فهرس الكتاب
الصفحة 109 من 328

وذهب مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحاق بن راهويه وسائر أهل الحديث، وأهل المدينة وأهل الظاهر وجماعة من المتكلمين: إلى أنه تصديق بالجنان، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان. انتهى

وهذا يدل على ان التصديق والْأَعْمَالُ وَالْأَقْوَالُ دَاخِلَةً فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ وتمثل معناه فعلى هذا يكون الْإِيمَانُ قَابِلًا لِلزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِان، فَهُوَ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ؛ كَمَا أشارت الى ذلك الادلة الصَرِيحُة مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَكَمَا هُوَ معروف ومُشاهد من ظَواهِرٌ الْمسلمين فِي تفاوتهم بدرجات الايمان قولا وعملا.

وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنَقْصِهِ أَنَّ اللَّهَ قَسَّمَ الْمُؤْمِنِينَ ثَلَاثَ طَبَقَاتٍ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ) .

فَالسَّابِقُونَ بِالْخَيْرَاتِ هُمُ الَّذِينَ أَدَّوُا الْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ وَتَرَكُوا الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمُقَرَّبُونَ.

وَالْمُقْتَصِدُونَ هُمُ الَّذِينَ اقْتَصَرُوا عَلَى أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ. وَالظَّالِمُونَ لِأَنْفُسِهِمْ هُمُ الَّذِينَ اجْتَرَءُوا عَلَى بَعْضِ الْمُحَرَّمَاتِ وَقَصَّرُوا بِبَعْضِ الْوَاجِبَاتِ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِ الْإِيمَانِ مَعَهُمْ.

وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ، وَأَنَّهُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلزِّيَادَةِ أَوِ النَّقْصِ؛ فَهُوَ مَحْجُوجٌ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَدِلَّةِ، قَالَ الرسول عَلَيْهِ الصلاة السَّلَامُ: الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً؛ أَعْلَاهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ

قال الآجري: القول بأن الإيمان تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح لا يكون مؤمنا، إلا أن تجتمع فيه هذه الخصال الثلاث قال محمد بن الحسين: اعملوا رحمنا الله وإياكم أن الذي عليه علماء المسلمين أن الإيمان واجب على جميع الخلق، وهو تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح، ثم اعلموا أنه لا تجزئ المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقا، ولا تجزيء معرفة بالقلب، ونطق باللسان، حتى يكون عمل بالجوارح، فإذا كملت فيه هذه الثلاث الخصال: كان مؤمنا دل على ذلك القرآن، والسنة، وقول علماء المسلمين. انتهى كلام الاجري.

قال الله سبحانه وتعالى: (وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا)

وقال جل ذكره: (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا)

وقال الله تبارك وتعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا)

وقال عز وجل: (لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام