البطاقات البنكية


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً, اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملاً يا كريم, اللهم اجعلنا لك شاكرين, لك ذاكرين لك راهبين, أواهين منيبين, اللهم تقبل توباتنا واغسل حوباتنا وثبت حجاتنا واسلل سخيمة قلوبنا, وبعد: أحبتي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سنذكر اليوم مسائل يحسن لطالب العلم أن يفهمها.

المسألة الأولى: هي أن مبادلة المالين إذا لم يكونا من جنسين مختلفين فالأصل التساوي ويحرم التفاضل والنَساء, وعليه فإذا أردت أن تبيع ألفين وخمسمائة ريال سعودي ببطاقة الجوازات فيشترط التساوي، فبعض الناس يجلس عند البنك, ينتظر الصرف, فالجوازات أخرجت بطائق مثل الكروت على فئات: فئة ألف أو فئة مائة أو فئة خمسين, فإذا أراد أن يجدد مثلاً جوازه قيل له: ادفع للجوازات ثلاثمائة, فيخرج ثلاث بطاقات من فئة مائة من البنك, والبنك يعطيه الثلاث البطاقات فيذهب إلى الجوازات, ويعطيهم الثلاث البطاقات هذه, فكأنه سدد ثلاثمائة, المشاهد أن بعض الناس يذهب فيشتري دفتراً كاملاً فئة مائة, ويربح عليه عشرين ريالاً يقول: لأجل الانتظار, فيبيع لك فئة مائة بمائة وعشرة أو بمائة وعشرين, هذه العملية الحكومة جعلت هذه الفئة كأنها مال, ولا عبرة بوجود المال هذا الذي يسمونه ريالاً بهذه الصورة, والعبرة بما تقوم به الدول وتجعل له علاقة بالمال, يقول مالك رحمه الله عندما تحدثنا عن أن العلة في المال: الذهب والفضة الثمنية قال: ولو أن حاكماً أو والياً أمر بجلد من غنم, ثم سكه -يعني: ضربه- يجري فيه الربا, وبالتالي فالبطاقات هذه من ذلك, قد تقول: هو يأخذ حق الانتظار, فنقول: إذا كان لأجل الانتظار فإنه يعطي عمولة الانتظار, وعمولة الانتظار لا أثر لها بين قلة المال وكثرته, فلو قال شخص: أنا أنتظر, لو تجلس تنتظر تجلس ساعتين, أقول: ما عندي مانع, أعطيك قيمة الانتظار, لكن تعطيني ألفاً أو تعطيني مائة كلها قيمة الانتظار وهي واحدة؛ ولهذا صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي أن خدمات القروض ينظر فيها, فإن كانت الخدمة لأجل القرض خدمة فعلية تقدر بالعمل فلا بأس في ذلك, وإن كان لها علاقة بالمال قلة وكثرة فإن ذلك محرم.

أخذ عمولة على إيصال المال إلى بلد آخر

والمثال على ذلك: جاء شخص وقال لك: أنا أسافر إلى الشام وأنت لك أهل في الشام, وقال: عندي الآن عملة ليرة أعطيك إياها في الرياض وتعطيني ورقة لأستلمها في سوريا, يعني: ليرة يدفعها لزيد على أن يعطيه ورقة ليأخذها في سوريا بالليرة, قال له: لما تصنع ذاك؟ قال: أريد أن أذهب بسيارتي وأخاف اللصوص, قال: كم ستعطيني؟ قال: أعطيك مليون ريال, وتسلم لي مليوناً, قال: لا يا أخي! أنا مثلك أخاف, ولكن كل مبلغ سآخذ عليه اثنين ونصفاً بالمائة, والمليون فيه خمسة وعشرون ألفاً, والعشرة آلاف فيها مائتان وخمسون، والمائة ألف فيها مائتان وخمسون, فهذا نقول: لا يجوز؛ لأنه لم يأخذ المبلغ لأجل العمل, بل أخذه لأجل قرض المال, أو المال المقترض, أما لو قال: أريد أن آخذ على هذا فائدة لأجل أتعابي قلنا: لا بأس, وصحيح أن قلة المال وكثرته له أثر في مشقة نقله وتحوله, مثاله: لو جاءك شخص وقال لك: أريد خمسين ريالاً قرضاً, تفتح جيبك تعطيه خمسين ريالاً, وبيتك في الخرج قال لك: أريد عشرة آلاف ريال الآن يوم الخميس العصر فأنا محتاج, ولا يوجد بنوك، ولا عندك آلة صرف تسحب عشرة آلاف, يمكن عندك آله صرف تسحب خمسة وصرفت، بقي لك خمسة عشر, قال لك: سأذهب إلى الخرج وآتي, لكن أعطني قروشاً مدى ذهابي وإيابي، فهذا يجوز؛ لأن هذه الزيادة لم تتعلق بالقرض وإنما تعلقت بالعمل, لو قال لك: كل الذي تريد موجود لكن سآخذ عليك واحداً بالمائة, فهذا قرض وفيه شبهة؛ ولهذا أرى أن صندوق الصناعي حينما يقرض بعض الشركات الصناعية يقول: لا آخذ فائدة, لكني آخذ اثنين بالمائة لأجل العمل, أرى أنه لا ينبغي أن يأخذ اثنين بالمائة, بل يأخذ مبلغاً مقطوعاً لأجل العمل، فهو يأخذ اثنين بالمائة لأجل القرض فمثلاً: مليار يأخذ اثنين بالمائة, أو مائة مليون يأخذ اثنين بالمائة, لأجل متابعة وتفعيل القرض الذي أخذ منه، فهل عملت المنشأة أو المؤسسة أو الشركة المساهمة بهذا القرض على النحو الذي طلبته؟ يقول: فالمتابعة هذه تحتاج مبلغاً من المال يأخذونه مقطوعاً, هذه إن شاء الله ما في بأس؛ لأنه سوف يكلف هذا الصندوق موظفين يتابعون العمل, لكن الشأن في اثنين بالمائة, وهذه مسألة خلافية بعضهم لا يرى بأساً بها، وأرى أنها فيها شبهة, وعليه فينبغي أن نعرف في الشركات المساهمة حينما نقول: شركة نقية لا يعني: أنها لا تتعامل بالمشتبه, وأنا قلت مراراً: إنه لا ينبغي أن نقول: نقية, بل نقول: المباحة, الشركات المباحة؛ لأن كلمة نقية تعني أنه لابد أن تكون الشركة كاسمها نقية لا غبش فيها، وهذا لا يوجد في الواقع, فغالب الشركات الصناعة أو البتروكيماوية التي تسمى نقية غالبها قد اقترضت قرضاً صناعياً وفي هذا إشكال, أما لو طلبنا أن تكون نقية بهذا المفهوم فلا أظنه تسلم شركة من ذلك, فلا يوجد إلا واحدة أو اثنتان أو لا يوجد.

والمثال على ذلك: جاء شخص وقال لك: أنا أسافر إلى الشام وأنت لك أهل في الشام, وقال: عندي الآن عملة ليرة أعطيك إياها في الرياض وتعطيني ورقة لأستلمها في سوريا, يعني: ليرة يدفعها لزيد على أن يعطيه ورقة ليأخذها في سوريا بالليرة, قال له: لما تصنع ذاك؟ قال: أريد أن أذهب بسيارتي وأخاف اللصوص, قال: كم ستعطيني؟ قال: أعطيك مليون ريال, وتسلم لي مليوناً, قال: لا يا أخي! أنا مثلك أخاف, ولكن كل مبلغ سآخذ عليه اثنين ونصفاً بالمائة, والمليون فيه خمسة وعشرون ألفاً, والعشرة آلاف فيها مائتان وخمسون، والمائة ألف فيها مائتان وخمسون, فهذا نقول: لا يجوز؛ لأنه لم يأخذ المبلغ لأجل العمل, بل أخذه لأجل قرض المال, أو المال المقترض, أما لو قال: أريد أن آخذ على هذا فائدة لأجل أتعابي قلنا: لا بأس, وصحيح أن قلة المال وكثرته له أثر في مشقة نقله وتحوله, مثاله: لو جاءك شخص وقال لك: أريد خمسين ريالاً قرضاً, تفتح جيبك تعطيه خمسين ريالاً, وبيتك في الخرج قال لك: أريد عشرة آلاف ريال الآن يوم الخميس العصر فأنا محتاج, ولا يوجد بنوك، ولا عندك آلة صرف تسحب عشرة آلاف, يمكن عندك آله صرف تسحب خمسة وصرفت، بقي لك خمسة عشر, قال لك: سأذهب إلى الخرج وآتي, لكن أعطني قروشاً مدى ذهابي وإيابي، فهذا يجوز؛ لأن هذه الزيادة لم تتعلق بالقرض وإنما تعلقت بالعمل, لو قال لك: كل الذي تريد موجود لكن سآخذ عليك واحداً بالمائة, فهذا قرض وفيه شبهة؛ ولهذا أرى أن صندوق الصناعي حينما يقرض بعض الشركات الصناعية يقول: لا آخذ فائدة, لكني آخذ اثنين بالمائة لأجل العمل, أرى أنه لا ينبغي أن يأخذ اثنين بالمائة, بل يأخذ مبلغاً مقطوعاً لأجل العمل، فهو يأخذ اثنين بالمائة لأجل القرض فمثلاً: مليار يأخذ اثنين بالمائة, أو مائة مليون يأخذ اثنين بالمائة, لأجل متابعة وتفعيل القرض الذي أخذ منه، فهل عملت المنشأة أو المؤسسة أو الشركة المساهمة بهذا القرض على النحو الذي طلبته؟ يقول: فالمتابعة هذه تحتاج مبلغاً من المال يأخذونه مقطوعاً, هذه إن شاء الله ما في بأس؛ لأنه سوف يكلف هذا الصندوق موظفين يتابعون العمل, لكن الشأن في اثنين بالمائة, وهذه مسألة خلافية بعضهم لا يرى بأساً بها، وأرى أنها فيها شبهة, وعليه فينبغي أن نعرف في الشركات المساهمة حينما نقول: شركة نقية لا يعني: أنها لا تتعامل بالمشتبه, وأنا قلت مراراً: إنه لا ينبغي أن نقول: نقية, بل نقول: المباحة, الشركات المباحة؛ لأن كلمة نقية تعني أنه لابد أن تكون الشركة كاسمها نقية لا غبش فيها، وهذا لا يوجد في الواقع, فغالب الشركات الصناعة أو البتروكيماوية التي تسمى نقية غالبها قد اقترضت قرضاً صناعياً وفي هذا إشكال, أما لو طلبنا أن تكون نقية بهذا المفهوم فلا أظنه تسلم شركة من ذلك, فلا يوجد إلا واحدة أو اثنتان أو لا يوجد.

والمسألة الثانية: الربا يتعلق به أمور في البنوك حري بطالب العلم أن يتأملها ومن ذلك: ما يسمى بالبطاقات, فالبطاقات انتشرت في تعاملات الناس اليوم وسوف يأتي زمان لا تكاد تجد ريالات أو عملات في جيبك, بل يسمونه النقد الإلكتروني, وكل بقالة أو سوبر ماركت عنده جهاز نقد، حتى محطات البنزين, وأذكر حينما كنت صغيراً أن أحد الأقارب ذهب إلى أمريكا وقال: كنا جالسين فرأيت شخصاً يأخذ كرتاً ويضعه على الجهاز ويطلع نقوداً, قالوا: سبحان الله! أذكر هذا قبل أكثر من خمس عشرة سنة, وخمس عشرة في عمر الدول بسيطة, وكان يقول: سبحان الله العظيم, لا إله إلا الله! واليوم سوف نتحدث عن شيء اسمه بطاقات، والآن يوجد شيء اسمه النقد الإلكتروني، فلا تعرف كم في بطاقاتك من مال, لكن تستطيع أن تحضر جهازاً عندك، وتدخله على الشريط المغناطيسي هذا ويقول لك: كم بقي لك من القيمة, مثل بطاقات التلفون, وبلا شك أن قلة النقود عند الناس يحافظ على عدم التضخم, فالأموال تكون في يد البنوك, فإذا كثرت النقود يأمر البنك المركزي الذي هو مؤسسة النقد ببعض النقود فتتلف خوفاً من التضخم, الآن يخشى من التضخم بسبب أموال الناس التي أقبلت إلى هذه البلاد وليس هناك قنوات تجارية تستطيع أن توظف هذه الأموال؛ ولهذا سمعنا أن هناك شركات تقدر بمائتين وخمسين شركة سوف تطرح خلال أربع سنوات لكي تمتص سيولة تقدر بخمسمائة وأربعة وعشرين ملياراً, وهذا المبلغ ضخم وخطير, وهذا الحساب الجاري فقط في البنوك, وهذه البطاقات سوف تخدم شيئاً ما في عملية ما يسمى بالتضخم.

هذه البطاقات على قسمين:

بطاقات مغطاة، وبطاقات غير مغطاة.

القسم الأول: البطاقات المغطاة: البطاقات المغطاة هي بطاقة الحسم الفوري, وسميت مغطاة؛ لأنك تسحب أو تشتري بناء على ما عندك من أموال على رصيدك نفسه, هذه تسمى البطاقة المغطاة، وهي تسمى باللغة الانجليزية ديبت كارد, وتعني: بطاقة الحسم الفوري.

خصائص البطاقة المغطاة

وهذه البطاقة لها خصائص:

الخصيصة الأولى: أنها تصدر لمن له رصيد في حسابه, وتسحب بمقدار ما عندك من مال, وهذا ما جعل بعض البنوك الإسلامية تفعل أن رصيدك إذا كان أقل من ألف فسوف يأخذ عليك كل شهر ريالين ونصفاً؛ لأنه يكلفها شيئاً كثيراً, فتصرف ألف ريال وعندك بنك الراجحي يعطيك بطاقة ويأخذ عليك مائتي ريال، وذهبت إلى أحد البنوك المحلية وصرفت كل الألف الريال, صار الراجحي خسران أربعة ونصفاً, يقال باستبيان أو إحصائية غير دقيقة: إن ستين في المائة من أفراد الشعب السعودي عند بنك الراجحي, وأكثر هؤلاء أموالهم قليلة, وأكثر سيولة في البنوك عند البنك الأهلي ثم الرياض ثم الراجحي.

الخصيصة الثانية: أن هذه البطاقة -بطاقة الحسم الفوري- تخول لحاملها السحب أو تسديد أثمان السلع والخدمات بقدر رصيدهم, ويتم الحسم فورياً, ولا تخوله الحصول على ائتمان, يعني: لو معك ألف ريال, واستأجرت فندقاً بألف وخمسمائة ريال وأعطيته هذه البطاقة فيقول لك: المبلغ لا يكفي, أو الرصيد لا يكفي, والغالب أنك لا تستطيع أن تسحب إلا فئة مائة أو مضاعفاتها, وبعض البنوك تستطيع تسحب من رصيدك خمسين ريالاً, أو مضاعفاتها على حسب البرمجة التي توضع في هذا الجهاز.

الخصيصة الثالثة: أن حاملها لا يتحمل رسوماً مقابل استخدامه, يعني: لو أنه ذهب إلى سوبر ماركت وسحب في الغالب لا يتحمل مسؤولية, لكن بعض البنوك وهي قليلة تحمل حاملها رسوماً قليلة جراء سحبه بالنقد, وهذا فيما يظهر لي أنه لا يوجد في البنوك المحلية إن لم يوجد في بعض البنوك الأخرى, فيؤخذ عليه عمولة؛ لأجل سحبه إذا سحب من جهاز غير مصدر البطاقة, وسوف نتحدث عنها, هذا الأول.

والثاني: أنه يؤخذ عليه عمولة جراء شرائه عملة أخرى غير العملة التي في رصيده عن طريق مؤسسة أخرى غير المؤسسة التي أصدرت له هذه البطاقة, بمعنى لو أن معك بطاقة ديبت كارد وذهبت إلى الإمارات وسحبت بهذه البطاقة يعني: تريد أن تشتري دراهم, فسيعطيك بناء على اتفاقية في دول مجلس التعاون، أو كل ما ترى فيها خلفية يقول لك: فيزا الكتروني، وهذه معناه أن بعض آلات الصرف التي تتعامل مع منظمة فيزا أحياناً تعطيك السحب نقداً, فإذا سحبت نقداً من غير العملة التي في رصيدك فإنه يؤخذ عليك عملية الصرف أكثر من سعر السوق, يعني: لو ذهبت إلى البنك وقلت له: ألف درهم إماراتي كم قيمته بالريال السعودي؟ يقول لك: تقريباً ألف وثلاثمائة, لكن لو أنك في الإمارات وسحبت ألف درهم يؤخذ عليك على النقد ألف وثلاثمائة وخمسون, أعلى من قيمة السوق؛ ولهذا ننصح الذين يسافرون أن لا يسحبوا ببطاقة ديبت كارد ولا ببطاقة الكريدت كارد؛ لأن العمولة التي يأخذ البنك جراء عملية الديبت كارد والكريبت كارد أعظم من عملية صرف العملة؛ ولهذا أنصحهم يأخذون كاشاً, يصرف قبل أن يذهب هنا كاش, وإذا كان يخاف يأخذ شيكات سياحية.

إذاً: عملية الصرف جائزة بيعاً وشراء, لكن نأتي إلى ما الذي يحرم في هذه العملية.

الخصيصة الرابعة: أن هذه البطاقة أحياناً تصدر بلا رسوم بأن تعطى مجاناً, وأحياناً يؤخذ عليك مائتا ريال جراء الإصدار إذا كان رصيدك أقل من عشرة آلاف ريال.

الخصيصة الخامسة: أن بعض البنوك تتقاضى عمولة من بعض المؤسسات، مثل: شركات الأغذية التي يشتري فيها حاملها من هذه المؤسسات, فتأخذ عمولة؛ لأجل أنها جاءت بزبون مثل بطاقة فيزا, وهذا عند بعض البنوك، فالبطاقة هذه لو ذهب إلى سيفوي وسحبت واشتريت بألف ريال أحياناً وأحياناً نادرة أن بعض البنوك تأخذ من سيفوي عمولة, تسميها عمولة مجيء زبون, وهذه لا بأس بها إن شاء الله. ‏

حكم البطاقة المغطاة

وأحكام هذه البطاقة, أولاً: أنه يجوز إصدار هذه البطاقة ما دام أنه يسحب من رصيده, ولا يترتب على التعامل فيها ربا.

ثانياً: هل يجوز أن يأخذ البنك مبلغ مائتي ريال جراء الإصدار؟ أقول: نعم يجوز؛ لأن حامل البطاقة سوف يكلف البنك جراء أخذه لمبلغه كلفة, فلو أن فاتح فرع في حي اليرموك ذهب إلى فرع الربوة وطلب أن يسحب رصيده, والخدمات الإسلامية تختلف، فالبنك الأهلي الذي باليرموك ما هو بالبنك الأهلي الذي في الربوة, فالبنك الأهلي الذي في اليرموك له حسابات وله عملاء، وأحياناً لو كان مبلغك قليلاً وجئت إلى فرع غير الفرع الذي فتحت فيه رصيدك وتريد أن تسحب, فسيقول لك: لا رح لفرعك الرئيسي، لماذا؟ لأن المبلغ قليل, ومعلوم أن مدراء الفروع يتنافسون في كثرة النقص في هذا البنك أو في هذا الفرع, وبالتالي نقول: لا بأس بأخذ البنك عمولة إصدار لأجل ذلك, وهناك فرق بين عمولة إصدار بالدبيت كارد وبين عمولة الإصدار في كريبت كارد كما سوف نتحدث عنها.

إذاً: بطاقة ديبت كارد يجوز أخذ عمولة لأجل الإصدار لماذا؟ لأجل أنهم سوف يعطونك بطاقة لك أن تسحب في كل مكان, فهذه العمولة لأجل الخدمة التي سوف يقدمونها للعميل, وإلا فهم متبرعون.

ويبقى الأمر فقط في حكم فتح حساب جارٍ في البنك الربوي؛ لأن أي واحد يفتح حساباً جارياً يعطى هذه البطاقة, بل إن بعض البنوك تعطيك البطاقة بمجرد فتحك الحساب, كما يوجد في البنك الأمريكي والبنك الأهلي والبنك البريطاني والبنك الفرنسي.

فتح حساب جارٍ في بنك ربوي

ومسألة فتح حساب جارٍ في بنك ربوي اختلف فيه العلماء المعاصرون على قولين:

القول الأول: أنه لا يجوز، وهو قول اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء؛ لأن في ذلك إعانة للبنك على الربا, وقد قال الله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].

والقول الثاني في المسألة: هو أنه لا بأس بفتح حساب جارٍ عند بنك ربوي إذا كان محتاجاً لذلك, وإذا لم يكن محتاجاً لذلك فإنه يكره ولا يحرم.

وجه هذا القول هو أن الإنسان صاحب المحل لو كان يتعامل مع بنك واحد، وأعطاه أناس شيكات على غير البنك الذي يتعامل معه فسوف يضطر أحياناً إلى قلة السيولة مما يجعله في رهق إلا بأن يحول هذا الشيك إلى حسابه من البنك، وسوف يؤخره أحياناً إلى ثلاثة أيام وإذا كثر المبلغ إلى عشرة أيام, وهذا بلا شك يؤثر على التاجر, وإذا كان محمد صلى الله عليه وسلم جوز ربا الفضل لأجل أن الناس يحتاجون إلى أن يتفكهوا فيأكلوا الرطب فلأن يجوز هنا من باب أولى, وأيضاً ربما تكون تعاملاته كثيرة، فإذا وزع أمواله في هذا البنك وذاك البنك فسوف يتضرر برسوم الخدمات.

أما إذا لم يكن محتاجاً فإننا لا نقول بالحرمة؛ لأمور:

الأمر الأول: أن الحساب الجاري في الغالب لا يتعامل به في الربا بخلاف حساب التوفير أو الحساب غير الجاري, وقد تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود، وقد قال الله تعالى: وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ [النساء:161].

ثم إن قاعدة (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ليست على إطلاقها وهي ما يسمى بسد الذرائع, بل معناها كما أشار الإمام الشاطبي و أبو العباس ابن تيمية و ابن القيم و الإمام القرافي أن كل ما ترجحت مصلحته أبيح وإن كان ثمة مفسدة, وكل ما ترجحت مفسدته حرم وإن كان ثمة مصلحة؛ فقاعدة: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] ليست على إطلاقها, وإلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد تعامل مع الكفار ومع اليهود والنصارى وينتفعون أكثر من انتفاع المسلمين, فسوق الذهب في المدينة كان في يد اليهود, ومع ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل معهم, ومعلوم أن البيع والشراء فيه منفعة للبائع، وفيه منفعة للمشتري, فلو قيل بالتحريم لأدى ذلك إلى رهق ومشقة.

نعم نقول: يكره؛ لأن الإنسان لا يخلو من شبهة أن يستخدم ماله في إعانة الحرام لكننا لا نجزم فنقول: حرام؛ لأن الله يقول: وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ [النحل:116]؛ فيشاهد أن بعض طلبة العلم سهل عليهم أن يقولوا على الشيء: حرام, لكنه يحمر ويصفر ويتغير لونه إذا أراد أن يفتي لشخص بأنه حلال, أليس هذا هو الواقع؟

خذ مثالاً بسيطاً, جاءك أحدهم وسألك عن معاملة لا تدريها، ولا هي واضحة عندك، تجد أنه سهل عليك أن تقول: حرام, حرام, مع العلم أن المعاملات إذا كنت لا تعرف لها حرمة فالأصل أنها حلال, لكن تقول: أقول له: حرام؛ لأجل إن كانت حراماً فهي حرام, وإن كانت حلالاً فلن يضره ذلك, وهذه زلة حقيقة وزلة عظيمة أن نقول للناس: حرام, وليس لنا عند الله فيه برهان.

وأول ما جاء التقسيط صار فيه إشكال فنسأل عنه بعض الناس فقالوا: حرام. وأذكر أن أحد الإخوة يقول: كنا في مجلس فقلت: الأولى تركه, يقول: فقال لي أحد الإخوة المتحمسين: قل له: حرام لكي يتأدبوا! فانظروا كيف صارت الفتوى عقوبة, والأصل أن الفتوى رحمة, بَشِيرًا وَنَذِيرًا [البقرة:119], وقد قال الله تعالى في القرآن: يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة:213], فالفتوى والحكم الشرعي رحمة للأمة, وليس عذاباً عليهم, وبعض الناس يقول: ماذا أعمل؟ فنقول: يجب أن نعطي الناس بدائل شرعية حتى لا يدخلوا في المسألة المحرمة بحجة أنهم مضطرون فيتركون السؤال لأهل العلم.

أول ما كانت المؤسسات المصرفية ضعيفة كان بعض التجار يقول لك: افعل, وخلاص نتعامل مع أي بنك, ويقول: الله أكبر، هذا لو كان حراماً ما وضعوه, ويدخل في الربا الصريح, وإذا سألته يقول: أستغفر الله, أستغفر الله, جزاك الله خيراً, جزاك الله خيراً, لكن لو قلت: لا, هناك طريقة شرعية, وهي كيت وكيت وكيت فسوف يدخلون, والحمد لله حينما وعى الناس أن هناك تعاملات يتعاملون بها بنظام ربوي صريح، وهناك تعامل إسلامي يستطيعون أن يجدوا البديل فتجدهم يذهبون, والحمد لله رب العالمين لا يكاد توجد شركات مساهمة تتعامل بنظام التورق إذا احتاجت إلى سيولة أكثر مما يوجد في هذه البلاد؛ والسبب أن الناس عندهم وعي وخوف من الحرام, وقد بحثنا عن بعض الشركات الخليجية والشامية والمصرية التي تتعامل بنظام التورق في حين احتياجه للقرض فما وجدنا شيئاً, نعم، وجدنا بعض البنوك التي تسمى بنوكاً إسلامية يجوز التعامل فيها مثل الإمارات وغيرها, أما مثل إعمار وغيرها فإنها تقرض وتقترض بالربا مع الأسف الشديد.

إذا ثبت أن هذه البطاقة تستطيع أن تسحب من رصيدك فوراً فحينئذ لا بأس بشراء الذهب والفضة ببطاقة الديبت كارد, لماذا؟ لأن عملية التقابض حاصلة بمجرد قبول هذا السحب.

صعوبة السحب من آلة الصرف لسبب برمجي

مسألة: نفترض أن يوم ستة وعشرين عندك بطاقة الراجحي، وكلما ذهبت إلى آلة صرف غير الراجحي يقول لك: عفواً العملية غير مقبولة, وهذا يوجد؛ لأنها مبرمجة على أن يوم خمسة وعشرين لسحب الرقم ونزول الرواتب، فكل بنك لا يقبل إلا بطاقته, وأرى أن هذا فيه ضرر على الناس, لكن قد تقول: ما الضرر؟ نقول: الضرر أن هذه البلاد لا يأخذون في الغالب فوائد من البنوك, والبنوك مستفيدة من وضع أموال الشعب في أرصدتها, فلا بد أن تقدم خدمات، ومع الأسف لم نر خدمات فعلية حقيقية في البنوك إلا خدمات التناقص والحمد لله أن وجد بنك البلاد كي تتنافس البنوك؛ لأنك تجد الربح يصل أحياناً إلى أربعة ونصف، وهو الذي يسمونه ربح المرابحة, وسوف يصل إلى ثلاثة ونصف إن شاء الله, وهذه بشرى.

سحب مبلغ زائد عن المبلغ المستحق لصاحب السوبر ماركت

مسألة أخرى: أقول: أحياناً تأتي إلى صاحب السوبر ماركت فتقول له: أشتري منك بألف ريال وأريدك أن تسحب ثلاثة آلاف ريال, ألفين تضعها في جيبك وألفاً للمشتريات فهل يجوز؟

يعني: تذهب إلى سوبر ماركت وتشتري بألف ريال, وتقول له: أمر هذه البطاقة واسحب ثلاثة آلاف ريال, وأعطه ألفين؛ لأني سوف أتجول في السوق لأشتري, هل يجوز؟

ومثله: أنك تدخل إلى صاحب محل, وتقول لفلان: جزاك الله خيراً أريد ألف ريال أشتري من سوق الخضرة؛ لأنه لا توجد بطاقات، وادخل حسابك واعطني ألف ريال, هل يجوز؟ وهذه هي عملية ملتوية، فليتنبه لها!

فهذه المسألة تجوز؛ لأن المبلغ دخل فعلاً في حسابه, بل إن دخوله في حساب البنك أضمن من إعطائك النقود؛ لأننا نقول: يمكن أن يصرف مزورة, أما النقد الذي من البنك ليس مزوراً.

سحب مبلغ مالي من بنك غير مصدر وأخذ عمولة على ذلك

مسألة أخرى: قلنا: إن بعض البنوك تأخذ عمولة لأجل سحبك نقداً, وهذه حالة أولى, والحالة الثانية: أنك لا تأخذ عمولة إذا سحبت نقداً بعملة أخرى أو اشتريت عملة أخرى, مثل ما قلنا: في الإمارات تشتري دراهم, وهذا فيه إشكال فقهي, والإشكال الفقهي هو أنك إذا سحبت بالديبت كارد التي هي بطاقة الحسم الفوري عمولة غير العمولة التي في رصيدك وتكون المؤسسة غير البنك الذي أصدر لك البطاقة فهي عملية دين, فالبنك ديّنك, حتى لو كانت بطاقة الديبت, لكنه مربوط بحسابك, يعني: مجرد أن يدينك يأخذ على طول, تسمى الدبيت كارد, فيها علامة خضراء، والعلامة الخضراء اسمها الشبكة السعودية, فإذا سحبت من بنك غير البنك المصدر يؤخذ عليك أربعة ونصف؛ بسبب أن هذا البنك الذي صاحب الجهاز فتح نافذتك أو حسابك بناء على هذا الرابط وهي الشبكة السعودية.

فأنت لا تسحب من نفس رصيدك, ولكن النقد هو نقد الذي وضع هذا الجهاز ولا يضر، وكل بنك يطلب من البنك الآخر, فهذا يسمى الشبكة السعودية واسمها إسبان نظام، وقد وجد نظام بدول الخليج نفس نظام إسبان إس بي إي إن إسبان.

تأخير الصرف حين السحب من البنك غير المصدر للبطاقة

أحياناً أنت تكون في الإمارات فتسحب من بنك دبي الإسلامي ألف درهم, فهذه بطاقة فيزا إلكترونية تخولك أن تسحب وتقول: أنا أعرف هذا العميل فهو يعمل ضمن أحد البنوك التي أتعامل معها وهو الراجحي, أو يكون بين بنك دبي وبنك السعودي تعامل, فيقول: هذا أعرفه, يقول البنك المحلي: يا بنك دبي أعط فلاناً من حسابي من عندي أو أنا أعطيك, فالبنك المصدر هو الذي يعطي البنك الإماراتي ويأخذ حساباً, لكن العملية هذه تتطلب ساعات, فإذا كانت العملية بالنهار تسحب في الليل, لكنك أحياناً لو سحبت بالنهار وقلت مثلاً لزوجتك أو لأخيك: اكشف على الحساب يجد أنه مخصوم, فلا تقدر أن تسحب إلا المبلغ الموجود بالرصيد وهو ناقص، والإشكال الآن أنك إذا سحبت الساعة العاشرة صباحاً بتاريخ 4/ 9 ميلادي, فالبنك يغلق الساعة الثانية عشرة إلا ربعاً, والمشكلة أن البنك يقول لك: تعال, أنت سحبت الساعة العاشرة 4 /9 ميلادي ألف درهم, أريدك أن تعطيني قيمتها بالريالات وقت التقاضي والرسول صلى الله عليه وسلم يقول كما قال ابن عمر : ( يا رسول الله! إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير, وأبيع بالدنانير وآخذ بالدراهم فما يحل لي منها وما يحرم؟ قال: إذا بعت لا بأس أن تبيعها بسعر يومها ), يعني: سعر التقاضي, ( ما لم تفترقا وبينكما شيء ), الذي يفعل الآن في جميع البنوك ما عدا الراجحي, كان الراجحي أول الأمر له ثلاث سنوات تقريباً يتعامل معك بناء على التقاضي الذي يريد يأخذ من حسابك يقول: كم عمولتي؟ ألف درهم؟ تقول: عمولتك كذا, يعني: لو نفترض خلال الخمس الساعات هذه صار هزة في إحدى العمولتين إما ارتفاع وإما انخفاض, فالبنك حينما يأخذ من حسابك يتعامل وقت السحب أو وقت التقاضي؟ الأصل أنه وقت التقاضي, فلو كان وقت السحب ألف درهم يساوي ألفاً وثلاثمائة ريال سعودي, ووقت التقاضي ألف درهم يساوي ألف ريال سعودي, فيجب عليه أن يأخذ ألف ريال سعودي, والعكس بالعكس, ولو كان وقت السحب ألف ريال سعودي يساوي ألف درهم إماراتي ووقت التقاضي ألف درهم إماراتي يساوي ألفاً وثلاثمائة ريال سعودي فإنه يأخذ ألفاً وثلاثمائة وقت التقاضي.

فلو أخذت بعملية وقت السحب ربحت ما لم تضمن فالعملية هذه قد يربح البنك فيها وقد يخسر؛ ولهذا كثير من الشركات المساهمة تفعل عملية احتماء, ومعنى الاحتماء أو التحوط أنه عندما يكون عندهم أرصدة كبيرة كمليار أو ملياران أو ثلاثة وعشرون ملياراً أو مائة مليار ويخاف نزول العملة المحلية فماذا يفعل؟ يذهب إلى البنك ويقول: هذا مليار ريال سعودي، أريدك أن تشتري لي سلعة بقيمة مليار، ثم تبيعها بالآجل بربح عشرة بالمائة باليورو أو بالدولار؛ لأن العملات الصعبة اليورو والدولار والجنيه الإسترليني عملة صعبة لا تتغير في الغالب؛ لأن اقتصادها عالمي وقوي, فهو يقول: اربطها بالعملة، فهذا يسمونه احتماء أو تحوطاً؛ خوفاً من النزول وتقلبات الأسعار, وبالتالي أرى أن الأحوط أن الإنسان إذا كان عنده بطاقة حساب جارٍ غير بنك الراجحي الأولى أن لا يسحب عمولة أخرى غير العمولة التي في رصيده, لكن يجوز له ذلك إذا كان من نفس البنك المصدر للبطاقة خوفاً من هذه العمليات.

السحب من جهاز غير جهاز البنك المصدر للبطاقة

المسألة الثانية: ما حكم أن تسحب من جهاز غير جهاز البنك المصدر لبطاقتك؟

مثلاً: عندك بطاقة الراجحي, وتريد أن تسحب من سامبا هل يجوز؟ مع العلم أن سامبا تأخذ من الراجحي أربعة ونصفاً، فبعض طلاب العلم منع من ذلك؛ لأنه يقول: هذا من باب التعاون على الإثم, والقول الثاني: أنه لا بأس؛ لأنها عمولة لأجل خدمة البنك صاحب الجهاز لبنك مصدر البطاقة، وأرى أن هذا لا بأس به؛ فافرض أن عندي حساباً في البنك الأهلي للخدمات الإسلامية ثم ذهبت إلى البنك الأمريكي سامبا, فالأمريكي مجرد أن أضع بطاقة البنك الأهلي للخدمات الإسلامية يفتح نافذة في حسابي وأسحب من حسابي, يقول لك: أنا لن أفتح هذه النافذة إلا بأربعة ونصف, يقول البنك المصدر لبنك الجهاز: افتح هذه النافذة فإنه أحد عملائي وأنا أعطيك أربعة ونصفاً, هذا جائز إن شاء الله, فهو تبرع من البنك, مع أني أرى أن البنك يقول لك: لك أن تسحب من غير بنكي ثلاثة مرات أو أربع مرات أو خمس مرات في الشهر, فلو تذهب لبنك آخر بعد سحبك خمس مرات يوقفك, فلا تقدر أن تسحب، يقول لك: عفواً عليك مراجعة البنك.

وهذه البطاقة لها خصائص:

الخصيصة الأولى: أنها تصدر لمن له رصيد في حسابه, وتسحب بمقدار ما عندك من مال, وهذا ما جعل بعض البنوك الإسلامية تفعل أن رصيدك إذا كان أقل من ألف فسوف يأخذ عليك كل شهر ريالين ونصفاً؛ لأنه يكلفها شيئاً كثيراً, فتصرف ألف ريال وعندك بنك الراجحي يعطيك بطاقة ويأخذ عليك مائتي ريال، وذهبت إلى أحد البنوك المحلية وصرفت كل الألف الريال, صار الراجحي خسران أربعة ونصفاً, يقال باستبيان أو إحصائية غير دقيقة: إن ستين في المائة من أفراد الشعب السعودي عند بنك الراجحي, وأكثر هؤلاء أموالهم قليلة, وأكثر سيولة في البنوك عند البنك الأهلي ثم الرياض ثم الراجحي.

الخصيصة الثانية: أن هذه البطاقة -بطاقة الحسم الفوري- تخول لحاملها السحب أو تسديد أثمان السلع والخدمات بقدر رصيدهم, ويتم الحسم فورياً, ولا تخوله الحصول على ائتمان, يعني: لو معك ألف ريال, واستأجرت فندقاً بألف وخمسمائة ريال وأعطيته هذه البطاقة فيقول لك: المبلغ لا يكفي, أو الرصيد لا يكفي, والغالب أنك لا تستطيع أن تسحب إلا فئة مائة أو مضاعفاتها, وبعض البنوك تستطيع تسحب من رصيدك خمسين ريالاً, أو مضاعفاتها على حسب البرمجة التي توضع في هذا الجهاز.

الخصيصة الثالثة: أن حاملها لا يتحمل رسوماً مقابل استخدامه, يعني: لو أنه ذهب إلى سوبر ماركت وسحب في الغالب لا يتحمل مسؤولية, لكن بعض البنوك وهي قليلة تحمل حاملها رسوماً قليلة جراء سحبه بالنقد, وهذا فيما يظهر لي أنه لا يوجد في البنوك المحلية إن لم يوجد في بعض البنوك الأخرى, فيؤخذ عليه عمولة؛ لأجل سحبه إذا سحب من جهاز غير مصدر البطاقة, وسوف نتحدث عنها, هذا الأول.

والثاني: أنه يؤخذ عليه عمولة جراء شرائه عملة أخرى غير العملة التي في رصيده عن طريق مؤسسة أخرى غير المؤسسة التي أصدرت له هذه البطاقة, بمعنى لو أن معك بطاقة ديبت كارد وذهبت إلى الإمارات وسحبت بهذه البطاقة يعني: تريد أن تشتري دراهم, فسيعطيك بناء على اتفاقية في دول مجلس التعاون، أو كل ما ترى فيها خلفية يقول لك: فيزا الكتروني، وهذه معناه أن بعض آلات الصرف التي تتعامل مع منظمة فيزا أحياناً تعطيك السحب نقداً, فإذا سحبت نقداً من غير العملة التي في رصيدك فإنه يؤخذ عليك عملية الصرف أكثر من سعر السوق, يعني: لو ذهبت إلى البنك وقلت له: ألف درهم إماراتي كم قيمته بالريال السعودي؟ يقول لك: تقريباً ألف وثلاثمائة, لكن لو أنك في الإمارات وسحبت ألف درهم يؤخذ عليك على النقد ألف وثلاثمائة وخمسون, أعلى من قيمة السوق؛ ولهذا ننصح الذين يسافرون أن لا يسحبوا ببطاقة ديبت كارد ولا ببطاقة الكريدت كارد؛ لأن العمولة التي يأخذ البنك جراء عملية الديبت كارد والكريبت كارد أعظم من عملية صرف العملة؛ ولهذا أنصحهم يأخذون كاشاً, يصرف قبل أن يذهب هنا كاش, وإذا كان يخاف يأخذ شيكات سياحية.

إذاً: عملية الصرف جائزة بيعاً وشراء, لكن نأتي إلى ما الذي يحرم في هذه العملية.

الخصيصة الرابعة: أن هذه البطاقة أحياناً تصدر بلا رسوم بأن تعطى مجاناً, وأحياناً يؤخذ عليك مائتا ريال جراء الإصدار إذا كان رصيدك أقل من عشرة آلاف ريال.

الخصيصة الخامسة: أن بعض البنوك تتقاضى عمولة من بعض المؤسسات، مثل: شركات الأغذية التي يشتري فيها حاملها من هذه المؤسسات, فتأخذ عمولة؛ لأجل أنها جاءت بزبون مثل بطاقة فيزا, وهذا عند بعض البنوك، فالبطاقة هذه لو ذهب إلى سيفوي وسحبت واشتريت بألف ريال أحياناً وأحياناً نادرة أن بعض البنوك تأخذ من سيفوي عمولة, تسميها عمولة مجيء زبون, وهذه لا بأس بها إن شاء الله. ‏