فهرس الكتاب
الصفحة 58 من 401

يعني: الوصف الأكمل وهذه تتضمن النقص من كل وجه من الوجوه، قال الله تعالى: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: 159] . {سُبْحَانَ اللَّهِ} نزه نفسه عما يصفه به المشركون من النقائص والعيوب لمنافاة ذلك النقص للربوبية، إذ الربوبية تقتضي الكمال فلا يكون الرب إلا كاملاً، وتوحيد الربوبية هو: إفراد الله تعالى بأفعاله، وله صفات متعلقة بربوبيته، كل وصف يتعلق بالربوبية فهو على وجه الكمال، وصف الرب جل وعلا بالعجز مثلاً هذا نقص في الربوبية، وصف الرب جل وعلا بالنوم بالكسل بالجهل هذا نقص في الربوبية، فكل ما ينافي الربوبية فهو ممتنع، ولذلك الربوبية والأسماء والصفات جمعهم ابن القيم رحمه الله تعالى شيخ الإسلام تحت اسم واحد من نوعي التوحيد وهو: توحيد العلم والمعرفة، وهذا يتضمن شيئين: توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات. وأما توحيد القصد والإرادة فهو توحيد الإلوهية توحيد العبادة، لمنافاة النقص للربوبية إذ الربوبية تقتضي الكمال فلا يكون الرب إلا كاملاً، وإذا كانت الصفة كمالاً من وجه ونقصًا من وجه لم تكن ثابتة لله تعالى ولا ممتنعة عليه على سبيل الإطلاق، يعني: لا نثبتها مطلقًا، ولا ننفيها مطلقًا، بل لا بد من التفصيل وهذا كما جاء في لفظ المكر والاستهزاء والخداع هذه لا نثبتها مطلقًا ونقول: الله تعالى خادع، أو يخادع. ونسكت، ولا نقول: الله تعالى يستهزئ، أو يمُكر. ونسكت، ولا ننفي نقول الله تعالى: لا يوصف بالخديعة، أو الخداع، أو الاستهزاء، وإنما لا بد من التفصيل لأنها جاءت مقيدة في الكتاب والسنة لم تأت مطلقة حينئذٍ إذا قُيدت فهي صفة كمال ويوصف الرب جل وعلا بها، وإذا أُطلقت حينئذٍ ليست بصفة كمال فلا يوصف الرب جل وعلا بها، اللفظ من حيث هو ورد في الكتاب والسنة، أليس كذلك؟ {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15] نقول: اللفظ ورد لكن هل ورد بإطلاق؟ الجواب: لا، حينئذٍ لما كانت الصفات توقيفية وقفنا مع الشرع، يعني: ندور معه وجودًا وعدمًا، فما أطلقه أطلقناه وما قيده قيدناه، فلا يحل أن نقيد ما أطلقه، أليس كذلك؟ الذي أطلقه ولم يقيده لا يجوز لنا أن نقيده، كذلك العكس، ما قيده لا يجوز لنا أن نطلقه، فما جاء في الكتاب والسنة مستعملاً على وجهين يستعمل على الوجه الذي يعتبر كمالاً وذلك إذا قُيد، فنثبت لله تعالى ذلك الوصف في الحال التي تكون كمالاً، وتمتنع في الحال التي تكون نقصًا، وذلك كـ: المكر، والكيد، والخداع، والاستهزاء ونحو ذلك، انظر الفرق بين هذا النوع وبين النوع السابق، النوع السابق لم يرد أصلاً وهو الحيز والجهة والجسم هذا لم يرد اللفظ لم يرد، حينئذٍ نتوقف في اللفظ، وأما هذا ورد في الكتاب والسنة وهو: المكر، والخداع، والاستهزاء.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام