فهرس الكتاب
الصفحة 4 من 401

لا يكون إمامًا في العلم، لا يكون مرجعًا في العلم، بل لا يكون ضابطًا للعلم إلا إذا كان في صدره من كل فنٍ أحسنه، يعني: يحفظ مختصرًا قل أو كثر، واشتغل وسمع عن والده ورحل إلى بغداد سنة إحدى وستين، وسمع الكثير من العلماء آن ذاك، وكان جامعًا للفنون على جادة العلماء السابقين كان في السابق لا يوجد البدعة الْمُحْدَثة الآن - لا أقول: البدعة الشرعية - البدعة الْمُحْدَثة وهي بدعة التخصص، هذه لم تكن عند أهل العلم السابقين يأخذ من كل فن، لأن الشريعة من حيث تلقي الأحكام الشرعية والوصول إلى الثمرة لا تتجزأ ولا تتبعض، فبعضها يخدم بعضًا، والعلوم مترابطة وإذا حاول من يريد الفصل بين العلوم بين الفقه وأصوله، بين الأصول واللغة، بين اللغة والأصول والفقه ومصطلح الحديث فلن يجد له سبيلاً، لأن هذه العلوم كلها مترابطة وكلها يخدم بعضها بعضًا، ولذلك قسم أهل العلم العلوم الشرعية إلى قسمين: علوم آلة وهي كاسمها آلة بمعنى أنه يقصد إلى غيرها، يعني: ليست مقصودةٌ لذاتها، وإنما هي مقصودةٌ لغيرها، وعلم المقاصد، علم المقاصد نوعان: علمٌ هو فرض عين، وهذا يستوي فيه طالب العالم مع العامي حينئذٍ لا يحتاج إلى علوم آلة، وعلم آخر وهو فرض كفاية قد يكون ثَمَّ اشتراكٌ بين العامي وطالب العلم في بعض فروض الكفايات، وأما ما يُنْدَر تحصيله ليكون مجتهدًا في العلوم الشرعية وليكون له اليد الطولة في كل فن هذا لا يمكن إلا بتحصيل علوم الآلة، فحينئذٍ لا انزعاج من جعل علوم الآلة شرطًا في تحصيل المقاصد، وهذا لا خلاف بين أهل العلم السابقين، وإنما وقع الآن نزاع بسبب التخصصات التي وردت من أجل الأنظمة من الجامعات والمعاهد ونحو ذلك فجاءت التخصصات وفصلت بين العلوم، حينئذٍ وقع الطلاب في حيرة هذا يتخصص ابتداءً من أول طلب العلم في الحديث، وآخر في الفقه، وثالث في الأصول، ورابع وخامس ثم النتيجة لا شيء، فنقول: طريقة أهل العلم وهي الجادة الجمع، ولذلك مثال معنا ابن قدامة رحمه الله تعالى معروفٌ بالاجتهاد والإمامة في الفقه، وصاحب ... (( المغني ) )، و (( المغني ) )كاسمه، حينئذٍ إذا أطلق ابن قدامه انصرف في الذهن الكتاب الجليل العظيم الذي يعتبر مرجعًا للأمة كلها الإمام ما من عالم إلا، والنظر في هذا الكتاب يعتبرًا شرطًا عنده وطمأنينة قلبه لا يستريح إلا وأن ينظر في هذا الكتاب، انظر ماذا يقول أهل العلم في ترجمة هذا الإمام الجبل.

قال سبط ابن الجوزي رحمه الله تعالى عن أبي محمد بن قدامة: كان إمامًا في فنون - فنون جمع فن - والجمع هنا أقله ثلاثة.

وقال عمر بن الحاجب الحافظ في معجمه: هو إمام الأئمة ومفتي الأمة .. إلى أن قال: قد أخذ بمجامع الحقائق النقلية والعقلية، فأما الحديث فهو سابق فرسانه، وأما الفقه فهو فارس ميدانه. إذًا جمع بين الحديث والفقه، ودعوى التعارض بين هذين الفنين هذه دعوة ساقطة من أصلها، لماذا؟

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام