فتاوى نور على الدرب [545]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل احتفل الرسول صلى الله عليه وسلم بميلاده كما يفعل البعض أم لا؟

الجواب: لم يحتفل النبي صلى الله عليه وسلم بذكرى ميلاده، ولم يحتفل بذلك أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا غيرهم من الصحابة الكرام رضي الله عنهم، ولم يحتفل بذلك التابعون لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، ولا تابعو التابعين، ولا أئمة المسلمين، وإنما ابتدع هذا الاحتفال بذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم في أثناء المائة الرابعة، أي: بعد ثلاثمائة سنة من هجرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا شك أن الحامل لهذا الاحتفال ممن أسسه لا شك أنه إن شاء الله تعالى حب الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن حب الرسول عليه الصلاة والسلام إنما يتبين حقيقةً باتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، فمن كان للرسول أحب كان له أتبع بلا شك، ومن كان للرسول أتبع كان ذلك أدل على محبته لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولهذا يقول المبتدعون لأهل السنة المتمسكين بها: إن هؤلاء لا يحبون الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ونقول: سبحان الله! أينا أقرب إلى حب الرسول عليه الصلاة والسلام من شرع في دينه ما ليس منه أو من تمسك بهديه وسنته؟

الجواب: لا شك أنه الثاني، أن من تمسك بهديه وسنته فهو أشد حباً لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ممن ابتدع في شريعته ما لم يشرعه عليه الصلاة والسلام، بل إن البدعة الشرعية في دين الله مضمونها القدح في رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن هذا المبتدع يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاهل بمشروعية هذه البدعة، أو إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عالم بمشروعيته لكن كتمه عن أمته، وكلا الأمرين قدحٌ واضح في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلو تأمل المبتدع ما تتضمنه بدعته من اللوازم الفاسدة لاستغفر الله منها ولعاد إلى السنة فوراً بدون أي واعظ.

وخلاصة القول في الجواب على هذا السؤال: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بذكرى ميلاده أبداً، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا الصحابة ولا التابعون ولا تابعو التابعين ولا أئمة المسلمين، وإنما حدث ذلك من بعض الولاة فاستمر الناس عليه بعد يومنا هذا، ولكني واثقٌ -بإذن الله عز وجل- أن هذه الصحوة المباركة التي في شباب الأمة الإسلامية سوف تقضي على هذه البدعة.

وسوف تزول شيئاً فشيئاً كما تبين ذلك في بعض البلاد الإسلامية ممن تذكروا حين ذكروا واتعظوا حين وعظوا ولم يعودوا إلى هذه البدعة، قد يقول المبتدع: أنا لم أحدث شيئاً، أنا أصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وأذكره بالخير وأثني عليه، وأحيي ذكراه في القلوب، نقول: هذا حسن، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم محمودة، والثناء عليه بما هو يستحق محمود، وكذلك إحياء ذكراه محمود، لكن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم شرع لأمته ما تحصل به الذكرى والمحبة على غير هذا الوجه، نحن نذكر الرسول عليه الصلاة والسلام في كل عبادة هذا هو الذي ينبغي لنا أن نفعله، أي: أن نذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في كل عبادة؛ لأن كل عبادة مبنية على أمرين: على الإخلاص لله والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم، وحينما تشعر بأنك في عبادتك متبعٌ لرسول الله سيكون هذا ذكرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

كذلك أيضاً نحن نذكر النبي عليه الصلاة والسلام ونرفع شأنه وذكراه في أعلى الأمكنة في كل يومٍ وليلة خمس مرات، في الأذان، نقول في كل أذان: أشهد أن محمداً رسول الله، وهذه إحياءٌ لذكراه وإعلاءٌ لشأنه من على المنارات في الأصوات المرتفعة، ونقول أيضاً مرةً ثانية عند القيام إلى الصلاة في الإقامة: أشهد أن محمداً رسول الله، أي ذكرى أعظم من هذه الذكرى؟

كذلك عند الوضوء نقول: أشهد أن لا إله إلا الله، إذا فرغنا من الوضوء نقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، كذلك في الصلاة في التشهد نقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

في كل أحوالنا وفي كل عباداتنا نحن نذكر الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن العبادة إخلاصٌ واتباع، إخلاصٌ لرب العالمين واتباعٌ لرسول رب العالمين، فهي إحياء ذكرى، فلا حاجة أن نبتدع في شريعة الله ما ليس منها من أجل إحياء الذكرى، ثم إنه كما قال بعض أهل العلم: إحياء ذكرى الرسول عليه الصلاة والسلام في هذه الليلة يوجب أن ينسى ذكر الرسول في هذه الليلة وأن يترقب هؤلاء مجيء هذه الليلة ليحيوا ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها.

لهذا نوجه إخواننا المسلمين من على هذا المنبر ألا وهو منبر نورٌ على الدرب من إذاعة المملكة العربية السعودية إلى أن يتدبروا الأمر وينظروا فيه ويحرصوا على اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباع خلفائه الراشدين حيث أمرنا باتباعهم، قال الله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ [التوبة:100]، ننتبه لهذا القيد اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ [التوبة:100]، والإحسان اتباع آثارهم حقيقةً فعلاً وتركاً وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ [التوبة:100]، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور )، فليتدبر إخواننا المسلمون في بقاع الأرض ليتدبروا هذه المسألة ويعوا هذا الأمر، وليقولوا في أنفسهم: أنحن خيرٌ أم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ولو كان خيراً لسبقونا إليه، أنحن أشد حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه؟! أنحن أشد حرصاً على الطاعات من أصحابه؟! كل هذا الجواب فيه: لا، وإذا كان الجواب فيه لا، فليكن أيضاً الجواب في الاحتفال بذكرى مولده لا، وليعلموا أنهم إذا تركوا ذلك لله عز وجل وتحقيقاً لاتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسيجعل الله في قلوبهم من الإيمان بالله ورسوله ومحبة الله ورسوله ما لم يكن فيها عند وجود هذه الاحتفالات التي يدعون أنها ذكرى لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

السؤال: هل تجوز زكاة الفطر نقداً أم لا؟ وما مقدارها من الحبوب؟

الجواب: لا تجوز زكاة الفطر نقداً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها من التمر والشعير كما قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمرٍ أو صاعاً من شعير )، وقال أبو سعيد الخدري : كنا نخرجها على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان طعامنا يومئذٍ التمر والشعير والزبيب والأقط، أربعة أصناف، فهي -أعني زكاة الفطر- لا تجوز إلا من الطعام، ولا يجوز إخراجها من القيمة ولا من اللباس ولا من الفرش ولا أن يبنى بها مساكن للفقراء، بل يجب أن تخرج مما فرضه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الطعام، ولو كانت القيمة معتبرة لم تكن الأجناس مختلفة، إذ أن صاعاً من الشعير قد لا يساوي صاعاً من التمر أو لا يساوي صاعاً من البر أو ما أشبه ذلك.

وعلى هذا؛ فالواجب إخراج زكاة الفطر من الطعام، وكل أمةٍ طعامها قد يختلف عن الأمة الأخرى، وهذه القيمة التي تريد أن تدفعها اشتري بها طعاماً وأخرجه وتسلم، وتبرأ بذلك ذمتك، ونحن لا ننكر أن بعض العلماء قال: يجوز إخراجها من القيمة وقد قال به من قال، ولكن المرجع عند النزاع إلى ما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإذا علمنا أن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام إخراج زكاة الفطر من الطعام فلنستمسك بهذه السنة.

السؤال: هل يصلى على المنتحر ويغسل أم لا؟

الجواب: المنتحر -والعياذ بالله- من قتل نفسه عمداً بغير حق، وانتحاره من سفاهته؛ لأنه بانتحاره يظن أنه يتخلص مما هو فيه من المحنة والضيق، لكنه يتخلص إلى شئٍ أضيق وأشد محنة، فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أن من قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ) والعياذ بالله، من قتل نفسه بحديدة فهو في جهنم ينحر نفسه بهذه الحديدة، وكذلك أيضاً من تحسى سماً حتى مات فإنه يتحساه في نار جهنم، ومن تردى من جبل أو من أسقط نفسه من جدار فإنه يفعل به ذلك في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، فالانتحار ليس فيه فكٌ من مشكلة ولا إزالة للغم ولا للهم، بل فيه زيادة في السوء على المنتحر، وإذا انتحر إنسان فإنه إذا كان مسلماً يغسل ويكفن ويصلى عليه، لكن إذا رأى أمير القبيلة أو قاضي البلد أو الكبير في البلد الذي له قيمته في المجتمع ألا يصلي عليه فإن ذلك خير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجلٍ قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه، أما غيره من الناس فيصلون عليه ويدعون له بالرحمة؛ لأنه لا يكون مرتداً بانتحاره ولكنه فعل كبيرةً عظيمةً من الذنوب، نسأل الله العافية.

والخلاصة: أن المنتحر يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين إذا كان مسلماً، ولكن إذا رأى كبير القوم ألا يصلي عليه ردعاً لغيره فهذا حسن اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

السؤال: أنا مغترب ومتزوج وأعمل في محل تجاري، وأرسل فلوساً إلى والدي، حيث يقوم بشراء ما يحتاجه الأهل من طعامٍ وشراب، وزوجتي موجودة معهم، وأنا لا أرسل لزوجتي نقوداً شخصياً، فهل أنا مقصر تجاه زوجتي؟

الجواب: إذا كان والدك يعطي زوجتك ما تحتاج إليه بالمعروف فلست بمقصر؛ لأنك قمت بالواجب، وأما إذا كان والدك يشح عليها ولا يعطيها ما تحتاجه فالواجب عليك أن ترسل لها ما تحتاجه، لكن إن خفت أن يقع في قلب أبيك شيء إذا أرسلت إليها شيئاً خاصاً، فليكن ذلك بخفية وسر لا يعلم به أبوك؛ لأن نفقة الزوجة واجبة، وينبغي أن نسأل أيضاً أو تسأل أنت: هل يجوز أن تغترب عن زوجتك مدةً طويلة مع حاجتها إلى وجودك معها؟

نقول: إن طالبت بحقها فليس لك أن تطيل الغيبة عنها، وإن لم تطالب فالأمر إليها، لو بقيت مثلاً سنةً أو سنتين أو أكثر ما دامت هي لا تطالب بحقها فالحق لها، وهذه نقطة يجب على الأزواج أن يلاحظوها؛ لأن بعض الأزواج نسأل الله العافية ينسى زوجته ولا يهتم، وربما إن يسر له أن يتزوج في البلد الذي هو فيه فيعرض عن الأولى إعراضاً كلياً، نسأل الله العافية.

السؤال: في بعض السلع الجارية نكسب أكثر من النصف، ولو لم نعمل هكذا لما ربحنا ولما غطينا الصرفيات. هل في ذلك حرج يا فضيلة الشيخ؟

الجواب: إذا كان هذا الربح هو سعر البلد والتجار فيه مشتركون فإن هذا لا بأس به؛ لأنه قد يكون الربح في هذا البلد كثيراً لوجود نفقات كثيرة عند ترحيل السلعة من البلد الأول إلى الثاني، أو من أجل المخازن أو لأي سببٍ آخر، وأما إذا كان هذا من باب التضرر بالناس وعدم الرحمة فإن هذا لا يجوز، ولهذا لو اجتمع التجار على أن يرفعوا سعر سلعةٍ معينة لا توجد إلا عندهم فإن هذا حرامٌ عليهم لا يجوز، مثلاً: لو اجتمع تجار الخضرة الذين يبيعوا الخضرة على ألا يبيعوا الكيلو إلا بكذا وكذا مما هو أزيد من قيمته ولم يوجد أحدٌ يتعاطى بيع هذه الخضراوات فإنه لا يحل لهم ذلك، ولولي الأمر أن يتدخل وأن يقرر سعراً معيناً يحصل به الربح للبائع دون ضررٍ على المشترين المستهلكين.

السؤال: عليَّ كفارة صيام شهر كامل؛ لأنني أخرت القضاء لعدة سنوات مع مقدرتي على ذلك، ولكنني قضيت الشهر كاملاً -والحمد لله- وبقيت الكفارة، فهل أخرج عن كل يوم نصف صاع بحيث يصبح لكل مسكين نصف صاع، أم أخرج خمسة عشر صاعاً دفعةً واحد ولعائلة واحدة؟

الجواب: القول الراجح في هذه المسألة -أي: في تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر بدون عذر- أن على الإنسان أن يستغفر الله عز وجل لما حصل منه من التأخير، وأن يؤدي القضاء ولا إطعام عليه، هذا هو القول الراجح؛ لأن الله تعالى إنما أوجب على المسافر والمريض أياماً معدودة مثل الأيام التي أفطرها فقط، فقال: وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185]، ولم يوجب الله تعالى شيئاً سوى الأيام التي ترك صومها، ولكن لا يجوز للإنسان أن يؤخر قضاء رمضان لسنة أربعة عشر وأربعمائة وألف إلى رمضان سنة خمسة عشر وأربعمائة وألف؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: ( كان يكون علي صوم رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان ) وهذا يدل على أنه لا يجوز تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني، إذ لو جاز ذلك لم يكن فرق بين ما بعد رمضان الثاني وما قبله، وعائشة تقول: (فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان).

وعلى هذا؛ فنقول لهذه السائلة: استغفري الله وتوبي إليه من هذا التأخير وليس عليك إطعام.

السؤال: كم يساوي الصاع النبوي بالكيلو تقريباً؟

الجواب: يساوي بالكيلو كيلوين وعشرة غرامات من البر الجيد الدجن أو ما يماثله في الوزن.

السؤال: تقول: قرأت هذا الحديث في كتاب ولا أعرف هل هو صحيح أم ضعيف، يقول الحديث: ( كان صلى الله عليه وسلم يلعق أصابعه بعد الطعام )، وقال: ( إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يمسح يده حتى يلعقها )، وقال: ( من لحس الإناء استغفر له

الجواب: لعق الأصابع بعد الطعام مما جاءت به السنة، وقد أمر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد ذكر لي بعض الناس أن الأطباء ذكروا أن في رءوس الأصابع إفرازات خفية لا يعلم بها، وأنها تعين على هضم الطعام وعلى هذا؛ فيكون في لعقها بعد الطعام فائدة كبيرة وهي الإعانة على هضم الطعام وسهولة هضمه، وسواء ثبت ذلك أم لم يثبت المهم أن السنة جاءت بلعق الأصابع، وكذلك أيضاً بمسح الإناء بعد الأكل، وقد غفل عن ذلك كثيرٌ من الناس، فكان بعض الناس لا يلعق أصابعه، وكان بعض الناس يلعق أصابعه ولكن لا يمسح الإناء، أي: لا يلحسه، وهذا قد يكون جهلاً بالسنة وقد يكون استحياءً من بعض الناس في المجامع على الطعام أو ما أشبه ذلك، لكن الذي ينبغي للإنسان أن يحرص على اتباع السنة حتى في هذا حتى وإن كان الناس يزدرونه أو لا يرونه شيئاً أو يستهجنون ذلك، افعل السنة، فربما إذا فعلتها أنت اقتدى بك زيد وعمرو ثم تتابع الناس على هذه السنة وتكون أنت السبب في أحيائها.

السؤال: شخصٌ توفي وترك من بعده مبلغاً من المال وأراضي وعمارات، وله ثلاثة إخوان وأخت وزوجة وليس له ولد أو بنت، ترغب زوجته في بناء مسجد على إحدى أراضيه من أمواله، مع العلم بأنه توفي ولم يوصي بعمل أي شيء أبداً، السؤال: كيف يتم ذلك؟ وهل على الورثة التنازل عن حصتهم من المال والأرض لكي يتم بناء المسجد، مع العلم بأن تكلفة المسجد لا يمكن تحديدها إلا بعد انتهاء البناء؟ وهل يجب موافقة جميع الورثة على هذا الشيء؟ جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.

الجواب: إذا مات الإنسان انتقل ماله إلى الورثة، وإذا لم يوص بشيء فليس له حق في المال المنتقل إلى الورثة، وبناءً على ذلك؛ لا يمكن أن يبنى على شيءٍ من أراضيه مسجد من تركته إلا بعد موافقة الورثة المرشدين كلهم، فإذا وافقوا وكلهم مرشدون فلا بأس أن يقتطع جزءٌ من أراضيه ويبنى على هذا الجزء مسجد من تركته، وإلا فإن جميع الأملاك من العقارات والأموال والنقود كلها للورثة.

السؤال: هل يصح للحاج أن يعتمر أكثر من عمرة في أيام الحج؟

الجواب: لا يشرع للحاج أن يعتمر إلا عمرة المتمتع إذا كان متمتعاً أو عمرة القارن التي تندمج في الحج إذا كان قارناً، أما إذا كان مفرداً فإنه لا يشرع له بعد انتهاء الحج أن يأتي بعمرة؛ لأن ذلك لم يكن معروفاً في عهد الصحابة رضي الله عنهم، وغاية ما هنالك أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها حاضت قبل أن تصل إلى مكة وهي قادمةٌ من المدينة فدخل عليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهي تبكي، ثم أخبرته بما حصل لها فأمرها أن تحرم بالحج فأحرمت بالحج، وبقيت على إحرامها حتى انتهى الحج، فصارت بذلك قارنة، وقال لها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إن طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك )، ولما انقضى الحج طلبت من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تأتي بعمرة مستقلة كما أتى الناس المتمتعون بعمرة مستقلة فأذن لها وأخرج معها أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فأحرمت عائشة ولم يحرم عبد الرحمن ؛ لأن ذلك لم يكن معروفاً عندهم، فأي امرأةٍ حصل لها مثل ما حصل لـعائشة فلا حرج أن تأتي بعمرةٍ بعد الحج، وأما ما عدا هذه الصورة فإن ذلك ليس من السنة ولا ينبغي للإنسان أن يفعل شيئاً لم يفعله الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا الصحابة رضي الله عنهم.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3913 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3693 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3647 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3501 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3478 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3438 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3419 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3342 استماع