فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الطلاق [1]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

اللهم اغفر لنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، أما بعد:

قال الشيخ الفقيه: مرعي بن يوسف الكرمي رحمه الله: [ فصل: ومن صح طلاقه صح أن يوكل غيره فيه وأن يتوكل عن غيره، وللوكيل أن يطلق متى شاء مالم يحد له حداً، ويملك طلقة مالم يجعل له أكثر، وإن قال لها: طلقي نفسك كان لها ذلك متى شاءت، وتملك الثلاث إن قال: طلاقك أو أمرك بيدك أو وكلتك في طلاقك، ويبطل التوكيل بالرجوع وبالوطء.

باب: سنة الطلاق وبدعته.

السنة لمن أراد طلاق زوجته أن يطلقها واحدة في طهر لم يطأها فيه، فإن طلقها ثلاثاً ولو بكلمات فحرام، وفي الحيض أو في طهر وطئ فيه ولو بواحدة فبدعي حرام ويقع، ولا سنة ولا بدعة لمن لم يدخل بها، ولا لصغيرة وآيسة وحامل ويباح الطلاق والخلع بسؤالها زمن البدعة.

باب: صريح الطلاق وكنايته.

صريحه لا يحتاج إلى نية، وهو لفظ الطلاق وما تصرف منه اسم مفعول، غير أمر ومضارع، ومطلقة: (اسم فاعل) فإذا قال لزوجته: أنت طالق طلقت هازلا ًكان أو لاعباً أو لم ينو حتى لو قيل له: أطلقت امرأتك؟ فقال: نعم، يريد الكذب بذلك، ومن قال: حلفت بالطلاق وأراد الكذب، ثم فعل ما حلف عليه وقع الطلاق حكماً ودين، وإن قال: علي الطلاق أو يلزمني الطلاق فصريح منجزاً أو معلقاً أو محلوفاً به ].

الضابط في صحة التوكيل في الطلاق

قال المؤلف رحمه الله في التوكيل بالطلاق: (ومن صح طلاقه صح أن يوكل غيره فيه وأن يتوكل عن غيره).

هذه قاعدة التوكيل والوكالة، فكل من صح فعله للشيء صح توكيله أو توكيل غيره فيه، وذكروا أدلة ذلك في الطلاق خاصة، قالوا: لأن الطلاق إزالة ملك، فصح التوكيل والتوكل فيه، وهذه قاعدة الحنابلة خلافاً للشافعية، فالحنابلة يشترطون في الوكالة أنه إذا صح فعله للشيء صح توكيله ووكالته، فإذا لم يصح فعله للشيء فلا تصح وكالته، وذكروا أمثلة ذلك في الحج، فقالوا: يجوز للإنسان أن يوكل غيره من الناس في الرمي شريطة أن يكون الرامي الوكيل قد حج هذا العام، ولم يشترط ذلك الشافعية فقالوا: كل من صح فعله للشيء صح توكله، سواء كان توكله في العام أو توكله في الخاص.

فقول الحنابلة أحوط، وقول الشافعية أقعد.

حدود تصرف الوكيل في وكالة الطلاق

قال المؤلف رحمه الله: (وللوكيل أن يطلق متى شاء ما لم يحد له حداً) إذا وكل الزوج أحد الوكلاء بأن يطلق امرأته، فيقول: وكلت زيداً أن يطلق امرأتي فهذه وكالة عامة، فالوكالة العامة يجوز فيها للوكيل أن يطلق متى شاء.

الثاني: أنه إذا صرفت الوكالة في التطليق فليس له إلا طلقة واحدة وهي طلقة السنة إلا أن يقول للوكيل الذي هو زيد: طلق امرأتي طلاق سنة لا رجعة فيها، فعلى هذا فيطلق ثم يراجع ثم يطلق ثم يراجع ثم يطلق، لكن الذي يراجع الزوج؛ لأن الوكالة هنا في الطلاق فحسب، فيطلق فإن راجع الزوج جاز للوكيل أن يطلق، أما إذا وكله فقط في الطلاق فإن الوكالة في الطلاق تنصرف إلى طلقة واحدة ما لم يجعل له أكثر، فإذا جعل له أكثر فالقاعدة أن الوكيل له التصرف على نحو ما وكله به موكله.

توكيل وتخيير الرجل زوجته في طلاق نفسها

قال المؤلف رحمه الله: (وإن قال لها: طلقي نفسك كان لها ذلك متى شاءت) يجوز عند جمهور الفقهاء أن يجعل أمر الطلاق بيد المرأة، فإذا قال الزوج لامرأته: طلقي نفسك، فلا يعد هذا طلاقاً في نفس الأمر، بل هذا دليل على أن الزوج قد وضع أمر امرأته بيدها، ومثل ذلك ما لو قال الزوج: أتختاريني أم تختارين نفسك؟ ولا يعد هذا طلاقاً، وقد ثبت في الصحيحين من حديث مسروق أنه قال: ( إذا خير الرجل امرأته فاختارته فليس بطلاق ) أقول: كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم مع أزواجه حينما سألنه النفقة فغضب عليهن عليه الصلاة والسلام، فدخل على عائشة كما في الصحيحين، فقال: ( يا عائشة إني أريد أن أسألك عن أمر أحب ألا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك، قالت: وما هو يا رسول الله؟ فقرأ عليها قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ [الأحزاب:28]، الأيات, فقالت: يا رسول الله! أفيك أستشير أبوي؟ بل أختار الله ورسوله، بل أختار الله ورسوله، بل أختار الله ورسوله، وإني أحب -يا رسول الله- ألا تذكر ذلك إلى نسائك )، فانظر إلى عائشة رضي الله عنها وغيرتها، وقصصها مع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم معروفة مشهورة، ومع ذلك أحسنت الظن بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ونسائه، فقال: ( لا تسألني إحداهن إلا أخبرتها أن الله بعثني معلماً وميسراً ولم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ) بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام.

وعلى هذا فإذا قال الرجل لامرأته: طلقي نفسك كان لها ذلك متى شاءت، وليس مجرد قوله لها ذلك يكون طلاقا ًفي نفس الأمر، وهذا يدل على أن للزوج أن يجعل أمر الطلاق بيد المرأة، وهذا -كما قلت- هو مذهب جمهور الفقهاء، ولا يخالف حديث ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما الطلاق لمن أخذ بالساق )، فـابن حزم لم يصحح هذا الأمر، فنقول: لا يخالف لأمور منها:

أولاً: لأن حديث ابن عباس كما مر معنا حديث ضعيف، وإن كان معناه له أصل.

الثاني: أن الزوج إذا جعل أمر الطلاق بيد المرأة فكأنه أنابها عنه، فكما أنه يصح أن يجعل أمر الطلاق بيد أجنبي بإذن الزوج، فكذلك يجوز أن يكون أمر الطلاق بيد الزوجة بإذن الزوج، فإذا قال الرجل لامرأة لم يتزوجها: أنت طالق، لا يقع، ولكنه لو وُكِّل في أن يطلق امرأة الموكِّل صح الطلاق، فكذلك الزوجة.

قال المؤلف رحمه الله: (كان لها ذلك متى شاءت وتملك الثلاث إن قال لها: طلاقك، أو أمرك بيدك، أو وكلتك في طلاقك) وهذا بناءً على صحة وقوع الطلاق الثلاث سواء كان بفم واحد أو بمتعقبات في مجلس واحد، وهذا كما سوف يأتي بيانه إن شاء الله هو قول الجمهور. هؤلاء الذين قالوا بجواز وقوع الطلاق الثلاث دفعة واحدة، قالوا: إذا قال الرجل لامرأته: طلاقك أو أمرك بيدك، قالوا: هذا مفرد مضاف، والقاعدة المفرد المضاف أنه يعم، فيدخل فيه جميع أمر الزوجة.

وقالوا أيضاً: هو قول ابن عباس و عثمان رضي الله عنه، وإن كانت الأسانيد فيها نكارة، والأقرب والله أعلم أن الرجل إذا قال لامرأته: أمرك بيدك، أو طلاقك بيدك، فلا تملك إلا طلقة واحدة على السنة.

وأما على القول الآخر الذي ذهب إليه بعض الصحابة وكبار التابعين كـطاوس وهو قول بعض أصحاب أبي حنيفة ، وبعض أصحاب مالك ، وبعض قدماء مذهب أحمد وهو اختيار أبي العباس بن تيمية أن هذا لا يجوز ولا يصح.

مبطلات وكالة الطلاق

قال المؤلف رحمه الله: (ويبطل التوكيل بالرجوع وبالوطء) يعني: أن الموكل إذا وكل غيره في طلاق امرأته فإن التوكيل يبطل بقوله: رجعت عن توكيلي لك، أو يقول: اشهدوا أن وكالتي لفلان قد بطلت، فهنا يبطل توكيله، وكذلك بالوطء للزوجة، ومعنى بالوطء للزوجة يعني بأن يطأ الرجل زوجته، أو أن الزوجة تطأ زوجها يعني: تأتيه بعد أن جعل أمر طلاقها بيدها، فكأنها رضيت به لدلالة الحال على ذلك.

قال المؤلف رحمه الله في التوكيل بالطلاق: (ومن صح طلاقه صح أن يوكل غيره فيه وأن يتوكل عن غيره).

هذه قاعدة التوكيل والوكالة، فكل من صح فعله للشيء صح توكيله أو توكيل غيره فيه، وذكروا أدلة ذلك في الطلاق خاصة، قالوا: لأن الطلاق إزالة ملك، فصح التوكيل والتوكل فيه، وهذه قاعدة الحنابلة خلافاً للشافعية، فالحنابلة يشترطون في الوكالة أنه إذا صح فعله للشيء صح توكيله ووكالته، فإذا لم يصح فعله للشيء فلا تصح وكالته، وذكروا أمثلة ذلك في الحج، فقالوا: يجوز للإنسان أن يوكل غيره من الناس في الرمي شريطة أن يكون الرامي الوكيل قد حج هذا العام، ولم يشترط ذلك الشافعية فقالوا: كل من صح فعله للشيء صح توكله، سواء كان توكله في العام أو توكله في الخاص.

فقول الحنابلة أحوط، وقول الشافعية أقعد.

قال المؤلف رحمه الله: (وللوكيل أن يطلق متى شاء ما لم يحد له حداً) إذا وكل الزوج أحد الوكلاء بأن يطلق امرأته، فيقول: وكلت زيداً أن يطلق امرأتي فهذه وكالة عامة، فالوكالة العامة يجوز فيها للوكيل أن يطلق متى شاء.

الثاني: أنه إذا صرفت الوكالة في التطليق فليس له إلا طلقة واحدة وهي طلقة السنة إلا أن يقول للوكيل الذي هو زيد: طلق امرأتي طلاق سنة لا رجعة فيها، فعلى هذا فيطلق ثم يراجع ثم يطلق ثم يراجع ثم يطلق، لكن الذي يراجع الزوج؛ لأن الوكالة هنا في الطلاق فحسب، فيطلق فإن راجع الزوج جاز للوكيل أن يطلق، أما إذا وكله فقط في الطلاق فإن الوكالة في الطلاق تنصرف إلى طلقة واحدة ما لم يجعل له أكثر، فإذا جعل له أكثر فالقاعدة أن الوكيل له التصرف على نحو ما وكله به موكله.

قال المؤلف رحمه الله: (وإن قال لها: طلقي نفسك كان لها ذلك متى شاءت) يجوز عند جمهور الفقهاء أن يجعل أمر الطلاق بيد المرأة، فإذا قال الزوج لامرأته: طلقي نفسك، فلا يعد هذا طلاقاً في نفس الأمر، بل هذا دليل على أن الزوج قد وضع أمر امرأته بيدها، ومثل ذلك ما لو قال الزوج: أتختاريني أم تختارين نفسك؟ ولا يعد هذا طلاقاً، وقد ثبت في الصحيحين من حديث مسروق أنه قال: ( إذا خير الرجل امرأته فاختارته فليس بطلاق ) أقول: كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم مع أزواجه حينما سألنه النفقة فغضب عليهن عليه الصلاة والسلام، فدخل على عائشة كما في الصحيحين، فقال: ( يا عائشة إني أريد أن أسألك عن أمر أحب ألا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك، قالت: وما هو يا رسول الله؟ فقرأ عليها قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ [الأحزاب:28]، الأيات, فقالت: يا رسول الله! أفيك أستشير أبوي؟ بل أختار الله ورسوله، بل أختار الله ورسوله، بل أختار الله ورسوله، وإني أحب -يا رسول الله- ألا تذكر ذلك إلى نسائك )، فانظر إلى عائشة رضي الله عنها وغيرتها، وقصصها مع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم معروفة مشهورة، ومع ذلك أحسنت الظن بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ونسائه، فقال: ( لا تسألني إحداهن إلا أخبرتها أن الله بعثني معلماً وميسراً ولم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ) بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام.

وعلى هذا فإذا قال الرجل لامرأته: طلقي نفسك كان لها ذلك متى شاءت، وليس مجرد قوله لها ذلك يكون طلاقا ًفي نفس الأمر، وهذا يدل على أن للزوج أن يجعل أمر الطلاق بيد المرأة، وهذا -كما قلت- هو مذهب جمهور الفقهاء، ولا يخالف حديث ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما الطلاق لمن أخذ بالساق )، فـابن حزم لم يصحح هذا الأمر، فنقول: لا يخالف لأمور منها:

أولاً: لأن حديث ابن عباس كما مر معنا حديث ضعيف، وإن كان معناه له أصل.

الثاني: أن الزوج إذا جعل أمر الطلاق بيد المرأة فكأنه أنابها عنه، فكما أنه يصح أن يجعل أمر الطلاق بيد أجنبي بإذن الزوج، فكذلك يجوز أن يكون أمر الطلاق بيد الزوجة بإذن الزوج، فإذا قال الرجل لامرأة لم يتزوجها: أنت طالق، لا يقع، ولكنه لو وُكِّل في أن يطلق امرأة الموكِّل صح الطلاق، فكذلك الزوجة.

قال المؤلف رحمه الله: (كان لها ذلك متى شاءت وتملك الثلاث إن قال لها: طلاقك، أو أمرك بيدك، أو وكلتك في طلاقك) وهذا بناءً على صحة وقوع الطلاق الثلاث سواء كان بفم واحد أو بمتعقبات في مجلس واحد، وهذا كما سوف يأتي بيانه إن شاء الله هو قول الجمهور. هؤلاء الذين قالوا بجواز وقوع الطلاق الثلاث دفعة واحدة، قالوا: إذا قال الرجل لامرأته: طلاقك أو أمرك بيدك، قالوا: هذا مفرد مضاف، والقاعدة المفرد المضاف أنه يعم، فيدخل فيه جميع أمر الزوجة.

وقالوا أيضاً: هو قول ابن عباس و عثمان رضي الله عنه، وإن كانت الأسانيد فيها نكارة، والأقرب والله أعلم أن الرجل إذا قال لامرأته: أمرك بيدك، أو طلاقك بيدك، فلا تملك إلا طلقة واحدة على السنة.

وأما على القول الآخر الذي ذهب إليه بعض الصحابة وكبار التابعين كـطاوس وهو قول بعض أصحاب أبي حنيفة ، وبعض أصحاب مالك ، وبعض قدماء مذهب أحمد وهو اختيار أبي العباس بن تيمية أن هذا لا يجوز ولا يصح.

قال المؤلف رحمه الله: (ويبطل التوكيل بالرجوع وبالوطء) يعني: أن الموكل إذا وكل غيره في طلاق امرأته فإن التوكيل يبطل بقوله: رجعت عن توكيلي لك، أو يقول: اشهدوا أن وكالتي لفلان قد بطلت، فهنا يبطل توكيله، وكذلك بالوطء للزوجة، ومعنى بالوطء للزوجة يعني بأن يطأ الرجل زوجته، أو أن الزوجة تطأ زوجها يعني: تأتيه بعد أن جعل أمر طلاقها بيدها، فكأنها رضيت به لدلالة الحال على ذلك.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب اللعان 2342 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الطلاق [2] 1899 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الحج [2] 1774 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الحج [3] 1762 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الطلاق [3] 1753 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الظهار 1398 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الحج [1] 1328 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الخلع وكتاب الطلاق 824 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الحج [4] 803 استماع
فقه الأسرة - كتاب دليل الطالب - كتاب الطلاق [4] 716 استماع