أرشيف المقالات

يؤثرون اللذة الآنية على السعادة الأبدية

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
يؤثرون اللذة الآنية على السعادة الأبدية
 
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [آل عمران: 196، 197].
 
تأمل قَولَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ ﴾، فإن من الناس من يفتن بالكفار وما هم عليه من السعي لإشباع الرغبات، ومعاقرة الشهوات، وتحصيل اللذات، ويقضون حياتهم بين اللعب واللهو، وأصناف المطاعم، والمشارب، والمناكح، ولا يعلمون لحياتهم غاية، ولا يعرفون لوجوهم علةً غير ذلك.
 
وليس العجب من حالهم الذي لا يختلفون فيه عن حال البهائم العجماوات؛ ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأنْعَامُ ﴾ [محمد: 12].
 
بل أخبرَ اللهُ تعالى أنهم أَضَلُّ سَبِيلًا مِنَ الأنْعَامِ؛ كما قَالَ تَعَالَى: ﴿ أُولَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179].
إما العجب أن يغتر بحالهم مسلم، ويغبِطهم على أمر يساوون فيه البهائم.
 
ولَما علم الله تعالى أن مِنَ المسلمين مَنْ يؤثرون اللذة الآنية على السعادة الأبدية، ويقولون ذلك بلسان الحال ولسان المقال؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ﴾، نعم مَتَاعٌ قَلِيلٌ سرعان ما يزول وينسى، تذهب لذته وتبقى حسرته.
 
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا بْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا بْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ».[1]
 
فإذا كان أَنْعَمُ أَهْلِ الدُّنْيَا تنسيه كُلَ نعيمٍ مرَّ به صَبْغَةٌ واحدةٌ فِي النَّارِ، فكيف بمن كانت النار مأواهم ومقيله، ومستقره ومهاده! ﴿ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾.



[1] -رواه مسلم- كتاب صِفَةِ الْقِيَامَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، بَابُ صَبْغِ أَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا فِي النَّارِ وَصَبْغِ أَشَدِّهِمْ بُؤْسًا فِي الْجَنَّةِ، حديث رقم: 2807

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢