الثاني: تشبيهٌ جائز في الأصل. وهو اشتراكهما الخالق والمخلوق في أصل معنى الاسم والصفة، مقصود بهذا التعبير - انتبه - اللفظ قبل إضافته، يعني: كلمة سمع مصدر، ما المراد إدراك المسموعات قبل الإضافة قبل أن تقول: سمعُ الله وسمع المخلوق، فثَمَّ اشتراك في المعنى قبل إضافته، ثم إذا أضيف انفك كل منهما عن الآخر، فإذا أضيف حينئذٍ صار هذا السمع مختصًا بالرب جل وعلا، وهذا السمع مختص بالمخلوق حينئذٍ لا يثبت أحدهما للآخر، فلو أثبته لدخلت في التشبيه المذموم وهو النوع الأول. إذًا المراد باشتراكه نفي أصل معنى الاسم والصفة هذا قبل الإضافة، بحيث يلزم اسميهما وصفتيهما ما يلزم الصفة العامة لذاتها، يعني: قبل الإضافة يعني: اشتراك كل منهما في أصل المعنى الذي وضعت الصفة للدلالة عليه في لغة العرب، نرجع إلى لسان العرب ولذلك عقيدة أهل السنة والجماعة أن ظاهر النصوص مثبتة على أي مقتضى؟ على ما اقتضاه اللفظ في لسان العرب، فنرجع إلى لغة العرب السمع ما المراد به؟ كذا، القوة ما المراد بها؟ كذا، فنرجع إلى لسان العرب فننظر في معنى القوة، ومعنى السمع، ومعنى البصر من حيث هو، فنثبت ذلك المعنى للرب جل وعلا، فإذا انفك حينئذٍ نقول: لا يشبهه شيءٌ في ذلك. إذًا يعني: اشتراك في أصل المعنى الذي وضعت الصفة للدلالة عليه في لغة العرب، وأيضًا فيه محذور من جهة أخرى وهو أن المبتدعة اصطلحوا على تسمية ما أثبت الصفات بالمشبهة، أهل السنة والجماعة الذين يثبتون الأسماء والصفات على مقتضاها يسمون بالمشبهة، فإذا: قلت بلا تشبيه يعني: بلا إثبات للصفات، أليس كذلك؟ إذا قلت: بلا تشبيه قد يصار هذا اللفظ مجملاً عند المتأخرين، حينئذٍ نقول هذا اللفظ صار في الاصطلاح عندهم - باب البدعة - يطلق على من أثبت الصفات. وهذا صار محذورًا شرعيًّا، لأن من لا يفهم إذا قيل: بلا تشبيه تبين للعامة، وقد وضع في ذهن المشبهة هم الذين يثبتون الصفات، حينئذٍ هدمت ما بُنِيَ، وهذا غلط. إذًا فيه محذور من جهة أن المبتدعة اصطلحوا على تسمية من أثبت الصفات بالمشبهة، فالتشبيه عندهم هو إثبات الصفات، فلو نفي التشبيه أوقع في نفي إثبات الصفات وهو معنى فاسد، فلا بد من اجتنابه. إذًا بلا تشبيه الأولى أن نقول بلا تمثيل ولا نعبر بالتشبيه مطابقة للشرع، لأنه قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] إذًا كل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفى عليه والسلام من صفات الرحمن ما حكمه؟ وجب الإيمان به التصديق الجازم المستلزم للقبول العمل وتلقيه بالتسليم والقبول، والشيء الثاني ترك التعرض له والتصدي له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل.
ثم قال: (وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظًا) هذه من مشكلات هذا المتن يحتاج إلى وقت طويل فنرجئه إلى الدرس القادم.
والله أعلم.
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
نجيب على الأسئلة.
أسئلة: