عنوان الفتوى : معنى حديث: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
جزاكم الله خيرا على ما تقدمون، نفع الله بكم.
سؤالي بخصوص قوله صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".
كنت قد قرأت في كتاب: الرياض الزكية، لشرح الأربعين النووية. أن "ما" هنا من صيغ العموم.
فهل معنى ذلك أن الحديث فيه توجيه بترك كل شك مهما كان نوعه، أم هو خاص بالأمور المشتبهات في الدين، وما يتعلق بالحلال والحرام فقط؟
أرجو التوضيح، جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر الوارد في الحديث بترك ما يريب إلى ما لا يريب، ظاهرٌ في أن المراد منه ما يتعلق بالمشتبهات في الدين من العبادات. والحلال والحرام في المعاملات، والحسن والقبيح، والسنة والبدعة في الأقوال والأعمال. فهذا هو المراد في الحديث.
وشروح الحديث تدور حول هذه المعاني الشرعية، ولذا ذكر الشراح أنه هو في معنى حديث: فمن اتقى الشبهات؛ فقد استبرأ لدينه، وعرضه.
ولا علاقة للحديث بأمور الدنيا البحتة مما يشك فيه الإنسان، كمن يشك في جدوى مشروع تجاري -مثلا- هل هو مربحٌ أم لا، فإنه يستشير ويستخير الله، ويأخذ بالأسباب، ولا يترك المشروع رأسا اعتمادا على هذا الحديث؛ لأنه يشك في كونه مربحا أم لا، فهذا ليس هو المراد من الحديث.
جاء في تحفة الأحوذي: وَالْمَعْنَى: اتْرُكْ مَا تَشُكُّ فِيهِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ أو لا؟ أو سنة أو بدعة؟ واعدل إلى ما لا تَشُكُّ فِيهِ مِنْهُمَا. اهــ.
وفي التيسير شرح الجامع الصغير: (دع مَا يريبك) أَي يوقعك فِي الريب أَي الشَّك. وَالْأَمر للنَّدْب؛ لِأَن توقي الشُّبُهَات مَنْدُوب لَا وَاجِب (إِلَى مَا لَا يريبك) أَي اترك مَا تشك فِيهِ، واعدل للْحَلَال الْبَين. اهــ.
وفي فيض القدير: (دع مَا يريبك) أَي اترك مَا تشك فِي كَونه حسنا أَو قبيحاً، أَو حَلَالا أَو حَرَامًا (إِلَى مَا لَا يريبك) أَي واعدل إِلَى مَا لَا شكّ فِيهِ، يَعْنِي مَا تيقنت حسنه وحله. اهــ مختصرا.
وفي التنوير شرح الجامع الصغير: وفي هذه الأحاديث عموم يقضي أن الريبة تقع في العبادات والمعاملات، وسائر أنواع الأحكام. وأن ترك الريبة في ذلك كله. اهــ.
والله أعلم.