مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [2]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: إتيان مسجد قباء والصلاة فيه.

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء راكباً وماشياً فيصلي فيه ركعتين ) ].

هذا الحديث متفق عليه، رواه البخاري و مسلم بنفس اللفظ.

إتيان مسجد قباء والصلاة فيه

وهذا الحديث يفيد أن الإتيان إلى مسجد قباء راكباً أو ماشياً والصلاة فيه ركعتين من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا إنما هو في حق من كان بالمدينة، أو بمسافة دون قصر، وأما شد الرحال إلى قباء فلا يجوز، هذا هو قول السلف والخلف، وخالف في ذلك العز بن عبد السلام و الجويني و الغزالي ، فرووا في كتبهم أن شد الرحال إلى غير هذه المساجد الثلاثة مثل زيارة قبر الرسول جائزة، يقول ابن تيمية : ولم يقل واحد منهم: إن ذلك مشروع، وإنما قالوا بالجواز، ثم ذكر أبو العباس بن تيمية رداً على هذا القول وأنه قول محدث لا يعرف عن السلف، ومنه مسجد قباء.

شروط اعتبار شد الرحال غير مشروع

ولابد في شد الرحال أن تجتمع صفتان حتى يكون غير مشروع:

أن يشد الرحال لبقعة، وأن يكون بقصد العبادة، فلو شد الرحال لبقعة لا للعبادة مثل أن يزور بيت فلان أو استراحة فلان أو مكان فلان فلا بأس؛ لأنه شد الرحال بلا عبادة، فلا بد أن تجتمع صفتان، شد الرحال لبقعة بقصد التعبد، وقد جاء عند الترمذي بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه ركعتين كان كعمرة )، وهذا إسناد جيد، وهذا يفيد أن إتيان قباء فيه عبادة وفضيلة.

وهذا الحديث يفيد أن الإتيان إلى مسجد قباء راكباً أو ماشياً والصلاة فيه ركعتين من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا إنما هو في حق من كان بالمدينة، أو بمسافة دون قصر، وأما شد الرحال إلى قباء فلا يجوز، هذا هو قول السلف والخلف، وخالف في ذلك العز بن عبد السلام و الجويني و الغزالي ، فرووا في كتبهم أن شد الرحال إلى غير هذه المساجد الثلاثة مثل زيارة قبر الرسول جائزة، يقول ابن تيمية : ولم يقل واحد منهم: إن ذلك مشروع، وإنما قالوا بالجواز، ثم ذكر أبو العباس بن تيمية رداً على هذا القول وأنه قول محدث لا يعرف عن السلف، ومنه مسجد قباء.

ولابد في شد الرحال أن تجتمع صفتان حتى يكون غير مشروع:

أن يشد الرحال لبقعة، وأن يكون بقصد العبادة، فلو شد الرحال لبقعة لا للعبادة مثل أن يزور بيت فلان أو استراحة فلان أو مكان فلان فلا بأس؛ لأنه شد الرحال بلا عبادة، فلا بد أن تجتمع صفتان، شد الرحال لبقعة بقصد التعبد، وقد جاء عند الترمذي بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه ركعتين كان كعمرة )، وهذا إسناد جيد، وهذا يفيد أن إتيان قباء فيه عبادة وفضيلة.

قال المؤلف رحمه الله: [ باب: فضل من بنى لله مسجداً.

عن محمود بن لبيد ( أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أراد بناء المسجد، فكره الناس ذلك وأحبوا أن يدعه على هيئته، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من بنى مسجداً لله بنى الله له مثله في الجنة ) ].

هذا الحديث متفق عليه، وفيه زيادة: ( أراد بناء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي التوسعة المعروفة: التوسعة العثمانية، وكره ذلك الصحابة فأحبوا أن يدعه مثل ما كان عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبي بكر و عمر ، فقال: إنكم أكثرتم )، في رواية البخاري و مسلم : ( إنكم أكثرتم، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من بنى مسجداً لله بنى الله له مثله في الجنة )، في رواية: ( بنى الله له بيتاً في الجنة )، ويظهر من قول عثمان أن ترميم المسجد أو زيادته داخل في هذا الحكم والله أعلم.

فـعثمان لم يبن مسجداً إنما وسع المسجد، فجعل التوسعة بمثابة البناء.

أما إدخال قبر رسول الله في المسجد فإنه ليس عثمان الذي فعله وإنما الذي أدخله الوليد .

وهناك زيادة ( ولو كمفحص قطاة ) هذه الزيادة رواها البزار وحسن إسنادها بعض المتأخرين، ومنهم الحافظ ابن حجر ، والحديث قابل، لكن يشكل عليه أن الزيادات مثل هذه في كتب البزار وغيرها إلى الضعف أقرب، فكتاب البزار المسمى البحر الزخار الذي جمعه وقصد به بيان روايات الغرائب، والغالب أن الأحاديث الحسنة فيها إذا لم يرد أصلها في البخاري و مسلم ، وأما الزيادات على البخاري و مسلم فالغالب فيها النكارة، والله أعلم.

ومثله المعاجم الثلاثة للطبراني .

قال المؤلف رحمه الله: [ باب: فضل المساجد.

عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها ) ].

هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه.

قال المؤلف رحمه الله: [ باب: فضل كثرة الخطا إلى المساجد.

عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: ( كان رجل من الأنصار بيته أقصى بيت في المدينة، فكان لا تخطئه الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فتوجعنا له، فقلت له: يا فلان! لو أنك اشتريت حماراً يقيك من الرمضاء ويقيك من هوام الأرض، قال: أما والله ما أحب أن بيتي مطنب ببيت محمد صلى الله عليه وسلم، قال: فحملت به حملاً حتى أتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، قال: فدعاه فقال له مثل ذلك، وذكر له أنه يرجو في أثره الأجر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن لك ما احتسبت ) ].

هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه.

وهذا يفيد أن الإنسان إذا احتسب الشيء يؤجر على نيته، وإن لم يحتسب فلا يؤجر، وهذا إذا كان هذا الفعل ليس مقصوداً بذاته إنما هو وسيلة، مثل النوم إن احتسب الأجر بحيث أن يتقوى على العبادة أجر على نومه، وإلا فلا.

و أبي رضي الله عنه وقع في نفسه خشية أن يفهم الصحابة أنه لا يحب قرب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أن الإنسان ربما يريد الخير لكنه لا يحسن التعبير عنه، فيساء به الظن بسبب عباراته، وهذا كثير، وإن كان هذا ليس عيباً في حق السامع، كما قلنا في قصة مالك بن الدخشم : ( ودّوا أنه دعا عليه فهلك، ودّوا أنه أصابه شر )؛ وذلك لأنه يجلس كثيراً مع المنافقين، فوقع في نفس الصحابة منه ما وقع، وإن كان هو من أهل بدر.

قال المؤلف رحمه الله: [ باب: المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة ) ].

هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه.

وهذا الحديث والذي قبله فيهما فضل المشي إلى بيت الله، وقد جاء عند أهل السنن: ( بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة )، وهذا يدل على فضل المشي إلى الصلاة، وعلى أن المشي أفضل من الركوب، لكن هل يدل على أن إتيان المساجد البعيدة أفضل من إتيان المساجد القريبة؟ مثل لو كان مسجد قريب لك، ومسجد بعيد عنك، فهل الأفضل أن تذهب إلى البعيد لأجل أن تحصل على الأجر؟ وهذا الكلام فيه من جهات عدة منها:

أولاً: إتيان المسجد البعيد فيه أفضلية كثرة الخطا، وإتيان المسجد القريب فيه أفضلية القرب من الإمام.

ثانياً: أن الملائكة تصلي على من يحضر المسجد وتقول: ( اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، اللهم ارحمه، ما لم يؤذ فيه، ما لم يحدث فيه )، وهذا إنما يكون في المسجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه تقول: اللهم اغفر له ).

وأما من خرج فإنه جاء في رواية أو في حديث كعب بن عجرة : ( فلا يشبك بين أصابعه فإنه في صلاة ) إلا أن الأحاديث الواردة في هذا ضعيفة، وهي ثلاثة أحاديث: حديث أبي هريرة حديث كعب بن عجرة حديث أبي سعيد وكلها أشار البخاري إلى ضعفها، كذلك ابن رجب رحمه الله؛ ولهذا أقول: إن إتيان المسجد القريب لأجل القرب من الإمام ولأجل الصلاة من الملائكة لعله يكون أفضل، والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله: [ باب: خروج النساء إلى المساجد.

عن زينب الثقفية رضي الله عنها قالت: ( قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً ) ].

هذا الحديث رواه مسلم .

وهذا يفيد أنه لا يجوز للمرأة إذا خرجت إلى المسجد أن تمس طيباً، فلما منعت من مس الطيب عند الذهاب إلى المساجد ففي غيرها من باب أولى، والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله: [ باب: منع النساء من الخروج.

عن عمرة بنت عبد الرحمن : ( أنها سمعت عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل، قالت: فقلت لـعمرة : أنساء بني إسرائيل منعن المسجد؟ قالت: نعم ) ].

هذا الحديث متفق عليه.

وهذا يفيد أن الحكم الشرعي لا يمكن أن يكون سبباً لوقوع الفتن؛ ولهذا قالت عائشة : ( لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المسجد )، فدل ذلك على أن: ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ) إذا لم يكن هناك محظور في أصله، وهذا يدل على أن عائشة رضي الله عنها فهمت الحكم الشرعي حين صدوره إذا لم يقع فيه فتنة، والله أعلم.

ولا ينبغي التوسع بدعوى الفتن لإسقاط الأحكام الشرعية، والله أعلم.