خطب ومحاضرات
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [5]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه! وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه! ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.
وبعد:
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: القنوت في صلاة الصبح.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يقول وهو قائم: اللهم أنج
الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة ، وجاء أيضاً نحوه من حديث أنس رواه البخاري و مسلم ، والحديث رواه البخاري من حديث ابن عمر أيضاً.
وفيه مسائل:
حكم قنوت النوازل
مدة قنوت النوازل
الأقرب والله أعلم ( أنه قنت شهراً )، وفي رواية: ( ثلاثين يوماً ) من حديث أبي هريرة ، ومن حديث ابن عمر ، ومن حديث ابن عباس ، ومن حديث عبد الله بن مسعود ، ومن حديث أنس بن مالك : ( أنه قنت شهراً ) وفي رواية: ( أو قنت ثلاثين يوماً )، فهذا هو المحفوظ، وعليه فما جاء في حديث البيهقي وغيره من حديث أنس : ( أنه قنت أربعين، وفي رواية سبعة عشر )، فهي رواية ضعيفة، والمعول على ما جاء في الصحيحين من حديث أنس ومن حديث غيره: ( أنه قنت شهراً )، كما أشار إلى ذلك البيهقي وغيره، يعني: لم يختلف إسناد صحيح نقص أو زاد عن شهر، وما جاء أنه قنت أقل من ذلك أو أكثر فهي أحاديث منكرة.
إذاً: الثابت عنه صلى الله عليه وسلم من غير اختلاف بإسناد صحيح أنه قنت شهراً، وعليه فهل نقول: إن السنة ألا يزاد على شهر، ولو بقيت النازلة أم يقنت حتى تزول؟
المعروف عند الجمهور -وإن كان ذلك ليس صريحاً على المذاهب- أنه يترك القنوت إذا رفعت النازلة زادت عن شهر أو نقصت، وهذا ظاهر قول أبي العباس بن تيمية رحمه الله.
والقول الثاني في المسألة: وهو قول لبعض أصحاب الحنابلة: أن السنة ألا يزاد عن شهر، وإن زاد فهو جائز حتى ترفع، إذاً الجواز ما بعد الشهر، والاستحباب شهر، واستدل أصحاب هذا القول بأن قالوا: إن ثبوت القنوت ثبت بفعله، وعليه فما ثبت بفعله فإنه يوقف عند فعله، فإنه قنت شهراً بفعله، وما زاد فهو جائز، وهذا القول عندي أظهر والله أعلم؛ لأنه لم يثبت القنوت من قوله، وإنما ثبت بفعله، وقنت صلى الله عليه وسلم شهراً بفعله، فما ثبت بالفعل في الابتداء فليثبت الفعل في الانتهاء من حيث الاستحباب هذا الدليل الأول.
الدليل الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم ترك القنوت لأجل نزول الآية كما في الحديث: ( ثم بلغنا أنه ترك ذلك حينما نزلت قوله تعالى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ [آل عمران:128] )، هذا هو المحفوظ، وأما ما جاء في بعض الروايات من حديث أبي هريرة قال: ( ألا تراهم قد رجعوا؟! ) فهذه ليست بمحفوظة؛ لأنه ليس كل المستضعفين رجعوا، فبعضهم ما زال على الكفر، فليس كل رعل أو ذكوان أو عصية عصت الله ورسوله كلهم رجعوا، لكن وجد من بعض القبائل من أسلمت، ووجد من القبائل أيضاً من ما زال على الكفر.
الثاني: أن المسلمين المستضعفين الذين قتلوا لم يزد صلى الله عليه وسلم عليهم أن قنت لهم شهراً، وما جاء في بعض روايات الحديث أنه ترك ذلك لأنهم رجعوا بمعنى: أن النازلة قد رفعت، فهذا محل تأمل؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إنما قنت لأمرين: قنت للمستضعفين الذين قتلوا، وقنت لبعض قبائل العرب التي عصت؛ وهي رعل وذكوان وعصية ومضر، ومن المعلوم أن هذه القبائل لم تسلم كلها في عهده صلى الله عليه وسلم، مما يدل على أن وقوفه صلى الله عليه وسلم ليس لأجل ارتفاع النازلة مطلقاً.
الدليل الثالث: إن قلنا: إنه يزاد على شهر فإلى كم يقنت؟! لأن ذلك مدعاة لئن تزيد على أكثر من سنتين أو سنة، ففلسطين لها أكثر من خمسين سنة، ومثل ذلك بعض المصائب التي تحل بإخواننا مثلاً في سوريا لها أكثر من سنتين، ومن المعلوم أن قنوت النازلة عارض، خلافاً للشافعية فإنهم يجعلون القنوت دائماً بعد صلاة الفجر.
ومسألة القنوت في الفجر محل نظر؛ لأن الشافعية يستدلون بحديث: (لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا) ويجعلونها أن الرسول عليه الصلاة والسلام قنت واستمر، والصحيح أنه لم يستمر؛ ولهذا فالذي يظهر لي والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم أنه صلى الله عليه وسلم لما ثبت قنوته بفعله فإننا استحببناه، فإنما نستحب أيضاً قنوته برفعه وتركه وهو شهر، والمسألة فيها مسائل كثيرة، ويحسن لطالب العلم لو يبحث قنوت النازلة والأحكام المترتبة على ذلك، يوجد بحوث لكنها بحاجة إلى تأصيل أكثر.
المسألة الأولى: استدل به جمهور العلماء -خلافاً لـأبي حنيفة - على استحباب أن يقنت الإمام إذا نزلت بالمسلمين نازلة، شقت عليهم وآذتهم في دينهم وأموالهم. هذا القنوت في أي صلاة يكون؟ اختلف العلماء في ذلك، والراجح والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم أنه في كل صلاة؛ ( لأنه صلى الله عليه وسلم قنت شهراً بعد الفجر وبعد الظهر وبعد العصر وبعد المغرب وبعد العشاء )، وهذا ثابت من حديث البراء ومن حديث ابن عباس ، ومن حديث أبي هريرة ، وإن كانت هذه الأحاديث تختلف من حيث الصلاة، أما حديث ابن عباس فإنه يفيد غالب الصلوات، إلا يوم الجمعة فلم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قنت بعد صلاة الجمعة بعد الركعة الثانية؛ ولهذا فالسنة يوم الجمعة ألا يقنت فيها؛ لأنه حينما قنت شهراً لم يقنت يوم الجمعة.
المسألة الثانية: كم عدد المدة التي يقنت فيها؟ أو بالأحرى نقول: هل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم اختلاف في عدد قنوته؟
الأقرب والله أعلم ( أنه قنت شهراً )، وفي رواية: ( ثلاثين يوماً ) من حديث أبي هريرة ، ومن حديث ابن عمر ، ومن حديث ابن عباس ، ومن حديث عبد الله بن مسعود ، ومن حديث أنس بن مالك : ( أنه قنت شهراً ) وفي رواية: ( أو قنت ثلاثين يوماً )، فهذا هو المحفوظ، وعليه فما جاء في حديث البيهقي وغيره من حديث أنس : ( أنه قنت أربعين، وفي رواية سبعة عشر )، فهي رواية ضعيفة، والمعول على ما جاء في الصحيحين من حديث أنس ومن حديث غيره: ( أنه قنت شهراً )، كما أشار إلى ذلك البيهقي وغيره، يعني: لم يختلف إسناد صحيح نقص أو زاد عن شهر، وما جاء أنه قنت أقل من ذلك أو أكثر فهي أحاديث منكرة.
إذاً: الثابت عنه صلى الله عليه وسلم من غير اختلاف بإسناد صحيح أنه قنت شهراً، وعليه فهل نقول: إن السنة ألا يزاد على شهر، ولو بقيت النازلة أم يقنت حتى تزول؟
المعروف عند الجمهور -وإن كان ذلك ليس صريحاً على المذاهب- أنه يترك القنوت إذا رفعت النازلة زادت عن شهر أو نقصت، وهذا ظاهر قول أبي العباس بن تيمية رحمه الله.
والقول الثاني في المسألة: وهو قول لبعض أصحاب الحنابلة: أن السنة ألا يزاد عن شهر، وإن زاد فهو جائز حتى ترفع، إذاً الجواز ما بعد الشهر، والاستحباب شهر، واستدل أصحاب هذا القول بأن قالوا: إن ثبوت القنوت ثبت بفعله، وعليه فما ثبت بفعله فإنه يوقف عند فعله، فإنه قنت شهراً بفعله، وما زاد فهو جائز، وهذا القول عندي أظهر والله أعلم؛ لأنه لم يثبت القنوت من قوله، وإنما ثبت بفعله، وقنت صلى الله عليه وسلم شهراً بفعله، فما ثبت بالفعل في الابتداء فليثبت الفعل في الانتهاء من حيث الاستحباب هذا الدليل الأول.
الدليل الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم ترك القنوت لأجل نزول الآية كما في الحديث: ( ثم بلغنا أنه ترك ذلك حينما نزلت قوله تعالى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ [آل عمران:128] )، هذا هو المحفوظ، وأما ما جاء في بعض الروايات من حديث أبي هريرة قال: ( ألا تراهم قد رجعوا؟! ) فهذه ليست بمحفوظة؛ لأنه ليس كل المستضعفين رجعوا، فبعضهم ما زال على الكفر، فليس كل رعل أو ذكوان أو عصية عصت الله ورسوله كلهم رجعوا، لكن وجد من بعض القبائل من أسلمت، ووجد من القبائل أيضاً من ما زال على الكفر.
الثاني: أن المسلمين المستضعفين الذين قتلوا لم يزد صلى الله عليه وسلم عليهم أن قنت لهم شهراً، وما جاء في بعض روايات الحديث أنه ترك ذلك لأنهم رجعوا بمعنى: أن النازلة قد رفعت، فهذا محل تأمل؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إنما قنت لأمرين: قنت للمستضعفين الذين قتلوا، وقنت لبعض قبائل العرب التي عصت؛ وهي رعل وذكوان وعصية ومضر، ومن المعلوم أن هذه القبائل لم تسلم كلها في عهده صلى الله عليه وسلم، مما يدل على أن وقوفه صلى الله عليه وسلم ليس لأجل ارتفاع النازلة مطلقاً.
الدليل الثالث: إن قلنا: إنه يزاد على شهر فإلى كم يقنت؟! لأن ذلك مدعاة لئن تزيد على أكثر من سنتين أو سنة، ففلسطين لها أكثر من خمسين سنة، ومثل ذلك بعض المصائب التي تحل بإخواننا مثلاً في سوريا لها أكثر من سنتين، ومن المعلوم أن قنوت النازلة عارض، خلافاً للشافعية فإنهم يجعلون القنوت دائماً بعد صلاة الفجر.
ومسألة القنوت في الفجر محل نظر؛ لأن الشافعية يستدلون بحديث: (لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا) ويجعلونها أن الرسول عليه الصلاة والسلام قنت واستمر، والصحيح أنه لم يستمر؛ ولهذا فالذي يظهر لي والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم أنه صلى الله عليه وسلم لما ثبت قنوته بفعله فإننا استحببناه، فإنما نستحب أيضاً قنوته برفعه وتركه وهو شهر، والمسألة فيها مسائل كثيرة، ويحسن لطالب العلم لو يبحث قنوت النازلة والأحكام المترتبة على ذلك، يوجد بحوث لكنها بحاجة إلى تأصيل أكثر.
قال المؤلف رحمه الله: [ باب: القنوت في الظهر وغيرها.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( والله لأقربن بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان
الحديث متفق عليه.
ويفيد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقنت بعد الفجر وبعد الظهر وبعد العشاء يدعو للمؤمنين ويلعن الكفار، وهذا يدل على أن لعن الكفار على وجه العموم جائز.
قال المؤلف رحمه الله: [ باب: القنوت في المغرب.
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقنت في الصبح والمغرب ) ].
وهذا يفيد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقنت بالمغرب، وجاء من حديث أنس (كان يقنت بالمغرب والفجر).
إذاً: هذه الأحاديث تفيد أن القنوت في أربع صلوات؛ حديث أبي هريرة : الظهر والعشاء والفجر، وحديث أنس : المغرب والفجر، وحديث البراء : الصبح والمغرب، وبقي صلاة العصر وهي ثابتة من حديث ابن عباس .
وحديث أبي هريرة متفق عليه، وحديث البراء عند مسلم ، لكن جاء من حديث أنس : ( كان يقنت بالمغرب والفجر ).
قال المؤلف رحمه الله: [ باب: في ركعتي الفجر.
عن حفصة رضي الله عنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين ) ].
هذا الحديث متفق عليه من حديث حفصة و عائشة ؛ لكن اللفظ لفظ حفصة ، فالمحفوظ من أقوال عائشة و حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يزيد على ركعتين، وأما ما جاء في النهي: ( إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا سجدتي الفجر )، فإنه حديث ضعيف، رواه الترمذي من حديث ابن عمر ، والعمل عند أهل العلم الاستحباب على ألا يزاد على ركعتين.
وهل يكره أو يحرم؟ ذهب الحنابلة والحنفية إلى أن ذلك مكروه على خلاف بينهم هل كراهة تحريم أو تنزيه، واستدلوا بحديث حفصة و عائشة :(أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي إلا ركعتي الفجر)، واستدلوا بحديث ابن عمر أيضاً: (إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا سجدتي الفجر)، وهذا نهي وأقل أحوال النهي الكراهة.
القول الثاني: قول الشافعية ورواية عن أحمد وهو أنه جائز، وهذا اختيار ابن سعدي رحمه الله.
واستدلوا بحديث عمرو بن عبسة أنه قال في صلاة الليل: ( فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة ما لم تصلي الفجر )، فجعل الحد في صلاة الفجر، فإذا صليت الفجر فأمسك عن الصلاة حتى ترتفع الشمس قدر رمح أو رمحين، فقالوا: إن هذا دلالة على أن بعد طلوع الفجر ليس وقت نهي.
وذهب مالك رحمه الله إلى أن بعد طلوع الفجر تجوز فيه ركعتا الفجر وصلاة الليل لمن لم يصل، وصلاة الوتر التي هي ركعة الوتر، فـمالك عد ما يجوز، وما زاد فهو ممنوع.
والذي يظهر والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم أن السنة ألا يزاد على ركعتي الفجر، فإن زاد فهو جائز، لكن لا يستحب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إنما كان يصنع ذلك، فدل على أن الترك هو السنة، وليس ثمة نهي صريح بإسناد صحيح، هذا هو الظاهر والله أعلم، فيكون السنة الترك، والفعل الجواز؛ لعدم ورود النهي عنه، وإن كان أكثر الصحابة على عدم الزيادة، وقد بالغ بعض الفضلاء في تأليفهم في البدع فجعلوا الصلاة بعد طلوع الفجر من البدع، وهذا محل نظر، والله أعلم.
قال المؤلف رحمه الله: [ باب: فضل ركعتي الفجر.
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ) ].
الحديث رواه مسلم.
وهذا الحديث يفيد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على ركعتي الفجر، وقالت عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين: ( صلاتان ما رأيته تركهما صلى الله عليه وسلم: ركعتا الفجر، وركعتا العصر حينما يدخل بيتي )، ومسألة ركعتي العصر مرت معنا في كلام طويل في شرح البلوغ، وكذلك في شرح الروض وقلنا إن هذا من خصوصياته وهي المداومة.
قال المؤلف رحمه الله: [ باب: القراءة في ركعتي الفجر.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ) ].
هذا الحديث رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
وهذا يدل على أن السنة في قراءة ركعتي الفجر أن يقرأ في الأولى قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، والثانية بأن يقرأ بـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وهاتان السورتان يشرع للإنسان أن يقرأها في ركعتي الفجر وفي الركعتين اللتين بعد الطواف، كما رواه مسلم من حديث جابر .
وهل تقرأ في سنة المغرب؟ جاء في حديث الترمذي : ( أنه كان يقرأها بعد صلاة المغرب) وهي سنة المغرب، وهذا حديث ضعيف ولا يحتج به، والسنة في المغرب أن يقرأ كما شاء، فليس ثمة سنة بخصوصها، وقد جاء في حديث ابن عباس عند مسلم : ( أنه كان يقرأ في الركعة الأولى من ركعتي الفجر بقوله تعالى: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة:136]، -وهي الآية التي في آخر الوجه من الجزء الأول- والركعة الثانية تقرأ بقوله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ [آل عمران:64]، وهي ما قبل آخر وجه من الجزء الثالث).
وهذا عند مسلم من حديث ابن عباس، وقد تكلم في هذا الحديث من حيث ثبوته، والذي يظهر أنه لا بأس بذلك، والله أعلم.
قال المؤلف رحمه الله: [ باب: الاضطجاع بعد ركعتي الفجر.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع ) ].
الحديث متفق عليه.
وفيه زيادة: ( وإلا اضطجع على شقه الأيمن حتى يؤذن بالصلاة ).
ويعني بالصلاة: الإقامة، وهذه الضجعة ليست مقصودة على سبيل الاستحباب خلافاً للظاهرية فإنهم أمروا بها، بل أوجبوها، وبعضهم استحبها، وبعضهم جوزها، والراجح الجواز، أما الظاهرية فإنهم أوجبوها؛ فلهذا تجد أنه إذا دخل المسجد كل منهم قد نام على شقه الأيمن، وهذه من الغرائب أن توجد، وكل حديث في الأمر بها فإنه ليس بصحيح.
قال المؤلف رحمه الله: [ باب: الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح.
عن سماك بن حرب قال: ( قلت لـ
الحديث رواه مسلم : ( كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلع الشمس )، وفي رواية: ( حتى تطلع الشمس حسناً ) كما عند الإمام أحمد ، والحديث رواه مسلم.
وهذا يفيد أن بقاءه صلى الله عليه وسلم إلى أن ترتفع الشمس -يعني: إلى أن تطلع- سنة ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، ولا إشكال في ذلك، أما ما جاء في حديث أنس عند الترمذي وغيره من حديث أبي ظلال عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من صلى الصبح في جماعة ثم جلس حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان كحجة أو عمرة تامة، تامة، تامة )، فهذا الحديث ضعفه ابن حبان كما في كتابه المجروحين عندما ترجم الأحوص بن حكيم قال: وله حديث في ذلك ولا يصح في الباب شيء، وأشار إليه العقيلي في كتاب الضعفاء أيضاً، والذي يظهر والله أعلم أن هذا الحديث يحسنه كثير من العلماء، وله طرف فيها: أبو ظلال قال عنه الإمام الجهبذ في الحديث البخاري : مقارب الحديث، وإذا قال الإمام البخاري أو أي محدث عن راوٍ: إنه مقارب الحديث، فإنما ذلك يقبل إذا جاء ما يتابعه، وقد جاء عن غير أبي ظلال في ذلك شواهد من حديث أنس وغيره؛ ولهذا والله أعلم أنه لا بأس بالصلاة وأنه إن شاء الله يؤجر، ثم إن هذه الصلاة إنما هي صلاة الضحى، وسواء صلاها بعدما انتهى مجلسه أو صلاها في بيته، أو صلاها حين ترمض الفصال؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال: ( ثم صلى ركعتين )، و(ثم) تفيد الترتيب مع التراخي، وأقول كما قال أبو عمر بن عبد البر : إن الفضائل لا تقاس بقياس، ولا حظ فيها لرأي، يعني: المسألة مسألة أنه عمل قليل ويؤجر عليه كثيراً، أيهم أعظم (حجة وعمرة تامة تامة تامة) أم (حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر) بقول: سبحان الله وبحمده مائة مرة؟! فهذه أمور لا تقاس برأي، والله أعلم.
وحديث أنس : ( من صلى الفجر في جماعة ثم جلس في مصلاه الذي صلى فيه حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان كحجة أو عمرة تامة تامة تامة )، قوله: (في مصلاه) يعني: في المصلى الذي صلى فيه، ولو تحرك فلا حرج؛ لكن الأولى أن يبقى في مصلاه.
والسنة أن يذكر الله، لكن لو تحدث بأمر عارض فلا حرج، فالصحابة كانوا يتحدثون؛ لكن ليس كل الوقت وهم يتحدثون، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يتبسم، لكن صلى الله عليه وسلم ما كان يجلس إلا وهو يذكر الله.
وهذا الحديث من رواية سماك بن حرب و سماك إذا روى عن عكرمة فروايته غير مقبولة، وأما إذا روى عن غير عكرمة فإنها مقبولة وإن لم يرويها البخاري ، فـالبخاري ترك سماك بن حرب فهم يقولون: البخاري ترك سماك بن حرب مطلقاً، روى عن عكرمة أو لم يرو، و مسلم ترك عكرمة ورواه البخاري ، و عكرمة مولى ابن عباس تكلم فيه، فـالبخاري أخذ برواية عكرمة وترك سماكاً ، و مسلم أخذ بـسماك وترك عكرمة .
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [1] | 2406 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [2] | 2045 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الحيض | 2028 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [7] | 2026 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [8] | 1885 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [11] | 1843 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [9] | 1700 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الجنائز | 1586 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الوضوء | 1554 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [3] | 1457 استماع |