إذا مراد المصنف هنا بقوله: (أو صح) رد على من أبطل الاستدلال بحديث الآحاد، وهذه المسألة صنف فيها تصانيف من أهل العلم في الرد على المبتدعة، وكما ذكرنا هو إجماع، وإذا كان كذلك قلنا فالمسألة واضحة. والمراد هنا أن قول المؤلف: (أو صح) فيه رد على من لم يحتج بالآحاد في باب الصفات، فمراده المقبول الذي توفر فيه شروط القبول. (عن المصطفى عليه السلام) ، هكذا في النسخ (عليه السلام) دون ذكر الصلاة يعني لم يقل عليه الصلاة والسلام، ففيه إفراد السلام عن الصلاة، وهو جائز بلا كراهة على الصحيح. ومنهم من كره إفراد السلام عن الصلاة، أو إفراد الصلاة عن السلام، ولا يرون ... #6.22 الذي باجتماعهما وهذا مأخوذ من الآية {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا} [الأحزاب: 65] جمع بينهما. نقول: الكراهة هنا استدلال مأخوذ من دلالة الاقتران، ودلالة الاقتران هذه ضعيفة عند جماهير أهل .. في الجملة. حينئذ الاستدلال بهذه الآية على أن إفراد السلام عن الصلاة مكروه، نقول: الكراهة لا بد من نص خاص. وكونه جمع بينهما لا يدل على كراهة إفراد أحدهما عن الآخر.
والشأن مثله في قوله {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [البقرة: 196] قال بعضهم: لما جمع بين الحج والعمرة، والحج فرض مرة في العمر كذلك العمرة. نقول: لا، الأمر ليس كذلك، والأمر هنا لإتمام ليس للحج أصلاً إنما المراد به إتمام الحج.
على كلٍّ الاستدلال بهذه الآية على وجوب العمرة ضعيف لأنه مأخوذ من دلالة الاقتران. كذلك هنا الاستدلال بهذه الآية على كراهة إفراد السلام دون الصلاة أو العكس، نقول: هذا ضعيف. وإذا كان كذلك رجعنا إلى الأصل وهو الجواز، حينئذ لا إشكال أن تفرد الصلاة عن السلام، أو السلام عن الصلاة.
والسلام اسم مصدر سَلَّمَ، مصدره التّسليم. قيل من السلام بمعنى التحية، أو السلام من النقائص والرذائل، أو الأمان، أو اسم الله عليه، فالسلام اسم من أسماء الله تعالى لسلامته من كل عيب ونقص. السلام {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ} وهو ثابت.
قوله: (من صفات الرحمن) بيان لما، وسبق بيان الصفة، الصفات جمع صفة وعرفنا معنى الصفة.
قوله: (وجب الإيمان به) هذا خبر المبتدأ، المبتدأ (كل ما جاء) أين خبره (وجب الإيمان) ، (كل ما جاء) ثبت في القرآن (أو صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من صفات الرحمن) ما حكمه؟ قال: (وجب) . إذًا هذا خبر المبتدأ، والمبتدأ هو (كلّ) .
(وجب) الوجوب حكم شرعي تكليفي، و ... # 8.29 معلوم الطلب عند أهل الأصول، وهو ما طلب الشارع فعله طلبًا جازمًا،
ثم الخطاب المقتضي للفعل ... جزمًا فإيجاب لدى ذي النقل
والمراد بالوجوب هنا عرفنا ما طلب الشارع، طلبه فعله، طلبًا جازمًا، أو ما أمر الشارع به أمرًا جازمًا فهو واجب.
طلب فعله: خرج به المكروه والمحرم لأنه مطلوب الترك، ودخل معنا المندوب لأنه المطلوب الفعلي.
طلبًا جازمًا: أخرج ما طلبه الشارع طلبًا غير جازم وهو المندوب، والمراد بالوجوب هنا الوجوب العيني (وجب الإيمان به) .
الوجوب نوعان: عيني وكفائي.
ما نوع الوجوب هنا؟