ديوان الإفتاء [764]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

هذا لقاؤنا في اليوم الخامس عشر من رمضان في عصر الجمعة، وأذكر إخوتي وأخواتي بأن هذا الوقت المبارك مظنة لإجابة الدعاء، وقد اجتمعت أسباب الإجابة من حيث صيام الناس، وكذلك هي آخر ساعة قبل غروب الشمس من يوم الجمعة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم، وهو قائم يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه ).

السؤال: هل يجوز للمسبوق أن يدخل في صلاة التراويح بنية العشاء؟

الجواب: نعم يجوز، فإن صلاة المفترض خلف المتنفل صحيحة عند جمع من أهل العلم، وهو الراجح إن شاء الله استدلالاً بفعل معاذ بن جبل ، الذي كان يصلي خلف النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يذهب فيصلي بقومه.

السؤال: كيف أكسب رضا الوالد رغم القسوة في المعاملة؟

الجواب: يا أخي الكريم! الوالد يبقى والداً، ربما يكون الوالد مطبوعاً على شيء من الشدة والقسوة؛ لعوامل طبيعية أو وراثية أو بيئية أو نفسية أو غير ذلك من العوامل، ولربما أيضاً يخيل إليك أنه قاسٍ وما هو بالقاسي، لكنه يريد لك الصلاح والاستقامة والسداد.

ومهما يكن من أمر فالمطلوب منك أولاً: الإكثار من الدعاء للوالدين كما قال ربنا: وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:24]، ثم مطلوب منك ثانياً: أن تخفض له الجناح، وأن تذل بين يديه، وأن تكون في خدمته، وأن تستجيب لأمره، وأن تعظم شأنه، وأن يراك دائماً تحت عينيه، بل تحت رجليه، وهذا مما يرقق قلب الوالد عليك، ويجعله إن شاء الله يدعو لك، ودعوة الوالد لولده مستجابة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والمسافر حتى يرجع، ودعوة الوالد لولده ).

السؤال: طلقت زوجتي وهي في منزل أهلها، هل علي عبء دعوتها إلى البيت لقضاء عدتها؟

الجواب: نعم عليك، لأنك القائم على أمر البيت؛ ولأنك الزوج ومن بيدك الطلاق والرجعة، فادعها واتل عليها قول ربنا جل جلاله: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ[الطلاق:1]، وقل لها: هذا أمر الله فارجعي إلى البيت وابقي فيه فترة العدة، لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا[الطلاق:1]، وليس في هذا غضاضة عليك، ولا انتقاص من شأنك، بل هذا إنفاذ لحكم الله عز وجل، وكان حرياً بك أن تطلقها في بيتك لا في بيت أهلها.

السؤال: هل يجوز ألا أصلي الوتر في صلاة التراويح؟

الجواب: أما من ناحية الجواز فيجوز؛ لأن الوتر تطوع وليس بفرض، ولكن يا أخي الكريم أنت صليت التراويح فيسن لك أن تكمل مع الإمام حتى توتر، من أجل أن تدخل في البشارة النبوية: ( من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة )، فلا تفارق الإمام إلا بعدما يوتر.

السؤال: ما حكم السفر والعمل بدولة إسرائيل؟

الجواب: كانوا فيما مضى يقولون: دويلة إسرائيل، ثم صاروا يقولون: إسرائيل المزعومة، ثم صاروا يقولون: دولة الكيان الصهيوني، ثم الآن صارت دولة إسرائيل، يا أخي الحبيب! دولة إسرائيل هي دولة اليهود، هي الدولة التي قامت لجمع شتات اليهود من المشارق والمغارب، فجاءوا من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن أوروبا الشرقية والغربية، ومن بلاد العرب، ومن إفريقيا ومن غيرها تجمعوا فيما يسمونه أرض الميعاد، وهذه الدولة قامت على أنقاض دولة فلسطين، فبعدما شرد أهل فلسطين من أرضهم وأخرجوا من ديارهم، وقتلوا وفعلت بهم الأفاعيل، قامت هذه الدولة الظلوم على أنقاض تلك الدولة العربية المسلمة.

فدولة إسرائيل يا أخي! دولة معادية، دولة محاربة، وقد نهانا ربنا جل جلاله عن التعامل معهم فقال: إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الممتحنة:9] ومعلوم بأن هذه الدولة قد قتلت من المسلمين من قتلت، وشردت من شردت، ولعل آخر ما كان تلك الحرب الفظيعة الشنيعة التي استخدموا فيها سائر المحرمات، والتي كانت سنة ألفين وتسعة على إخواننا المسلمين في غزة، وكان من نتاجها مقتل أكثر من ألف وخمسمائة شهيد، ما بين رجل وامرأة وطفل وشيخ كبير، وهدمت البيوت على رءوس أهلها، وأمطروهم بكل شيء، وهذه الدولة ساعية بالفساد في الأرض، ولذلك لا يجوز لك أن تذهب إليها، ولا أن تعمل فيها، وسل الله أن يغنيك من فضله، والمذابح التي قامت بها هذه الدولة يعني: مذبحة دير ياسين، ومذبحة بحر البقر، ثم مذبحة المخيمات الفلسطينية في لبنان، لما حصل الغزو في سنة اثنتين وثمانين، ثم بعد ذلك الآن في سجونها أكثر من ستة آلاف أسير فلسطيني فيهم النساء، وفيهم الشيوخ الكبار، وما قامت به من قتل زعماء المقاومة، كالشيخ المجاهد أحمد ياسين ، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي ، وغيرهم رحمة الله على الجميع، وتاريخها مجلل بالسواد، تاريخها دماء وأشلاء وحروب وظلم وعدوان.

السؤال: هل تجوز إمامة الصبي للنساء إذا لم يجدن من يؤمهن في العشاء والتراويح؟

الجواب: إمامة الصبي تجوز للرجال والنساء، واستدلوا على ذلك بأن عمرو بن سلمة رضي الله عنه لما روى الحديث: ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا سواء فأقدمهم سناً، قال: فقد وجدوني أكثرهم قرآنا، فقدموني للصلاة وأنا ابن سبع سنين ).

السؤال: إذا كانت الإمام امرأة فهل تجوز صلاة الصبي معها؟

الجواب: إذا كان صبياً دون التمييز -دون سبع سنين- فلا بأس أن يصلي مع النساء.

السؤال: هل يمكن أن تدفع الزكاة للوالد إذا كان فقيراً وله أبناء من زوجة ثانية؟

الجواب: يا أخي الكريم! الزكاة لا تدفع للوالد، لكن يمكن أن تدفعها لإخوانك الذين هم من الزوجة الثانية، أو تعطيها لزوجة أبيك، أما الوالد فلا يعطى من الزكاة، بل إن كان فقيراً وأنت مقتدر فنفقته عليك واجبة، فيجب عليك أن تغنيه مما أغناك الله.

السؤال: أريد الرجوع لزوجي الذي كان بيني وبينه مشاكل، ولكن أمي ترفض؟

الجواب: أقول لأمك ما قاله ربنا: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:232].

هذه الآية نزلت في معقل بن يسار عليه من الله الرضوان، زوج أخته لرجل من الأنصار ثم طلقها، ثم بعد ذلك أراد أن يراجعها فقال له: يا لكع يا لئيم زوجتك وأكرمتك، فلم تصبر عليها حتى طلقتها، والله لا ترجع إليك أبداً، فنزلت هذه الآية (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ) أي: لا تمنعوهن (أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) أي: أن يرجعن إليهم إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ.

يعني: طالما أنه حصل الرضا، وزال الخلاف، ورغب الزوجان في استئناف حياة جديدة على أسس سليمة، فما ينبغي لأبيها ولا لأمها ولا لأخيها ولا لأختها أن يحول دون ذلك.

وكذلك أيضاً الزوج ما ينبغي لأهله أن يمنعوه، حتى لربما قالت له أمه: أنا لن أعفو عنك لو أرجعتها، وهذا لا يجوز.

السؤال: ما حكم من احتلم في نهار رمضان ولم يجد شيئاً فصلى ولم يغتسل؟

الجواب: يا أخي! الغسل متوقف على رؤية الماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما الماء من الماء)، ( ولما سألته أم سليم : هل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟ قال: نعم، إذا رأت الماء )، فمن احتلم ولم يجد ماءً فلا غسل عليه.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
ديوان الإفتاء [485] 2824 استماع
ديوان الإفتاء [377] 2651 استماع
ديوان الإفتاء [263] 2535 استماع
ديوان الإفتاء [277] 2535 استماع
ديوان الإفتاء [767] 2508 استماع
ديوان الإفتاء [242] 2477 استماع
ديوان الإفتاء [519] 2466 استماع
ديوان الإفتاء [332] 2444 استماع
ديوان الإفتاء [550] 2408 استماع
ديوان الإفتاء [303] 2407 استماع