المسألة الخامسة: قوله: (له الأسماء) . أي: لله تعالى الأسماء التي أثبتها تعالى لنفسه لفظًا ومعنًى، ولذلك ما أجمل عبارة ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى هل المسمى عين الاسم .. إلى آخره؟ ثَمَّ خلاف قال: نقول كما قال الله تعالى الاسم للمسمى ونسكت. لا شك أن الاسم ليس هو عين الذات، كما أن الصفة ليست هي عين الذات، بل الصفة عند أهل السنة الجماعة قدر زائد على الذات لا تفسر بالذات بعضهم يثبت الجهمية وبعض المعتزلة يثبت بعض الصفات لكن لا يجعلها قدرًا زائدًا على الذات، فيقول: يعلم بذاته، ويسمع بذاته، وهذا لا يُلَبِّس عليك، فلا يثبت هذا صفة العلم ولا يثبت صفة السمع ولا البصر، ونحن نقول أهل السنة والجماعة: الله تعالى يسمع بصفة زائدة على الذات، فالذات شيء والصفة شيء آخر. وأقول ما أجمل عبارة ابن جرير رحمه الله تعالى في هذه المسألة أن نقول: الاسم للمسمى كما قال الله تعالى {وَلِلّهِ الأَسْمَاء} ، الأسماء لله، إذًا الاسم للمسمى، فالله تعالى أثبتها لنفسه لفظًا ومعنًى وأثبتها له رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهي توقيفية ولا مجال للعقل في إثبات اسم لله تعالى البتة لا يجوز بل هو حرام، لماذا؟ لأنه كما سبق في أول الحديث أن الله تعالى غيب بذاته وأسمائه وصفاته، ولذلك فُسِّر قوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 3] . يعني: بالله تعالى، لأنه غيب وهو كذلك، قال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] ، {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} ... [البقرة: 169] . فلا يجوز إثبات اسم لله تعالى لم يرد به الوحي المبين.
قال ابن تيميه رحمه الله تعالى: الأسماء الحسنى المعروفة - يعني: التي عرفت في الشرع جاء بها الشرع - هي التي يدعى الله بها وهي التي جاءت في الكتاب والسنة وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها. إذًا لا يجوز إثبات اسم لله تعالى لم يرد به النص البتة لا في كتاب ولا في السنة، وما يرد في كلام بعضهم مثل الصانع ونحوها، فهذا يقال إنه من باب الإخبار، وباب الإخبار أوسع من باب الأسماء والصفات.
المسألة السادسة: قوله: (والصفات العلى) . نقف على هذا سيأتي معنا إن شاء الله تعالى، لأن الصفات العلى تحتها مسائل عديدة، والله أعلم.
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.