فتاوى منوعة [9]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام يموت بعد نزوله إلى الأرض أم أنه لا يموت أبداً؟

الجواب: بلى يموت، فليس هناك أحد من البشر لا يموت، قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ.. [آل عمران:185]، فقال: (كل نفس)، و(كل) من صيغ العموم عند أهل العلم، وعيسى نفس من الأنفس، وجاء في الحديث أنه بعد أن يحكم بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم يمكث مدة، وجاء في بعض الأحاديث أنه يمكث سبعة أيام ثم يموت الموتة التي كتب الله عليه ويدفن في الأرض كغيره، ولا يبقى إلا وجه الله.

السؤال: هل السفر إلى بلاد مسلمة حكومتها كافرة يعد من السفر إلى بلاد الشرك؛ لاسيما أنه يوجد ديانات أخرى عندهم كالنصرانية والنصيرية وغيرها؟

الجواب: إذا كان لا يستطيع إظهار دينه فليس له أن يسافر، وإذا كان يستطيع إظهار دينه، ويستطيع أن يرد على الشبه ويبين محاسن الإسلام عند الحاجة فلا بأس، فكل بلد لا يستطيع أن يقيم فيه الدين لا يجوز له أن يسافر إليه.

السؤال: ما هي الزيارة الشرعية للقبور؟ وهل يُسَلِّم على الميت المعين ويدعى له عند قبره؟ وما حكم العبادة عند القبر كالدعاء مثلاً؟ وهل يعد مثل هذا العمل شركاً أصغر أم أنه محرم؟

الجواب: زيارة القبور تكون شرعية وتكون بدعية وتكون شركية، فالزيارة الشرعية: أن يزور الميت ليتذكر الموت ويرق قلبه ويدعو للميت، ففي هذا فائدة للحي وللميت، وهذه هي الزيارة الشرعية، فالحي يستفيد بأن يتذكر الموت ويرق قلبه، والميت يستفيد بأن يدعى له، فيسلم عليه بعينه ويقول: السلام عليك يا فلان، اللهم اغفر له وارحمه.

والزيارة البدعية: أن يزور القبر ثم يفعل بدعة عنده، كأن يدعو الله لنفسه، فيستقبل القبلة ويرفع يديه، أو يقرأ قرآناً، أو يصلي ركعتين لله، فهذا حرام، وهو وسيلة للشرك، وبدعة، وليس شركاً.

فالقرآن يقرأ في المساجد أو في البيوت وليس في المقبرة، والصلاة تكون في المساجد أو في البيوت، فالمقبرة ليست محلاً لقراءة القرآن ولا للدعاء ولا للصلاة.

أما الزيارة الشركية فهي أن يزوره ويدعوه من دون الله، كأن يقول: يا فلان! أغثني، أو يذبح له أو ينذر له، أو يطوف بقبره تقرباً إليه، فهذه زيارة شركية.

ولا ينبغي تحديد يوم معين للزيارة؛ إذ التخصيص بدعة، لكن إذا كان في وقت الفراغ كيوم الجمعة وغيرها فلا بأس، لا لأنه يعتقد أن فيه مزية أو خصوصية.

السؤال: هل يجوز لي أن أذهب لزيارة مدائن ثمود بنية أخذ العبرة والعظة، كما قال تعالى: قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [الأنعام:11]؟

الجواب: إذا كان ذلك على وجه التباكي فيجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما مروا بديار ثمود: (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تبكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا؛ خشية أن يصيبكم ما أصابهم).

ثم قنَّع رأسه وأسرع السير لما مر بهم، فإذا كان على وجه التباكي وأخذ العبرة، لا على وجه اللعب والضحك، فلا بأس بذلك.

السؤال: من أتى في الصلاة بذكر مشروع في غير موضعه هل عليه سجود سهو أم لا؟

الجواب: ليس عليه سجود، وليس عليه شيء.

السؤال: أناس يشترون سيارات ويبيعونها للناس بالتقسيط، وهم مستمرون في هذا العمل، فما حكم استمرارهم في هذا العمل، وهل يعد ذلك من الاحتيال في الربا؟ ثم إذا كان عملهم حلالاً فهل عليهم زكاة؟ وكيف تكون؟

الجواب: البيع بالتقسيط على وجهين:

الوجه الأول: مثاله في شخص عنده سيارات، ويضعها عنده في المعرض، أو أكياس سكر أو أرز، فيحفظها ليدين الناس، فهذا لا بأس به؛ لأنه بيع دين، وبيع الدين جائز، بل يكاد جوازه يكون إجماعاً من المسلمين، وهو داخل في قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282].

فإذا كان إنسان عنده معرض ممتلئ بالسيارات، وكل من جاء ليشتري سيارة بثمن عاجل باعها له مثلاً بثلاثين ألفاً، ومن جاء ليشتريها بثمن مؤجل إلى سنة باعها له بأربعين ألفاً أو خمسين ألفاً، فلا بأس بذلك، فبيع العاجل ليس كبيع الآجل، وكذلك السكر، فالذي يريد أن يأخذ الكيس عاجلاً يبيعه له بمائة وخمسين، والذي يأخذه مؤجلاً يعطيه بمائتين، فهذا لا بأس به.

والوجه الثاني: أن يكون إنسان ليس عنده شيء، فجاءه آخر وقال له: أريدك أن تقرضني فقال: نذهب أنا وأنت إلى السوق، ثم نشتري السيارة، فيشتريها هو حاضر، ويسلمها إياه، ثم يبيعها الثاني له.

وهذه تسمى مسألة التورق، وفيها خلاف بين أهل العلم، فأكثر العلماء على الجواز، والقول الثاني: المنع، وهو قول شيخ الإسلام وجماعة، فهو يقول: إنها أخية الربا، فهي دراهم بدراهم حالت بينهما السيارة، وقال مالك : هي دراهم بدراهم حالت بينهما الحريرة.

فالأفضل للإنسان إذا كان يبيع بالدين أن يجعل السلعة عنده، بحيث يكون عنده أكياس سكر أو رز أو قهوة، أو معرض سيارات، ومن جاءه باع له حاضراً أو مؤجلاً، والمؤجل يزيد عليه، أما كونه لا يملك شيئاً حتى يجيء إنسان فيقول: تعال اشتر لي السيارة الفلانية وأبيعها عليك؛ فهذه المسألة فيها اختلاف بين أهل العلم، وإن كان أكثر العلم على الجواز.

السؤال: هل معنى حديث: (لا صلاة بحضرة طعام) أنه عند حضور الطعام قبل الأذان بدقائق تؤخر الصلاة ولو أقيمت؟

الجواب: إذا قدم الطعام ونفسه تتوق إليه فإنه يبدأ بالطعام ولو حضرت الصلاة، فقد جاء في الحديث: (إذا حضر العشاء والعشاء فابدءوا بالعشاء).

أما إذا كانت نفسه لا تتوق إليه فلا ينبغي له، فإذا قُدم العشاء وجاءت الصلاة فإنه يبدأ بالعشاء، أما إذا لم يُقدَّم فيبدأ بالصلاة، لكن لا ينبغي للإنسان أن يؤخر العَشَاء حتى إذا سمع الأذان أو سمع الإقامة قال: هاتوا العشاء، أو: هاتوا الغداء، فهذا معناه أنه متعمد العشاء في الفرض، لكن لو قدر أنه قدم له العشاء وكانت نفسه تتوق إليه فنقول: يبدأ بالعشاء ولا حرج ما دامت نفسه تتوق إليه، وكان ابن عمر يتعشى وهو يسمع الإمام يقرأ، ومثله -أيضاً- لو قدم الغداء في صلاة العصر أو ما أشبه ذلك، فالحكم واحد.

السؤال: امرأة كبرت لصلاة العشاء، وعند قراءتها الفاتحة طُرِق الباب، ولم يكن في البيت أحد غيرها، فقطعت صلاتها وفتحت الباب، فهل عليها إثم؟

الجواب: لا يجوز للإنسان أن يقطع صلاة الفريضة إلا للضرورة، كأن يعلم أن الطارق في شدة أو في كربة أو أمر لا بد منه، فهذا لا بأس به، أما إذا كان الأمر عادياً -كأن يطرق الباب إنسان عادي- فليس لها أن تقطع الصلاة من أجله.

السؤال: صلى بنا إمام صلاة الظهر فشك في صلاته وسجد سجدتي سهو قبل الصلاة، فلما سلم قال بعض المأمومين: إننا صلينا ثلاث ركعات، فقام الإمام وصلى بنا ركعة ثم لم يسجد للسهو، والتفت إلى المأمومين فقال الناس: بقي سجود السهو، فقال: سجدنا، فقال بعضهم: سجودك الأول للشك، فسجد سجدتين ثم سلم، فما حكم صلاتنا هذه؟

الجواب: لا بأس بذلك مادام أنه سجد، والكلام هذا لمصلحة الصلاة.

السؤال: ما حكم السفر إلى بلاد تسمى إسلامية يكثر فيها التبرج والسفور، مع العلم أنه سفر لغير حاجة؟

الجواب: إذا كان يستطيع إظهار دينه فلا بأس بذلك، أما إن كان لا يستطيع فلا، وكره بعض العلماء -أيضاً- البقاء في بلد تكثر فيه المعاصي وقالوا: إنه من باب الاستحباب تستحب الهجرة منها، أما الوجوب فلا تجب عليه الهجرة إلا من بلاد الكفار إذا كان لا يستطيع إظهار دينه، أما البلدة التي تكثر فيها المعاصي فيستحب فراقها عند بعض أهل العلم.


استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى منوعة [23] 2305 استماع
فتاوى منوعة [10] 2252 استماع
فتاوى منوعة [17] 2235 استماع
فتاوى منوعة [3] 1899 استماع
فتاوى منوعة [4] 1891 استماع
فتاوى منوعة [26] 1761 استماع
فتاوى منوعة [16] 1711 استماع
فتاوى منوعة [11] 1677 استماع
فتاوى منوعة [8] 1629 استماع
فتاوى منوعة [12] 1592 استماع