فهرس الكتاب
الصفحة 74 من 401

يعني: لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه في كتابه، أو على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ودليل ذلك ما ذكرناه سابقًا من قوله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] . {وَلاَ تَقْفُ} هذا نهي، والنهي يقتضي التحريم {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} ، فَوَصْفُ الله تعالى بما لم يصف به نفسه قفوٌ لما ليس لنا به علم ووقوعٌ في النهي لأن الله تعالى غيب بذاته وصفاته وأسمائه غيب، حينئذٍ لا يمكن أن نطلع على شيءٍ من ذلك إلا عن طريق الوحي، فما جاء به الوحي سمعنا وأطعنا وأما لم يرد حينئذٍ وقفنا ولا نُثبتُ شيئًا لم يرد به الوحيان، كذلك قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: 33] . إلى قوله: {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33] . وهذا من القول على الله بما لم نعلم، ندَّعي أن له اسمًا كذا أو أن من صفاته كذا ولم يرد به نصٌ لا من كتابٍ ولا ن سُنة، وهذا من القول على الله بلا علم فوصفُ الله تعالى بما لم يصف به نفسه قولٌ عليه بلا علم وهذا مُحرمٍ بنص الآية وهو مُجمعٌ عليه، ومن النظر صفات الله تعالى من الأمور الغيبية، لأن الله تعالى غيب، ولذلك بعضهم فسر قوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 3] . يعني: بالله تعالى، وصفات الله تعالى من الغيب من الأمور الغيبية، وكذلك أسماؤه ولا مجال للعقل في إدراك تلك الغيبيات فلا نصف الله بما لم يصف به نفسه ولا نُكيف صفاته لأن ذلك غيب غير ممكن والعقل كما ذكرنا لا مجال له في مثل ذلك، وإنما مجاله الاستنباط، وقوله قول المصنف: (وعلى لسان نبيه) . على لسن عرفنا اللسان المراد به الجارحة وهذا فيه قصور، لماذا؟ لأنه حصرٌ في للسنة القولية، إثبات الصفة في السنة القولية فقط، فأين الفعل، وأين التقرير؟ أليس كذلك؟ يرد أو لا يرد؟ إذا قيل: على لسان نبيه، على لسان، يعني: النطق والسنة ثلاثة أحوال: سنةٌ قولية، وسنةٌ فعلية، وسنةٌ تقريرية.

وهُنا في باب الصفات نكتفي بهذا، في غيرها نقول: سُنة تركية. حينئذٍ نقول: تثبُت الصفات بإقرار النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتثبُت الصفة بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا له مثالٌ في الشرع، وإن كان كثير هو النُطق وقد يُخّرج للمصنف هنا كغيره بأنهُ راعى الأكثر، فالأكثر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين بلسانه الصفة أو الصفات أو الأسماء للرب جل وعلا، ولكن من باب التقعيد نقول: هذا الكلام فيه قصور، لأن وصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - لربه إما بالقول، وإما بالفعل، وإما بالإقرار، فهذه ثلاثة أقسام.

أما الأول: فهو وصف ربه بالقول فهو كثير، فيقول: «ينزل ربنا» . هذا من قوله عليه الصلاة والسلام «ينزل ربنا» .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام