ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: (ومحمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين وسيد المرسلين) . هذا شروع في بيان حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذلك ما يتعلق بحقوق أصحابه، أفضل الخلق عند الله تعالى الرسل، ثم الأنبياء، ثم الصديقون، ثم الشهداء، ثم الصالحون، كما ذكر ذلك ربنا في كتابه بقوله: {وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} [النساء: 69] . إذًا أفضل الخلق هم الرسل، وأفضل الرسل أول العزم منهم وهم خمسة: نوحٌ، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد عليهم الصلاة والسلام. وقد ذكرهم الله تعالى في موضعين من كتابه في سورة الأحزاب {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [الأحزاب: 7] ، وفي سورة الشورى {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى} [الشورى: 13] ، إذًا أفضل الخلق الرسل، وأفضل الرسل أول العزم وهم خمسة، وأفضل أول العزم محمد - صلى الله عليه وسلم - لقوله عليه الصلاة والسلام: «أنا سيد الناس يوم القيامة» . متفق عليه، وصلاتهم خلفه ليلة المعراج أو ليلة الإسراء صلوا كلهم خلفه في تلك الليلة ولا يتقدم إلا من كان أكمل وأفضل، ثم بعد نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - إبراهيم عليه السلام لأنه أبو الأنبياء وملته أصل الملل، ثم موسى بعد إبراهيم لأنه أفضل أنبياء بني إسرائيل وشريعته أصل شرائعهم، ثم نوحٌ وعيسى ولا يفاضل بينهما، لا يجزم بالمفاضلة بينهما لأن لكل منهما مزية، إذًا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، ثم إبراهيم، ثم موسى، أما نوح وعيسى ولا يفاضل بينهما، ذكر المصنف شيءً من خصائص نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - منها قوله: (خاتم النبيين) . لقوله تعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] يعني: خُتِمَت به النبوة فلا نبي بعده، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم: «وأنا خاتم النبيين ولا نبي بعدي» . والغريب أن بعض الهنود سمى ابنه (لا) ، ثم قال: و (لا) نَبِيَّ بَعْدِي. نَبِيُّ بَعْدِي [ها ها] .
الثاني: (وسيد المرسلين) لما سبق.
والثالث: بقوله: «ولا إيمان عبدٍ حتى يؤمن برسالتي» . {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] ، هذا واضح بين، فحينئذٍ لا يصح إيمان عبدٍ حتى يؤمن برسالته - صلى الله عليه وسلم - ويشهد بنبوته والآية التي ذكرناها دليل عليه.
رابعًا: أشار إليه بقوله: (ولا يقضى بين الناس في القيامة إلا بشفاعته) . وهذا كما سبق الشفاعة العظمى الكبرى. دد