عنوان الفتوى : حكم قراءة سورة البقرة ويس بقصد تيسير الأمور وراحة البال
هل يجوز قراءة سورة يس بقصد تيسير الأمور، وراحة البال، والحصول على المراد؟ كنت أقرأ سورة البقرة، لكنها طويلة، وقراءتي بطيئة.
إذا نويت أن أقرأ سورة البقرة، فهل يشترط قراءتها يوميا؟ وما هي البركة المقصودة التي ذكرت بالحديث النبوي؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالقرآن كله خير وبركة، كما قال الله تعالى: وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. {سورة الأنعام:155}. قال القرطبي في تفسيره: قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَهذا كِتابٌ) يَعْنِي الْقُرْآنَ (أَنْزَلْناهُ) صِفَةٌ (مُبارَكٌ) أَيْ بُورِكَ فِيهِ، وَالْبَرَكَةُ الزِّيَادَةُ. اهــ.
وقال في قوله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفاءٌ [الاسراء: 82] قال: مَعْنَاهُ وَنُنَزِّلُ الْقُرْآنَ شِفَاءً، لِأَنَّ كُلَّ حَرْفٍ مِنْهُ يَشْفِي، وَلَيْسَ الشِّفَاءُ مُخْتَصًّا بِهِ بَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ. اهــ
وقال ابن كثير: وَوَصْفه بِالْبَرَكَةِ لِمَنِ اتَّبَعَهُ وَعَمِلَ بِهِ في الدنيا والآخرة. اهــ.
فالقرآن كله مبارك وشفاء، وتحصل راحة البال، وطمأنينة النفس بقراءة أي سورة منه، وقد قال الله تعالى: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ. {سورة الرعد:28}، ولم يخصص لهذه الطمأنينة سورة دون أخرى، ولم يرد في الشرع -فيما نعلم- أن من قرأ سورة ياسين على وجه الخصوص تحصل له راحة البال، أو تيسر له أموره أو تقضى حاجته، وقد جاء في هذا حديث منكر الإسناد ذكرناه في الفتوى: 21749. وكذا ورد حديث منقطع الإسناد ذكرناه في الفتوى: 9909.
فاقرئي كتاب الله، وأكثري من قراءته، ولا تخصصي سورة دون غيرها لم يأت الشرع بتخصيصها؛ فالخير كله في الاتباع، والشر في الابتداع.
ولا شك أن سورة البقرة لها مزيد خصوصية، وفضل في حصول البركة، ودفع أذى الشياطين، وقد ذكرنا فضائل هذه السورة الكريمة، ومعنى كونها بركة، وذلك في الفتوى: 386068، والفتوى: 218857، والفتوى: 160583. وأن معنى كونها بركة أي خير وزيادة ونماء، وأن في قراءتها منفعة عظيمة، كما بينا أن قراءتها لأجل تحصيل تلك المنافع الدنيوية فقط، من غير نظر إلى الثواب الأخروي والتقرب إلى الله تعالى؛ قد يدخل في التعبد لله تعالى من أجل تحصيل الدنيا، وهذا مذموم شرعا، ولا يشترط لنيل بركة تلك السورة الكريمة أن تقرأ كل يوم، ولكن تستحب المواظبة على تلاوتها ولو كل عدة أيام.
قال المناوي في فيض القدير: (فإن أخذها ) يعني المواظبة على تلاوتها، والعمل بها بركة: أي زيادة ونماء. انتهى
وفي الحديث: إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا، وَإِنَّ سَنَامَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ لَيْلًا لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلَاثَ لَيَالٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا نَهَارًا لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. رواه ابن حبان في صحيحه وقال الألباني: حسن لغيره.
والله أعلم.