فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الحج [2]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، أما بعد:

المقصود بالإحرام في الحج والعمرة

قال المؤلف رحمه الله: [باب الإحرام].

المقصود بالإحرام: هو نية الدخول في النسك، وهو شيء، ونية الحج والعمرة شيء آخر، يقول ابن تيمية : فهو من حين خروجه من أهله ناو للحج والعمرة، ولكن ليس الإحرام هو نية الحج والعمرة، وإنما هو نية الدخول في النسك، فبعض الإخوة يلبس لباس الإحرام وهو في بيته، ويركب الطائرة، ثم إنه لم يسمع صاحب الملاحة المضيف يعلن عن مرور الميقات حتى وصل إلى جدة، قال: يا شيخ! أنا والله ناو أن أحج وأن أعتمر، نحن نقول لك: أنت ناوٍ الحج والعمرة من حين خرجت من بيتك، لكنك لم تنو الدخول في النسك، إذاً: الواجب في حقك أن ترجع إلى الميقات، فإن أحرمت من جدة فإنك تركت واجباً، والله أعلم، كما سوف يأتي بيانه.

إذاً: الإحرام هو نية الدخول في النسك.

مكان وجوب الإحرام

يقول المؤلف رحمه الله: [وهو واجب من الميقات] اتفق الفقهاء الأربعة وهو قول عامة أهل العلم ولم يخالف إلا مجاهد بن جبر أن الإحرام من الميقات واجب، فمن لم يحرم من الميقات فإنه قد ترك واجباً، واتفق الأئمة الأربعة على أن من ترك واجباً جبره بدم، إلا أنهم اختلفوا متى يجب عليه الدم، فقال الحنابلة: إن دخل دون المواقيت ثم أهل بالعمرة أو بالحج دون المواقيت فقد وجب عليه الدم من حين إحرامه بعد أن تجاوز الميقات، فالذي وصل إلى جدة ولم يحرم وهو جاهل فقال: لبيك عمرة، أو لبيك حجاً، فقد وجب عليه الدم.

إذاً: وجوب الدم عند الحنابلة من حين الدخول في النسك.

أما الشافعي فإنه قال: لو أحرم بالحج من دون الميقات جاز أن يرجع إلى الميقات ويهل ثانية، وليس عليه شيء، فإن أحرم دون الميقات، ثم طاف أو شرع في الطواف وجب عليه الدم، ولو رجع ما نفعه.

و أبو حنيفة يقول: إن أحرم دون الميقات ثم رجع إلى الميقات أجزأه وسقط عنه الدم، ولو أحرم دون الميقات ثم شرع في الطواف قبل أن يطوف أربعة أشواط ثم رجع أجزأه وسقط عنه الإحرام، فإن طاف أربعة أشواط فأكثر وجب عليه الدم؛ لأنه يرى أنه لا يصدق عليه أنه أكمل الطواف إلا أن يأخذ أكثره، وهذه قاعدة عند أبي حنيفة ، والأقرب والله أعلم هو مذهب الحنابلة، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

قال المؤلف: [ وهو واجب من الميقات، ومن منزله دون الميقات فميقاته منزله ].

يعني: أن من كان منزله داخل المواقيت مثل أهل جدة، فأين يحرم بالحج والعمرة؟ المؤلف يقول: فميقاته منزله، هل عبارة المؤلف مقصودة بمعنى: أن أهل جدة لو أحرم الواحد منهم من بيت صاحبه، ولم يحرم من بيته، هل معنى ذلك أنه قد ترك واجباً لقوله صلى الله عليه وسلم: ( ومن كان دونهن فمن حيث أنشأ )؟ الذي يظهر والله أعلم أن المقصود في الحديث: ( ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ ) يعني: أن المنطقة التي هو فيها هي منطقة الإحرام وليس بيته، فلو أحرم في أطراف جدة أجزأ ذلك، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

انعقاد إحرام المجنون والمغمى عليه والسكران

قال المؤلف رحمه الله: [ولا ينعقد الإحرام مع وجود الجنون أو الإغماء أو السكر].

من شروط الإحرام النية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( وإنما لكل امرئ ما نوى )، ومن المعلوم أن المجنون لا نية له، والمغمى عليه لا نية له، والسكران لا نية له، فدل ذلك على أن السكران والعياذ بالله لو قال: لبيك عمرة، فإنه لا يفهم ما معنى العمرة، فيظن أن العمرة شخص آخر؛ فلهذا لا يصح أن يعقد السكران ولا المغمى عليه ولا المجنون إحراماً بالحج أو العمرة هذا أمر واضح، وهو قول عامة أهل العلم لقوله صلى الله عليه وسلم: ( وإنما لكل امرئ ما نوى )، وهؤلاء لا نية لهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( رفع القلم عن ثلاثة -وذكر- المجنون حتى يفيق ).

ما يبطل به الإحرام

قال المؤلف رحمه الله: [وإذا انعقد لم يبطل إلا بالردة].

يعني: إذا أهل بالعمرة أو بالحج فعقد إحرامه فإنه لا يبطل الإحرام إلا بالردة؛ لقوله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65]، أو أفسد حجه بأن جامع قبل التحلل الأول ابن حزم يقول: لو جامع قبل التحلل الأول بطل إحرامه، والأئمة الأربعة يقولون: لا يبطل إحرامه وإن كان يفسد حجه.

إذاً: الراجح أن الإحرام لا يبطل إلا بالردة، والإحرام شيء وفساد الحج شيء آخر، ويمكن القول بأنه: لا ينفسخ الإحرام إلا بثلاثة أمور وهي: إما الردة، وإما أن يشترط، وإما انتهاء الحج.

قول المؤلف: (وإذا انعقد لم يبطل إلا بالردة) عبارة المؤلف دقيقة؛ البطلان غير الفساد وغير الانقضاء، الانقضاء الذي هو الانتهاء يكون بالاشتراط، أو بالإحصار أو بالانتهاء، والبطلان لا يكون إلا بالردة لأنه باطل، والله أعلم.

ما يفسد به الإحرام

قال المؤلف رحمه الله: [لكن يفسد بالوطء في الفرج قبل التحلل الأول ولا يبطل، بل يلزمه إتمامه والقضاء].

إذاً: الإحرام يفسد، لكنه لا يبطل إلا بالردة، وفساده بمعنى أنه لا يجزئه، ويجب عليه أن يأتي بإحرامٍ آخر، وقالوا: فيما لو وطئ قبل التحلل الأول -فالعمرة قبل التحلل الأول هي قبل الطواف، وفي الحج التحلل الأول قبل رمي جمرة العقبة- أو إن شئت فقل: قبل أداء الطواف، أو رمي جمرة العقبة يوم العيد، فإنه لو طاف يكون قد انتهى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:33]، هذا هو قول عامة أهل العلم وهو قول الأئمة الأربعة، إلا ابن حزم فإنه قال: إن وطئ قبل التحلل الأول فسد إحرامه وبطل حجه؛ لقوله تعالى: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197]، فقال: إن هذا النفي نهي يدل على نفي الصحة، ولم يوافقه أحد رحمه الله، فـابن حزم يقول: إذا وطئ قبل التحلل الأول فقد بطل إحرامه وفسد فلا فرق بينها، فإن كل ذلك عنده بطلان.

قول المؤلف: (بل يلزمه إتمامه) لماذا وجب الإتمام؟ لقوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، وجب عليه القضاء بإجماع من الصحابة، فقد روى البيهقي عن طاوس أن رجلاً أتى عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: ما تقول في رجل أتى أهله قبل أن يقف بعرفة، أو قبل أن يطوف؟ قال: اذهب إلى هذا فسله، فذهب إلى ابن عباس قال: يمضي ثم عليه الحج من قابل والهدي، ثم رجع فقال: بم أفتاك؟ قال: أفتاني بكذا وكذا، قال: اذهب إلى هذا الذي عند السارية فسله، فذهب فإذا هو ابن عمر ، فأجاب بمثل ما أجاب ابن عباس ، ثم رجع إليه، قال: وأنا أقول بقوليهما، وهذا قول الصحابة، ولا يعرف لهم مخالف، فدل ذلك على فساده ويجب عليه أن يمضي فيه، وأن يحج من قابل، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

قال المؤلف رحمه الله: [باب الإحرام].

المقصود بالإحرام: هو نية الدخول في النسك، وهو شيء، ونية الحج والعمرة شيء آخر، يقول ابن تيمية : فهو من حين خروجه من أهله ناو للحج والعمرة، ولكن ليس الإحرام هو نية الحج والعمرة، وإنما هو نية الدخول في النسك، فبعض الإخوة يلبس لباس الإحرام وهو في بيته، ويركب الطائرة، ثم إنه لم يسمع صاحب الملاحة المضيف يعلن عن مرور الميقات حتى وصل إلى جدة، قال: يا شيخ! أنا والله ناو أن أحج وأن أعتمر، نحن نقول لك: أنت ناوٍ الحج والعمرة من حين خرجت من بيتك، لكنك لم تنو الدخول في النسك، إذاً: الواجب في حقك أن ترجع إلى الميقات، فإن أحرمت من جدة فإنك تركت واجباً، والله أعلم، كما سوف يأتي بيانه.

إذاً: الإحرام هو نية الدخول في النسك.

يقول المؤلف رحمه الله: [وهو واجب من الميقات] اتفق الفقهاء الأربعة وهو قول عامة أهل العلم ولم يخالف إلا مجاهد بن جبر أن الإحرام من الميقات واجب، فمن لم يحرم من الميقات فإنه قد ترك واجباً، واتفق الأئمة الأربعة على أن من ترك واجباً جبره بدم، إلا أنهم اختلفوا متى يجب عليه الدم، فقال الحنابلة: إن دخل دون المواقيت ثم أهل بالعمرة أو بالحج دون المواقيت فقد وجب عليه الدم من حين إحرامه بعد أن تجاوز الميقات، فالذي وصل إلى جدة ولم يحرم وهو جاهل فقال: لبيك عمرة، أو لبيك حجاً، فقد وجب عليه الدم.

إذاً: وجوب الدم عند الحنابلة من حين الدخول في النسك.

أما الشافعي فإنه قال: لو أحرم بالحج من دون الميقات جاز أن يرجع إلى الميقات ويهل ثانية، وليس عليه شيء، فإن أحرم دون الميقات، ثم طاف أو شرع في الطواف وجب عليه الدم، ولو رجع ما نفعه.

و أبو حنيفة يقول: إن أحرم دون الميقات ثم رجع إلى الميقات أجزأه وسقط عنه الدم، ولو أحرم دون الميقات ثم شرع في الطواف قبل أن يطوف أربعة أشواط ثم رجع أجزأه وسقط عنه الإحرام، فإن طاف أربعة أشواط فأكثر وجب عليه الدم؛ لأنه يرى أنه لا يصدق عليه أنه أكمل الطواف إلا أن يأخذ أكثره، وهذه قاعدة عند أبي حنيفة ، والأقرب والله أعلم هو مذهب الحنابلة، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

قال المؤلف: [ وهو واجب من الميقات، ومن منزله دون الميقات فميقاته منزله ].

يعني: أن من كان منزله داخل المواقيت مثل أهل جدة، فأين يحرم بالحج والعمرة؟ المؤلف يقول: فميقاته منزله، هل عبارة المؤلف مقصودة بمعنى: أن أهل جدة لو أحرم الواحد منهم من بيت صاحبه، ولم يحرم من بيته، هل معنى ذلك أنه قد ترك واجباً لقوله صلى الله عليه وسلم: ( ومن كان دونهن فمن حيث أنشأ )؟ الذي يظهر والله أعلم أن المقصود في الحديث: ( ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ ) يعني: أن المنطقة التي هو فيها هي منطقة الإحرام وليس بيته، فلو أحرم في أطراف جدة أجزأ ذلك، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

قال المؤلف رحمه الله: [ولا ينعقد الإحرام مع وجود الجنون أو الإغماء أو السكر].

من شروط الإحرام النية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( وإنما لكل امرئ ما نوى )، ومن المعلوم أن المجنون لا نية له، والمغمى عليه لا نية له، والسكران لا نية له، فدل ذلك على أن السكران والعياذ بالله لو قال: لبيك عمرة، فإنه لا يفهم ما معنى العمرة، فيظن أن العمرة شخص آخر؛ فلهذا لا يصح أن يعقد السكران ولا المغمى عليه ولا المجنون إحراماً بالحج أو العمرة هذا أمر واضح، وهو قول عامة أهل العلم لقوله صلى الله عليه وسلم: ( وإنما لكل امرئ ما نوى )، وهؤلاء لا نية لهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( رفع القلم عن ثلاثة -وذكر- المجنون حتى يفيق ).


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب اللعان 2340 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الطلاق [1] 1957 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الطلاق [2] 1897 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الحج [3] 1760 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الطلاق [3] 1750 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الظهار 1396 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الحج [1] 1322 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الخلع وكتاب الطلاق 822 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الحج [4] 801 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الطلاق [4] 714 استماع