فهرس الكتاب
الصفحة 88 من 401

وسُمِّيَ التفسير تأويلاً لأننا أَوَّلْنَا الكلام يعني جعلناه يؤول إلى معناه المراد به.

الثاني: حقيقة الكلام الخارجية. يعني عاقبة الكلام. الشيء الواقع الخارج هذا يسمى تأويلاً، حقيقة الكلام الخارجية، وهذا معناه في القرآن، فإن كان طلبًا يعني أمرًا أو نهيًا حينئذ تأويله امتثال، امتثال الأمر بالفعل، وامتثال النهي بالترك. {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} إذا قمت وصليت نقول: هذا تأول القرآن. بمعنى أنه امتثل ما أُمِرَ به.

{وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى} [الإسراء: 32] ترك الزنا نقول: هذا تأول القرآن. بمعنى أنه عمل بترك النهي، فعله يُسمى تأويلاً، هذا في الطلب، والطلب يشمل الأمر والنهي.

وأما الأخبار فوقوع الشيء المخبر عنه أو به نقول: هذا تأويل. يُعتبر تأويلاً، فإن كان طلبًا كان تأويله نفس الفعل المطلوب، يعني فعله إن كان أمرًا، وتركه إن كان نهيًا. وإن كان خبرًا كان تأويله نفس الشيء المخبر به يعني وقوعه.

والوقوع في الأخبار هو امتثال الأمر بالفعل والنهي بالترك في الطلب، مثاله في الخبر قوله تعالى {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف: 53] فالمعنى ما ينتظر هؤلاء إلا عاقبة ومآل ما أُخبروا به يوم يأتي ذلك الْمُخْبَر به {يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ} .. إلى آخر الآية.

إذًا {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} [الأعراف: 53] يعني تأويل ما أخبروا به وهو وقوعه يوم القيامة وميعاده، وهذا التأويل بمعنى وقوع الشيء، عاقبة الشيء.

ومثاله في الطلب قول عائشة رضي الله تعالى عنها: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده بعد أن أُنْزِلَ عليه قوله تعالى {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] يكثر أن يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي» . يتأول القرآن. هكذا قالت: يتأول القرآن. يعني: يعمل به.

هذان المعنيان شرعيان يعني لا خلاف في تفسير ذلك، والتأويل بواحد من المعنيين السابقين {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ} [يوسف:100] يعني وقوعها.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام