فهرس الكتاب
الصفحة 59 من 401

ورد في الكتاب والسنة لكنه يحتمل حقًّا ويحتمل باطلاً، يحتمل كمالاً ويحتمل نقصًا، متى يحتمل نقصًا؟ إذا استُعمل على غير الوجه الذي ورد في الكتاب والسنة وهو الإطلاق ويكون كمالاً إذا كان في مقابلة العدو، حينئذٍ يقيد كما قُيد في الكتاب والسنة، فهذه الصفات كمال إذا كانت في مقابلة مثلها، لأنها تدل على كمال القدرة وعدم العجز عن مقابلة عدوه بمثل فعله وتكون نقصًا في غير هذه الحال فلا تثبت لله حينئذٍ فلا يقال: الله عز وجل ماكر، ولا يقال: الله عز وجل يستهزئ، ونسكت لا، يستهزئ بمن يستهزئ به لأن هذا يدل على كمال، وأما يستهزئ فقط، يستهزئ بمن؟ بمن استهزئ به وبمن لم يستهزئ به، لأننا أطلقناه، والاستهزاء بمن لم يستهزئ به ليس بوصف كمال، حينئذٍ ينزه الرب جل وعلا عن ذلك الوصف فيقيد يَسْتَهْزِئُ الرب جل وعلا بمن استهزأ به وبرسوله وبشرعه وأما على جهة الإطلاق فلا، ولا تطلق على الله تعالى إلا باللفظ الذي وردت به مثل صفة المكر جاء بلفظ الفعل، {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 60] فنقول: يمكر الله بمن مكر به، هكذا نقيدها ولا نطلقه يمكر الله بمن مكر به، وأما أن يُشتق وصف لله من ذلك الوصف سواء كان دُلَّ عليه بالفعل أو باسم الفاعل فلا، فيقال: الله الماكر. نقول: هذا لا، لماذا؟ لكون الإطلاق أو لكون الاشتقاق يدل على الإطلاق، لا نشتق من تلك الأوصاف التي جاءت مقيدة أوصافًا فنطلقها على الرب جل وعلا، فليس الماكر كالعليم، كل منهما مشتق عليم هذا مشتق والماكر المستهزئ هذا كذلك مشتق، فرق بينهما أن الأول ورد في الكتاب والسنة فنطلقه كما أطلقه الشرع، وأما الثاني فلم يرد فيوصف الرب جل وعلا بما جاء به في الفعل نقول: الله يستهزئُ بمن يَسْتَهْزِئُ به، ولا أقول: الْمُسْتَهْزِئ. لماذا؟ لأنه لم يرد، الْمُسْتَهْزِئ هكذا باسم الفاعل نقول: لم يرد في الكتاب والسنة، وإنما ورد بصيغة الفعل المضارع فيبقى على صيغة الفعل المضارع، {وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} نقول: نبقيه على ما هو عليه، {وَيَمْكُرُ اللهُ} نبقيه على ما هو عليه، هذا معتقد أهل السنة والجماعة، إذًا أن يُشتق وصف لله تعالى فيقال: الله الماكر. نقول: هذا لا لأنه نقص، وهذا إذا أُطلق فلا يقال من وصف الله تعالى الماكر، ولا من صفات الله تعالى المكر هكذا إلا جهات التبيين ويكون من باب الإخبار فقط، وأما من جهة الوصف فيمنع، لأن لفظ المكر لم يرد في الكتاب والسنة، وإنما يقال: يمكر بمن مكر به ويكيد الله بمن كاد. حينئذٍ إذا تقرر ذلك خلاصة ما سبق نقول: الصفات صفات الله تعالى ثلاثة أقسام:

صفة كمال مطلق.

الثانية: صفة كمال مقيد.

الثالثة: صفة نقص مطلق.

الصفات من حيث هي، صفة كمال مطلق.

الثانية: صفة كمال لا على الإطلاق وإنما مقيد.

الثالثة: صفة نقص مطلق، يعني: من كل وجه من الوجوه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام