مختصر صحيح مسلم - كتاب الجنائز


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

أما بعد:

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: البكاء على الميت.

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، و عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم، فلما دخل عليه وجده في غشية فقال: أقد قضى؟ قالوا: لا يا رسول الله. فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى القوم بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكوا، فقال: ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم)].

هذا الحديث متفق عليه.

وله هذا الحديث فيه فوائد:

شرط جواز تحدث الإنسان عن مرضه

الفائدة الأولى: أنه لا بأس أن يتحدث الإنسان عن مرضه إذا كان ذلك من باب الخبر، شريطة ألا يظهر منه الجزع، وهو قوله: اشتكى سعد بن عبادة فـسعد بن عبادة تحدث عن حاله، ورغبة النبي صلى الله عليه وسلم في زيارته.

ويستحب للإنسان أن يبادر في الزيارة، وألا يتعذر بالمعاذير؛ لأن الطوارق والمشاغل كثيرة.

ما يعذب الله به في الحزن على الميت وما لا يعذب به

الفائدة الثانية: أن دمع العين، وحزن القلب، وضيق الصدر لا يعذب الله سبحانه وتعالى بها عبده، وإنما يعذبه بصوته، أو يرحمه، فإذا أخرج صوتاً مثل النياحة فهذا هو الممنوع، وعلى هذا فإذا حصل منه نشيج من غير إرادته فإنه معذور، أما أن يرفع صوته بالعويل والصراخ فهذا لا يشرع ولا يجوز، وقال بعض العلماء: إلا في حق النبي صلى الله عليه وسلم، استدلالاً بفعل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم فإنها قالت: ( واكرب أباه! فقال: ليس على أبيك كرب بعد اليوم )، ولم ينهها عن ذلك، وهذا له وجه، وأما حديث النسائي : ( ما من مسلم يبكي على قريب له إلا وملكان يلهزانه يقولان: أكنت كما قيل ) فهذا في حق غير النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ما من مصيبة إلا ومصيبة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم منها.

فالذين يبكون من غير صوت لا يعذبون، وأما الذي يبكي بصوت فإنه ممنوع، وقد كان الإمام أحمد في مرض موته يئن، فدخل عليه أحد طلاب العلم فقال: يا أبا عبد الله حدثنا فلان عن فلان أن طاوساً قال: الأنين توجع قال: فسكت عن الأنين مع شدة ألمه، وهذا من محبته للأثر، ولو لم يكن مرفوعاً أو موقوفاً.

الفائدة الأولى: أنه لا بأس أن يتحدث الإنسان عن مرضه إذا كان ذلك من باب الخبر، شريطة ألا يظهر منه الجزع، وهو قوله: اشتكى سعد بن عبادة فـسعد بن عبادة تحدث عن حاله، ورغبة النبي صلى الله عليه وسلم في زيارته.

ويستحب للإنسان أن يبادر في الزيارة، وألا يتعذر بالمعاذير؛ لأن الطوارق والمشاغل كثيرة.

الفائدة الثانية: أن دمع العين، وحزن القلب، وضيق الصدر لا يعذب الله سبحانه وتعالى بها عبده، وإنما يعذبه بصوته، أو يرحمه، فإذا أخرج صوتاً مثل النياحة فهذا هو الممنوع، وعلى هذا فإذا حصل منه نشيج من غير إرادته فإنه معذور، أما أن يرفع صوته بالعويل والصراخ فهذا لا يشرع ولا يجوز، وقال بعض العلماء: إلا في حق النبي صلى الله عليه وسلم، استدلالاً بفعل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم فإنها قالت: ( واكرب أباه! فقال: ليس على أبيك كرب بعد اليوم )، ولم ينهها عن ذلك، وهذا له وجه، وأما حديث النسائي : ( ما من مسلم يبكي على قريب له إلا وملكان يلهزانه يقولان: أكنت كما قيل ) فهذا في حق غير النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ما من مصيبة إلا ومصيبة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم منها.

فالذين يبكون من غير صوت لا يعذبون، وأما الذي يبكي بصوت فإنه ممنوع، وقد كان الإمام أحمد في مرض موته يئن، فدخل عليه أحد طلاب العلم فقال: يا أبا عبد الله حدثنا فلان عن فلان أن طاوساً قال: الأنين توجع قال: فسكت عن الأنين مع شدة ألمه، وهذا من محبته للأثر، ولو لم يكن مرفوعاً أو موقوفاً.

يقول المؤلف رحمه الله: [ باب: التشديد في النياحة.

عن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة، وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ) ].

هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه، ورواه البخاري معلقاً موقوفاً على ابن عباس بنحو هذا الحديث.

هذا الحديث يفيد أن مفاخرة الناس بأحسابهم ليست محمودة في الشرع، وأنها من أمر الجاهلية، وقد تحصل من الصالح وغيره، وهو يفيد أن الشخص الصالح ربما يقع في أمر من أمور الجاهلية، كالطعن في الأنساب واستنقاص النسب.

معنى الاستسقاء بالنجوم

معنى الاستسقاء بالنجوم أن يظن الإنسان أن خروج ذلك النجم أو وجوده سبب في إنزال المطر، وهذا هو الغالب عند عامة العرب والمسلمين، ومنهم من يجعل الاستسقاء بالنجوم أنها تنفع بذاتها وهذا قليل، لكن الأكثر يظنون أن طلوع النجم هو سبب نزول المطر، وكل من جعل سبباً لم يجعله الشارع سبباً فإنه شرك أصغر، وأما من يرى أن طلوع ذلك النجم علامة على وقت نزول المطر، فإنه جائز، كما نقول: إن نزول المطر يكون في الموسم، وبعض الناس يقولون: إذا طلع نجم سهيل كثرت الأمطار، هذه العبارة فيها توسع ولا ينبغي؛ لأنها تشعر أن نجم سهيل هو سبب، وهذا وإن كان معناه صحيحاً لكن العبارة خاطئة.

معنى النياحة

أما النياحة: فهي إظهار الصوت جزعاً، مثل أن يكون فيه بكاء بصوت، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم خطورة النياحة وأنها من الكبائر؛ لأنه لا يتوعد على معصية بالنار إلا وهي كبيرة كما روي عن ابن عباس وصح عن سفيان الثوري و ابن عيينة و أحمد بن حنبل وعليه أكثر الفقهاء كالشافعية والحنابلة وغيرهم أن ما ختم عليه بلعنة أو غضب أو نار فإنه من الكبائر؛ ولهذا قال: (إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب) وهذا جزاء وفاقاً.

معنى الاستسقاء بالنجوم أن يظن الإنسان أن خروج ذلك النجم أو وجوده سبب في إنزال المطر، وهذا هو الغالب عند عامة العرب والمسلمين، ومنهم من يجعل الاستسقاء بالنجوم أنها تنفع بذاتها وهذا قليل، لكن الأكثر يظنون أن طلوع النجم هو سبب نزول المطر، وكل من جعل سبباً لم يجعله الشارع سبباً فإنه شرك أصغر، وأما من يرى أن طلوع ذلك النجم علامة على وقت نزول المطر، فإنه جائز، كما نقول: إن نزول المطر يكون في الموسم، وبعض الناس يقولون: إذا طلع نجم سهيل كثرت الأمطار، هذه العبارة فيها توسع ولا ينبغي؛ لأنها تشعر أن نجم سهيل هو سبب، وهذا وإن كان معناه صحيحاً لكن العبارة خاطئة.

أما النياحة: فهي إظهار الصوت جزعاً، مثل أن يكون فيه بكاء بصوت، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم خطورة النياحة وأنها من الكبائر؛ لأنه لا يتوعد على معصية بالنار إلا وهي كبيرة كما روي عن ابن عباس وصح عن سفيان الثوري و ابن عيينة و أحمد بن حنبل وعليه أكثر الفقهاء كالشافعية والحنابلة وغيرهم أن ما ختم عليه بلعنة أو غضب أو نار فإنه من الكبائر؛ ولهذا قال: (إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب) وهذا جزاء وفاقاً.

قال المؤلف رحمه الله: [ باب: ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب.

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس منا من ضرب الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية )، وفي رواية: وشق ودعا ].

هذا الحديث متفق عليه.

قوله: (ليس منا) يعني: ليس من هدينا، ولا من طريقتنا، ولا من شريعتنا، وهل هذا يفيد أنه كبيرة أو أنه محرم؟ الذي يظهر والله أعلم أن ذلك لا يفيد الكبيرة، ولكنه يفيد التحريم، والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله: [ باب: الميت يعذب ببكاء الحي.

عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها سمعت عائشة رضي الله عنها، وذكر لها أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: ( إن الميت ليعذب ببكاء الحي، فقالت عائشة : يغفر الله لـأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب، ولكنه نسي أو أخطأ إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية يبكى عليها، فقال: إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها ) ].

هذا الحديث متفق عليه.

وهذه من المسائل التي ذكرها بعض العلماء في مخالفة عائشة رضي الله عنها لبعض الصحابة، وهذه المسألة تكلم فيها أهل العلم، والذي يظهر والله أعلم هو اختيار أبي العباس بن تيمية رحمه الله، وهو أن الحديث ثابت عن عمر و ابن عمر و المغيرة وغيرهم، وليس كما ذكرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما ذكر ذلك أشار إلى واقعة عين، فالراجح أنها ليست قضية عين، وهذه من المسائل التي استدل بها علماء الأصول على أن القصور موجود حتى في عهد الصحابة، فـعائشة كأنها تقول: إن هذه قضية عين، وليست حكماً عاماً.

ومعناه على الراجح أن الميت يتألم، والتألم ليس عذاباً بمعنى العقوبة، وقد جاء في الحديث: ( ما من مسلم ينوح عليه أهله إلا وملكان يلهزانه يقولان له: أكنت كما قيل؟ ) فهذا يدل على أنه يتألم ويتضجر ويحزن، وهذا نوع من الألم؛ لأن المشقة عذاب، كما جاء في الصحيحين: ( السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ) ومعنى (قطعة من العذاب) قطعة من المشقة والألم، هذا الذي يظهر والله أعلم.

فالعذاب أعم من أن يكون عقوبة، وبهذا تأتلف الأحاديث والقواعد الشرعية؛ لأنه من المعلوم قول الله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164]، فالإنسان إذا أخطأ أهله، فإنه لا يعذب، وبعض العلماء يقول: إن معناه أن الميت ليعذب ببكاء الحي عليه إذا كان قد أوصى بذلك، أو أشعر أنه يريد ذلك، وهذا وإن كان معناه صحيحاً، لكن الذي يظهر أن هذا ليس ظاهر الحديث إلا إذا كان من باب دلالة الالتزام، والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله: [ باب: ما جاء في مستريح ومستراح منه.

عن أبي قتادة بن ربعي رضي الله عنه: ( أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فقال: مستريح ومستراح منه. قالوا: يا رسول الله! ما المستريح وما المستراح منه؟ فقال: العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب ) ].

هذا الحديث متفق عليه، وزاد البخاري : (العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا إلى رحمة الله).

فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من المستريحين، والحياة متاع ولهو، متاع بما يحصل للإنسان من مال أو ولد أو زوجة، ولهو بما يحصل له وراء ذلك، من الفخر والسمعة والجاه كل ذلك سماه الله متاعاً ولهواً، وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا [الكهف:46].

يقول المؤلف رحمه الله: [ باب: في غسل الميت.

عن أم عطية رضي الله عنها قالت: ( لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغسلنها وتراً، ثلاثاً أو خمساً، واجعلن في الخامسة كافوراً أو شيئاً من كافور، فإذا غسلتنها فأعلمنني، قالت: فأعلمناه فأعطانا حقوه، وقال: أشعرنها إياه ) ].

هذا الحديث متفق عليه، وفي رواية: ( اغسلنها ثلاثاً أو خمساً، أو أكثر من ذلك إذا رأيتن ذلك ) وزيادة: ( أو أكثر من ذلك إذا رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلنها في الآخر )، رواها البخاري و مسلم.

هذا الحديث يفيد ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من أن غسل الميت واجب، وهل هو فرض عين أم فرض كفاية؟ الصحيح أنه فرض كفائي؛ لأن من أشهر الفروق بين الفرض الكفائي وفرض العين أن الفرض الكفائي: طلب تحصيل الفعل، وأما فرض العين فهو طلب تحصيل فعل المحل، وليس الفعل نفسه، وهذا منها والله أعلم.

ويفيد أيضاً استحباب الغسل ثلاثاً.

ويفيد أيضاً جواز التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم حيث أنه أمر أن يشعرنها شيئاً كان يتجسده صلى الله عليه وسلم، ومعنى (أشعرنها إياه) يعني: اجعلنه ملتصقاً بجسدها؛ ولهذا قال: ( الأنصار شعار وغيرهم دثار ) كما جاء في صحيح مسلم وغيره، ومعنى (شعار) يعني: أنهم إليه أقرب، والشعار هو الذي يلتصق بالجسد، وأما الدثار فهو الذي يكون من الخارج.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [1] 2406 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [2] 2045 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الحيض 2028 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [7] 2027 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [8] 1886 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [5] 1884 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [11] 1844 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [9] 1700 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الوضوء 1555 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [3] 1458 استماع