فهرس الكتاب
الصفحة 86 من 401

الثاني: قال: (بالرد والتأويل) يعني (ترك التعرض له) ما جاء من صفات الرحمن بالتأويل، أي وجب ترك التعرض له بالتأويل، ولو عبر المصنف بالتحريف لكان أولى. من غير تحريف ولا تعطيل، التحريف أولى.

إذ التحريف مصدر حرف، يقال حرَّف الكلام غيره، وصرفه عن معانيه {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ} . إذا حرف الكلام غيره وصرفه عن معانيه، فالتحريف هو التغير تغير النص لفظًا أو معنى.

لفظًا: أن يغير الشكل {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى} وكلم اللهَ غير الشكل اختلف المعنى، أو تغير للمعنى {اسْتَوَى} يعني استولى، {بَلْ يَدَاهُ} [المائدة: 64] نعمتاه، نقول: هذا تحريف للمعنى تغيير للمعنى.

إذا التحريف في الاصطلاح هو تغير النص، المراد به النص القرآني أو النص النبوي لفظًا أو معنى فهو نوعان: لفظي ومعنوي.

فاللفظي هو تغيير الشكل. وهذا تغير الشكل يعني من حيث الجملة قد يتغير به المعنى وقد لا يتغير، لو قال: (الحمدَ [بالفتح] لله رب العالمين) غير الشكل لكن لا يتغير المعنى. {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} (الرحمنُ الرحيمُ [بالضم] ) غير الشكل لكن المعنى لا يتغير.

وقد يتغير كما ذكرناه في النص السابق (وكلَّم اللهَ [بالفتح] ) يعني جعل الفاعل مفعول، أو المفعول فاعل، حينئذ يتغير المعنى.

(كلَّمَ اللهَ موسى) فرق بين (كلم اللهُ موسى) ، اللهُ فاعل (وكلم اللهَ) الله مفعول، حينئذ لا. في قوله: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى} فيه إثبات صفة الكلام لله عز وجل (وكلم اللهَ موسى) ليس فيه إثبات، فتغير المعنى.

إذن تغير الشكل على نوعين:

منه ما يتغير معه المعنى.

ومنه ملا يتغير.

لكن هذا قليل، يعني تغيير الشكل من أجل المذهب البدعي هذا قليل.

فاللفظي هو تغير الشكل والغالب أن هذا لا يقع.

والثاني وهو المعنوي هو الذي وقع فيه كثير من المتأخرين، وعليه مذهب الأشاعرة والماتريدية وغيرهم، وهو ما يسمى عندهم بالتأويل، بعد أن يذوقوا هذا اللفظ بدلاً من أن يقولوا تحريف نعموه وقالوا: تأويل. من أجل أن يُقبل، صاحب البدعة وغيره ما تنطق: هذه بدعة. قد يعرف أنها بدعة. يقول: لا، هذه سنة، هذا مما تواتر. فيكذب وهذا لا يكفيه. وهو ما يسمى عنده بالتأويل وتسميته بالتحريف أولى، أولى أن يقال من غير تحريف، أو يقال بالتأويل ترك التعرض له بالتأويل يقول: بالتحريف. أولى.

أولاً: لأنه اللفظ الشرعي {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ} ما قال يؤولون الكلم، وكل ما كان في باب المعتقد وغيره كلما كان التعبير بما جاء في الكتاب والسنة فهو أولى. لأن الله عز وجل إذا عبَّر بهذا هو أعلم بالمراد نفسه ماذا يريد، فتعبيره بالتحريف أولى من أن يعبر عنه بالتأويل. التأويل هذا ما جاء لا ذمه ولا مدحه من حيث الصفات.

أنه اللفظ الشرعي الذي جاء به القرآن كما في قول تعالى {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ} فسماه تحريفًا، وما عبر به القرآن أدل على المعنى والمقصود فأولى من غيره.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام