني على أحدٍ من أهل المعروف)، وحديث: (إن الله لما خلق الشمس جعل لها تسعين ألف ملك يرمونها بالثلج كل يوم ولولا ذلك لاحترق الناس) الآن يرمونها بالثلج لكي تبرد، أهذا كلام؟!

وحديث (خذوا من القرآن ما شئتم لما شئتم) جعل القرآن شذر مذر! تقطيفاً! إذا فيه الأورام قرءوا: وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً [طـه:105]، نقرأ لروح الله، وبعض الناس فعلاً عندهم آيات معينة ما وردت في السنة ولا ثبتت بطريق صحيح، أو أنها جربت مثلاً فنفعت، بطريقٍ شرعي؟ لا. قطَّعوها لما يبدوا لهم من أن الظاهر مقارب للآية: (إذا زلزلت الأرض) فيضعها فإذاً: يقطعون القرآن على حسب الأشياء، يقولون: هذه الآية تصلح لكذا وهذه الآية تصلح لكذا. فإذا لم ترد بطريق شرعي فلا يجوز الاعتماد عليها.

ومن الأشياء أيضاً: استحباب لبس بعض الثياب وتفضيل بعضها على بعض: (من لبس نعلاً صفراء لم يزل في سرور ما دام لابسها) وذلك لقول الله عز وجل صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا [البقرة:69] سبحان الله العظيم! صفراء فاقع لونها يا أخي! قضية البقرة وموسى وبني إسرائيل، أخذوها وجعلوها على لبس النعل الصفراء.

مخالفة السنة: (كان يأكل بكفه كلها) حديثٌ باطل، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يأكل بثلاثة أصابع، الناس يأكلون بكم؟ أبالكف كلها؟ فانظر حديث: (كان يأكل بكفه كلها) فهذا مخالفة لهديه صلى الله عليه وسلم في طريقة الأكل.

إلقاء الشك والر

من الآثار السيئة كذلك لهذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة: أن في كثيرٍ منها أجوراً خيالية! من فعل كذا فله ألف حسنة وألف قصر في الجنة، وفي كل قصر ألف خيمة، وفي كل خيمة ألف حورية، وعلى كل حورية ألف حلة من ذهب!! وفي المقابل أحاديث العذاب: من فعل كذا وكذا وكذا وضع في تنورٍ من نار فيه ألف فرن، في كل فرن ألف أفعى، في كل أفعى ألف لسان، في كل لسان ألف نوعٍ من أنواع السم يقرصه صباحاً ويلدغه مساءً وهكذا! مع استمرار الكلام في هذه الأشياء وطرق مثل هذه الأحاديث الخيالية يتعود الناس على المبالغة مما يعكس أثراً سيئاً وهو أنهم لا يتقبلون أحاديث صحيحة كحديث -على سبيل المثال-: (ويلٌ لمن فعل كذا) لأن كلمة ويل صارت بالنسبة للأحاديث التي فيها ألف ألف كذا وكذا شيئاً قليلاً، فصاروا لا يتأثرون، فلابد أن تأتي بحديث فيه ألف ألف كذا، وعشرة آلاف كذا، ومائة ألف كذا حتى يتأثر، وهذه من إحدى السلبيات لانتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة.

من الآثار السيئة لهذه الأحاديث:

إيقاع المسلم في الشرك الصريح، والكفر المخرج عن الملة، والردة عن الدين، والعياذ بالله مثل حديث: (من اعتقد أحدكم بحجرٍ لَنفَعه) لو اعتقدت أن هذا حجر يضر وينفع لنفعك، لا يوجد حجر ينفع! إن في هذا إرجاعاً للمسلمين إلى الجاهلية الأولى، إلى عبادة الأحجار، والأوثان، وفيه صرف للناس عن التوسل المشروع إلى التوسل غير المشروع.

فبدلاً من أن يقول الواحد مثلاً: يا ألله! إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام! ويسأل الله، يأتيه هذا الحديث، مثلاً: (توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم) ونأتي نقول: نسألك بحق الأنبياء، نسألك بجاه محمد، نسألك بكذا وكذا، وقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم توسلاتٍ مشروعة، ولكن هذه الأحاديث لا تدع الناس يكملون التوسل المشروع بل تصرفهم إلى الشيء غير المشروع، بل إنها قد توقع الناس في الكفر، فمن جهة ترك الصلاة -مثلاً- حديث: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له، أو لم يزدد من الله إلا بعداً) بعض الناس يقع في الفواحش؛ قد يشرب الخمر، قد يزني قد يسرق، قد يرتشي، فعندما يسمع هذا الحديث: ( من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له ) يقول في نفسه أنا لم أستطع أن أتخلص من الزنا إذاً: ليس لي صلاة، فلماذا أصلي؟! أعرف رجلاً قال لي بلسانه وكان رجلاً ضالاً ثم مَنَّ الله عليه فاهتدى: كنت وأنا ضال في البداية أصلي، مع أني أسافر وأفجر وأفسق لكني كنت أصلي، ثم سمعت هذا الحديث: ( من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له ) فقال: قلت في نفسي: إذاً لماذا أصلي إذا كان ليس لي صلاة وأنا مصمم على المعصية مصرٌّ عليها، إذاً: ليس لي حاجة لأن أصلي، وكلما أردت أن أصلي برز أمام عيني هذا الحديث فتركت الصلاة! لماذا ترك الصلاة؟ لهذا الحديث الموضوع المكذوب المنكر.

مثلاً: إيقاع الناس في قضايا تنافي التوحيد مثل: التشاؤم بالأزمان والتطير بها: (لا تسافر والقمر في العقرب) إذا صار القمر في برج العقرب فلا تسافروا فهذا السفر سيء، ولا تسافروا لأن نتائجه سيئة.

علي بن أبي طالب لما ذهب لقتال الخوارج، عرض له أحد المنجمين فقال: يا أمير المؤمنين! لا تسافر فإن القمر في العقرب، قال: [بل أسافر ثقة بالله وتوكلاً على الله وتكذيباً لك] وسافر فظفر على الخوارج وانتصر عليهم.

أو حديث: (من بشرني بخروج صفر بشرته بالجنة) لأنهم يتشاءمون بشهر صفر، فهي أحاديث مكذوبة توقع الناس، وأحياناً هذه الأحاديث المكذوبة تكون في أمورٍ تنافي الإيمان وتنافي مفهومه الصحيح، بل إنها تركب في أنفسهم مفاهيم للإيمان غير صحيحة، مثل: مفهوم المرجئة للإيمان، كالحديث المكذوب: (من قال الإيمان يزيد وينقص فقد خرج من أمر الله) .. (ومن قال أنا مؤمن إن شاء الله فليس له في الإيمان نصيب) كما لا ينفع مع الشرك شيء فكذلك لا يضر مع الإيمان شيء، فالناس يعتقدون أن الإيمان في القلب، وأن العمل غير مهم، لماذا؟ لهذه الأحاديث.

ولذلك مرة قلت لرجل: يا أخي! اتقِ الله قم صل الصلاة، لماذا لا تصلي؟ فأشار إلى قلبه، وكان هذا هو الجواب، لأنه يعتقد أنه يكفي أن يكون الإيمان في القلب ولا داعي للعمل! وقد تؤدي هذه الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة أيضاً إلى إنكار أشياء من العقيدة مثل حديث: (لا مهدي إلا عيسى) فماذا تكون النتيجة؟ إنكار أمر من أمور العقيدة وهو: المهدي الذي أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام، من أنه سيخرج في آخر الزمان عندما تمتلئ الأرض جوراً وظلماً.

الغلو بالأنبياء ورفعهم فوق المقام الذي أنزلهم الله عز وجل مثل حديث في تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم ورفعه فوق منزلته التي أنزله الله فيها كحديث: (لولاك ما خلقت الأفلاك) لولاك يا محمد! ما خلقت الأفلاك، حديث مكذوب، وهو يعني أن الله لم يوجد السماوات والأرض ويخلق الناس لعبادته، لولا محمد صلى الله عليه وسلم ما خلقهم، وهذا ينافي القرآن وظاهر القرآن، أو حديث (كنت نبياً وآدم بين الماء والطين) وهكذا.

حديث إحياء أبويه، بعض الناس من محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم عندما يعرف حقيقة تاريخية من أن أبوي الرسول صلى الله عليه وسلم ماتا على الكفر لا يعجبه، يقول: كيف .. أبو الرسول صلى الله عليه وسلم وأمه على الكفر؟! غير معقول! مستحيل! لا يمكن! إذاً ما هو الحل؟ هذا الحديث: (أحياء أبوي عرض عليهما الإسلام) فماتا بعد ذلك على الإسلام، وغير صحيح هذا، لماذا؟ نوح عليه السلام على ماذا كان ولده؟ وإبراهيم عليه السلام على ماذا كان أبوه؟ هل نفعه شيئاً؟ يؤتى بـآزر يوم القيامة فيلقى في النار، فيرى إبراهيم عليه السلام أباه كذيخٍ ملتطخ مسخ ضبعاً، ثم يؤخذ بقوائمه فيلقى في النار، وهو أبو الخليل خليل الله إبراهيم، لأن هذا الدين -أيها الإخوة!- لا يحابي أحداً، لا ينفع إلا الإيمان والعمل الصالح.