مطلقًا، وإنما بالنظر إلى الاعتبارين، قلنا: لها اعتباران دلالتها على الذات، إذًا باعتبار دلالتها على الذات مترادفة، لأن مدلول السميع والعليم والبصير شيء واحد وهو ذات واحدة، باعتبار دلالتها على المعاني هي متباينة لأن العليم دل على صفة العلم، والسميع دل على صفة السمع، والبصير دل على صفة البصر، والعلم والسمع والبصر هذه متباينة، إذًا هي متباينة وهي مترادفة، واضح هذا؟ هذا الإشكال يحل لك كثير عند النحاة ثَمَّ خلاف وخاصةً في تفسير القرآن والإعراب إذا جاء لفظ الجلالة هل ينعت به أو لا؟ أعلام البشر لا ينعت بها هذا قطعًا، فالعَلم للمخلوق ينعت هو ينعت لكن لا ينعت به، لأنه لا ينعت إلا بالصفة.
وأنعت بمشتقٍ
هكذا قال ابن مالك:
وأنعت بمشتقٍ كصعب وذرب ... وشبهه كذا وذي والمنتسب
إما أن يكون مشتقًا أو ما فيه معنى المشتق، هذا الذي ينعت به وما عدا ذلك فلا، فزيد ليس مشتقًا ولا فيه معنى الاشتقاق حينئذٍ لا ينعت به، أما أسماء الرب جل وعلا لا فهي تدل على ذات وبهذا الاعتبار هي متحدة، لأن العليم دل على ذات، والسميع دل على ذات، والبصير دل على ذات، وهذه كلها ذات واحدة وإلا لا نقول: بأن العليم دل على ذات وهذه الذات مغايرة للذات التي دل عليها البصير والسميع، لا وإذا قلنا به شرك تعدد الآلهة حينئذٍ نقول: لا دلالة واحدة فهي مترادفة بهذا الاعتبار. إذًا أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف، فهي أعلام باعتبار دلالتها على الذات، وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني، وهي بالاعتبار الأول مترادفة، يعني: اعتبار الدلالات على الذات مترادفة، والمترادف هو ما تعدد لفظه واتحد معناه، فهي مترادفة لدلالتها على مسمًى واحد وهو الله عز وجل، وبالاعتبار الثاني بأن كل عَلم تضمن صفة وهذه الصفة مغايرة للصفة الأخرى لاشك أن الْعِلم صفة وهذه الصفة لها معنى وحقيقة مغايرة لصفة السمع، وصفة السمع مغايرة لصفة العلم، كذلك هي مغايرة لصفة الحياء، وهي مغايرة لصفة العزة وهلم جرا، فكل صفة لها حقيقتها الخاصة بها، حينئذٍ لا نقول بترادف العزة مع العلم، بل هي متباينة، وبالاعتبار الثاني متباينة، والمتباين ما تعدد لفظه ومعناه فهي متباينة لدلالة كل واحد منها على معناه الخاص.