ولسان المقال فإنه سبحانه المحمود بجميع الألسنة الناطقة على اختلاف لغاتها، وهذا واضح وفي قوله: (بكل لسان) . إثبات ما هو من خصائص الربوبية والإلوهية التي لا تكون لأحد إلا لله تعالى. يعني: من الذي يحمَدُهُ كل لسان؟ الله عز وجل، أنت مخلوق ضعيف قد يحمدك زيد ويذمك عمرو، قد يحمدك زيد اليوم وغدًا يذمك، لكن (المحمود بكلِّ لسان) الله عز وجل، هذا من خصائصه خصائص الربوبية وخصائص الألوهية، وقال بعضهم: تسبيح البهائم والجمادات هو ما في تركيبهم وخلقهم من عجيب الصنع الذي يستنطق الألسن بالحمد والتسبيح لمن أنشأه على غير مثال سابق. وهذا باطل يرده ما سبق، يعني: هذا تحريف، (الحمد الله المحمود بكل لسان) سواء كان لسان المقال ولسان الحال، والنطق يكون حقيقيًّا في ما جاء إثباته في الكتاب والسنة، (المعبود في كل زمان، الذي لا يخلو من علمه مكان) ، ابن قدامه رحمه الله تعالى ذكر في هذه المقدمة قبل الشروع فيما يتعلق بالأسماء والصفات جمل، لكن هذه الجمل تدل على المقصود، وهذا ما يسمى عند البيانيين ببراعة الاستهلال، أن يأتي في مقدمته بشيء يدل على مقصوده، يعني: في الخطبة، يعني: أن يأتي الخطيب مثلاً ويقول: الحمد الله الذي حرم الربا، وحرم .. نعرف أنه سيتكلم اليوم عن الربا، أو يأتي بحرم الفواحش نعلم أنه سيتكلم اليوم في فاحشة أو على جهة العموم، هذا يسمى براعة الاستهلال، كذلك هنا قال: (المعبود في كل زمان، الذي لا يخلو من علمه مكان) . وضَمَّنَ هذه المقدمة قبل الشروع وهذه فائدة مهمة ضمنها أصولاً وقواعد من معتقد أهل السنة والجماعة، ولذلك قال: (لا يخلو من علمه مكان) . هذا فيه رد. (ولا يشغله شأن عن شأن، جل عن الأشباه والأنداد، وتنزه عن الصاحبة والأولاد، ونفذ حكمه في جميع العباد لا تمثله العقول بالتفكير ولا تتوهمه القلوب بالتصوير {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11] ) ، هذه كلها قواعد وكلها ينبني عليها ما سيأتي، لأنه سيأتي موصوف بما وصف به نفسه، إذًا على هذه المقدمة {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} . فإذا قال: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] . تأتي إلى القاعدة هذه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} . لا تتوهمه القلوب بالتصوير ولا تمثله العقول بالتفكير، إذًا لا يكيف لا من جهة الصفة ولا من جهة حقيقته، يعني: لا من جهة كمالها من حيث المعنى ولا من جهة حقيقتها، (المعبود في كل زمان) هذا يتعلق بجملةً من توحيد الربوبية فالله تعالى هو المعبود، و (في كل زمان) هذه كذلك كلية على عمومها، والزمن يلزم منه المكان، كأنه قال: في كل زمان وفي كل مكان. المعبود اسم في المفعول يدل على ذات وقعت عليها العبادة على المعنى الذي ذكرناه سابقًا، وأل في المعبود موصول الاسم، كل مشتق دخلت عليه أل فهو، أل حينئذ تكون موصولة.
وصلة صريحةٌ صلة أل
وصلة صريحة التي هي اسم الفاعل، واسم المفعول. واختلف في الصفة المشبهة والصحيح أنها داخلة عليها.
وكونها بمعرب الأفعال قل
وأل موصول اسمي، أي: الذي يعبد في كل زمان، فالله تعالى له العبودية وأصل العبودية الذل والخضوع، وهذه نوعان: