فهرس الكتاب
الصفحة 57 من 401

فمن صيغ العموم الجمع المحلى بأل كما أن من صيغ العموم المفرد المحلى بأل له الصفات، إذًا كل الصفات، كل الصفات الواردة في الكتاب والسنة، وكذلك صفاته تعالى لا حصر لها كما أن أسمائه جل وعلا لا حصر لها لا تنحصر في تسع وتسعين وذكرنا هذا في وجه أو مسألة سابقة، الصفات الْعُلى العُلى جمع تأنيث الأعلى وهو العلياء، الأعلى هذا مفرد صفة مذكر، مؤنثه العلياء، العلى جمع العلياء، {وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى} [طه: 4] الذي يدل على أن العلى هنا جمع أن السماوات موصوف ولا بد من التطابق بين الصفة والموصوف إفرادًا وتثنيةً وجمعًا، {وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى} فالعلا حينئذٍ يكون ماذا؟ يكون جمعًا لأن من شرط النعت والمنعوت التطابق في الإفراد والتثنية والجمع، وأصل العلو في اللغة ضد السفلي، فالعلو الارتفاع، والعلي هو: الرفيع القدر، وصفاته العلى صفات الرب جل وعلا موصوفة بكونها العلى، أي: في الرفعة والشرف وذلك يتضح بالمسألة الآتية وهي المسألة السابعة أن صفات الله تعالى كلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه، يعني: لا يتطرق إليها النص بوجه من الوجوه البتة، لا من حيث الإفراد ولا من حيث ما يتعلق بها من حيث الإضافة أو الصفة، فصفات الله تعالى كلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه، قال تعالى: {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ} [النحل: 60] . يعني: الوصف الأعلى، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ} [الشورى: 11] . نقول: هذا نفي يتضمن إثبات صفة. {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} لماذا؟ لكمال صفاته، لكمال صفاته ... {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ، ولذلك إذا كانت الصفة تحتمل الكمال وتحتمل النقص لا يوصف الله تعالى بها، يعني: إذا تقرر بأن صفات الرب جل وعلا عُلى، يعني: بلغت الغاية في الشرف والقدر وذلك لكونها كلها كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه يلزم من ذلك أن ما كان فيه وهم النقص لا يوصف به الرب جل وعلا، ومن ذلك ما أحدثه مبتدعة متأخرون من لفظ الجسم والحيز والجهة والعَرَض هذه تحتمل حقًّا وباطلاً، ولذلك لم يأت بها الشرع حينئذٍ ينظر في اللفظ ويتوقف فيه عدم وروده في الشرع ويستفصل في المعنى فإن كان حقًّا أُثبت المعنى دون اللفظ وإن كان باطلاً رُدَّ على صاحبه، فكل لفظ لم يرد في الكتاب والسنة وصف الرب جل وعلا كـ: الحيز، والجهة، والجوهر، والعَرَض. اللفظ يوقف فيه، يعني: يتوقف فيه لا يثبت ولا ينفى، وأما المعنى فهذه الألفاظ كلها تحتمل معنًى حقًّا وتحتمل معنًى باطلاً، فيستفصل ماذا تعني بلفظ الجهة؟ قد يعني: به العلو مثلاً، حينئذٍ نقول: هذا المعنى صحيح حق وهو مقبول وليس بمردود، ولكن يعبر عنه بما جاء في الشرع، وأما لفظ الجهة فهذا لم يرد في الشرع فيتوقف في اللفظ ويستفصل في المعنى فإن كان حقًّا قُبل وإلا رد، وإذا كانت الصفة نقصًا لا كمال فيها فهي ممتنعة في حق الرب جل وعلا كـ: الموت، والظلم، والجهل، والعجز، والصمم، والعمى. ونحو ذلك فهذه لا كمال فيها بوجه من الوجوه حينئذٍ لا تُثبت للرب جل وعلا لأن الله تعالى قال: {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ} [النحل: 60] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام