فهرس الكتاب
الصفحة 85 من 401

وذكر المصنف أربعة أوجه للنص ووجه خامس سبق الإشارة إليه، وهو نفي التكييف بقوله: (لا تمثله العقول بالتفكير ولا تتوهمه القلوب بالتصوير) . قلنا: هذا نفي لإدراك الكيفية، فكيفية الذات ذات الله عزو جل غير مدركة، وكذلك إدراك الصفات غير مدركة، ولذلك بلا كيف.

ذكر المصنف أربعة أوجه للاعتراض له:

الأول: الرد. قال: (بالرد) . ترك الاعتراض أو التعرض له بالرد، بالرد هذا متعلق بقوله: (التعرض) وهو مطلب (بالرد) ، ويقصد به الإنكار والتكذيب، يعني لا تنكر ما دلت عليه النصوص ولا تكذب ما دلت عليه النصوص. قالوا: رَدَّهُ رَدًّا منعه وصرفه، ورد عليه كذا لم يقبله،

إذا هذا منافي لقوله: (تلقيه) . يعني يستقبله بصدر رحب، وهذا ردَّه حينئذ يكون منافيًا له لأنه تكذيب وإنكار وهذا الرد لا يكون إلا كُفْرًا، فمن رد النص يعني كأن يقول {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} يقول: لا، لا، ما استوى، هذا كافر بإجماع أهل العلم، وأما إذا أثبته فأوله فهذه مسألة أخرى. فرق بين المسألتين.

فلو قال: لا، ما استوى الرحمن، لم ينزل ربنا للسماء الدنيا. نقول: هذا كافر مرتد عن للإسلام بإجماع المسلمين.

وأما إذا قال: لا ينزل ربنا، لكن مراده أمر ربه أو الملائكة ونحو ذلك فهذا شيء آخر. فرق بين المسألتين

إذًا هذا الرد بهذه الصفة. لا يكون إلا كُفْرًا لأنه تكذيب لله ولرسوله، وقد يقصد به المصنف

الإشارة إلى الرد على من لم يأخذ بأحاديث الآحاد. هذا محتمل، أو يكون مراده بالرد التعطيل، وهذا الذي اشتهر بالنفي حتى المصنف في بقية كتبه (( ذم التأويل ) )وغيره يعبر بالتعطيل، يعني يكون مراده بالرد هنا بغير تعطيل، العبارة المشهورة عند أهل العلم.

والتعطيل في اللغة: التفريط والاختلاء {وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ} [الحج: 45] يعني خاوية خالية.

اصطلاحاً: إنكار ما يجب لله تعالى من الأسماء أو الصفات أو إنكار بعضها، إذا رددناه على ما سبق.

فهما بمعنى واحد، فالتعطيل والرد بمعنى واحد، لكن هنا في الاصطلاح التعطيل: إنكار، والإنكار بمعنى التكذيب ما يجب لله تعالى من الأسماء والصفات أو إنكار بعضها، آمن ببعض وكفر ببعض، فهو نوعان:

تعطيل كليّ.

وتعطيل جزئيّ.

إذا أنكر كل الأسماء وكل الصفات نقول: هذا إنكار كليّ. وإذا أثبت بعض وأنكر بعض حينئذ نقول: هذا إنكار وهذا تعطيل جزئيّ.

التعطيل الكليّ كتعطيل الجهمية الذين ينكرون الصفات وغلاتهم ينكرون الأسماء أيضًا.

والتعطيل الجزئي كالأشاعرة يثبتون بعضًا ويحرفون بعضًا آخر.

فالتعطيل للنصوص بنفي ما اقتضته من صفات الكمال كمال الله تعالى ونعوت جلاله، فإن نفي ذلك من لازمه نفي الذات. إذا نفى كل الصفات كما سبق لا يمكن أن يتصور العقل وجود ذات غب الخارج بدون الصفات لا يمكن يعني خالية من جميع الصفات، فإذا أنكر جميع الصفات حتى الوجود، حينئذ إذًا لا يوجد عندنا ذات، هذا إنكار للرب جل وعلا، فإن نفي ذلك من لازمه نفي الذات، ووصفه بالعدم المحض، إذا ما لا يوصف بصفة هو العدم. الذي لا يوصف بشيء أبدًا حتى بصفة الوجود نقول: هذا عدم. والعدم ليس بشيء، وهذا في الحقيقة هو الرد بعينه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام