جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا)، وغير ذلك من الآيات، فأخبرنا تعالى في هذه الآيات وأمثالها أن أهل النار الذين هم أهلها خلقت لهم وخلقوا لها، أنهم خالدون فيها أبدا، فنفى تعالى خروجهم منها بقوله: (وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) ، ونفى انقطاعها عنهم بقوله: (لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ) ، ونفى فناءهم فيها بقوله: (ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون) رواه مسلم. الحديث، وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار ثم يذبح ثم ينادي منادٍ: يا أهل الجنة لا موت، يا أهل النار لا موت، فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم) وفي لفظ: (كل خالد فيما هو فيه) ، وفي رواية: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) ، وهي في الصحيح، وفي ذلك أحاديث غير ما ذكرنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كل ذلك في كتاب مبين،
وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولا تسقط ورقةٌ في الصحاري والبراري، ولا في الأمصار والقرى، (إلا الله يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) ، يقول: ولا شيء أيضًا مما هو موجود، أو ممّا سيوجد ولم يوجد بعد، إلا وهو مثبت في اللوح المحفوظ، مكتوبٌ ذلك فيه، ومرسوم عددُه ومبلغه، والوقت الذي يوجد فيه، والحالُ التي يفنى فيها.
ويعني بقوله: (مبين) ، أنه يبين عن صحة ما هو فيه، بوجود ما رُسم فيه على ما رُسم.
آمن به من آمن، وكفر به من كفر.