فتاوى منوعة [16]


الحلقة مفرغة

السؤال: ما الدعاء المشروع بعد الأذان؟ وما الزيادات الضعيفة فيه؟

الجواب: الدعاء بعد الأذان يسن للإنسان أن يجيب المؤذن، أي: أن يقول مثلما يقول، فإذا انتهى المؤذن يقول: (اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته) . هذا ثابت، زاد البيهقي بسند لا بأس به: (إنك لا تخلف الميعاد) .

أما ما يزيده بعض العامة: آت محمداً الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة، فالدرجة الرفيعة زيادة ما لها أصل، فالوسيلة هي الدرجة الرفيعة، والوسيلة منزلة النبي في الجنة وهي أعلى منزلة في الفردوس، فزيادة الدرجة الرفيعة، مثلما يقول بعض العامة في دعاء الاستفتاح (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك) ويزيد بعض العامة: ولا معبود سواك. وهي بمعنى: لا إله غيرك.

والمؤذن إذا انتهى يقول الذكر، لكن هل يجيب نفسه أو لا يجيب نفسه؟

الأقرب أنه لا يجيب نفسه إنما غيره يجيب، لكن إذا انتهى فإنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن بعدما يغلق المكبر، فيغلق المكبر ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويأتي بهذا الذكر.

السؤال: من فاتته صلاة المغرب ووجد الجماعة يصلون العشاء فماذا يفعل؟

الجواب: خلاف بين أهل العلم، بعض أهل العلم قال: يصلي معهم ويجلس إذا قام للرابعة ثم يسلم أو يسلم معهم، وقال آخرون: الصلاة مختلفة هنا، والنبي يقول: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه) يصلي معهم نافلة فإذا انتهوا صلى الفريضة؛ لأن الصلاة مختلفة فهذه ثلاثية وهذه رباعية.

السؤال: هل الأعمال التي ورد أنها تكفر الذنوب كالعمرة وصيام رمضان تشمل تكفير الكبائر؟

الجواب: ظاهر الأدلة أن الكبائر لابد لها من توبة خاصة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة : (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)، وجاء في حديث آخر ظاهره أن الحج يكفر الكبائر، لكن ظاهر الأدلة أنه لابد لها من توبة.

السؤال: ما صحة ما يذكره بعض المعاصرين: أن الحافظ ابن كثير رحمه الله كان عنده بعض التشيع؟

الجواب: ما سمعت بهذا، إلا إذا كان المراد به محبة أهل البيت، وكل أهل السنة يحبون أهل البيت، والتشيع هو الميل إلى أهل البيت ومحبتهم.

السؤال: ما تعليقكم على انتشار ظاهرة القزع بين الشباب؟

الجواب: القزع وهو أخذ بعض شعر الرأس وترك بعضه، يقول العلماء: يكره القزع، ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم صبياً حلق بعض رأسه قال: (احلقه كله أو اتركه كله) فلا ينبغي فعل القزع، إما أن يحلق الرأس كله أو يترك كله، أما أن يأخذ بعض الرأس من مقدمه ومن مؤخره فهذا منهي عنه، ولهذا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم صبياً حلق بعض رأسه، قال: (احلقه كله أو اتركه كله).

والمعروف عند العلماء أنه للكراهة، والأصل أنها للوجوب، وأصل النهي للتحريم وهذا هو الأصل إلا لصارف.

السؤال: أي أنواع الاغتسال يرفع الحدث الأصغر بمجرد النية والمضمضة والاستنشاق؟

الجواب: الحدث الأصغر لا يرتفع إلا بالوضوء، واستعمال الماء في الأعضاء الأربعة: الوجه ويدخل فيه المضمضة والاستنشاق، واليدين والرأس والرجلين، لكن إذا كان عليه حدث أكبر كجنابة وكذلك غسل الجمعة؛ لأنه مستحب، وبعض العلماء يرى أنه إذا نوى فاستنجى واغتسل ارتفع عنه الحدثان، وقال آخرون من أهل العلم: لابد أن يتوضأ، ولا يرتفع الحدث الأصغر إلا بالوضوء.

والغسل الكامل الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم هو: أنه كان يستنجي أولاً ويغسل فرجه وما حوله، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يفيض الماء على رأسه، ثم يغسل شقه الأيمن، ثم يغسل شقه الأيسر، وهذا هو السنة، ويكفي هذا، فإن خرج منه ريح أو مس فرجه فإنه يعيد الوضوء، وهذا هو الأكمل والأحوط، وأما إذا لم يفعل هذا ولم ينو رفع الحدثين فلا يرتفع الحدثان، وإذا نوى رفع الحدثين ارتفع عند بعض العلماء بشرط أن يستنجي قبل ذلك، ثم ينوي رفع الحدثين، وقال آخرون: لا يرتفع إلا بالوضوء، والأحوط للمسلم أن يفعل ما يفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأن يستنجي أولاً ويتوضأ وضوءه للصلاة ثم يكمل غسله.

السؤال: هل من حق المصلي أن يقطع الصلاة إذا كان الذي بجواره له رائحة كريهة كدخان أو بصل أو ثوم وغيره؟

الجواب: لا يجوز للإنسان أن يأكل الكراث والثوم والبصل ويأتي إلى المسجد، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة أنه لا يجوز للإنسان أن يدخل المسجد وقد أكل كراثاً أو بصلاً، أو له رائحة كريهة حتى يزيل هذه الرائحة، وجاء في بعض الأحاديث أنه يخرج من المسجد إلا إذا كان في هذا مفسده، فإذا وجد من له رائحة فإنه يخرج إلى البقيع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومثله من كان له رائحة كريهة مثل الدخان أو الإبطين أو غير ذلك فإن الحكم واحد، والإنسان إذا صلى بجوار من له رائحة كريهة فالأولى أن يبقى، فإن لم يستطع وشق عليه ذلك فبعض الناس لا يتحمل ولعله معذور في هذا.

المقصود: أنه يحرم على الإنسان أن يأتي المسجد وله رائحة كريهة، وتسقط عنه الجماعة في هذه الحالة، لكن إذا أكل كراثاً أو ثوماً ليترك الجماعة فهو آثم، أما إذا أكله بقصد العلاج، أو محتاج إليه، أو أكله صدفة، ففي هذه الحالة لا يصلي مع الجماعة إلا إذا أزال الرائحة، والدخان له رائحة كريهة، وبعض الناس لا يتحمل، وإذا تحمل وصبر فهو أولى، وإذا كان لا يستطيع أن يتحمل فهذا معذور؛ لأن المقصود من الصلاة الخشوع، فإذا كان يذهب الخشوع ولا يستطيع فإنه يخرج من الصلاة.

والملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، وإذا كان متعمداً لاشك أنه آثم، أما إذا كان غير متعمد فتركه أولى.

السؤال: رجل هم بسيئة وسار إليها، لكنه لم يفعلها، فهل يكتب هذا المسير إليها معصية؟ وإذا كان الذي منعه من هذه السيئة سلطة أو رجل أمن، فهل تكتب له حسنة؟

الجواب: الإنسان إذا أراد أن يفعل السيئة وتركها فله حالات:

الحالة الأولى: أن يعجز عنها، فيفعل ما يستطيعه منها، فهو يريد أن يفعلها لكن منعه العجز، كأن يمنعه رجال السلطة أو رجال الأمن، يعني: أن من جعل سلماً يريد أن يصعد ليسرق فهو آثم.

والحالة الثانية: أن يهم بالسيئة ثم يتركها خوفاً من الله، فهذا تكتب له حسنة.

الحالة الثالثة: أن يهم بالسيئة ثم يتركها إهمالاً لها، لا خوفاً من الله، ولا عجزاً، لكن تركها عدم مبالاة، فهذا لا له ولا عليه، ويدل على ذلك الحديث الأول: أنه إذا هم بها وأراد أن يفعل وتركها عجزاً حديث: (القاتل والمقتول في النار، قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه) .

فالمقتول في النار وهو لم يقتل، لكنه كان حريصاً على أن يقتل قاتله، ولكن غلبه صاحبه فقتله، والثاني الذي هم بالسيئة وتركها خوفاً من الله تكتب له حسنة، كما جاء في الحديث الآخر: (إذا هم العبد بالسيئة فلم يفعلها فاكتبوها له حسنة؛ فإنما تركها من جرائي)، أما إذا تركها من عدم مبالاة، لا خوفاً ولا عجزاً لكن عدم مبالاة، فهذا لا تكتب لا له ولا عليه، لا حسنة ولا سيئة، هكذا دلت النصوص.

السؤال: ما صحة الحديث الذي روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم والذي ذكر فيه: ما من رجل يجتمع فيه أربعة أعمال في يوم واحد إلا كان من أهل الجنة، وهي الصيام والصدقة والصلاة على الجنازة وزيارة المريض؟

الجواب: هذا الحديث ثابت في صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر: أنا، قال عليه الصلاة والسلام: من عاد منكم اليوم مريضاً؟ قال أبو بكر : أنا، قال: من تصدق منكم اليوم على مسكين؟ قال أبو بكر أنا، قال: من تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر : أنا، قال: ما اجتمعن في رجل إلا دخل الجنة) أو كما قال عليه الصلاة والسلام هذا ثابت في صحيح مسلم .

السؤال: ما حكم التصوير بكاميرا الفيديو؟ وهل هو مثل الكاميرا العادية؟

الجواب: تصوير ذوات الأرواح والحيوانات لا يجوز إلا للضرورة كالصورة في التابعية، أو رخصة قيادة السيارة، أو للشهادة العلمية، قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119].

أما كون الإنسان يصور نفسه وأولاده ويجعلها للذكرى، ويجعلهم في برواز فهذا حرام لا يجوز، قال عليه الصلاة والسلام: (لعن الله المصور)، وقال: (كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفساً يعذب بها في جهنم)، والراضي كالفاعل، من رضي بالصورة حكمه حكم الفاعل، لكن الضرورة مستثناة التي يضطر إليها الإنسان، كالصور في الأوراق النقدية.

حتى لو كانت فيديو فالظاهر أن الحكم واحد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدع صورة)، وكلمة صورة نكرة في سياق النهي تدل على العموم.

إذاً: فحكمه نفس حكم التصوير لا يجوز، وإذا كانت صور نساء، أو صور فساق، أو تحصل بها الفتنة، فهذا يمنع من جهة أخرى، لكن الصور التي للذكرى فهذه يقال فيها: التصوير ممنوع، أما وجودها وكانت تترتب عليها الفتنة فهو ممنوع، وصور النساء لا يجوز النظر إليها، لا في الشاشة ولا في المجلة ولا في غيرها، لما فيها من الفتنة.