مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [7]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

وبعد:

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: رفع الصوت بالخطبة وما يقول فيها.

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش، يقول: صبحكم ومساكم، ويقول: بعثت أنا والساعة كهاتين، ويقرن بين إصبعيه؛ السبابة والوسطى، ويقول: أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ثم يقول: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالاً فلأهله ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإلي وعلي ) ].

هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه.

وهذا الحديث يفيد مسائل:

استحباب تأثير الخطيب في المستمعين

المسألة الأولى: أنه ينبغي للخطيب أن يؤثر في مستمعيه، وألا تكون خطبته كحديثه؛ (ولهذا كان صلى الله عليه وسلم إذا خطب -وهو الذي على خلق عظيم وعلى سمت جليل- احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه)، فهذا يفيد أنه ينبغي للخطيب أن يؤثر في الناس بأسلوبه وتأثيراته.

ولهذا جاء في صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المسيح الدجال فخفض فيه ورفع )، يقول الراوي: ( حتى ظننا أنه في طائفة النخل )، يعني: نريد أن نلتفت وننظر هل المسيح الدجال هل هو خلفنا أم لا؟ من شدة تأثر النبي صلى الله عليه وسلم في كلامه عن الدجال حتى كأنه ينظره: ( وذكر النار ثم أعرض وأشاح )، يعني: كأن النار بين يديه، فهذا يدل على أنه ينبغي للخطيب أن يؤثر في الناس، حتى كأنهم يرون ما يتحدث عنه رأي عين.

مدى اشتراط قراءة آية والصلاة على النبي في الخطبة

المسألة الثانية: استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أنه لا يجب قراءة آية، ولا تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة، وذلك لأن الراوي لم يذكر هذا، وإنما ذكر أن النبي كان يستفتح بالحمد لله، والمسألة محتملة.

فذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى وجوب قراءة آية، وأن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.

وذهب الحنفية ورواية عند الإمام أحمد، اختارها ابن سعدي و أبو العباس بن تيمية أن الواجب أن يحمد الله وأن يذكر الناس بالله، هذا هو أصل الخطبة، فأصل خطبة الجمعة هو حمد الله، وتذكير الناس بالله، فمتى حصلت هذه الأشياء فإنها تكون خطبة، والله أعلم، وهذا القول قوي والله أعلم؛ ذلك أن اشتراط الصلاة على النبي واشتراط قراءة آية، لا يمكن أن يستدل به على الشرطية من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

كيف وهو لم يأت عنه صلى الله عليه وسلم لفظ يدل على وجوب أخذ ما فعل، كما قال في النسك: ( خذوا عني مناسككم )، وقال في الصلاة: ( صلوا كما رأيتموني أصلي )؟! فهذا لا يمكن أن يستدل به على الشرطية، ولهذا قول أبي حنيفة قوي، والله أعلم.

حكم خطبة الحاجة في خطبة الجمعة والمداومة عليها

المسألة الثالثة: هل قول: إن الحمد ... فإن خير الهدي كتاب الله يقولها في كل خطبة، أم أحياناً؟ الذي يظهر والله أعلم أن ذلك غالب فعله صلى الله عليه وسلم، وإن لم يكن كل فعله.

ومثل ذلك: حمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، فإن من العلماء من قال: فإنه ينبغي أن يقول في دعاء الحاجة أو خطبة الحاجة: إن الحمد لله، نحمده ونستعينه.

فهل يداوم على ذلك أم لا؟ يعني: هل السنة المداومة على (إن الحمد لله) أم لا؟

أقول: أما أن يخطب أحياناً بـ ( إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا )، الحديث، فهذا حسن عند عامة أهل العلم، بل هو سنة أحياناً، لكن هل يداوم عليه أم لا؟ الذي يظهر لي والله أعلم أنه لو داوم عليها فإنه حسن، والله أعلم.

أما ما يفعله بعض الخطباء، وهو قلة ما يبدأ بخطبة الحاجة فهذا خلاف السنة، أكثر الخطباء الآن تجدهم يأتون بمقدمة فيها سجع تناسب الخطبة، وهذا لا بأس به أحياناً، لكن ينبغي أن يكثر من خطبة الحاجة، والله أعلم.

المسألة الأولى: أنه ينبغي للخطيب أن يؤثر في مستمعيه، وألا تكون خطبته كحديثه؛ (ولهذا كان صلى الله عليه وسلم إذا خطب -وهو الذي على خلق عظيم وعلى سمت جليل- احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه)، فهذا يفيد أنه ينبغي للخطيب أن يؤثر في الناس بأسلوبه وتأثيراته.

ولهذا جاء في صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المسيح الدجال فخفض فيه ورفع )، يقول الراوي: ( حتى ظننا أنه في طائفة النخل )، يعني: نريد أن نلتفت وننظر هل المسيح الدجال هل هو خلفنا أم لا؟ من شدة تأثر النبي صلى الله عليه وسلم في كلامه عن الدجال حتى كأنه ينظره: ( وذكر النار ثم أعرض وأشاح )، يعني: كأن النار بين يديه، فهذا يدل على أنه ينبغي للخطيب أن يؤثر في الناس، حتى كأنهم يرون ما يتحدث عنه رأي عين.

المسألة الثانية: استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أنه لا يجب قراءة آية، ولا تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة، وذلك لأن الراوي لم يذكر هذا، وإنما ذكر أن النبي كان يستفتح بالحمد لله، والمسألة محتملة.

فذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى وجوب قراءة آية، وأن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.

وذهب الحنفية ورواية عند الإمام أحمد، اختارها ابن سعدي و أبو العباس بن تيمية أن الواجب أن يحمد الله وأن يذكر الناس بالله، هذا هو أصل الخطبة، فأصل خطبة الجمعة هو حمد الله، وتذكير الناس بالله، فمتى حصلت هذه الأشياء فإنها تكون خطبة، والله أعلم، وهذا القول قوي والله أعلم؛ ذلك أن اشتراط الصلاة على النبي واشتراط قراءة آية، لا يمكن أن يستدل به على الشرطية من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

كيف وهو لم يأت عنه صلى الله عليه وسلم لفظ يدل على وجوب أخذ ما فعل، كما قال في النسك: ( خذوا عني مناسككم )، وقال في الصلاة: ( صلوا كما رأيتموني أصلي )؟! فهذا لا يمكن أن يستدل به على الشرطية، ولهذا قول أبي حنيفة قوي، والله أعلم.

المسألة الثالثة: هل قول: إن الحمد ... فإن خير الهدي كتاب الله يقولها في كل خطبة، أم أحياناً؟ الذي يظهر والله أعلم أن ذلك غالب فعله صلى الله عليه وسلم، وإن لم يكن كل فعله.

ومثل ذلك: حمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، فإن من العلماء من قال: فإنه ينبغي أن يقول في دعاء الحاجة أو خطبة الحاجة: إن الحمد لله، نحمده ونستعينه.

فهل يداوم على ذلك أم لا؟ يعني: هل السنة المداومة على (إن الحمد لله) أم لا؟

أقول: أما أن يخطب أحياناً بـ ( إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا )، الحديث، فهذا حسن عند عامة أهل العلم، بل هو سنة أحياناً، لكن هل يداوم عليه أم لا؟ الذي يظهر لي والله أعلم أنه لو داوم عليها فإنه حسن، والله أعلم.

أما ما يفعله بعض الخطباء، وهو قلة ما يبدأ بخطبة الحاجة فهذا خلاف السنة، أكثر الخطباء الآن تجدهم يأتون بمقدمة فيها سجع تناسب الخطبة، وهذا لا بأس به أحياناً، لكن ينبغي أن يكثر من خطبة الحاجة، والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله: [ باب: الإيجاز في الخطبة.

عن أبي وائل قال: خطبنا عمار رضي الله عنه فأوجز وأبلغ، فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان ! لقد أبلغت وأوجزت، فلو كنت تنفست، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة، وإن من البيان سحراً ) ].

هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه، وقد رواه البخاري و مسلم من حديث ابن عمر بلفظ: ( وإن من البيان لسحراً )، وأما الحديث عن فقه خطبة الجمعة فقد رواه مسلم .

وفي الحديث مسائل:

من هذه المسائل: استحباب أن يقصر الإنسان الخطبة وأن يطيل الصلاة، ومعنى إطالة الصلاة؛ من المعلوم أن قراءة سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، و هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [الغاشية:1]، هي السنة، لكن يطيل الركوع والسجود، ولا يلزم أن تكون الخطبة أقصر من الصلاة، ليس هذا المراد، ولكن المراد أن تقصر الخطبة كما تقصر خطب العادة، وأن يطال في الصلاة كما يطال في العادة، لا أن تكون الصلاة أطول من الخطبة، فإن قوله: ( إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه )، يعني: أن يطيل الصلاة مما يعرف إطالتها في العادة، وأن يقصر في الخطبة مما يقصر فيه في العادة، هكذا.

وقد كان صلى الله عليه وسلم أحياناً يطيل الخطبة؛ لدعاء الحاجة واقتضاء الأمر، فقد روى البخاري و مسلم من حديث عمرو بن أخطب ( أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبهم بعد الفجر حتى الظهر، ثم نزل فصلى بهم الظهر، ثم قام فخطب حتى أذن العصر -يقول الراوي- فكان أحفظنا أعلمنا )، وهذه المدة الطويلة تدل على أنه صلى الله عليه وسلم أطال الخطبة، وهذا يدل على أنه متى ما وجدت الدواعي إلى الإطالة، والناس لا يسأمون ذلك في الغالب فلا حرج من الإطالة، وينبغي ألا يكون ذلك على سبيل الدوام.

وأما الاستدلال في هذا الزمان على قصر الخطبة مطلقاً، حتى تكون عشر دقائق أو خمس دقائق، أنا أقول: في هذا نظر؛ وذلك لأن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه كانت تذكيراً، وقد كان الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم وحوله في كل صلاة، أما اليوم فإن الناس لا يكادون يسمعون الخير، ولا الخطب إلا يوم الجمعة، فكون الإمام يتقي الله في خطبته ويختار المواضيع التي تهم الناس، ويذكرهم بالله سبحانه وتعالى فهذا مطلب، ولا مانع من الإطالة، لكن لا تكون كثيرة، بحيث تكون الصلاة والخطبة نصف ساعة، وأنا أرى أن هذا جيد، وليس ثمة إطالة فإذا كانت الخطبتان ثلث ساعة فليس ثمة إطالة، والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله: [ باب: ما لا يجوز حذفه من الخطبة.

عن عدي بن حاتم رضي الله عنه ( أن رجلاً خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بئس الخطيب أنت! قل: ومن يعص الله ورسوله )، قال ابن نمير : ( فقد غوي ) ].

هذا الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه.

في هذا الحديث أن الخطيب جمع لفظ الجلالة مع مقام النبوة بضمير، فقال: ( ومن يعصهما فقد غوي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بئس الخطيب أنت! قل: ومن يعص الله ورسوله )، وقد اختلف العلماء، في سبب الكراهة، فقيل: إنه جمع بين مقام الربوبية والألوهية مع مقام النبوة، ولا شك أن مقام الألوهية والربوبية أعظم، فينبغي أن يفصل بينهما، فلا يجعل مقام النبوة بمقام الألوهية.

ويشكل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه مثل ذلك، فقد قال طلحة بن عبيد الله في حديث: ( إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الإنسية )، فكيف ذاك؟ الذي يظهر والله أعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ذلك من باب التواضع، بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام، ثم إن الخطيب لحظ منه أنه يكثر من جمع الضمائر، فإذا كان غالب حال الإنسان كهذا قيل له: بئس الخطيب أنت! وأما إذا كان يجمع أحياناً فلا حرج، وعلى هذا فيكون هذا من باب أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع منه هذا الأمر مراراً، (فقال له: بئس الخطيب أنت!) فينبغي أن يفرق، وعندي أن ذلك إنما قاله: -( بئس الخطيب أنت! )- لأنه قال : ( من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوي، فقال: بئس الخطيب أنت! )، وذلك لأن العصيان ليس سواء، ( ومن يعص الله ورسوله فقد غوي )، فليس عصيان الله كعصيان رسوله، فلهذا قال صلى الله عليه وسلم: ( فقد غوي )، ولو كان غير العصيان لكان أخف، فكأن ذلك هو الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي يقول: ( بئس الخطيب أنت! قل: ومن يعص الله ورسوله )، والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله: [ باب: قراءة القرآن على المنبر في الخطبة.

عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان رضي الله عنها قالت: ( لقد كان تنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحداً سنتين أو سنة وبعض سنة، ما أخذت ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق:1] إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس ) ].

هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه.

هذا الحديث يفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من قراءة ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق:1]، قالت: ( ما أخذت ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق:1] إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرؤها كل جمعة على المنبر )، وقد أشكل على بعض طلبة العلم كيف كانت قراءته بسورة (ق)، هل كان يقرأها فقط، ثم ينزل فيخطب الخطبة الثانية؟ أم كان يخطب ويذكر الناس بينهما؟

الذي يظهر أن كل ذلك جائز، فيبعد أن يكون صلى الله عليه وسلم كل خطبة يذكر (ق) ويقرؤها قراءة تامة، مما يدل على أنه كان يقرأ ويذكر ويفسر أحياناً، وأحياناً يقرأ كل السورة، فهذا جاء وهذا جاء، والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله: [ باب: الإشارة بالإصبع في الخطبة.

عن حصين عن عمارة بن رؤيبة رضي الله عنه قال: رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه فقال: قبح الله هاتين اليدين ( لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بإصبعه المسبحة ) ].

هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه.

رفع اليدين أثناء الخطبة

المسألة الأولى: أن عمارة بن رؤيبة الصحابي المعروف رأى بشر بن مروان -من أمراء بني أمية- رافعاً يديه حال الدعاء فقال: ( قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بيده المسبحة )، المسبحة: هي السبابة، ويفيد عدم استحباب رفع اليدين حال الخطبة إلا حال الاستسقاء؛ لما جاء في صحيح البخاري من حديث أنس قال، وفيه: ( ولا والله ما في السماء من سحابة ولا قزع، فرفع يديه فقال: اللهم أغثنا اللهم أغثنا )، والمأموم مثل الإمام، فإذا كان يستحب للإمام أن يرفع حال الخطبة استحب للمأموم كذلك، وما لا يستحب للإمام أن يرفع في الخطبة فلا يستحب للمأموم كذلك، وعلى هذا فإذا شرع الإمام في الدعاء فإنه لا يرفع.

الدعاء في الخطبة

المسألة الثانية: قل أن يستدل بها من هذا الحديث، وهو أنه صلى الله عليه وسلم أحياناً كان يدعو في الخطبة، فلما قال بشر : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد بأن يقول هكذا )، فهذا يفيد أنه كان أحياناً يدعو ولا يرفع؛ لأنه حينما رفع بشر بن مروان اليدين، أنكر عليه الرفع ولم ينكر عليه الدعاء، مما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو أحياناً.

وكتب الفقه حينما تتحدث عن الدعاء لا تذكر هذا الحديث، بل إن بعض الفقهاء المالكية أشار إلى أن الدعاء في الخطبة بدعة، كما روي عن الشاطبي وغيره، والصحيح أنه لا بأس به، فما دام أنه من مقام الإجابة فإن الدعاء فيه حسن، والله أعلم.

رفع السبابة عند الدعاء أثناء الصلاة وخارجها

المسألة الثالثة: هل ترفع السبابة أثناء الدعاء في الصلاة؟

فإن بعض الناس إذا دعا وهو يصلي رفع السبابة، وهذا خطأ، السبابة في الصلاة لا ترفع إلا في موطنها، وهو التشهد الأول والثاني.

وأما رفع السبابة أثناء الدعاء خارج الصلاة لا حرج في ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( أحد أحد، فو الذي نفسي بيده إنها لأشد على الشيطان من جبل أحد )، والحديث إسناده لا بأس به، لكن في الصلاة لا يرفع السبابة إلا في موطنها.

المسألة الأولى: أن عمارة بن رؤيبة الصحابي المعروف رأى بشر بن مروان -من أمراء بني أمية- رافعاً يديه حال الدعاء فقال: ( قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بيده المسبحة )، المسبحة: هي السبابة، ويفيد عدم استحباب رفع اليدين حال الخطبة إلا حال الاستسقاء؛ لما جاء في صحيح البخاري من حديث أنس قال، وفيه: ( ولا والله ما في السماء من سحابة ولا قزع، فرفع يديه فقال: اللهم أغثنا اللهم أغثنا )، والمأموم مثل الإمام، فإذا كان يستحب للإمام أن يرفع حال الخطبة استحب للمأموم كذلك، وما لا يستحب للإمام أن يرفع في الخطبة فلا يستحب للمأموم كذلك، وعلى هذا فإذا شرع الإمام في الدعاء فإنه لا يرفع.

المسألة الثانية: قل أن يستدل بها من هذا الحديث، وهو أنه صلى الله عليه وسلم أحياناً كان يدعو في الخطبة، فلما قال بشر : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد بأن يقول هكذا )، فهذا يفيد أنه كان أحياناً يدعو ولا يرفع؛ لأنه حينما رفع بشر بن مروان اليدين، أنكر عليه الرفع ولم ينكر عليه الدعاء، مما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو أحياناً.

وكتب الفقه حينما تتحدث عن الدعاء لا تذكر هذا الحديث، بل إن بعض الفقهاء المالكية أشار إلى أن الدعاء في الخطبة بدعة، كما روي عن الشاطبي وغيره، والصحيح أنه لا بأس به، فما دام أنه من مقام الإجابة فإن الدعاء فيه حسن، والله أعلم.