فهرس الكتاب
الصفحة 89 من 401

وأما التأويل في الاصطلاح هو المعنى الثالث. التأويل في الاصطلاح، اصطلاح المتأخرين: فهو صرف اللفظ عن ظاهره. اللفظ قد يكون له ظاهر وله احتمال آخر مرجوح غير ظاهر، حمل الظاهر على الباطن مرجوح، إن كان بغير دليل فهو تأويلٌ فاسد لا يقبل، وإن كان بدليل فهو تأويل محمود، وهذا كثير نقول هذا الأمر يقتضي الوجوب، لكن هذه الآية لا نحملها على الوجوب لماذا؟ لوجود قرينة صارفة. إذًا حملنا اللفظ على غير ظاهره أليس كذلك؟ حملنا اللفظ على غير ظاهره لدليلٍ دل عليه، إما كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس، فصرف الأمر عن ظاهره وهو الوجوب إلى الندب نقول: هذا تأويل لكنه بدليل، محمود أو مذموم؟ محمود إن كان بدليل، كذلك النهي الأصل فيه للتحريم إذًا صرفناه إلى الكراهة [نقول: هذا] [1] أو الإباحة مثلاً نقول: هذا تأويل، لأنه لدليل. وهذا كثير إذًا، التأويل المحمود المقبول هذا كثير في صنع الفقهاء. إذًا صرف اللفظ عن ظاهره هكذا بالإطلاق، أو نقول: التأويل صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليلٍ يقترن به أو متأخرٍ عنه أو مطلق دليل. يعني: ما يسمى قرينة عند الأصوليين، وبحث القرائن هذا له محله. إذًا رد التأويل والقول بأنه بدعة مطلقة ليس بصحيح، بل التأويل فيه تفصيل، منه ما هو حق، ومن ما هو باطل. وهذا ينبغي أن يعتني به طالب العلم ونص على ذلك ابن القيم وغيره، ألفاظ مجملة لا ينبغي ردها ولا قبولها بإطلاق لا بد من التفصيل. لفظ مجمل بمعنى أنه يشتمل على حق وباطل، حينئذٍ لا تقول: هذا باطل بدعة ضلالة، ولا تأت تقول: هذا حق من كل وجه، وإنما تفصل وتعطِ كل نوعٍ حكمه الخاص في الشرع. ومثل ما سبق المتواتر، المتواتر بدعة جاء به المعتزلة، لا، المتواتر إنما يراد به الوصف أو يراد به ما يترتب عليه من الحكم، لا بد من التفصيل، إن قلت: المراد به الوصف فقط وصف للأسانيد تكاثرت سميناه متواتر، والتواتر هو التتابع، هذا لا إشكال فيه، وأما ما يترتب عليه من الأحكام بأنه لا يقبل في العقائد إلا المتواتر ونحو ذلك، نقول: هذا حكمٌ مردود على صاحبه.

وهذا النوع قسمان: محمودٌ، ومذموم.

فإن دل عليه دليل فهو محمود، ويكون من القسم الأول وهو التفسير، وإن لم يدل عليه دليل فهو مذموم ويكون من باب التحريف لا من باب التأويل. صار هذا النوع مرادف للتحريف، التأويل الفاسد مرادف للتحريف، حينئذٍ نقول: استعمال التحريف أدل على المقصود. لو قلت: بلا تأويل، هذا نوعان، هل هو أدل على المقصود من قولنا بلا تحريف؟ الجواب: لا، لأنك تقول التأويل نوعان فاسد وصحيح، والفاسد هو المعني هنا بدلاً من هذا كله تقول: بغير تحريف. والتحريف المراد به صرف اللفظ عن ظاهره بلا دليل. هذا المراد بالتحريف. إذًا إن لم يدل عليه دليل فهو مذموم ويكون من باب التحريف لا من باب التأويل، وهذا الثاني هو الذي عليه أهل التحريف في ذات الله تعالى، ولذا قلنا: التعبير بهنا أولى لأنه أدل على المراد.

الثالث: التشبيه ترك التعرض له بالتشبيه. أي: وجب ترك التعرض له بالتشبيه والرابع: التمثيل. أي وجب ترك التعرض له بالتمثيل.

(1) سبق.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام