ولد في شعبان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة في جماعيل، قدم دمشق مع أهل أهله وله عشر سنين، فقرأ القرآن، وسَنَنُ كثير من أهل العلم الذين برزوا في العلم إنما كان من أسباب تحصيلهم أن يكون العلم قد نشأ معهم صغرًا، يعني: أخذوا العلم على صغر، وهذا لا يمنع أن يكون الكبير قد يستفيد أكثر مما يستفيد الصغير، ولكن مما كان سببًا في إتقانهم للعلوم وتقدمهم في المعارف أنهم نشئوا مع العلم ونشأ العلم معهم هذا ابن عشر سنين قد طلب العلم وحصل العلم، يعني شرع في طرق تحصيل العلم، فقرأ القرآن وحفظ (( مختصر الخرقي ) )واشتغل وسمع من والده، وهذه تجدها سمةً لكل من وصف بالتحقيق من أئمة أهل العلم أنه أول ما يبدأ في طلب العلم تحصيل العلم هو الأصل الذي هو منبع الشريعة وهو القرآن الكريم، ولا تجد عالمًا إلا وقد شرع في العلم بعد أن يقرأ القرآن، ليس بقراءةٍ فحسب وإنما يقال: قرأ بالسبع وبالعشر. والآن قد تجد من يفرط في حفظ القرآن بحجة الاشتغال بالعلم، وهذا ليس على طريقة أهل العلم، هذا خلل في المنهجية، ولذلك تجد الكثير ممن يدرس فَيُحَصِّل ولكنه بعد عدد سنين يرجع كما بدأ ويشتكي أنه لم يُحَصِّل شيئًا، لأنه بالاستقراء والنظر في أحوال كثير من طلاب العلم أنه يبقى في نفسه نوع تردد مهما حفظ من المتون ومهما جلس بين يدي أهل العلم لتلقي علم الحديث والعقيدة ونحو ذلك، فإذا أراد أن يكون له نوع تحصيل من حيث كثرة المحفوظات، يبقى في نفسه سؤال قد يغالط نفسه في الجواب، أو يجد من يعينه على ترك الإجابة لأنه لم يحفظ القرآن فكيف يشتغل بحفظ (( ألفية ابن مالك ) )، أو (( ألفية العراقي ) )، أو (( ألفية السيوطي ) )ونحو ذلك، ويبقى في ترد وحيرة ثم بعد ذلك لا تكون له تلك الهمة التي يُحَصِّلُ بها العلم الشرعي، قرأ القرآن أولاً وحفظه، إذًا لا بد من الجمع بين الأمرين أصل الأصول أصل العلم الشرعي منبع الشريعة الكتاب الأعظم الذي ينطلق منه طالب العلم أولاً وهو المصدر الأول في تلقي الأحكام الشرعية كتاب الله عز وجل، فيكون طالب العلم قد حفظ القرآن ثم بعد ذلك يشرع أو يشرع في طلب العلم ويكون له تركيزٌ أكبر في حفظ القرآن، وحفظ (( مختصر الخرقي ) )على الجادة التي عليها أهل العلم وهي حفظ المتون.
فاحفظ لكل حافظٍ إمامه