ديوان الإفتاء [270]


الحلقة مفرغة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله، والحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

إخوتي وأخواتي مرحباً بكم في حلقة جديدة من ديوان الإفتاء.

المتصل: أنا كان عندي دين، واقترضت بعضاً من المال من زميلي، وبعد أن سددت له نصف المبلغ جاء قدر الله فتوفي، فأصبح عندي نصف المبلغ ولا أعرف عنوانه ولا مكان سكنه، وإنما كان زميلي في العمل، وكنت طلبت منه مساعدة فساعدني، لكن سددت له نصف الدين، فحال الموت بيني وبينه حتى أسدد له النصف الثاني فهل من الممكن أن أتصدق عليه بالمبلغ، أو أبحث عن أهله وأولاده وأعطيهم إياه؟

الشيخ: طيب، أبشر إن شاء الله أجيبك.

المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:

السؤال الأول: من هم الأقوام الذين مر عليهم ذو القرنين المذكورين في سورة الكهف، الذين هم في مغرب الشمس ومطلع الشمس وبين السدين؟

السؤال الثاني: هل ذو القرنين هو الإسكندر الأكبر، أو هو شخص آخر؟

السؤال الثالث: في سورة النحل ذكر الله سبحانه وتعالى مثلين في الآية الرابعة والسبعين، والآية الخامسة والسبعين، ففي الآية الرابعة والسبعين: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ [النحل:75]، وفي الآية الخامسة والسبعين: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ [النحل:76]. فما هو تفسير المثلين، وما المقصود بهما جميعاً؟

الشيخ: سأجيبك إن شاء الله.

المتصل: قبل شهرين حصل اختلاف بيني وبين زوجتي، وقد كنت طلقتها والسبب أننا كنا ساكنين في الجزيرة، وقمنا برحلة إلى الخرطوم مع أهلها، ولم يعجبني الوضع، وقلت: لا بد أن نرجع فرفضت فغشاني الشيطان وطلقتها! وأنا لا أريدها أبداً، ولكن أهلي غصبوني أن أرجعها! فذهبنا إليها ورفضت أن ترجع، وما زالت المحاولة مستمرة وهي رافضة!

علماً أنني أرجعتها بعد أسبوع من الطلاق.

الشيخ: أبشر، أجيبك إن شاء الله.

المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:

السؤال الأول: حدثنا عن التوبة؟ وهل للإنسان إذا أراد أن يكون على توبة متواصلة أن يذكر لفظ: ( اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك)، أم لا بد أن يتذكر ما جنى من الذنوب ويتوب؟

والسؤال الثاني: كنت أتعامل في معاملة تجارية، فأذهب مع بعض إخوتي إلى السوق، ويأتي واحد من المعارف ويقول لي: أريد أن أشتري الموبايل وأنا ما عندي مكان ثابت، لكن أقول له: أنا أشتريه مثلاً: بمائة وخمسين، فيعطيني المال فأذهب وآخذه بأقل منه، كأن أشتريه بمائة وثلاثين، أو مائة وأربعين، وقيمته الحقيقية بمائة وخمسين باتفاق، فأذهب وآخذه وأعطيه، والفضل من القيمة آخذها لي، فهل هذا الشيء حرام؟

السؤال الثالث: حدثنا عن النبي ذي الكفل، عن حياته، وعن قومه؟

الشيخ: أبشر إن شاء الله.

الشيخ: أخونا صلاح الدين سأل عن ذي القرنين ؟

فأقول: ذو القرنين عبد صالح ذكر الله خبره في سورة الكهف، وهذا العبد الصالح مختلف فيه، هل كان نبياً مرسلا، أو كان ملكاً عادلاً، عبداً لله صالحاً؟ فهذه من المسائل المختلف فيها، ونعلم بأن هناك أناساً صالحين مشكوكاً في نبوتهم، فهناك أناس ما يدرى أنبياء كانوا أم أولياء، ومنهم: الخضر عليه سلام الله، وذو القرنين عليه سلام الله، ولقمان العبد الصالح الذي سميت سورة كاملة باسمه، وإن كان جماهير العلماء على أن لقمان كان عبداً لله ناصحاً، ورضوان الله على الجميع، فهؤلاء لا يدرى هل كانوا أنبياء؟ أم لم يكونوا أنبياء؟

ولقب ذو القرنين بهذا اللقب قيل: لأنه كان كريم الأبوين، وقيل: لأنه كان ذا ضفيرتين، ومن كان ذا ضفيرتين يلقب بذي القرنين، وقيل: لأنه قام فدعا قوماً فشجوا قرنه، فقام ودعاهم إلى الله فشجوا قرنه الآخر، وهذا العبد الصالح ليس هو الإسكندر المقدوني، أو ما يعرف بـالإسكندر الأكبر، فإن هذا الإسكندر كان وزيره أرسطو طاليس، أما هذا العبد الصالح فقد كان وزيره الخضر عليه السلام.

وقد ذكر ربنا جل جلاله أن هذا العبد الصالح كان يسير سيرةً عادلة، فكان يسير في الناس بالسوية، ويعدل في القضية، وأنه ملك المشارق والمغارب، كما قيل: ملك الأرض مسلمان وكافران: أما المسلمان فـذو القرنين وسليمان، وأما الكافران: فـالنمرود ، و بختنصر ، والنمرود هو العبد الفاجر الذي ذكر الله خبره في سورة البقرة، الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ [البقرة:258]، وبلغ به عرام الكفر أن يقول: أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ[البقرة:258].

و بختنصر هذا الملك البابلي الوثني الذي ذكر الله خبره في صدر سورة الإسراء حين قال: بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا [الإسراء:5] ، فهو الذي دخل بلاد الشام وأذل بني إسرائيل، وساق منهم الألوف المؤلفة أسرى، وهي ما يعرف في تاريخ بني إسرائيل بمرحلة (الأسر البابلي).

فالمقصود: بأن ذا القرنين عليه السلام ذكر الله خبره بأنه بلغ أقصى الأرض عند مغرب الشمس، وبلغ طرفها الآخر عند مشرق الشمس، وبلغ بين السدين، وأين السدان؟ الله أعلم، ولذلك أقول لأخينا صلاح الدين : بأن قصص القرآن غالباً تهمل ذكر المكان تعييناً، والزمن تعييناً، وأحياناً تغفل ذكر أسماء الأشخاص، وعند أهل التفسير قاعدة يسمونها (مبهمات القرآن)، فيقولون: كلما أبهمه القرآن فلا فائدة في تعيينه.

فمثلاً: قال الله عز وجل: وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ[القصص:11]، من أخت موسى؟ القرآن أبهم هذا الأمر.

ومثلاً: في خبر أصحاب الكهف، قال الله عز وجل: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا [الكهف:9] ، أين كان الكهف؟ فالقرآن أهمل هذا الأمر.

ولذلك المفسرون يقولون: كان السد قبل أرمينيا وأذربيجان، وقيل: قبل بحر القلزم، وقيل: كذا، وهذا كله لا فائدة في تعيينه، وإنما المراد بيان العبرة، واستخلاص الفائدة، كما قال ربنا: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى[يوسف:111].

الشيخ: قول ربنا جل جلاله في سورة النحل: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ * وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهُّ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [النحل:75-76]، فالله جل جلاله ينبه هؤلاء المشركين أنهم يعبدون آلهة هم خير منها، يعني: هؤلاء العابدون خير من معبوداتهم، فهؤلاء: أبو جهل، و أبو لهب ، وأمثالهم، يسمعون، ويبصرون، وينطقون، ويمشون، ويرجعون، ويأكلون، ويشربون، ويتصرفون، ولهم قدرة على أن يحدثوا أمورا، أما هذه الأصنام فإنها لا تسمع، ولا تبصر، ولا تعقل، ولذلك قال إبراهيم عليه السلام لأبيه: يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا [مريم:42] ، ولما قرب الطعام إلى الأصنام قال: أَلا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ [الصافات:91-93].

ثم بعد ذلك علق السيف في عنق كبيرهم، ولما جاءه قومه يحاجونه: أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ [الأنبياء:62-63]، فالله عز وجل يضرب المثل لهذه المعبودات الباطلة بأنها لا تأتي بخير، ولا تنفع، ولا تضر، ولا تعطي، ولا تمنع، ولا تحدث شيئاً أصلاً، وكما قال ربنا سبحانه: وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت:43].

السؤال: بالنسبة لأخينا الأمين من الجزيرة، ذكر بأنه كان يسكن في قرية ومحلة قومه، ثم ارتحل إلى الخرطوم وما طابت نفسه بالبقاء فيها، فطلب من زوجه الرجوع فأبت فطلقها.

الجواب: أولاً: يا أخانا! ليس الطلاق هو العلاج الأمثل، ولا هو العلاج الأول، بل هناك مراحل لا بد للإنسان أن يقطعها، ووسائل لا بد أن يتبعها من أجل أن يصلح الخلاف الذي يطرأ مع زوجه، ثم بعد ذلك الطلاق هو الحل الأخير إذا تعثرت الحياة، لكن الإنسان لا يلجأ إلى الطلاق مباشرة. وعلى كل حال أنت طلقتها ثم راجعتها في العدة ورجعت شاءت أم أبت، وهي الآن زوجك؛ لأن الله تعالى قال: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا[البقرة:228].

والواجب على المرأة أن تتقي الله عز وجل وأن ترجع؛ لأن الله عز وجل قال: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ[النساء:128] ، وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ[النساء:128]، فنقول للمرأة: الصلح خير، واتقي الله عز وجل وعودي إلى زوجك لعل الله -عز وجل- يصلح ما بينكما.

الشيخ: بالنسبة لسؤال أخينا محمد من أمبدة، في قضية التوبة.

فنقول: يا محمد! التوبة واجبة من كل ذنب، أسأل الله أن يتوب علي وعليك وعلى المسلمين أجمعين.

والتوبة لازمة في حق كل إنسان؛ لأن ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون )، وهذه التوبة لا بد أن يصحبها عمل قلبي، ولا بد أن يصحبها لفظ قولي، أما العمل القلبي فهو الندم، فالإنسان يندم على ما فرط منه في حق الله -عز وجل-، ثم القول اللفظي يقول: اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك، أو يقول: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، أو يقول: ( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )، والله عز وجل وعد بأن يتوب على من تاب: ( إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس مغربها )، وقد قال في القرآن: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82] .

وهذه التوبة تحتاج إلى تجديد؛ لأن الإنسان لا يخلو من ذنوب وتقصير.

السؤال: بالنسبة لسؤاله الثاني يقول: بأن شخصاً ما يطلب هاتفاً جوالاً فيخبره بأن قيمة الهاتف مائة وخمسون جنيهاً، ثم بعد ذلك يذهب فيشتريه بمائة وثلاثين أو مائة وأربعين؟

الجواب: نقول لك: هذه المعاملة تختلف، إذا كانت على سبيل البيع فلا يحل لك أن تبيع ما ليس عندك، فلا تبع ما ليس عندك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( لا تبع ما لا تملك).

أما إذا كان على سبيل الوكالة، بأن وكلك هذا الشخص فقال لك: اشتر لي هاتفاً جوالاً، فقلت له: الهاتف اسمه كذا، ومواصفاته كذا، وخدماته كذا، وقيمته كذا، فيرضى ويعطيك الثمن ويوكلك في الشراء فتشتريه وتجتهد في أن تحصل عليه بما هو دون هذا الثمن، فلا بأس إذا كان على سبيل الوكالة، فتخبره أن الهاتف ليس عندك، وإنما أنت ستبتاعه، وتبحث عنه في السوق، فهذه وكالة في الشراء، ولا حرج في ذلك إن شاء الله.

المتصل: لدي سؤالان:

السؤال الأول: ما حكم تحويل الرصيد؟

السؤال الثاني: هل يجوز لنا إرسال بعثات إسلامية للجنوب لندعوهم إلى الإسلام، وإلا يجوز فصل ... لأنه تابع لدولة إسلامية؟ فما رأي الشيخ في الحكم هذا؟ جزاك الله خيراً!

الشيخ: طيب، وإياك، أكرمك الله.

المتصل: ما معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( من صلى علي ألف صلاة حرم الله جسده من النار ) وبعدما يصلي على الرسول هل يدخل النار إذا عمل سيئات؟

الشيخ: طيب، أجيبك إن شاء الله.

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: هل عقد الخال إذا كان ولي العروسة يكون باطلاً؟

السؤال الثاني: ما الفرق بين الولاية والوكالة؟ مثال ذلك: الأب يكون موجوداً ويوكل أخاه أو عمه؟

الشيخ: طيب، أبشري إن شاء الله.

المتصل: الله يبارك فيك! أنا عندي سؤال في سورة البقرة، قول الله تعالى: مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:81]، أريد تفسيرها؟

الشيخ: سأجيبك إن شاء الله.

السؤال: أخونا محمد يسأل عن ذي الكفل هل كان نبياً؟

الجواب: نعم، كان نبياً، وقد ذكره الله -عز وجل- في جملة الأنبياء لما ذكر ثمانية عشر نبياً في سورة الأنعام، قال سبحانه: وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ[الأنعام:83-86]، هؤلاء الثمانية عشر نبياً ذكروا في موضع واحد من سورة الأنعام.

ثم هناك سبعة آخرون ذكروا في مواضع متفرقة من القرآن كـآدم، وإدريس، وهود، وصالح، وشعيب، وذي الكفل، وخاتمهم وأفضلهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

وذي الكفل سلام الله عليه وشأنه شأن إلياس، فإن القرآن الكريم ما فصل في أخبارهم كثيراً، ونحن نعلم بأن هناك أنبياء ذكروا مراراً، وتكررت قصصهم في القرآن كموسى، وإبراهيم، ونوح صلوات الله وسلامه عليهم.

وهناك أنبياء ذكروا في القرآن، مثلاً: في سورة واحدة بالتفصيل كيوسف عليه السلام، وبعضهم ذكر في موضع واحد، مثلاً: كإلياس، وذي الكفل، فمثلاً: إلياس ذكر في سورة الصافات: وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ * أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ * اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ [الصافات:123-130].

وكذلك ذو الكفل عليه السلام، ذكره الله عز وجل في سورة (ص) حين قال: وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ * وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الأَخْيَارِ [ص:45-48].

فمثلاً: ذو الكفل ذكر ولم يفصل القرآن في خبره، ومعلوم بأن هذه العقائد يتوقف فيها على السمع، ولا مدخل فيها للعقل، وإنما التعويل فيها على الأدلة السمعية.

السؤال: أخونا محمد المصطفى من السعودية يسأل عن تحويل الرصيد؟

الجواب: لا مانع يا محمد في تحويل الرصيد، ولو وصل بأقل مما حول، فمثلاً أنت تحول مائة فتصل خمسة وتسعين فلا مانع في ذلك؛ لأن الرصيد بمجرد دخوله في الجهاز تحول إلى وحدات، فلا مانع من أن يصل زائداً أو ناقصاً؛ لأنه صار سلعة من السلع.

الشيخ: التوجع من قضية فصل الجنوب، نسأل الله جل جلاله أن يقدر الخير حيث كان، والله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الخير، ولا نعلمه نحن، وكما قال: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216].

فقضية اقتطاع جزء من أي وطن إسلامي، فإن المسلم يتوجع له ويألم لحصوله، ولو كان ذلك في إندونيسيا، يعني: لما انفصلت تيمور الشرقية عن إندونيسيا المسلم يتوجع ويألم لهذا الجزء الذي اقتطع.

لكن بالنسبة لقضية الجنوب من الناحية الفقهية فهي تحتاج إلى تكييف، هل هي دار إسلام؟ يعني: هل رفعت فيها راية الإسلام، وطبقت أحكامه، وكانت غالبية أهله مسلمين يوماً من الأيام؟ نحن نعرف من كلام أهل العلم بأن دار الإسلام هي الدار التي تحكم فيها شريعة الإسلام، ويكون أغلب ساكنيها من المسلمين.

فهل هذا قد انطبق على هذا الجزء من السودان يوماً من الأيام، بأن كان الجنوب محكوماً بشريعة الإسلام، وقد رفعت فيها رايته، وصار أغلب أهله مسلمين؟ هذه مسألة تحتاج إلى استقصاء، ثم هل هذه الأرض قد فتحت صلحاً أم فتحت عنوةً، أو أنها ما فتحت أصلا؟ فهذه مسائل حقيقة تحتاج إلى أن تبسط على بساط البحث، ويتحرى في أمرها.

الشيخ: أخونا محمد علي من بحري، يذكر حديثاً: ( من صلى علي ألف صلاة حرم الله جسده على النار

أنا حقيقة لا أعرف هذا الحديث، ولا أعرف حاله سنداً، ولا متناً، ولا في أي الدواوين قد ورد، ولكن على كل حال يا أخي الكريم! الأحاديث التي يذكر فيها دخول الجنة، أو يذكر فيها تحريم النار، أو دخول النار، هذه النصوص نصوص الوعد والوعيد لا تؤخذ على الإطلاق، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يدخل الجنة عاق)، وقال: ( لا يدخل الجنة قاطع رحم )، وقال: ( ثلاثة حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والديوث، والعاق لوالديه )، فهذه الأحاديث لا يستفاد منها تحريم دخول الجنة مطلقاً، وإنما كما قال أهل العلم: يحرم دخولها على فاعل هذه الكبائر دخولاً أولياً، ولكن بعدما يتطهر من ذنوبه قد يدخل الجنة بفضل الله عز وجل ورحمته.

وكذلك أحاديث الوعد التي بين فيها النبي صلى الله عليه وسلم فمثلاً: ( من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة يوماً من الدهر وإن أصاب قبل ذلك ما أصاب)، ونحو ذلك، هذه أيضاً لا تؤخذ على إطلاقها، بمعنى: أن الإنسان يعول مثلما يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كذا من الصلوات، ثم بعد ذلك يفرط في الواجبات، ويقترف المحرمات، ويقول: والله أنا ضمنت الجنة، لا شك بأن هذا الصنف من الناس صفقته خاسرة، ولذلك بعض الحمقى لما سمع صيام يوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة ماضية، صام نصف يوم، وقال: يكفيني ستة أشهر، يعني: يكفر الله عني ستة أشهر، ومثل هذا الفهم لا شك أنه فهم خاطئ.

وأنا أقول لأخينا محمد علي : بأن الحديث نفسه يحتاج إلى بحث، هل يثبت أو لا يثبت؟