وأما الثالث: وهو الإقرار وهو قليل أيضًا بالنسبةِ للقول والفعل مثل إقراره - صلى الله عليه وسلم - للجارية حين سألها «أين الله» ؟ قالت: في السماء. أقرها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لصاحبها: «أعتقها» . والحديث في مسلم، وكإقراره الحبر من اليهود أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والثرى على إصبع ... الحديث فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - تصديقًا لهُ هذا إقرار، هذا إقرار منه عليه الصلاة والسلام، إذًا هذا أصلٌ من أصول معتقد أهل السنة والجماعة أن الله (موصوف ٌبما وصف به نفسه في كتابه العظيم وعلى لسان نبيه الكريم) مع مُلاحظة قوله: لسانه. فالله تعالى أعلم بنفسه وبغيره، فلا يصفه أحد أعلم به منه، وكذلك رسوله - صلى الله عليه وسلم - أعلم بمن أرسله فلا يُثبتُ لربه إلا ما أوحاهُ الله إليه {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 4] ، وتأمل قول المُصنف حيث وصف الكتاب بالعظيم ووصف النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكريم، وصف الكتاب بالعظيم، أي: كبير الشأن جليل القدر ليكون أدعى إلى تعظيمه وقبول ما جاء فيه من الصفات وغيرها، ووصف نبيه بالكريم لكرمه على الله تعالى ورفعة منزلته وذلك من أسباب قبول ما جاء به، والكريم صفة لكل ما يُرضى ويُحمد، ويُقالُ كَرُمَ الشَّيْءُ عز ونفُس، ثم زاد المُصنف القاعدة تفصيلاً وتوضيحًا وتقييدًا فقال: (وكل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفى عليه السلام من صفات الرحمن وجب الإيمان به وتلقيه بالتسليم والقبول وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل) . هذا التقييد أو توضيح للقاعدة السابقة، (وكل ما جاء في القرآن) صدره بلفظ كل وهذا ضابط عند أهل العلم وهو مرادف للقاعدة عند بعضهم وهي قضيةٌ كلية يعرف بها أحكام جزئيات موضوعها، كل ما جاء في القرآن أو صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجب الإيمان به، إذًا كل فرد من الأفراد فتثبت صفة السمع ووجب الإيمان به مما جاء به القرآن «ينزل ربنا» . مما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، حينئذٍ وجب الإيمان به وتلقيه بالتسليم والقبول وترك التعرض لمعناه بالرد والتفسير إلى آخره، حينئذٍ لفظ كل نقول: هذا مرادف للقاعدة عند بعض الأصوليين وإن كان مشهور أنه ضابط القاعدة أعمُ من الضابط، (ما جاء) أي: الذي جاء وثبت من آيات الصفات لقوله فيما بعد: (من صفات الرحمن) لأن (ما) هنا موصولة كل ما جاء كل الذي والموصولات من المبهمات تحتاج إلى البيان، قوله: (من صفات الرحمن) . من بيانية فسرت ما الموصولة لأنها مبهمة. (في القرآن) قال في الأول: (في كتابه العظيم) . وهنا قال: (في القرآن) .